رسالة شكر للاخ وصفي يوسف


حسقيل قوجمان
2010 / 1 / 30 - 13:00     

رسالة شكر للاخ وصفي يوسف
كتب الاخ وصفي يوسف لفت نظر تعليقا على مقالي حول كون ستالين القائد الثاني لثورة اكتوبر وليس تروتسكي. فهناك جاءت ملاحظة في اخر المقال حول الاستفتاء الشعبي الذي جرى في روسيا حول اعظم القادة في تاريخ روسيا فلفت الاخ وصفي نظري بالملاحظة التالية:"احتل ستالين المركز الأول في الاستفتاء حتى آب فما كان من المؤسسات المشرفة على الاستفتاء إلا أن ألغت النتائج وأعادت الاستفتاء بشروط أخرى فاحتل ستالين أيضاً المركز الثاني بعد أمير روسي مغمور هزم الصليبيين في القرن الثالث عشر"
واود الان ان اشكر الاخ وصفي على تنويري بهذه المعلومة القيمة. علمت عن هذا الاستفتاء من فلم ظهر في يوتيوب التمدن عن برنامج اذاعته قناة روسيا اليوم باللغة العربية ولا شك انه ترجمة لنفس البرنامج باللغة الروسية. في هذا البرنامج تحدثوا عن بلوغ عدد المصوتين عشرين مليونا وحاولوا التقليل من اهمية ستالين واقناع المصوتين بعدم التصويت له. ومن جملة الاشياء التي قالوها في البرنامج ان ستالين لم يكن هو الذي طور الصناعة وحارب الالمان وانما الشعب السوفييتي هو الذي فعل ذلك واتهموا المصوتين بالتزييف وحتى قالوا ان الجيل الحالي من الشعب الروسي لا يعرف من هو لينين ومن هو ستالين. وعلمت عن نهاية التصويت واختيار ستالين ثاني اعظم قائد في تاريخ روسيا ولينين ثالث اعظم قائد في تاريخ روسيا من مقال مترجم في الحوار المتمدن وهو ما دفعني الى كتابة ملاحظة في اسفل مقالي. وجاء لفت نظر الاخ وصفي تكملة لهذه المعلومات.
كان بودي ان ارسل هذا الشكر مباشرة الى الاخ وصفي ولكني مع الاسف لا اعرف عنوانه الالكتروني فرأيت ان ارسل شكري عن طريق الحوار المتمدن. ولو ارسلت هذه الكلمة القصيرة للحوار المتمدن لما نشروها في الجريدة اليومية لقصرها. اذ لي تجربة سابقة في هذا الخصوص حين انتقدني شخص اطلق على نفسه اسم دحام التكريتي انتقادا غير متمدن كتبت له ردا في فقرة واحدة لاني اعتبرت انه لا يستحق اكثر من تلك الفقرة ردا على مقاله. ولدى اعتراضي على عدم نشرها قالوا لي انها قصيرة وطلبوا مني اطالتها لكي تصبح صالحة للنشر في الجريدة اليومية. فاطلتها ولم اضف شيئا هاما على الفقرة الاولى من حيث المحتوى. لذا اجد ان علي ان اطيل هذا الشكر لكي يصبح صالحا للنشر. ما الذي استطيع كتابته لاطالة كلمة الشكر هذه؟ فكرت في ان اقص على الاخ وصفي بايجاز تاريخ علاقتي بستالين.
قبل القبض علي وزجي في السجن كنت احب ستالين لشهرته في الحرب ضد المعتدين النازيين والقضاء على نازية هتلر ولم اكن على اطلاع على الجانب النظري. وفي نقرة السلمان لم تعرض حتى الكتب المتوفرة في السجن للقراءة بل اختزنت في مخابئ المنظمة. وخلال السنتين او اكثر من مدة السجن لم يجر اي تثقيف سياسي ونظري جدي. كان من المفروض اننا ندرس الاقتصاد السياسي. فقد بدأ فهد قبل اعدامه بتدريس الاقتصاد السياسي ودرب اثنين من القادة على تدريسه هما حسين الشبيبي الذي اعدم معه ومحمد حسين ابو العيس الذي انتهت محكوميته مدة قصيرة بعد ذلك. وبما انه كان من المفروض ان قائد المنظمة يكون هو المحاضر في الدورات التثقيفية فقد كان سالم عبيد النعمان ونافع يونس هما المحاضروالمعيد ولكنهما لم يعرفا شيئا عن الاقتصاد السياسي ولذلك لم ندرس من الاقتصاد السياسي حتى الفصل الاول من كتاب ليون تييف الذي كان متوفرا لدى القيادة وغير معروض للقراءة لدى سائر السجناء. ولدى انقسام منظمة نقرة السلمان الى قسمين احدهما بقيادة سالم عبيد والاخر بقيادة حميد عثمان تبين ان في المخزن كان تاريخ الحزب البلشفي وكتاب الراسمال والايولوجيا الالمانية. وقد سمح حميد عثمان بمنح السجناء فرصة قراءة هذه المصادر والتثقيف بها. ترجمت ثلاثة فصول من تاريخ الحزب وبدأوا يثقفوننا بها وكان من نصيب حسقيل قوجمان ان يحتفظ بكتاب الراسمال والايديولوجيا الالمانية تحت مخدته طوال الثلاثة اشهر الوحيدة التي وجد الراسمال معروضا للقراءة حتى ثورة تموز نظرا الى ان غيره لم يشأ قراءته. ولم يكن من مؤلفات ستالين شيء سوى كراس صغير اسمه على ما اتذكر سياسة الاتحاد السوفييتي السلمية. تضمن هذا الكراس ثلاثة خطابات لستالين ومولوتوف وجدانوف ولكنه كان يعبر عن نظرية ستالين في التعايش السلمي ادق تعبير. وقد كلف حسقيل صديق بتدريس هذا الكراس لانه محسوب على القيادة ولو انه لم يفهم منه جملة واحدة. فقد كان حسقيل صديق يكره كلمة علم ويهتف كل يوم "نحن الحفاة ذوي السليقة الثورية". وحفاة ليس بمعنى العامل او الفلاح الامي لانه كان طالبا في كلية الحقوق وانما يقصد بالحفاة حفاة في النظرية الماركسية. وقد درست هذا الكراس دراسة شخصية وتعلمت منه نظرية ستالين في التعايش السلمي.
بعد انتقالنا الى سجن الكوت خرق حميد عثمان مبدأ ان المثقف يجب ان يكون من القيادة وقرر جعل حسقيل قوجمان من المثقفين رغم عدم كونه كادرا في المنظمة. ومنذ نيسان ١٩٥٢ اصبحت المثقف الاول في السجون وبقيت كذلك رغم معاقبتي بعدم التثقيف بحجة ان تثقيفي مضر للمنظمة.
في سجن الكوت درست ستالين ودرّست ستالين اضافة الى الاقتصاد السياسي. درّست اسس اللينينية والمادية الديالكتيكية والقضية القومية وكانت لنا دورة لمدة شهرين، حزيران وتموز١٩٥٢ لموضوع التعايش السلمي. وهكذا كانت علاقتي بستالين عميقة الجذور لم تستطع كل الاعاصير ان تزحزحها قيد شعرة. وفي الكوت قمنا نحن الثلاثة، موشي اخي ويعقوب ابراهامي وانا بترجمة كتابين ضخمين لستالين هما القضية القومية وقضايا اللينينية ارسلتهما المنظمة هدية الى الحزب في ذكرى ثورة اكتوبر. انا احببت ستالين لاني تعلمت نظرياته وامنت بها.
في ١٩٥٦ قبل اسابيع معدودة من انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي عقد اجتماع عام لبحث اهمية الانتقاد. وقد اكد المحاضر على اهمية الانتقاد بالنسبة للاحزاب الشيوعية ولكنه في اخر كلامه بين انه يوجد اشخاص لا يجوز انتقادهم مثل ستالين واحزاب لا يجوز انتقادها مثل الحزب البلشفي. وهنا تدخلت في النقاش وبينت ان ستالين انسان وككل انسان معرض للخطأ وانه ككل انسان معرض للانتقاد وبينت ان الانتقاد ليس اهانة وانما وسيلة لتصحيح الاخطاء ورفع مستوى طرفي الانتقاد. وقد اثار هذا الاعتراض غضب جميع السجناء القياديين في المنظمة وهاجموني الواحد بعد الاخر على اني احرض على انتقاد ستالين وابث الليبرالية وغير ذلك من الاتهامات. من الشهود الذين اعرف انهم ما زالوا على قيد الحياة عزيز الحاج الذي كان المحاضر في تلك الجلسة وارا خاجادور وبهاء الدين نوري وكانا بين من هاجموني في تلك الجلسة وكذلك يعقوب ابراهامي الذي كان حاضرا فيها.
لم تمض الا اسابيع معدودة وجاء خبر المؤتمر العشرين وخطاب خروشوف سيء الصيت عن ستالين. فما الذي حصل؟ تبين ان اغلب السجناء كانوا يعرفون ان ستالين كان انتهازيا وخاطئا. وحتى بلغ الامر بالبعض انهم كانوا يعرفون ان الخطأ ليس من ستالين انما من لينين وارا خاجادور وبعقوب ابراهامي يعرفان من كان هؤلاء. ولم يدافع عن ستالين باعتباره احد معلمي الطبقة العاملة الاربعة ومهندس المجتمع الاشتراكي وقائد الحرب ضد النازية غير حسقيل قوجمان.
بعد ثورة تموز مرت علي فترة جمود سياسي فلم اكن عضوا في اي حزب سواء في العراق ام في اسرائيل. وحين قدمت الى لندن للدراسة بدأت نشاطي السياسي على شكل كتابة مواضيع منها ما نشر ومنها ما بقي في مكتبي حتى حصل الاتصال بيني وبين الحوار المتمدن فنشرت في الحوار المتمدن جميع المقالات والكراريس القديمة والجديدة التي كتبتها وهي موجودة الان في موقعي في الحوار ما عدا الكتاب الذي كتبته عن ثورة تموز اذ لم استطع تحويله الى وثبقة الكترونية لنشرها في الحوار المتمدن ولكن الكتاب اعيد نشره في العراق حاليا بعد عشرين عاما وقد جلب لي اصدقائي الموسيقيون العراقيون نسخة من شارع المتنبي. ومن علاقتي بستالين ترجمت كراس المادية الديالكتيكية وكراس القضايا الاقتصادية للاشتراكية الى العربية وكذلك الخطاب الاخير في اجتماع اللجنة المركزية الذي نشر لاول مرة في نورث ستار كومباس وهي موجودة حاليا في موقعي وموقع ستالين في الحوار المتمدن.
اعتقد ان كراس ستالين الاخير حول قضايا الاقتصاد الاشتراكي هو اعظم وثيقة ماركسية ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية. وبما ان هذا الكراس تضمن شرحا للقوانين الاشتراكية والاوضاع فيما بعد الحرب العالمية الثانية بصورة سريعة رايت ان من المفيد محاولة شرح هذه القوانين والمواضيع ببعض التفصيل لمساعدة القراء على فهمها فكتبت كتابا باللغة الانجليزية بعنوان ستالين كما فهمته حاولت فيه ان اشرح القضايا الهامة التي وردت في كراس ستالين. ومازالت لدي نسخ من الكراس استطيع عزيزي الاخ وصفي ان ارسل لك نسخة اذا اردت الاطلاع عليه وان ارسل نسخا لقرائي الاعزاء المهتمين في مثل هذا الموضوع.
مرة اخرى اشكرك جزيل الشكر على المعلومة القيمة واكون شاكرا لو استطعت الحصول على تفاصيل اكثر عن هذا الاستفتاء التاريخي الهام