إلى الصحفي عبد الكريم الخيواني:نحن لا نحلم إلا بوطن يستوعب كل أبناءه


رداد السلامي
2010 / 1 / 19 - 06:36     

عزيزي عبد الكريم الخيواني.

حين تتواطأ المعارضة مع الحاكم لتمرير كل ما ذكرت في مقالك الذي قرأته في صحيفة النداء أمس الذي يحمل عنوان "أنيسه ، طاهر ، هشام ، المقالح" يصبح الحلم في مهب الريح ، ويغادر الأمل أرواحنا.

وحين تم الاعتداء عليّ من قبل بلاطجة مجهولين ، في أحد البوافي ، إثر حديثي عن قضية سياسية مع البعض كان التواطؤ قد أكد ذاته في صمت أحد أكبر أحزاب المعارضة ، التي هي محسوبة على أنها تقع على خط المواجهة مع الشعب ضد سلطة الفساد ، وحتى نقابة الصحفيين لم تصدر بيانها التضامني معي الا بعد "مشارعة " الأمر الذي يؤكد أن النقابة ذاتها والتي تقع بالقرب من قسم شرطة ، متواطئة مع ذلك ، وأغرب من ذلك أن يأتي كاتب مسئول في النقابة ليقول لك وأنت مسجى على سرير في المستشفى معفرا بدمك ، "هذا مسكين " ليوغل في إيلامك كي يبلغ الألم فيك مداه.

لم يتضامن معي سوى الحزب الاشتراكي اليمني ، والذي نشرت صحيفته "الثوري" وموقعه كذلك ، وموقع الوحدوي نت ، خبرا عن ذلك الاعتداء .

لكن حين نشر ذلك الخبر في موقع بعض المواقع نشر مخفيا ، كالتغيير نت ومأرب برس ، كنوع من إسقاط الواجب ، الأمر الذي جعلني اشعر كما لو أني وحيدا غريبا في مواجهة سلطة القهر.

حبك الاعتداء ضدي ليظل الفاعل مجهولا ، مع أن الفاعل هي السلطة ، والصغار والقادمون الجدد والقوى التقليدية التي تتوزع في السلطة والمعارضة كحاكم فعلي مشارك ومعارض يستغبي الشعب ، وأغرب ما سمعته يا عبد الكريم أن الاعتداء كان بسبب أني لم أدفع الحساب لصاحب البوفيه، وكذبوا يا عبد الكريم .

يا عبد الكريم كل يوم اسمع التهديد والمسخرة ، في الشارع ، تأتيك رسائل السلطة والقوى التقليدية عبر مجهولين على شكل كلمات محددة يتم تداولها أمامك كما لو أنها لاتعنيك وتلقى تلقائيا ، وأحيانا تبدأ معك من حيث كنت إلى حيث تسكن .

القوى التقليدية يا عبد الكريم سواء كانت في السلطة أو المعارضة وسواء كانت مختلفة أو مؤتلفة تحبك ضد الأقلام لعبتها ، وتستخدم لغة مغناطيسية موحدة ومكررة ، لهدفين : إما لاخراس قلمك وإرهابك حد الامتناع عن الكتابة ، أو دفعك نحو ادوات أخرى غير القلم ، أو دفعك نحو الاحتماء بها وتلميع وجهها ، وإذ لم تنصاع لذلك كان الاعتداء هو سلوكها الأخير.

في ذلك الاعتداء يا عبد الكريم الذي تقف وراءه السلطة بروائييها المتعلمين وبعض كتابها الذين يرتدون مسوح المعارضين والمدللين من قبل السلطة والقوى التقليدية والذين بدورهم وظفوا بلاطجة لتنفيذ الاعتداء ، حاول البعض دفعي إلى التسلح بأدوات غير القلم ، بشكل غريب ، بل أنه وبإصرار يقول لك احدهم متصلا ، كن خذلك مسدس دافع عن نفسك ، فأجبته بحزم أنا ليس سلاحي ذلك ، أنا سلاحي القلم أولا وأخيرا ، فرد مبررا ، :"لو أنا عندك بأخذ لي بازوكة مش إلا مسدس " قلت له هذا شأنك ، أما أنا مثقف سلاحي الفكر والقلم.

ثم يأتي زميلين ليقولا لي خذ لك مسدس ، أجبتهم بيقين من يدرك مراميهم المستقبلية ولعبتهم القذرة :" حتى أنتم ؟ عموما أنا لا ملك غير القلم ولن أدعه ولن أتسلح بأدوات العنف أبدااا"

هي ليست استكانة يا عبد الكريم ، بل إدراك لأوبئة السلطة وفاسدوها وعفونة القوى التقليدية وذوي الطقوس التي تحبذ العنف ، وانظر معي يا عبد الكريم كيف تحبك لعبة إنتاج العنف ، وكيف يراد لنا أن نحمل أدوات الشر بدلا عن القلم ، وانظر كيف يشارك صناعة السلطة وبعض أذنابها في المعارضة في ذلك...!!

عبد الكريم ، حين قرأت ذكرك لي في مقالك ذلك ، ندت من عيناي دمعتان ، أحسست بأننا مازال بإمكاننا الاستمرار في مقاومة هذا العفن ، وهذه النفايات التي تراكمت لتسمم حياة الإنسان اليمني ، وأننا نتضامن مع بعضنا ونعري بؤس هؤلاء الذين عركوا الوطن وينتجون الموت صنوفا ، والقتل ألوانا.

ماذا تنتظر يا عبد الكريم من صحفي ومثقف يعمل رئيسا لتحرير صحيفة يتمنى لك أن تنتف حاجبيك ، وأن تجن ، وأن يغادرك عقلك ، وآخر يشبهك بالزميل عارف استهزاء بك وبه ، ماذا تنتظر من مثقف أو صحفي يناقض ذاته كل لحظة، ليأخذ شكل لون المكان الذي هو فيه من أجل ذاته ومصالحه فقط..!!

صدقني عبد الكريم لا تصدق أننا نريد شهرة ، لايوجد عاقل يطلب شهرة على حساب حياته ، وعقله ووجوده، نحن لا نريد إلا وطن للكل ، وطن تسوده أحلامنا الجميلة في العدالة والمساواة والشراكة والمحبة والتعاون ، وطن يستوعب كل أبناءه ، وطن شعاره الحياة قولا وعملا ، وليس كما هو عليه الآن.

--------------------------
[email protected]