صراع الطبقات .. والارتهان الاقتصادي


محمد نبيل الشيمي
2010 / 1 / 3 - 13:54     

يرى ماركس ان الصراع الطبقى هو المحرك للتاريخ وهو الذى يحدث التغيير المجتمعى كنتيجة حتمية للصراع بين طبقتين اساسيتين هما طبقة تملك وسائل الانتاج والثروة وً السلطة وطبقةعاملة تعامل كاحد وسائل الانتاج هذا الصراع وليد العلاقة بين هاتين الطبقتين و يحسم دائماً لصالح الطبقة المالكة لوسائل الانتاج – ومن ثم يبقى الصراع بين الطبقتين الوسيلة التى ينتقل على اثرها المجتمع من مرحلة لاخرى ونتيجة هذا الصراع يظهر نظام جديد للانتاج بداخله بذور فنائه وهو الصراع الطبقى المستمر ويعد ضرورة لاستمرار الحياة الاجتماعية وتطورها والصراع هو الذى يصنع التاريخ ومن المؤكد ان التطور التاريخى الذى خضعت له المجتمعات كان من خلال الصراع الطبقى ونهاية كل صراع يحدث يؤدى الى ظهور مجتمع جديد يحمل معه صراعاً جديداً يتشكل ويتجدد مع المجتمع باستمرار .
والواقع أن هناك لبساً فى مفهوم صراع الطبقات فمنتقدى الفكر الماركسى يؤكدون على ان هذا المفهوم ضار بالمجتمعات ويؤدى الى نشر الكراهية والتعصب ونبذ الاخر .... فما هى حقيقة هذا ؟
يرى ماركس ان تملك وسائل الانتاج الخاص يقتضى تقسيم العمل فهناك حينئذ مالك ... وعامل
المالك طبيعى ان يتقلد المناصب العليا ويتبادل مع شركائه المناصب القيادية التى يستبعد منها العمال وهنا تبرز الطبقات الاجتماعية ... ومن ثم فان تاريخ كل مجتمع حتى الان هو تاريخ صراع الطبقات (الملاك / العمال و الفلاحين )... ومن الطبيعى أن يكون بينهم صراعاً وليس من الضرورى أن يكون صراعاً دموياً .
ولم يقل ماركس ان صراع الطبقات حتمى فلم يكن هذا الصراع موجودا فى عصر الجماعات البشرية البدائية ... وان القول بصراع الطبقات لايعنى تبشيرا بالحقد بين الطبقات ولاحتى مجرد اثبات حقد خلقته علاقات الانتاج ... و لا يعدو عن كونه صراعا بين حق مطلوب لفئة تعطى ولا تأخذ المقابل العادل الذى يحصل عليه صاحب العمل او المالك ... وفي ظل عدم قدرة العامل علي تغيير واقعة وعلاقاته مع الملاك يصبح رهينا لهم والارتهان من الناحية اللغوية اصله الفعل (رهن) ورهن فلانا وعند فلان الشيئ
رهنا اي الحبس مقابل دين وارتهنه منه اي اخذه رهنا والرهن فقها حبس لشيئ بحق ليستوفي منه عند تعذر الوفاء وشرعاً تعني المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه أت عذر استيفاءه ممن هو عليه .
الرهين : يقال انا رهين بكذا : أي مأخوذ به
وعموماً فإن الارتهان هو إخضاع فرد او جماعة لصالح فرد أو جماعة أخرى وهذا الإخضاع يكون لأسباب اقتصادية أو سياسية .
والارتهان بدأ من خلال العلاقة بين الإنسان وما ينتجه وهو عند ماركس امر حتمي فكل تاريخ الإنسانية هو تاريخ ارتهان الإنسان تجاه ما ينتجه وتجاه حرمانه منه والارتهان لا يتصف بأي صفة أخلاقية إنه نتيجة الافتراق الحاصل في مرحلة تطور الإنسان بين ذاته الفعلية وما ينتجه وسيتمد الارتهان مصدره من الأنشطة الاقتصادية فعندما بيبع العامل في السوق قوة عمله فإن قيمة الإنتاج لا تؤول إليه بل تصبح مستقلة عنه .
ان الارتهان ناتج من قبول العامل ما يعرض عليه من عمل هذا العمل لن يتأتى مطلقاً إلا اذا تحقق صاحب العمل بأن هناك زيادة في رأس المال نتيجة الأرباح التي تتحقق من التشغيل وهنا يصبح العامل في هذه الحالة مجرد تابع للآلة ولا يتميز عنها ويكون شيء يمكن تبادله (التشيؤ) وهو بذلك يمثل طبقة مستذلة تماماً .
والارتهان يفتح الباب امام الاحتجاج بحثاً عن الحقوق المنقوصة وسيقى العامل رهيناً طالما كان عرض العمل اكبر من الطلب وعندما يعجز في الحصول على فرص عمل أخرى بالأجر العادل ويمتلك القدرة على المطالبة بحقه والحصول عليه تبدأ حلقة أخرى من حلقات الصراع الطبقي.
ان الصراع الطبقي وارتهان الإنسان سيظلا سمة العلاقات الافتصادية ما دام هناك مالك يملك كل شيء ويمكنه التصرف بدون قيود وعامل لا يجد بداً من قبول ما يعرض عليه من عمل وفقاً لما يقرره المالك فالارتهان أخف وطأة من الموت جوعاً