النهج الديمقراطي القاعدي:نضالات, استشهادات, قرون من السجن-الجزء الثالث


ميمون المغربي
2009 / 10 / 6 - 00:30     

المرحلة الثالثة من 1984 إلى 1990 مرحلة النضج

شهد الموسمين 84/85 و 85/86 محاولة احد الأطراف السياسية (الكراس) إعادة هيكلة اوطم انطلاقا من تشكيل لجان الأقسام و مجالس الطلبة، و هدا ارتباطا بفهمهم للهيكلة على أساس أنها تشكل الإجابة على واقع أزمة الحركة الطلابية.
وقد وقف النهج الديمقراطي القاعدي بشكل حازم في معارضته لهاته المحاولة، عن طريق الصراع و فضح خلفياتها للجماهير الطلابية، بالارتباط مع أوسع القواعد عبر النضال معها و إلى جانبها من اجل تحقيق و تحصين مكاسب للحركة الطلابية، و مواجهة (الإصلاح الجامعي) و تجليات الحظر العملي على اوطم... مما أدى إلى فشل هاته التجربة نهاية سنة86، في 3 مواقع التي طرحت بها وهي : فاس، وجدة ومكناس.
ففي موقع مكناس تم تشكيل لجان الأقسام و مجلس الطلبة نظرا لحداثة الموقع، و توقفت هاته التجربة عقب حملة القمع سنة 1986.أما في موقع وجدة فالرفاق الدين ساهموا في الدعوة إلى تشكيل لجان الأقسام في أفق تأسيس مجالس الطلبة، كانوا من بين السباقين إلى مواجهتها بعد اقتناعهم بتحريفية هاته الخطوة. أما في موقع فاس فقد تم تشكيل لجان الأقسام، و تمت الدعوة إلى عقد و تأسيس مجلس الطلبة موسم 85/86 ، لكن مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي عارضوا بقوة إشراف التعاضدية على هده العملية مما أدى إلى انتهاء التجربة.- عن مقال (إعادة بناء اوطم دروس التجربة و آفاق العمل – حوار مع رفيق).
أما باقي المواقع الجامعية، فلم تعرف دعوة هؤلاء أية استجابة تذكر.
و رغم هدا الواقع الذي تجلى في حدة القمع المسلط على الحركة الطلابية (اعتقالات، تعذيب، محاكمات صورية، اختطافات...) استطاعت الحركة الطلابية تحقيق مجموعة من المكتسبات من خلال معاركها، مما ساعد الطلبة القاعديين على امتلاك القوة و الدينامية و المصداقية لقيادة الحركة الطلابية، و تطوير فهمهم لازمة الحركة الطلابية في شقيه الذاتي و الموضوعي، وكدا ربط النضال الاستراتيجي بالنضال المرحلي، وبلورة البرنامج المرحلي الذي ظهر أول الأمر في موقع وجدة، قبل أن يتم تعميمه و تبنيه في مختلف المواقع الجامعية سنة 1986، و قد شكل الإجابة العلمية عن واقع الحركة الطلابية في شقيه الذاتي و الموضوعي و قد تضمن النقاط التالية :
1- النضال من اجل رفع الحضر العملي.
2- مواجهة ما يمكن مواجهته، في أفق المواجهة الشاملة.
3- مواجهة البيروقراطية.
وفي ابريل 86 شهدت مواقع الرباط، فاس و وجدة تظاهرات تضامنية مع الشعب الليبي، عبرت عن ادانتها للعدوان الامبريالي على ليبيا. كما شهد موقع وجدة موسم 87/88، معركة جماهيرية لفرض التراجع عن بطاقة المطعم وقد توجت هاته المعركة بتحقيق هدا المكسب مما جدد ثقة الجماهير الطلابية في الطلبة القاعديين. و في نفس الموسم و بالضبط في 20 يناير 1988، شهد موقع فاس تظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، مباشرة بعد الخطاب الشهير للحسن الثاني ، و قد سقط برصاص قوات القمع في الساحة التي سميت فيما بعد بساحة 20 يناير، كل من الرفيقة القاعدية خليفة زبيدة، و الشهيدين عادل الاجراوي و سعاد السعيدي.
وفي 19 غشت 1989 قدم فصيل النهج الديمقراطي القاعدي شهيدا آخر، لينضاف اسمه إلى شهداء هدا الوطن الذي ما برح يعطي الشهيد تلو الشهيد دون كلل أو ملل، وهو الشهيد المناضل القاعدي عبد الحق شباظة، الذي تم اعتقاله في أواخر شهر أكتوبر 1988، أمام ميناء الدار البيضاء على اثر متابعته بعيد انتفاضة يناير84 المجيدة، و تم احتجازه لمدة أسبوع بمركز الشرطة في الميناء، ليرحل بعد دالك إلى سجن لعلو بالرباط، حيث حوكم ابتدائيا بسنة سجنا نافدة، أيدتها محكمة الاستئناف في ماي 1989. دخل الشهيد بمعية رفاقه في إضراب عن الطعام ابتداء من 17 يونيو 1989، و استمر الإضراب إلى حدود يوم 19 غشت 1989، حيث لفض الشهيد أنفاسه الأخيرة بمستشفى ابن سيناء بالرباط.
وفي نفس الموسم - أي موسم 89/90- شهد موقع فاس، اعتصاما بكلية العلوم استمر لأكثر من شهرين لفرض حق التسجيل لكافة الطلبة و التصدي لبند الطرد. إلا أن الإدارة، و كعادتها تعاملت بسياسة الآذان الصماء مما أدى إلى تصعيد المعركة و مقاطعة امتحانات الشطر الأول بالكلية، ليتوسع النقاش فيما بعد إلى باقي الكليات.
نفس الواقع ستشهده مختلف المواقع الجامعية على أرضية ملفات مطلبية، ليصل هدا المسلسل النضالي إلى حدود مقاطعة الامتحانات في 5 مواقع جامعية وهي وجدة، فاس، مكناس، القنيطرة و طنجة. وستتدخل قوات القمع بمباركة القوى الاصلاحية، خاصة بعد هجوم علي يعتة على المعركة في البرلمان، مخلفة المئات من الجرحى و المعتقلين -24 معتقلا في فاس وحدها- الدين احتجزوا لمدة شهر من الاعتقال الاحتياطي قبل أن يقدموا لمحاكمات بملفات مطبوخة.
بعد هدا النهوض الطلابي العارم حاولت بعض الأطراف السياسية مرة أخرى، إعادة طرح مسالة هيكلة اوطم، من اجل الاستفادة من هدا النهوض الذي عرفته جل المواقع جامعية حتى المواقع التي كان القمع يظهر انه قد قضى على أية إمكانية للنضال بها (جامعة الرباط ومعاهدها، مراكش، الدار البيضاء...) وحتى في جامعات حديثة النشأة بدأت تظهر ملامح النهوض الطلابي (الجديدة، اكادير..) هدا فضلا عن جامعات (وجدة، فاس، مكناس، القنيطرة و تطوان...) حيث أصبحت الحلقيات والمعارك و الاعتصامات و الاضطرابات و الأسابيع الثقافية... مظهرا عاما في كل الجامعات.
و في محاولة منها للاستفادة من هدا الزخم النضالي، ابتدعت صيغة جديدة وهي (اللجان الانتقالية) الفوقية، التي تصدى لها النهج الديمقراطي القاعدي بكل حزم مدافعين عن الأشكال التنظيمية الديمقراطية التي ابتكرتها الجماهير الطلابية (لجان الحوار المؤقتة، لجان اليقظة، لجان المعتقل...). و في الموسم الدراسي89/90 انخرطت فصائل الأحزاب الإصلاحية (ا ش ق ش، م ع د ش،الطليعة، التقدم و الاشتراكية) في هاته اللجان الفوقية، رغم غياب أية قاعدة طلابية لهاته الفصائل نتيجة انسحابها من الساحة الجامعية مند سنة 83، بدعوة من فصيل (القاعديين التقدميين أو الممانعين) - الذي انشق موسم 89/90 عن فصيل النهج الديمقراطي القاعدي - وفصيل (الكراس)، وبدأت النقاشات و اللقاءات و عقد المساومات و التنازلات، بين هاته الفصائل من اجل تكريس هاته اللجان في تنسيق وطني يدعوا إلى عقد مؤتمر استثنائي لاوطم. وقد واجه الطلبة القاعديون هاته المحاولات معبرين عن دالك من خلال شعارهم التكتيكي (لا عودة للبيروقراطية، لا بديل عن مواجهة البيروقراطية). و أقبرت هاته التجربة، بعد بدأ (الحوار الفصائلي) الذي دعا له (الممانعون) والدي ضم طلبة كل من (ا ش ق ش)، (م ع د ش)، (الطليعة)، (التقدم و الاشتراكية)، والدي استثنى طلبة (الكراس)، بإصرار من الممانعين الدين هددوا بنسفه في حالة انضمام هاته الأخيرة. وللإشارة فلا يمكن فصل هاته المحاولات من (حوار فصائلي) و (لجان انتقالية)... عن جو الخيانة و الردة العارمة التي ميزت بداية التسعينات و التي كان الوجه الآخر لها مسلسل (التجميع).
المرحلة الرابعة من 1990 إلى 1995 مرحلة تكالب المؤامرات
تميزت هاته المرحلة بانهيار البيروقراطيات الشرقية، بعد ما انتهت مهزلة ما سمي بـ (الحرب الباردة)، بسيطرة الامبريالية الأمريكية على العالم، وأمام هاته التحولات عرف الصراع الطبقي بالمغرب منعطفا جديدا سواء في الصراع الدائر بين النظام و الجماهير الشعبية من جهة، ومن جهة أخرى تغير رهانات القوى الإصلاحية خاصة (ا ش ق ش)، أو في دخول العديد من القوى التحريفية و مجموعة من المناضلين الدين كانوا محسوبين في السابق على الحملم في مسلسل (التجميع) مع بداية التسعينات.
وفي ضل هدا الواقع الذي تميز بشكل عام، بصمود الجماهير الشعبية، وعجز النظام على اجتثاث الفعل النضالي، رغم كل المحاولات والمناورات التي اعتمد عليها النظام عن طريق سياسة الاحتواء بواسطة التوجه البيروقراطي، و رغم كل المحاولات الخيانية التي ظهرت من جسم النهج الديمقراطي القاعدي، والتي وجهت ضربة قوية لهدا الأخير، أرخت بضلالها على الحركة الطلابية، ما حدا بالطلبة القاعديين إلى لملمة قواهم و التصدي لها.
كما لجا النظام إلى المزيد من تعميق الحظر العملي على اوطم، عبر تواطئه المكشوف مع القوى الظلامية (ق ظ)، في محاولة منه لضرب اوطم و خطها الكفاحي المتمثل في الطلبة القاعديين، لتمهيد الأرضية، من اجل تمرير ما تبقى من بنود التخريب الجامعي، وتهيئ الشروط اللازمة لعرض الجامعة في المزاد العلني.
ففي 26 أكتوبر 1990 عرف موقع فاس و بالضبط كلية الآداب، إنزالا مكثفا لـ(ق ظ) تصدت له الجماهير الطلابية، وبعد هدا الهجوم تدخلت الأجهزة القمعية بكامل ترسانتها مستعملة الغازات المسيلة للدموع، و شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة. كما عرف يوم 29 من نفس الشهر هجوما آخر من طرق (ق ظ) خلف العديد من الجرحى في صفوف الطلبة، و بقي هدا اليوم راسخا في ذاكرة الحركة الطلابية إلى حد تسميته باسم (الاثنين الأسود). كما شهد هدا الموسم تظاهرات و مقاطعات للدروس تضامنا مع الشعب الفلسطيني بمختلف المواقع الجامعية، ووجهت بتدخل وحشي من طرف النظام القائم و ادنابه من القوى الظلامية، مخلفة العديد من الجرحى و المعتقلين، واغتصاب الطالبات كما حدث بموقع مراكش.
و في 14 دجنبر 1990، أبى الشعب المغربي إلا أن يسجل موقفه على صفحات التاريخ، ضدا على سياسة النظام في الإجهاز الكلي على مكتسباته، بدماء الآلاف من الشهداء و المعتقلين عبر انتفاضة 14 دجنبر المجيدة، التي حطمت مرة أخرى شعارات النظام على صخرة الواقع، وقد وضحت هاته المحطة بما لا يدع مجالا للشك مدى خيانة و انتهازية القوى الإصلاحية في التعامل مع مطالب و مصالح الجماهير الشعبية، فبعدما رفضت هاته الأخيرة المكوث في المنازل نزولا عند أوامر هاته القوى، تقدمت بأضحوكة (لجنة تقصي الحقائق).
كما عرفت بداية موسم 91/92 أشرس هجوم تتعرض له الحركة الطلابية من طرف القوى الظلامية، على مجموعة من المواقع الجامعية في أكتوبر 1991.
* مكناس :
- أكتوبر 91 : أسبوع ثقافي تم الهجوم عليه من طرف (ق ظ).
- 11 أكتوبر 91 : تظاهرة تنديدية بالهجمة الشرسة التي قامت بها (ق ظ) في موقع وجدة، تم الهجوم عليها مما أسفر عن وقوع العديد من الجرحى.
-12 اكتوبر91 : تم تطويق حي الزيتون القريب من الجامعة، من طرف (ق ظ)، وإيقاف و متابعة مجموعة من المناضلين بعد صدور فتوى من (مجلس الإفتاء) التابع للقوى الظلامية.
* وجدة : شهد موقع وجدة أشرس حملت للقوى الظلامية ففي :
- 14 أكتوبر 91 : على الساعة السادسة و النصف صباحا، قامت القوى الظلامية بإنزال مكثف في كلية العلوم، و تطويقها وتم الهجوم على الطلبة، واستمرت المواجهات لأكثر من 4 ساعات، خلفت العديد من الجرحى و المختطفين الدين تم تعذيبهم و استنطاقهم بطريقة وحشية.
- 19 أكتوبر 91 : قامت (ق ظ) بهجوم على الحي الجامعي على الساعة السادسة و النصف صباحا مخلفة العديد من الجرحى، وقامت باحتلال الحي الجامعي لمدة 12 ساعة.
- و بحلول29 أكتوبر 91 نظمت (ق ظ) هجوما خطيرا وغير مسبوق شارك فيه تونسيون و جزائريون على الحرم الجامعي، مستعملة جميع أنواع الأسلحة من سيوف، خناجر، سلاسل حديدية، منضارات... و مزودين بلوائح تضم أسماء المناضلين و صورهم، و شرعوا في التقتيل و التعذيب و الاختطاف مما خلف سقوط العديد من الضحايا، من بينهم 14 حالة جد خطيرة.
- كما تم في يوم 31 اكتوبر91 اختطاف المناضل القاعدي المعطي بوملي من داخل قاعة الأشغال التطبيقية من كلية العلوم وتم احتجازه بأحد المنازل بحي القدس القريب من الجامعة، وقامت (ق ظ) بتعذيب الشهيد بوسائل و حشية من بينها اللقاط، وتم جمع دمه في قنينات وتم اغتياله في ساعة متأخرة من ليلة اليوم نفسه، بعدما أصدرت (هيئة الإفتاء) الحكم بالإعدام، وتم إلقاء جثة الشهيد الطاهرة في حديقة حي القدس يوم الجمعة 1 نونبر 91 في حالة مشوهة. وقد تم نقل جثته على الساعة 5 صباحا إلى مستشفى الفارابي، كما تم رفض النظام تسليم جثة الشهيد لعائلته، وادعى انه قام بدفنها بوجدة تحت اسم مجهول. وحرم مجموعة من المواطنين من طلبة، عمال، اساتدة... من زيارة عائلته بدعوى أن مسكن الشهيد يقع بثكنة عسكرية (القوات المساعدة)، غير أن خالته أمي مرزوقة استقبلتهم ورددت معهم أمام الثكنة (الخوانجية المجرمون دم المعطي في العيون)، (من قلعة اوطم طلعت شهادة الرفيق المعطي بوملي....)، ومند استشهاده خلد رفاق الشهيد في النهج الديمقراطي القاعدي ذكرى استشهاده، في موقع وجدة وفي عدة مواقع اخرى.
* القنيطرة :
- 1 نونبر 91 : هجوم (ق ظ) على التظاهرة التضامنية مع ضحايا الهجوم الظلامي و تنديدا باستشهاد الرفيق المعطي بوملي بموقع وجدة، وقد خلف هدا الهجوم العديد من الجرحى حالة 19 منهم جد خطيرة، و اختطاف و استنطاق العديد من الطلبة.
* فاس :
- الجمعة 25 أكتوبر: إنزال مكثف (ق ظ) أكثر من 1000 ظلامي، وفي الساعة الثامنة و النصف صباحا قاموا بتطويق الجامعة، وبعد قرابة ساعة تم اقتحام غرف الحي الجامعي و شرعوا في تعذيب و استنطاق الطلبة. وردت الجماهير الطلابية عبر مواجهتين مع هاته القوى، الأولى بالحرم الجامعي و الأخرى و راء كلية العلوم.
و ادا كان موقع مراكش قد استثني من هدا الهجوم الظلامي، فقد شهد مجموعة من الأشكال النضالية، ونخص بالذكر المعركة التي خاضتها الجماهير الطلابية على أرضية الدفاع عن الحريات النقابية و الديمقراطية، و التي عرفت مواجهات دامية مع قوات القمع خلفت استشهاد الرفيق احمد ازوكار و فخشيش عبد الجليل، كما عرف موقع فاس في 2 دجنبر 91 اعتصاما أمام إدارة الحي الجامعة ضدا على نضام المراقبة و المطالبة بمجموعة من المطالب الأخرى، إلا أن هاته النضالات ووجهت بتدخل وحشي لقوات القمع خلفت استشهاد الرفيق العبودي محمد في 4 دجنبر 91، بالإضافة إلى العديد الجرحى و المعتقلين زج بهم في زنازين الرجعية، ورغم واقع اشتداد الحظر العملي بكل تجلياته، إلا انه لم يدفع الحركة الطلابية إلى المهادنة و الاستكانة، بل على العكس من دالك فقد قررت الجماهير الطلابية في 9 يناير 1992، بعد نقاش موسع ببهو كلية العلوم بفاس، مقاطعة امتحانات الشطر الأول بعد اعتصام بطولي دام عدة أسابيع على أرضية مجموعة من المطالب كان أهمها تسجيل المطرودين، حق الطلبة في الانتقال من كلية لأخرى...
إلا أن الإدارة و كرد منها على المعركة قامت بإغلاق الكلية و تشريد الطلبة بعد طردهم من الحي الجامعي، و بالموازاة مع دالك سيعرف الحي الجامعي عسكرة مكثفة و رهيبة، إلا أن الجماهير الطلابية لم تستسلم لهدا الواقع بل خاضت مجموعة من الأشكال النضالية بباقي الكليات من اجل تحقيق التراكم اللازم لربط مصير كلية العلوم بباقي الكليات، ليتوج هدا المسلسل النضالي باعتصام أمام باب الكلية في 10 مارس 1992،و كان رد النظام عنيفا، اد قام بهجوم وحشي على الطلبة المعتصمين، و التي ردت عليه الجماهير الطلابية، بكل قوة من اجل صيانة الحرم الجامعي و دفاعا عن مطالبهم العادلة و المشروعة. وأمام هدا الزخم النضالي رضخت الإدارة لمطالب الجماهير الطلابية، وتحقيق مطالبهم و على رأسها تسجيل كافة المطرودين، وتشييد مجموعة من الأحياء الجامعية الجديدة في مجموعة من المواقع (مكناس، القنيطرة، تطوان...(... كما عرف هدا الموسم بداية تطويق جامعة فاس بالأسوار، و عزل كل كلية على حدة، وكدا إبعاد الطلبة الجدد إلى الملحقات الجامعية من اجل سهولة التحكم في النضالات عن طريق عزلها و تشتيتها.
وفي موسم 92/93 عرفت كلية الحقوق بفاس معركة جماهيرية للتصدي لبند الطرد، ما لبثت أن ووجهت بهجوم وحشي للقوى الظلامية على المعتصمين داخل بهو الكلية. وفي يوم 25 فبراير 1993، و بينما كانت الجماهير الطلابية تخوض معركة مقاطعة الدراسة لمدة يومين لتحقيق بعض المطالب، وسط إنزال مكثف للقوى الظلامية، اعترضت عصابة من الظلاميين سيارة أجرة كانت تقل الرفيق ايت الجيد محمد المعروف في الأوساط الطلابية ببنعيسى ، رفقة رفيقه الحديوي الخمار إلى منزلهما بحي ليراك، و قامت بتكسير زجاج السيارة و إخراج الرفيقين، وانهالت على الشهيد بالقضبان الحديدية و السكاكين، وأوقعت على رأسه حجرا كبيرا يستعمل عادة في الرصيف، أدى إلى إحداث كسر كبير في الجمجمة و الكتف، وتم نقل الشهيد إلى مستشفى الغساني حيث لفض أنفاسه الأخيرة في 1 مارس 1993 على الساعة الثامنة إلا ربع صباحا، تجمهرت الجماهير الطلابية أمام المستشفى لتسلم جثة الشهيد، إلا أن احد ضباط الأمن اعترف أمام صمود و إصرار الطلبة على تسلم الجثة انه تم نقله ليلا إلى قرية (تزكي اداو بلول) بإقليم طاطا، ليتم دفنه سرا. وعادت الجماهير الطلابية إلى الساحة الجامعية و تمت إقامة حفل تأبيني للشهيد، انطلقت بعدها مواجهة مع القوى الظلامية، وكانت هاته المواجهة هي آخر مواجهة تشترك فيها هاته القوى، ليضل النهج الديمقراطي القاعدي الوحيد المدافع عن الجماهير الطلابية وعن إطارها المكافح اوطم، من خلال تشبثه بمواجهة القوى الظلامية على أساس اعتبارها تجليا من تجليات الحظر العملي.
كما عرفت سنة 93 معركة من داخل موقع مراكش، شهدت بدورها تدخلا لأجهزة القمع، و اعتقل على إثرها أزيد من20 مناضلا على أرضية بند الطرد...، وقد تحولت محاكمة المعتقلين، إلى محاكمة للنظام القائم. وفي 1 فبراير1994، عرفت كلية الحقوق بفاس، تظاهرة تمت محاصرتها والهجوم عليها من طرف القوى الظلامية، مخلفتا العديد من الجرحى و المعطوبين، وقد استمر هدا الوضع طيلة يومي 2 و3 فبراير، و في 7 فبراير اندلعت مواجهة بين الجماهير الطلابية بقيادة النهج الديمقراطي القاعدي و القوى الظلامية، داخل الجامعة ما فتئت أن امتدت إلى الأحياء المجاورة للحرم الجامعي.
وأمام هدا المد النضالي، و هاته الدينامية التي أبان عنها الطلبة القاعديون في موسم 93/94، برز نقاش وحدة الطلبة القاعديين، وقد انخرط في هدا النقاش على المستوى الوطني كل من موقع فاس، مراكش و وجدة، وقد انسحب موقع مراكش فيما بعد بسبب مشاكل محلية بالموقع.
وفي موسم 94/95، شهدت كلية الحقوق بفاس هجوما للقوى الظلامية على مظاهرة طلابية. و مند بداية الموسم أبان النهج الديمقراطي القاعدي على دينامية بارزة منبثقة أساسا من ارتباطه بهموم و مصالح الحركة الطلابية، ومن قتالية مناضليه الشرفاء التي لم تستطع كل آليات النظام من قمع و تقتيل و قرون من السجن، من زعزعة مبادئهم الراسخة، مراهنين على قدرة الجماهير الطلابية على تجسيد مهامها المرحلية الملقاة على عاتقها. غير أن البعض لم يستطع الصمود أمام تعقد الواقع و جسامة المهام المطروحة ليغير الرهان على الجماهير، بالرهان على القوى الإصلاحية، عن طريق العمل الوحدوي على أساس التنازلات الميدانية، تحت مبرر عدم القدرة على مواجهة الكل، وقد جسدوا موقفهم هدا في عدة محطات منها جلوسهم مع القوى الإصلاحية في 28 نونبر1994، لمناقشة كيفية التنسيق من اجل احياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكان البيان الذي القي في هده المناسبة - أي في 29 نونبر- من داخل كليات جامعة فاس، وبتنسيق مع هاته القوى خير دليل على دالك، بالإضافة إلى محطة 4 دجنبر 1994 عقب الأشكال المشبوهة التي نظمتها القوى الظلامية بموقع فاس. وقد عبر هدا الخط التحريفي عن مواقفه من خلال مقال (من اجل تجدير فعل الحركة الطلابية) بمكناس موسم 94/95.
و ادا كان موقع فاس و وجدة و مكناس.....، قد وصل الصراع بين الجماهير الطلابية و القوى الظلامية إلى ذروته، إلا أن مجموعة من المواقع الجامعية الأخرى و نخص بالذكر موقع مراكش، لم يسجل أية مواجهة بين الطرفين ، نظرا لسيادة البيروقراطية على قيادة الحركة الطلابية مند سنة 89 إلى حدود موسم 94/95. حيث سيتم استيعاب مضمون تواجد القوى الظلامية داخل الجامعة، و تم تثبيت شعار (لا بديل ، لا بديل عن مواجهة القوى الظلامية)، وقد مكن تجسيد هدا الشعار من تحقيق نصر ميداني للحركة الطلابية.

** في الجزء الثاني دكرنا ان الرفيق الدردي مولاي بوبكر كان من بين المشاركين في اشغال المؤتمر 17، لكن الصحيح هو ان الشهيد بلهواري مصطفى هو الدي كان من بين المشاركين، نعتدر عن هدا الخطا و نشكر الرفاق الدين نبهونا لدالك.