اهم تناقضات العصر التطور الهائل لقوى الانتاج والازمة المستعصية لعلاقات الانتاج


سعاد خيري
2009 / 9 / 20 - 13:18     

يزخر عصرنا بالتناقضات الجامعة لكل تناقضات علاقات الانتاج الناجمة عن الملكية الخاصة لوسائل الانتاج بدءا من تناقضات عصر العبودية ومرورا بتناقضات عصر الاقطاع ووصولا الى تناقضات علاقات الانتاج الراسمالية بكل مراحل تطورها بدءا من المنافسة الحرة الى الاحتكار فالعولمة الراسمالية . فلا تخلو الكرة الارضية من بقاع تتعايش بها علاقات انتاج كل تلك المراحل و تناقضاتها كما هو موجود في المملكة العربية السعودية. حيث تمارس تجارة العبيد والتمييز العنصري، فضلا عن افضع اشكال استعباد المرأة. والى جانب ذلك تعاني مناطق منعزلة من الواحات المتباعدة من علاقات الانتاج الاقطاعية القائمة على الملكية الخاصة للاراضي الزراعية واستغلال الاف الفلاحين المعدمين وما يرافقها من تخلف اقتصادي واجتماعي محروسة بالسلفية الدينية. وتتغلغل في جميع المدن كل مراحل علاقات الانتاج الراسمالية ولاسيما الكبرى بدءا من المنافسة الحرة وصولا الى اسواق البورصة التابعة لهيمنة الراسمال العالمي وقطبه الاكبر الامبريالية الامريكية . ورغم الاختلاف في المسيرة التاريخية للشعبين في السعودية وايران. حيث حقق الشعب الايراني عبر ثوراته المتعددة انجازات اقتصادية وحضارية متعددة ولاسيما في مجال تحرير المرأة ، فقد استطاعت البرجوازية البيروقراطية الايرانية مسلحة بالسلفية الدينية المتميزة بالطائفية وليس من دون دعم الامبريالية العالمية في مكافحتها لحركات التحرر الوطني والطبقي ووحدة حركة التحرر الوطني في اغنى مناطق العالم بالنفط. فقد استطاع الحكم الثيوقراطي الايراني باسم الجمهورية الاسلامية الايرانية، ارجاع الشعب الايراني الى العبودية بالنسبة للمرأة والى علاقات الانتاج الاقطاعية والاقتصاد الريعي القائم على استثمار الثروة النفطية . وتراوح معظم البلدان الاسلامية في هذا المستوى من التطور في ظل تبعيتها للعولمة الراسمالية مكبلة عقول وطاقات شعوبها بالسلفية الدينية وممزقة وحدتها بالطائفية . كما تعاني الكثير من البلدان المتخلفة والتابعة من بقايا علاقات الانتاج الاقطاعية باسناد من قوى الهيمنة الامبريالية ومن ثم العولمة الراسمالية لادامة هيمنتها على العالم. بل ويقدم العراق اليوم في ظل الاحتلال الامريكي نموذجا لاحتدام كل تناقضات عصرنا الجامع لتناقضات جميع العصور السالفة. حيث تعاني المرأة والطفولة من العبودية ، و يتعرضون للبيع والشراء بالجملة وبالاعضاء وينتهكون ويقتلون دون عقاب تحت شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان ولاسيما تحرير المرأة ورعاية الطفولة وتقديم بعض النماذج في مساهمة المرأة في صنع القرار عبر مساهمتها بالوزارة وفي البرلمان وتقديم نماذج لدور الحضانة ورياض الاطفال في المنطقة الخضراء وغيرها من المناطق المخصصة لادوات الاحتلال من الحكام والبرلمانيين وكبار الموظفين. ويعاني الريف العراقي من التخلف العلمي والتكنولوجي وبالتالي الاجتماعي كجزء من التخلف العلمي والتكنولوجي لعموم الاقتصاد الوطني لادامة الاقتصاد الريعي المعتمد على الاقتصاد الزراعي والصناعي المتخلف وعلى عوائد النفط ، ويحتفظ بالعديد من تناقضات علاقات الانتاج الاقطاعية سواء من حيث الملكية الكبيرة للاراضي الزراعية وسبل استثمارها وهيمنة رؤساء العشائر وترسيخها عبر الاحزاب الدينية والتكتلات الطائفية. والى جانب كل ذلك يشهد العراق اعلا اشكال الهيمنة الامبريالية ، الاحتلال المباشر عن طريق الحرب تحت شعارات التحرير من الدكتاتورية ونشر الديموقراطية وحقوق الانسان . ويحكم بكل وسائل الابادة الجماعية على يد مختلف اشكال الارهاب الذي مارسته الانظمة المستبدة على مر العصور.وتمارس قوات الاحتلال والشركات الامريكية الكبرى وادواتهم في اجهزة الدولة افضع اشكال الفساد والنهب لثروات البلاد .
وتعاني جميع البلدان الراسمالية المتقدمة بما فيها الولايات المتحدة الامريكية من ازمة اقتصادية مستعصية على الحل.
فقد ادى التطور العلمي التكنولوجي الى تجاوز انتاجية العمل علاقات الانتاج الراسمالية القائمة على استغلال ملايين العمال وجني الارباح من خلال استنزاف القيمة الزائدة. وبعد ان كان الاقتصاد الراسمالي يمر في دورات اقتصادية تبدأ بالانتعاش ثم الازدهار فالركود فالازمة. و تمتد الدورة الى عشر اوعشرين عاما. اخذت الدورات تقصر والازمات تتلاحق مع تتابع مراحل تطور الراسمالية حتى حلت الازمة الاخيرة التي لا تجد الاقطاب الراسمالية لها حلا رغم استنزافها لكل مدخرات البشرية عبر قرون لانعاش البنوك والشركات الكبرى . فقد سخرت المليارات من احتياطيات الشعوب لدعم البنوك والشركات الكبرى وقلصت ميزانيات الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية لشعوبها والقت ملايين الشغيلة الى احضان البطالة لتتلقفهم شركات الامن الخاصة التي تخوض الحروب الامبريالية في جميع انحاء العالم بعد خصخصتها فضلا عن منظمات الارهاب الدولية ليتحولوا الى مجرمين محترفين بافضع جرائم القتل والابادة وافساد الشعوب اينما حلوا .
وهكذا فان استمرار علاقات الانتاج الراسمالية رغم انتهاء دورها التاريخي في تطوير البشرية وتعفنها مكنها من ان تعفن المجتمع. فقد تمكنت من اختراق قمم كلما حققته البشرية من انجازات فكرية وتنظيمية وسياسية وتسخيرها لافشال منجزات البشرية الجبارة في ميادين التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية وبعث اليأس وعدم الثقة بقدرات البشرية عموما وطليعتها خصوصا على التحرر فانهارت الاحزاب الشيوعية وضعف التنظيم النقابي وتشتت القوى الوطنية والمنظمات الجماهيرية . ودعمت كل ذلك بالهيمنة على المؤسسات الدولية وفي مقدمتها مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة ، رغم توفر الظروف المادية لتحرير البشرية من علاقات الانتاج الراسمالية وبنا المجتمع الانساني الخالي من جميع اشكال الاستغلال ولاسيما الطبقي بفضل الثورة العلمية التكنولوجية وتعري جميع جرائم علاقات الانتاج الراسمالية المتجسدة بممارسات قطبها الاكبر الامبريالية الامريكية على الصعيد العالمي ولاسيما في العراق . ان عجز البشرية عن انجاز هذا التحول رغم ادراكها بان الانتظار السلبي لايؤدي سوى الى الايغال في تعفن الراسمالية وفي اغراق البشرية بمزيد من لجج الافساد والجرائم بل وتعريضها للفناء هو التناقض الرئيس في عصرنا. والسبيل الوحيد لحله هو انهاء علاقات الانتاج الراسمالية وتحرير البشرية عموما من كل اثامها من خلال الاستنهاض الفكري والتنظيمي لمختلف فئات المجتمع ولاسيما ملايين العمال العاطلين عن العمل وتعزيز الثقة بقدراتهم واطلاق مبادراتهم في خلق مجالات للعمل غير المأجور من خلال العمل الفردي والجماعي والمشاركة في ادارة حياتهم على اسس جديدة تتيحها الثورة العلمية التكنولوجية ، وتطوير الكفاح الجماهيري من اجل المطالب الانية وربطها بالمطالب العامة وصولا الى انهاء علاقات الانتاج الراسمالية واقامة المجتمع الانساني الخالي من جميع اشكال الاستعباد
سعاد خيري في 23/9/2009