المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي


عماد علي
2009 / 9 / 15 - 14:02     

تعتمد الراسمالية كفكر و ايديولوجيا ، و لا ادري ان كانت تصنيفها فلسفيا او نفسيا او فكريا ، على التحليل و التشخيص الانتقائي لصفات الانسان في تبريره و تمريره للنظريات المصلحية التي تعتقد بانها في صالح البشرية و لابد منها في سبيل تنظيم حياتها .
و هي المنهج الذي يصح ان نعرٌفها على انها الايديولوجية المحضة التي تستند على مبدا شاذ و هو ان الانسان بطبعه سيء و شرير و لابد من قوة و ونظام تحدد حركاته و تؤطر حرياته و تعين له المسار و تدله على الطريق الصحيح و تجبره على الاخلاء عن الصفات الطبيعية التي تورثها، وهي تريد و تحاول نزعها من كيانه ! .
طبيعة الانسان امارة بالسوء كما تدعي و هذه الخصائص التي تدفعه بان يتمسك بالانانية في العقل و التفكير و العمل، و يكون قاسيا يتصرف كيفما يشاء و من دون اي اعتبارات انسانية لاقرب مقربيه ، و كل تلك التفسيرات و التوصيفات تُتخذ كمبرر لايجاد الحاكم المقيٍد و السلطة المطلقة و الالوهية لتتحكم في حركات و تصرفات وعقلية الانسان، و في هذا التوجه و التحليل تشاركها الفلسفات الغيبية و الدينية وفروعها النابعة من وراء الطبيعة .
عندما يُرسم الواقع على هذه الحال ، تاتي الخطوة المقصودة الاخرى و هي الضرورية لما يهدفوناليه و هو وجود سلطة ترغم الانسان الطاعة العمياء لما يصدر من الفوق و التخلي عن الكثير من حرياته ، و في بعض منها كاملة ، و تدعي انه لمصلحته!! و هذا يدخل من باب تقليم و تهذيب و ترشيق الحقوق العامة المفروض توفرها للانسان دون اية اعاقة ، و في نفس الوقت ترسخ الارضية لتحكم القوة وبكل ما لدى السلطة الحاكمة للسيطرة على الساحة و تحركات الموجودين فيها .
يعتبر هذا التوجه السد المحكم امام الاصلاح و التغيير السريع ، و يفرض الانتظار و الصبر فيما يرحم الباري في الوقت الذي يشاء لما يحاول ان يغير و ما تؤول اليه الحال بمرور الزمن. هذا ادعاء بعيد جدا عن الحقيقة و لا يستند بشكل قاطع على اي اساس علمي ، في الوقت بنيت عليه نظريات و توقعات و توجهات كبيرة غير واقعية . و هذه النظرات تبعد السياسة و التعامل مع الظروف و الاحوال و الاحداث الموجودة على الارض و انعكاسها على محاربة الذات و الخنوع للقوة الخارقة و محاولة الحفاظ عليها بكل السبل ، و اشاعة المقولة كما هي السائدة لمدة طويلة و هي الانسان ليس بضعيف مهما كان و هو له القدرة في فناء و تدمير الاخر و الطبيعة، و لذلك فهو بحاجة دائمة و مستمرة لقوة تلجمه و تمنع انعتاقه من اغلاله و تشد من ربطه محكما باي شكل كان ، بينما في الحقيقة لا تقارن قوة الانسان بما في الطبيعة و لا يمكن ان يوصف الا بالضعيف مقارنة بما موجود في الكون.
و ان تعمقنا في هذه النظرية تبين لدينا بان الانسان في طبعه قمعي ، و بالنتيجة هذا الوصف يبرر التضييق في مساحة الحرية و الديموقراطية ، و ما يمكن ان نستنتجه من الافكار و الايديولوجيات المعتمدة وما افرزت منها هو انبثاق الليبرالية بانواعها المتعددة و خاصة من الناحية الاقتصادية مهما ادعت هذه الايديولوجية الجديدة نسبيا توفيرالحريات العامة ، و فيها تتغير السيئات الانسانية الى الانانية و النرجسية و المدافعة عن المصالح الذاتية بعيدا عما تهم عموم الناس، وهو الذي يعمل من اجل تراكم المكتسبات الشخصية له . و هذا التوجه و النظرة الى الانسان و تصنيفه و تقسيمه الى القمعي المتفرس و الاخر مدني اخيرا ، و بالتالي برز منه انشاء فكرة الاستعلاء الغربي تجاه الشرقي و ما نتجت منها من الاستعمار و الاحتلال وما اثمرت من النازية و الفاشية و الشوفينية ، و فرضت ضرورة سيطرة السلطة الاعلى و الحكومة بالقوة على ما يقدم عليه الفرد و لا ترضى منه السلطة ، و هذا ما ينتج الحرب في كل وقت و زمان .
و استنادا على ما سبق لا يمكن للراسمالية ا ن تكون محبة للانسان و ليس امامها فرص مستمرة الى الابد للدوام دون افتعال مبررات بقائها استنادا على الحروب و خلق المضادات و المنافس الاخر الواجب معاداته و توثيق تلك النظرات و تصديقها نظريا و فكريا و ايديولوجيا من اجل خدع الجميع .