الحرية والعمل


كارل ماركس
2018 / 3 / 22 - 10:13     

كتبه: كتبه ماركس
سنة: 1863 - 1883
مقتطع من كتاب: رأس المال / الكتاب الثالث – الجزء الثالث (جمعه و أكمله أنجلز بعد 11 سنة من وفاته)

تمهيد:من المعروف أن الماركسية تؤكد على الشروط الاقتصادية والاجتماعية للحرية، وتعتبر أنها تتمثل في تحرر المجتمع من أشكال الاستغلال الطبقي. إلا أن ماركس لم يهمل ناحية أساسية للحرية بالنسبة للفرد، وهي تنمية طاقاته وقدراته الذاتية الخلاقة خارج العمل الاقتصادي، وهذه "الحرية الحقيقية" في نظره لا تتحقق ولا تنمو إلا بالتغيير الثوري للمجتمع ككل.

إن مملكة الحرية لا تبدأ في الواقع إلا حيثما ينتهي العمل الذي تفرضه الحاجة والضرورة الخارجية. لذا توجد بالطبع خارج دائرة الإنتاج المادي ذاته. وينبغي على الإنسان المتحضر، كما هو الشان تماما بالنسبة للمتوحش، أن يدخل في صراع مع الطبيعة لارضاء حاجاته وللمحافظة على حياته وتجديد قواه الحيوية. وهذا الإلزام يوجد في كل الأشكال الاجتماعية وكل نماذج الإنتاج أيا كانت. وكلما تطور الإنسان المتحضر اتسعت مملكة الضرورة الطبيعية طردا مع نمو الحاجات ولكن في آن واحد تزداد قوى الإنتاج التي توفر تلك الحاجات، ومن هذه الوجهة، لا تنحصر الحرية إلا فيما يلي: أن ينظم الإنسان الاجتماعي والمنتجون المتجمعون بصفة عقلية عملية التكييف هذه التي تربطهم بالطبيعة وأن يُخضعوها لرقابتهم المشتركة – عوض أن يستسلموا لها وكأنها قوة عمياء – وأن ينجزوا هذه العملية في نفس الوقت بأقل الجهود الممكنة وفي الظروف التي تكون أكثر تلاؤما مع كرامتهم وطبيعتهم الإنسانيتين. ولكن هذا الميدان يبقى دائما ميدان الضرورة.

وفيما بعد، يبدأ ازدهار القوة الإنسانية التي تشكل غاية لذاته، أي تبدأ المملكة الحقيقية للحرية. ولكن هذه المملكة لا تزدهر إلا استنادا إلى مملكة الضرورة. إن التخفيض في أوقات العمل اليومي هو الشرط الأساسي لذلك.