الحزب الشيوعي السوداني (63) عاماً من النضال


عبد الفتاح بيضاب
2009 / 8 / 21 - 10:10     

سئل عبقري وفيلسوف عن من أين تأتي (الأفكار) !!؟ فما كان إلا وضع السؤال على رجليه فأجاب عن من أين تأتي (الأمطار) !!؟ وكفى بذلك عما يتساءلون، وبين هذي في (الطبيعة) وتلك في (الفكر) يندرج التنظيم (الاجتماعي) والشواهد على ذلك كثر، إلا أن الحدث الاستثنائي مولد (هيئة شئون العمال) 16/8/1946م في مدينة الحديد والنار (أتبره) كانت كبسولة يتقاطع فيها الناقل النهري (كرمه – كريمة)، الراحلون والقادمون من (ثغر) البلد في بورسودان ومن بوابتها الشمالية قطار حلفا، كما هي مركزاً للقوى العاملة الحديثة برئاسة مصلحة السكك الحديدية، ويتبع لها النقل النهري والميناء. أصبحت بذلك بؤرة تتجمع عندها الحضارات والمعارف الداخلية والخارجية، لاسيما دأب الحروب العالمية وانتشار الفكر التقدمي وانتصار الثورة البلشفية الاشتراكية مما ساعد بدخول المدونات والكراسات (الماركسية) والتي صادف (شنها الطبق)، المولد في رحم الطبقة العاملة والرضاعة الكافية من حليبها وضعت بصماتها بوضوح في صلابة المناضلين في صفوف الحزب منذ العداء الباكر بيد المستعمر بقانون مكافحة النشاط الهدام (كما سموه) مروراً بدكتاتورية عبود وقانون أمن الدولة في فترة السفاح نميري وأخيراً الدكتاتورية باسم الإسلام وقانون الأمن الوطني في سلطة الإنقاذ فلا مرحباً بالدموع ولا نغوص في تفاصيل السجون والتعذيب والتشريد والاستشهاد في سبيل الوطن فهي لا تخفى على أحد ولكن التحية للمناضلين والشرفاء من الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين في مجال العمل السياسي والنقابي والاجتماعي الشئ الذي أضاف للحزب وأطروحاته الوطنية بعداً ملأ قلوب جماهير الشعب السوداني حباً وعبأ عقولهم قناعة بنصاعة البرنامج وصدقية الموقف وطهارة اليد والثبات على المبدأ حتى قال منافسوه السياسيون (إن الشيوعي لأحب لشعبنا منا) فجاءت محاولة طرحه أرضاً ورميه في غيابت الجب عقب أول انتخابات بعد ثورة أكتوبر (64) لأن (11) كوكباً في البرلمان (وشمس) سكرتيره (عبد الخالق) في منتديات الفكر الأممي، و(قمر) القيادي العمالي (الشفيع) في اتحاد العمال العالمي، وكم نذكر دوره الطليعي في قيادة العمل النقابي والطلابي والشبابي والنسوي الشئ الذي أجج غيرة الطائفية والرجعية المتأسلمة أن تأتي على صحائفه بدم كذب في سيناريو طرد نوابه وحل الحزب في 1965، ولم يشف ذلك غليل الرجعية الإقليمية والدولية لتقد قميص الحركة التصحيحية في 1971 من دبر مثل فيها دور زليخة عقيد ودكتاتور ليبيا المهوم فكانت المجازر والمشانق والتحية لأبطالها الذين سطروا بدمائهم ملاحم بطولية تصبح أبداً أناشيد في طوابير النضال أجل الوطن وقضاياه، وهاهو لن يعاف طريق الثورة والتحول نحوا موجبا للاشتراكية عبر البناء الوطني الديمقراطي مئات وألوف من الذين ذاقوا أصناف التعذيب والتشريد والإقصاء من الحياة العامة والعملية وعشرات الشهداء هم معالم ومصابيح في أظلم فترة زمنية في تاريخ السودان - تجربة حكم الحركة الإسلامية - ولن تلين له قناة أو ينحني له جبين حتى يصبح على هذا البلد وشعبه وخيراته (جغرافية وتاريخية) مكين وأمين، ولمثل هذا، السجن أحب إليه مما تدعو له الرجعية السودانية وأرباب الاستعمار قديمة وحديثة المتفرقون، وسوف يتذكر كل من ينجو من هذا الطوفان بعد أمة أن لا ملجأ من برنامج الحزب الشيوعي السوداني (الثورة الوطنية الديمقراطية) إلا إليه.