كان الخلل في التطبيق و التفسير و التاويل و ليس النظرية بكاملها


عماد علي
2009 / 8 / 5 - 09:18     

عند القاء نظرة فاحصة و متاملة و سريعة و من جدميع الاطراف سوى كنا من المعتنقين او المضادين للفلسفة و الفكر الماركسي و اليسارية بشكل عام، و من دون الضغط على الذاكرة و العقل من اجل استذكار النصوص التي اعتبرناها من المقدسات و واجبة الحضور و الحفظ في كل لحظة كما كنا عليه في المراحل السابقة، و حتى في المناقشات الثانوية و تبادل الاراء حول اي موضوع كان و مهما كان مضمونه سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا ام ثقافيا ، في المرحلة التي فرضت الظروف الموضوعية العالمية مثل هذه الحالة و اصبحت ظاهرة استغرقت فترة طويلة ،و خاصة بين المثقفين ، ناهيك عن المنتمين للاحزاب البسارية ، و كذلك المفكرين و الكتاب و الادباء و الشعراء، و في مقدمتهم القيادات السياسية . و ان اختصرنا و حددنا الخلل في هذا الجانب فقط دون تطرق الى العوامل الاخرى لعدم الاستطالة ، و استندنا على هذا السبب كعامل هام في احداث الخلل و ظهور شروخات واسعة حتى بين اليساريين انفسهم ، يمكن ان نحصل على ما نؤمن به و هو الخل هو في التطبيق و الالية و ليس النظرية بنفسهل كليا.
العامل الحاسم في عدم اتفاق العديد من الاطراف و الجهات و التيارات حول قضية او صيغة او مفهوم او حتى جملة او عبارة في النصوص التي تحدث عنها الفلاسفة و الجهابذة الكبار ، هو الاستناد على المعنى الحرفي لها و ما تعنيه و ما يسيل من ترجمتها و اليات تطبيقها و العوامل المساعدة في تنفيذ اهدافها العامة .
ولو استحضرنا النظريات و توقفنا عند الفلسفة اليسارية و ما تتضمنه و الظروف التي انبثقت منها و الواقع المراد لتطبيقها ، فان الخلافات ستفرض نفسها ، هذا ليس في هذا الفكر و الفلسفة و النظريات في هذه الجهة بالذات او تلك، و لا يمكن حصرها فيما تعنيه اليسارية فقط و انما في جميع الافكار و الاراء و النظريات و الفلسفات قاطبة . عليه يجب الخوض في العمق، و على المتتبعين قرائتها نصا و مضمونا وفق ما استنتجتها في حينه و ما دفعها الى ان تفرز الخلافات و الخلل ، في وقتها كانت ام بعد فترة، و حصول المستجدات التي تجر معها الوقائع و الارضية المختلفة لما سبقها لاي موضوع كان . و من هنا يمكننا ان نقول بكل صراحة لا يوجد نص و ان اعتبر مقدسا و منزَلا و معتبرا ان يتلائم مع كل زمان و مكان و يمكن تطبيقه بحذافيره و بشكل مطلق دون قراءة الوضع و الظروف و المرحلة الجديدة لمتغيرات الزمن . و باعتقادي المتواضع لا يمكن الاستناد فكريا و فلسفيا على ثوابت غير قابلة للتغيير مهما جمعت من حولها هالات و تفسيرات من قبل المريدين و المؤيدين، او بالاحرى المتطرفين في الالتزام بالنصوص و النظريات و فلسفات و كانها منبثقة او متدفقة من العدم . و هذا ما يفند جوهر النظرية اليسارية بذاتها ان اعتمدنا العكس ، و ما يؤمن به اليسارية هو ان المصنوع و المُنشا و المتولد في ظرف و وقت و واقع و حالة معينة معلومة لا يمكن ان يكرر نفسه في اية حالة كانت وحتى و ان حصل التغيير في الزمان و المكان فقط ، فان كانت النظريات العلمية القحة تتحمل الخطا و الصواب و التغيير في النص والمضمون و الهدف ، فكيف بافكار و فلسفات قابلة التاويل و التفسير و الشرح ، و من المحتمل ان تبرز منها الفروع و ان تكون عاصية عنها، و غير حاملة لنفي ذاتها كما تؤكد النظرية الماركسية بنفسها .
و ان كانت الثمار الفكرية و الكتابات و النصوص من عقول وافكار و اعتقادات العلماء و هم ضمن الفصيلة الانسانية و ما يعتقده العلماء في نظريات علم التطور الحياتي و يتحملون ما يحمله الانسان و يتصفون به ، و يطبق عليهم ما يمكن ان يميز الناس و خصائصه ، لابد ان نضع احتمال اهتمام عدم الدقة او انعدام فرص الاستمرارية و التواصل لنتاجاتهم الفكرية و الفلسفية في مقدمة الجميع ، و خاصة و الاهم هنا ما يفرض علينا ذكره انها نتاج عقولهم و ظروفهم و اعتقاداتهم وفق ما يهمهم و ما هم فيه من البيئة و المستوى العام للمجتمع و العلم و المعرفة و الثقافة التي يتمتعون بها، وحتما فيهم من الشواذ و منهم من ينحاز لجهة دون اخرى او تيار او فكر و فلسفة معينة دون غيرها . و من هنا بالذات يمكن ان نقول ان الفلسفات و النظريات المطروحة في اليسارية كانت او الراسمالية بانواعها المتعددة تكون نابعة من حاصل جمع مجموعة من القواعد و البديهيات و الافكار و ترسبات لمرحلة ما او مراحل عديدة مجتمعة معا .
و يمكننا القول ان اليسارية بالذات قد اثبتت صحة جوهرها و مضامينها بشكل كبير و خاصة من الناحية العلمية لما تهدف و ترمي اليه ، و النظرية تحتمل الصواب اكثر من غيرها ، و ممكنة التطبيق بشكل واسع في العديد من الازمنة و الامكنة و في مواقع و بيئات مختلفة بشرط تهيئة متطلبات و اليات صحيحة ملائمة مطلوبة لتطبيقها . غير ان كثرة الاطراف و المهتمين و تعدد انواع المفسرين و المؤلين و حسب خصائص و فكر و مواصفات و عقائد كل جهة ، من المحتل ان يحدث الخطا و تحدث الكبوات او نكسات عند ظهور انعكاساتها في اي وقت كان . و استنادا الى ما سبق و من هذا الجانب الضيق الذي تناولناه و هو كيفية استنتاج النصوص الفكرية و ةالفلسفية و النظريات المنبثقة منها و اليات تطبيقها و اسس اتباع مبادئها الاساسية وكثرة التاويلات و التفسيرات و الساحة المطلوبة لها و الاخذ بنظر الاعتبار الزمان و المكان المعينين ، يمكن حدوث الخلل و ان كانت النظرية صحيحة و دقيقة علميا في النص و الجوهر و المكامن ، فهناك جوانب عديدة و اعمدة رئيسية اخرى لنجاح تطبيق الفكر والفلسفة، و لو حللنا في هذا الاطار فانها تثبت صحة ما نذهب اليه كما هو في الجوانب و المواضيع و العوامل الاخرى ايضا .