ضد الاستاذية دفاعا عن خط الجماهير


محمود أمين
2009 / 7 / 2 - 09:40     

« ينبغي أن نتخلص من كل تكبر، و أن نصبح تلامذة متواضعين » ماو تسي تونغ

تعرف الحركة الشيوعية المغربية في الآونة الأخيرة انتعاشة ملموسة ، هذه الانتعاشة التي جسدتها مجموعة من النقاشات بين المناضلين و المناضلات حول القضايا التي يطرحها واقع الصراع الطبقي بالمغرب ، لاسيما بعد التحركات العظيمة للجماهير الشعبية ( عمالا ، فلاحين ، طلبة ، معطلين ، تلامذة ...) هذه التفاعلات و النقاشات بين المناضلين ( ات ) كان مركز الصراع فيها هو الماوية ، و ما دمنا نتحدث عن خطنا الإيديولوجي ، تأتي هذه المساهمة للمزيد من تعميق النقاش حول الماوية و بالضبط حول إحدى أسسها الرئيسية ، ألا وهي خط الجماهير .
قد سبق و اشرنا أن حل مسألة الجماهير تعتبر إحدى العناصر الرئيسية لبناء الخط السياسي العام للثورة المغربية ،أي حل التناقض القائم بين الحركة الشيوعية و الحركة الجماهيرية ، فبعد أن أمحصنا بعض النقاشات لمجموعة من المناضلين ( ات ) وجدنا أن هناك رؤية غريبة تحكم بعض المناضلين (ات) ـ حتى الذين يدافعون عن الماوية ـ في علاقتهم بالجماهير ( و هنا نتحدث على من يرتبط بنضالات الجماهير و يفعل فيها ، أما من يغلق عليه باب غرفته « وينظر» فهذا كلام آخر ...) و هي أنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم معلمين و فقط للجماهير !! وهذه الأخيرة لا دور لها ، هم من يصنع الأفكار ، هم من يوجه ، أما الجماهير فلا آراء لها و لا ملاحظات و حتى إن أدلت بملاحظاتها فلا معنى لها .
فإن تكلم هؤلاء « المعلمين » تسمع منهم دائما «الجماهير صانعة التاريخ » و « لولا الجماهير لما وجد شيء »، لكنهم ما إن ينخرطوا في الممارسة العملية ، تجدهم أساتذة منفصلين عن الجماهير يلقون المحاضرات الطويلة و الدروس بدون معنى ، هذه المحاضرات و هذه الدروس تكون في غالبيتها غريبة عن الجماهير ، و ما إن تفشل الجماهير في ممارستها تجد « الأساتذة » يقولون : « إن الجماهير لا تستوعب دروسنا ، فالخلل فيها لأنها لا تستوعب !! » .
إن هذه النظرة المتكبرة و المترفعة عن آراء الجماهير وعن انتقاداتها، المفعمة بالروح الأستاذية ، لإحدى الإشكالات التي تواجه الشيوعيين (ات) في ممارستهم العملية و في توجيه عملهم الثوري ، لأنها بكل بساطة تنظر إلى الجماهير على أنها لا تفهم و لا تستوعب و لأنها تنظر كذلك إلى الجماهير على أنها لم تقرأ النظرية الثورية !! و لم تلتهم الكتب كما يفعل الأساتذة !! وبكلمة واحدة لا ترى ما تملك هذه الجماهير من آراء و أفكار و ملاحظات يمكن أن نلخصها في كلمتين : مـــــدرسة الجماهـــــــير . هذه المدرسة إن لم نضع أنفسنا كتلامذة متواضعين و مواظبين، لا يمكننا أن نوجه الحركة الثورية في بلادنا ، و إن وجهنا دون أن نسجل أنفسنا و ننخرط في مدرستها الخاصة سنوجهها برؤية مضببة بعيدة عن الواقع .
وهنا سنورد قصة وقعت لأحد كوادر الحزب الشيوعي الصيني في عز الثورة الثقافية العظمى، وهو الرفيق شى لاى خه أمين فرع الحزب في فيلق ليوتشوانغ التابع لكومونة تشيليينغ الشعبية ضمن مقاطعة خنان حين سأله أحد الفلاحين « يا لاى خه هل تظن أن المطر سيهطل ؟ رفع شى لاى خه رأسه إلى السماء ، فتشاور مع كادر معه ، فيما إذا كان من الضروري استدعاء كل فرد في الحقول ليجمع بعجلة القمح المعرض للشمس في ساحة الدراس ، فقررا الانتظار لفترة أخرى ، وفجأة هبت ريح هوجاء فتجمعت الغيوم في السماء فأمر شى لاى خه الناس بالعودة فورا ، لكن عندما وصلوا إلى الساحة أصبح من غير الممكن جمع كل القمح و قد أفسد الطين طبقة القمح الملاصقة للأرض . فماذا فعل يا ترى هذا الكادر في الحزب ، هل قال : أن الفلاحين لم يسرعوا في جمع القمح أو قال أن تقلبات الجو مفاجئة . لا تلك و لا تلك ، فقد نقد لاى خه نفسه أمام ألف من أعضاء الكومونة في الفيلق و هو يقول « أخطأت في تقدير حالة الطقس اليوم ، و تسببت بذلك في إلحاق الخسارة للفيلق ، فأنا وحدي الملوم ، و أتحمل مسؤولية ما حدث ».
إن حادث هذا الرفيق و تعامله وفق مسؤوليته لهو مثال يقتدى به في التواضع و التعلم من الجماهير ، فلن تفاجئ بنقد هذا الرفيق إذا علمنا انه يتخذ من فلاحَين مسنَين بسيطَين مستشارَيه المفضلَين ، و ما دمنا نتحدث عن آراء الجماهير و أفكارها ، فالكومونات الشعبية في الصين ليست فكرة الرفيق ماو، بل أبدعتها الجماهير شكلا و مضمونا حتى أن ماو عندما زار هذه القرية وجد اسم كومونة شعبية قال : « كومونة شعبية ! هذا اسم جيد » و بعد أن تفقد الأعمال بالكومونة و الحقول بها قال : « من الأفضل تأسيس كومونات شعبية في كل أنحاء الصين ، فميزتها تكمن في أنها تجمع بين الصناعة و الزراعة و التجارة و التعليم و الشؤون العسكرية مما يسهل القيادة » .
وهنا نقترح على الرفاق (ات) افتتاحية لرمين ريباو لـ29 يوليوز 1966 قد تزيد من تعميق النقاش و استيعابه ، و هي على كل حال محط تفاعل كل المناضلين (ات ) .

فمزيدا من النضال و الصمود
مزيدا من الارتباط اكثر بنضالات الجماهير
مزيدا من بناء فهمنا حول خط الجماهير
عاشت الحركة الشيوعية المغربية
عاشت الماركسية – اللينينية – الماوية نظرية منيعة و سديدة

محمود أمين
حزيران – يونيو 2009


عاشت الماركسية - اللينينية – الماوية !
عاشت الحرب الشعبية
" كن تلميذا للجماهير ، قبل أن تكون معلما لها "
افتتاحية ريمين ريباو لـ 29 يوليوز 1966

قال الرفيق ماو تسي تونغ « رغبتي إلى جانب جميع الرفاق في الحزب هي : التعلم من الجماهير ، و الاستمرار في أن تكون تلميذها المتواضع » .
إن هذا الموقف لمعلمنا العظيم ، الرئيس ماو ، الذي يضع نفسه بتواضع في مدرسة الجماهير يبقى مثالا لكل أعضاء الحزب .
على كل عضو يقود الثورة الثقافية البروليتارية، أن يعتبر الجماهير معلمة له ، و أن يبحث تعليماتها و أن يكون تلميذها المتواضع .
كل من سار على هذا النحو سيجد الواقع أمامه أكثر وضوحا ، وتكون قراءته معقولة و أسلوبه سليما، والجماهير أكمل تعبئة و الحركة أكثر تطورا في الاتجاه السليم .
أن نضع أنفسنا فوق مدرسة الجماهير ، و أن نعتبر أنفسنا « مبعوثي الإمبراطور » . أن نخوض في الصياح ، و ممارسة الخطابة ، و فرض الرأي ، أن نقوم بتثبيت ملاحظاتنا بشكل سلطوي ثم نقوم بتحديد الطابوهات المسموح بها بحيث بالكاد تظهر .لايسمح كل هذا سوى بتكبيل الجماهير من أيديها و أرجلها ، و بكل بساطة ضرب مبادراتها .
أن نضع أنفسنا فوق مدرسة الجماهير ، و أن نغلق المكتب علينا مع إعطاء الأوامر ، يجعل الرؤية أمامنا مظلمة ، و يجعل التمييز بين الصواب و الخطأ بين عدونا و صديقنا و تحديد لب المشكل ، يجعل كل هذه الأمور مستحيلة أمامنا.
إذا سارت الأمور على هذا النحو ، سيستحيل علينا قيادة الحركة بشكل سليم ،هذه الحركة التي تسير في المسار السليم و يتم عرقلتها الآن ، لهذا يجب على كل عضو من أعضاء الحزب الشيوعي أن يتبع تعليمات الرفيق ماو : « ينبغي أن نتخلص من كل تكبر . و أن نصبح تلامذة متواضعين ». كتلامذة للجماهير يجب أن نرى نحو الأسفل بكل حماس ثوري و أن نتعلم من مدرسة الجماهير بكل احترام كما علمنا الرفيق ماو دائما . لا يجب أن تزعم معرفة ما تجهله كما أنه لا ينبغي الخجل من استشارة من هم أقل منا رتبة، يجب أن نكون أولا تلامذة للجماهير قبل أن نصبح معلمين لها . قدرة المرء على التحرك على هذا النحو لا تعني أبدا و ببساطة أن المسألة مسألة أسلوب عمل، إنها مسألة الموقع و الموقف الطبقي الأساسيين. إنها مسألة فهم العالم من وجهة نظر ثورية .
في خضم حركة الثورة الثقافية العظمى . من الواجب علينا أن ندرس أولا وجهة نظر الجماهير عند الرفيق ماو تسي تونغ .
هناك عدد ليس بالقليل من الرفاق يقبلون قولا كون الجماهير هي صانعة التاريخ، لكنهم ما إن يرتموا في حقل الممارسة العملية حتى ينسوا ذلك أو يرفضوا الاعتراف به ، إن استيعابهم لأفكار الرفيق ماو حول هذه النقطة يستلزم لديهم تغييرا كاملا لفهمهم للعالم . هذا التغيير يمثل ثورة إيديولوجية كبرى في حد ذاته. أن نكون تلامذة للجماهير و أن نتعلم بتواضع في مدرستها لا يعني فقط الاستماع لوجهات نظر الناس ، بل يعني الإنصات التام لمختلف الآراء القادمة من كل الأطراف. و بالمثل لا ينبغي الإنصات فقط لرأي الأغلبية، بل لرأي الأقلية أيضا.
أن نكون تلامذة للجماهير، و أن نتعلم بتواضع في مدرستها ، يعني الإنصات ليس و فقط للآراء التي تتفق معنا ، بل أيضا للآراء التي لا تتفق معنا ،عموما نحن نقبل الأولى بسهولة لكننا نقبل الثانية على مضض في الواقع . غالبا مايكون ضروريا أن ننصت للآراء التي تستنكر désapromè من أجل إصدار حكم على الوضع ككل لكي يضع المرء نفسه في مدرسة الجماهير ، من الضروري ليس وفقط الإنصات و النظر أكثر من ذلك حوله ، بل التفكير و إستخدام الدماغ أيضا .
بعبارة آخرى يجب أن نتخد من فكر ماو تسي تونغ موجها من أجل تحليل مختلف المعطيات و الآراء المقدمة من طرف الجماهير . و إخضاعها لتحضير و تنسيق و تربية بحيث نرمي بالقشور كي نحتفظ بالبذرة . و إبعاد ماهو خاطئ لنحتفظ بالصحيح ،و ذلك بالمرور من مستوى الظواهر إلى الباطن ، من الخارج إلى الداخل بهدف اكتشاف المشاكل و التقدم نحو النفاد إلى جوهر الأشياء ، و هكذا يمكن أن نجمع آراء الجماهير التي لازالت مبعثر و نصنع منها آراء منهجية ، منظمة و صالحة للتوجيه ، قبل أن نعيدها إلى الجماهير لتترجم في الممارسة .
يجب أن نفهم أن ممارسة الجماهير لوحدها كفيلة بتأسيس القاعدة التي يرتكز عليها حزبنا لتحضير سياسة و المعيار القادر على التشبث بهذه السياسة ، بانفصالنا عن الجماهير لا يمكن أن نبلغ شيئا .
ظهرت مشاكل و أشياء جديدة باستمرار طيلة الثورة الثقافية البروليتارية العظمى . فقط عندما نضع منظمات الحزب و موجهيه بكل درجاتهم أنفسهم في مدرسة الجماهير من البداية إلى النهاية ، يمكن دائما أن يمكثوا على رأس حركة الجماهير و يقودونها في الاتجاه الذي رسمه الرئيس ماو تسي تونغ .

ترجمة : مناضلة شيوعية