دفاتر تثقيفية -الحلقة الأولى


الماركسيون اللينينيون المغاربة أنصار الخط البروليتاري
2009 / 5 / 20 - 08:30     

يتميز الخط البروليتاري كتيار مناضل من داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية ـ الحملم ـ بمرجعيته الواضحة المستندة على الماركسية اللينينية وعلى تجارب الحركة العمالية وعلى كل الحركات الثورية داخل التجارب التحررية للشعوب، وفي تحليله لتناقضات المجتمع المغربي، يعتبر أن نمط الإنتاج الرأسمالي وإن كان تبعيا للإمبريالية، فهو السائد والمهيمن على بقايا أنماط الإنتاج الأخرى السابقة عن الرأسمالية، وقد ارتأينا لتوضيح هذا، التدقيق في بعض المفاهيم والرجوع بها إلى أصولها لحظة بناء الأطروحة الماركسية وصقلها على يد ماركس، إنجلس ولينين.
فالكثير ممن يعتبرون أنفسهم اشتراكيين وماركسيين لينينيين في المغرب وفي غيره من البلدان، بل أحيانا حتى ببلدان مثل فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية.. يعرٌفون أنفسهم بأنهم اشتراكيون بدون رأسمالية وبدون طبقة عاملة، كما أن البعض منهم بل أحزاب وتيارات.. لا يخفي طموحه لبناء رأسمالية وطنية في اتجاه الاشتراكية، لأن اقتصادات البلدان التابعة حسب ادعاءاته هي اقتصادات تابعة دون أن تكون رأسمالية.
وبالرغم من وجود العديد من الكتابات التي قدمت ولخصت واستفاضت في شرح ودراسة الاقتصاد الماركسي كنقد للاقتصاد السياسي البرجوازي، فسنحاول من جانبنا إعادة الاعتبار لهذا العلم بكل تصوراته وأطروحاته ومفاهيمه..الخ
ومن أعظم الخلاصات التي تقدم بها إنجلس في تقديره للوعي الجماهيري ولدور الجماهير الحاسم في الثورات، هي التي قدم بها كتاب ماركس عن "الصراع الطبقي في فرنسا"، كانت الخلاصة على الشكل التالي "وقد ولٌى زمن الهجمات المفاجئة، وزمن الثورات التي تقوم بها أقلية واعية ضئيلة تترأس الجماهير الغير واعية. وحيث يكون المقصود تحويل النظام الاجتماعي تحويلا تاما، ينبغي على الجماهير أن تشترك في هذا، ينبغي عليها بالذات أن تدرك الهدف الذي يدور النضال من اجله، الهدف الذي تهرق دمائها وتضحي بحياتها من أجله" وفق هذا التوجيه سيكون عملنا واجتهادنا لتبسيط المفاهيم الماركسية ولنشر الوعي الاشتراكي في أوساط العمال والعاملات وسائر الشباب من أبناء الكادحين..
 فما هي الرأسمالية؟ أو بماذا يتميز النظام الاقتصادي الرأسمالي، أو كما يتداوله الاقتصاد الماركسي، نمط الإنتاج الرأسمالي؟
يتميز النظام الاقتصادي الرأسمالي بكونه اقتصادا سلعيا، يعني أنه مبني على إنتاج وتداول العديد من السلع أو البضائع.
هل هذا التعريف كاف لتمييز الاقتصاد الرأسمالي عن غيره من سابقيه أو اللاحقين به من الاقتصادات؟ كلا وقد يتبادر لذهن الرفاق بأن اقتصاد الإنتاج الصغير السابق عن الرأسمالية خلال عصر الإقطاع أو خلال الفترة الما قبل رأسمالية بالنسبة لبلادنا المغرب، قد عرف نوعا من الإنتاج السلعي البسيط.
خلال هذا الإنتاج السلعي البسيط ينتج الفلاح الخضر والمزروعات، وينتج الكساب الحليب والبيض والزبدة واللحوم، وينتج الحرفي النعال والكساء والجلابيب والمعاول والفؤوس والسكاكين..الخ وتوجه هذه المنتوجات للبيع في السوق، حيث يستبدل خلالها المنتجون مبيعاتهم بقدر معين من المال الذي يذهب مباشرة لشراء مواد استهلاكية ضرورية للعيش ولسد الرمق، وبالتالي لا تعدو العملية بأن تكون عملية شبه تبادلية، تبادل بضاعة ببضاعة أخرى.
يتم هذا الإنتاج في غالبه دون استغلال لعمل الآخر ودون الحاجة لاستئجار الغير، كما أن طبيعة الإنتاج وبالنظر لطبيعة المجتمع وبساطة ومحدودية السوق، فهي لا تحتاج لاحتكار.
فالإنتاج الصغير ورغم وجوده لقرون مخترقا العديد من المجتمعات باقتصادياتها المختلفة، لم يخلف أغنياء ولا غنى يذكر، حيث عاش المنتجون على طول الأزمان بسطاء لحد الكفاف لا غير.
إذن فالاقتصاد السلعي أو البضاعي البسيط، ليس هو الاقتصاد الرأسمالي. صحيح أن كلاهما ينتج بضاعة موجهة إلى السوق، لكن الرأسمالي لا يهدف بدخوله للسوق لترويج بضاعته وبيعها لاقتناء بضاعة جديدة في إطار نوع من المبادلة أو المقايضة.
لا، فالرأسمالي بعد استثماره لقدر من المال، أنتج بضاعة للبيع في السوق ستعود عليه بقدر جديد من المال أعلى من المبلغ الأصلي، أي رأس المال وهو مبلغ جديد عبارة عن رأس المال زائد الفضل أو الربح.
وهو إذ يأخذ هذا المبلغ الجديد فلا يستهلكه كاملا في حاجاته الخاصة، بل يدخل في عملية تراكم لا حدٌ لها، تخترق الحدود والمجتمعات وتضرب عرض الحائط القيم والعادات والأخلاق.. باحثا عن سلع جديدة تقدم له مزيدا من الأرباح.
إذن فالرأسمالي يستعمل المال لإنتاج بضاعة تعطيه مالا زائدا أي ما يعبر عنه في الاقتصاد بمنظومة نقود ـ بضاعة ـ نقود ثم نقود ـ بضاعة ـ نقود.. وهكذا دواليك مع التذكير بأن نقود تفوق نقود، ونقود تفوق نقود، أما الإنتاج السلعي البسيط فيشتغل وفق منظومة بضاعة ـ نقود ـ بضاعة دون التفكير في الأرباح فمنتوجاته محدودة وشبه قارة يستهلك جزءا منها ويبادل الجزء الآخر وفق المنظومة بضاعة ـ نقود ـ بضاعة ليقتني بضاعة للاستهلاك وليس للتبادل من جديد.
أما الرأسمالي فهو يبحث بشكل جنوني ومحموم عن أية سلعة جديدة يمكنه التداول فيها في الإنتاج والبيع والشراء كي تعطيه نقودا زائدة، وهكذا دواليك دون الاعتماد على سلعة واحدة دون أخرى أو على سوق دون آخر.
ولكي ينجح في مقاصده، يلتجأ الرأسمالي إلى الاحتكار والاستفراد بوسائل الإنتاج، وهي الأدوات، الآلات، البنايات والمنشآت، الأراضي.. بعضها أو جميعها. فالمنتج الصغير لم يكن يحتاج لاحتكار الإبرة والخيط، أو المطرقة والسندان والمنفاخ.. أو حتى الحرفة في حد ذاتها، لأنها جميعها لا تحتاج لاحتكار، فقط فالسوق لا يحتاج لأكثر من خياط، وأكثر من دراز، وأكثر من حداد أو بناء أو نجار..الخ، أما المنتج الرأسمالي فهو يدعي المنافسة الحرة، لكنه بطبعه احتكاري يسعى دائما للقضاء على المنافسين، فهو ينتج بضائع كثيرة لا يستعملها السوق، بل إنه ينتج من أجل سوق مجهولة عوض سوق المنتج الصغير الذي يعرف بدقة حاجيات السوق وقدراته الاستهلاكية. فبالإضافة لغزارة الإنتاج يبحث الرأسمالي دائما لاحتكار منابع المواد الأولية من صوف وقطن للغزل، وجلود للدباغة لصنع النعال والأحذية، وخشب ومعادن حديدية ونحاسية لصنع الأدوات.. يحتكر الأبنية والأراضي لتأسيس منشآته الصناعية الكبرى، يحتكر اليد العاملة الفنية من أحسن الحرفيين، المعلمين والصناع..الخ
وفي احتكاره هذا يقضي على المنافسين وأولهم الحرفيين الذين يتحولون تدريجيا إلى عمال بروليتاريين يشتغلون تحت إمرة وسيادة الرأسمالي والرأسمال.. بهذا يتحول المنتجون الصغار من سادة أنفسهم إلى عبيد جدد، بروليتاريين، عبيد محرومين من كل ملكية، غير مالكين لأدوات الإنتاج، وبالتالي مجبرين ومكرهين على بيع قوة عملهم كما تباع السلعة، حتى يعيشوا.
هذا الاحتكار يؤدي إلى تشكل حفنة من الأغنياء في طبقة اجتماعية جديدة تسمى الطبقة البرجوازية أو الرأسمالية، في المقابل أو على النقيض منها تتشكل طبقة العمال المأجورين أو البروليتاريا أو الطبقة العاملة.
والطبقة في التعريف الماركسي أو على الأرجح كما عرٌفها لينين: يعرف لينين الطبقة كالتالي "إن كلمة طبقات تطلق على جماعات واسعة من الناس، تمتاز بالمكان الذي تشغله في نظام الإنتاج الاجتماعي، محدد تاريخيا، بعلاقاتها (التي يحددها ويكرسها القانون في معظم الأحيان) بوسائل الإنتاج، بدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل، وبالتالي، بطرق الحصول على الثروات الاجتماعية وبمقدار حصتها من هذه الثروات، إن الطبقات هي جماعات من الناس، تستطيع إحداها أن تستملك عمل جماعة أخرى بسبب الفرق في المكان الذي تشغله في نموذج معين من الاقتصاد الاجتماعي.
الميزة الثانية لنظام الاقتصاد الرأسمالي، هو العمل المأجور، أي أن العامل مقابل اشتغاله لدى الرأسمالي يتقاضى أجرة في الغالب نقدية باليوم، أو الأسبوع، أو الشهر أو بنصفه.. المهم إنها أجرة نقدية لا تكفيه لسد رمقه ولإعالة أسرته.
هكذا ومنذ ظهور الرأسمالية والعمل المأجور يعيش ملايين بل وملايير من الناس حالة فظيعة من البؤس والفقر المدقع، وتحت طائلة البطالة والأمراض والبرد والحر والجوع.. إلى يومنا هذا، من جراء نظام الاقتصاد الرأسمالي الذي يغني حفنة من الناس ويفقر السواد الأعظم من المجتمعات.
خلال بحث الرأسمالي عن البضائع الجديدة المربحة، اهتدى لبضاعة من نوع خاص، كنز لا يقدر بثمن، بضاعة تتلخص قيمتها الاستهلاكية في خلق قيمة تبادلية، أي أنها لا تستهلك وتفنى، بل إن في استهلاكها وخلال استهلاكها تخلق بضائع جديدة بأثمنة جديدة زائدة تدر الفائض والأرباح.
هذه البضاعة هي قوة العمل، فالرأسمالي يشتري في السوق قوة العمل، العمال المأجورين، ويجبرها على العمل من أجله مقابل قدر زهيد من المال، لكي يبيع منتوجها بثمن عال يوفر له الأرباح.
فالرأسمالي يجني الأرباح ويراكم الثروات، أما العامل فيتلقى مقابل عمله أجرة تحافظ على وجوده وعلى استمرار النوع البشري وعلى سلالة العبيد الجدد، أي أن الرأسمالي لا يقدم سوى القدر الذي يكفي العامل لإعالة نفسه وإعالة أسرته حتى يبقوا أحياء صالحين للاستهلاك في اليوم الموالي، وهكذا دواليك.
بهذا نكون حددنا صفات النظام الرأسمالي الثلاث التي تميزه.
 كإنتاج موجه للسوق يعني إنتاج سلعي.
 احتكار حفنة من الأغنياء المشكلين في طبقة، الطبقة البرجوازية أو الرأسمالية، لوسائل الإنتاج من آلات وأراضي وبنايات.
 اعتماد الإنتاج على استغلال الغير في إطار عمل مأجور، عمل قائم على بيع قوة العمل البشرية مقابل أجرة مادية لا تسد سوى الرمق والحد الأدنى من ضروريات العيش.

يتبع

الماركسيون اللينينيون المغاربة ـ أنصار الخط البروليتاري ـ