الانحياز للماركسية.. انحياز للعلم الاجتماعي وللمنطق العقلي


عبد العالي الحراك
2009 / 4 / 23 - 09:52     

الانحياز للماركسية..انحيازللعلم الاجتماعي والمنطق العقلي عبد العالي الحراك
من اجل الحفاظ على الجهد والوقت,لابد من اعادة قراءة الماركسية بهدوء وتأني قبل نقدها والطعن بالمؤمنين بها,لان النقاش فيها وحولها دون قرائتها واستيعابها جيدا يسيء لها ولقارئيها. قد ينسجم معها القارئ الجيد تمام الانسجام ويعشقها,عندما تتآلف معه عقليا وماديا ويتسلسل في قرائتها,فيجدها تنطبق تمام الانطباق مع تفكيره المتولد من حياته المادية وما تنتج.. فيقول مع نفسه,ان هذا ماركس وهذا انجلز ولينين وغيرهم هم انا, وان منتوجهم الفكري المنسجم هذا يعبرعني وعن حياتي, رغم انه ليس مفكرا بمستواهم ولا كاتبا او باحثا,فينشد اليها وتستهويه قرائتها حتى تطغى على اهتماماته الدراسية الاخرى وواجباته اليومية ان كان طالبا مدرسيا او جامعيا..بينما لا ينسجم قارئ اخر,وانما يأخذه حب القراءة والاطلاع,فتسبب له الغثيان وسوء الفهم ويستسهل عليها قراءة ما ينسجم ومستوى تفكيره وواقعه الاجتماعي والحياتي بصورة عامة..والاخر قد تملأعليه املاءا من قبل مسؤؤله الحزبي في اول ايام حياته الحزبية, دون ان يعير لتلك الاملاءات ادنى اهتمامه,اوتأخذه نشوة الحضورالجمعي خلال الاجتماع الحزبي اوالندوة الثقافية, فيتطايرالى سمعه كلمات من هنا وهناك.
قراءة الفكرالماركسي ودراسته ليست هكذا,وليس هكذا تنتقد الماركسية واحزابها وتقيم,عبرالعواطف ومن خلال ردود الافعال او بالمجاملات ونزوة الصداقات والمحليات.
انها فكروفلسفة تستخدم المنهج العلمي المبني على استخدام العقل في حل مشاكل الانسان الحياتية عبر مراحلها المختلفة..الفكرة الصحيحة في يوم من الايام وفي ظرف من الظروف قد لا تناسب يوم اخر وظرف اخر,لكنها تحمل في طياتها دواعي نقدها وتطويرها, فيها صعوبة اثناء التطبيق وتقترف الاخطاء بحقها,والفهم السيئ لها يؤدي الى الاخطاء القاتلة التي تسبب الفشل لأحزابها, وقد فشلت احزاب وما زالت تفشل اخرى..الانحياز للماركسة ليس انحيازعاطفي ثابت, بل متطور حسب الاحوال والظروف التي يعيشها الانسان, دون التشبث بالشعارات اوالاهداف البعيدة فقط .المرحلة في العراق مرحلة تحرر وطني فلا مانع من الوقوف مع الوطني والديمقراطي وتأييد المطالبة بالحقوق العامة للانسان, دون التكلس على المواقف الايديولوجية التي اساء لها كثيرا مروجوها,دون استعياب كامل للمرحلة التي يعيشونها,ونقص في الثقافة العامة التي يفترض ان يستخدموها في رفع الوعي الوطني والديمقراطي للوقوف بوجه التيارات المتخلفة والشاذة التي تظهر في بلداننا..لايكفي البقاء في زوايا النقد من بعيد متعففين النزول الى مراحل العمل الوطني العام والقبول بالافكارالاولية المتعلقة بالممارسات الوطنية لمعظم الناس وحياتهم العامة.ان الانعزال يفقد التأثير في الاخرين ويفقد معرفة الواقع وكيفية التأثير فيه.
يفترض بالقاريء السطحي للماركسية,الذي يعتقد بأن لديه معلومات عامة في الفكر والسياسة والثقافة ان يهتم باموراخرى تساعد على نشرها ورفع الوعي العام,حتى تمكنه من الاختلاط والتفاعل مع اصحاب الافكارالعلمية,وعندها يتمكن من توجيه النقد العلمي البناء الذي يساعد ايضا في تطورالوعي للذات وللمجموع.اما الانشغال بالنقد السطحي المكرر للماركسية في غير وقته, فهو بالاضافة الى انه مضيعة للوقت فهو يسيء للجميع,الا من لديه عقدة شخصية نابعة من تجربة سلبية شخصية يريد صاحبها ان ينفس عن قابلياته وامكانياته في الشروق والغروب في الكتابة المطولة التي تتكررعباراتها وتتناقض محتوياتها,التي تقوده الى الهبوط في المستوى وليس الارتقاء..نعاني في العراق كما في فلسطين وسائر البلاد العربية من ظاهرة استفحال الرجعية والتخلف والعودة الثقيلة الى حياة القرون الوسطى, فدراستها ونقدها ونشرالثقافة الوطنية المحلية اولى,ام نقد الماركسية الخاطيء اولى واجدى؟ وان كانت هناك علاقات وتحالفات لبعض الاحزاب اليسارية مع بعض احزاب الاسلام السياسي هنا او هناك,فلا بئس في نقدها حسب اطروحاتها وظروفها بطريقة علمية ومنطقية واقعية, وليس التعميم على جميع الاحزاب والشخصيات,مع العلم ان هذه التجارب وهي واضحة في العراق وفلسطين والاردن ولبنان,قد تم نقدها من قبل ماركسيين ويساريين في بلدانها, وهم اقرب اليها واعرف بتفاصيلها الدقيقة. فما الداعي لأعادة النفد بشكل سيء وتعميم محتواها على جميع الاحزاب والشخصيات اليسارية,لغرض الطعن بهم والتنفيس على عقد شخصية وامراض حب الظهوروالاعلان عن الاختلاف.
ان الدوران حول الماضي يعني ضعف القدرة على دراسة الحاضرالمليء بالمشاكل والازمات,فكما تدور بعض اطراف اليسارحول الماضي,هناك اطراف ليبرالية هي الاخرى تدور وتلف حول الماضي, والاساءة متبادلة مع اطراف اخرى,تدعو للاستفادة من الماضي للعيش باقتدارفي الحاضروالتفائل للمستقبل.لا ارى امكانية الفائدة من اصحاب الفكر الليبرالي في المرحلة الحالية,الا في فتح صفحة جديدة في التنوير الهادف لرفع الوعي الثقافي لدى شعوبهم وفي بلدانهم..تنويرالناس حول اهمية ان يملك الانسان نفسه وحريته وكيف يستفيد من الديمقراطية وكيف يمارسها ويطبقها وكيف يحترم الانسان الاخر ومعتقداته ورغباته..موضوعات تتحدث بخطاب جديد وواضح عن اسس المجتمع المدني الديمقراطي الذي هو لا مجتمع عسكري ولا مجتمع ديني, بمعنى مجتمع يحكمه القانون المدني الذي يصون حقوق الانسان وحرياته
.. مجتمع يستخدم فيه العقل لا العاطفة,تسوده المساواة والعدالة النسبية,مجتمع يستخدم النقد والنقد الذاتي وليس فيه مقدس بعيدا عن النقد والدراسة, مجتمع متفائل توزع فيه السلطات دون تداخل او تقاطع, يفصل فيه الدين عن السياسة.. وهكذا....
اما العودة الى مواضيع اكل الدهرعليها وشرب, كعلاقة الاحزاب الشيوعية العربية بالاتحاد السوفييتي السابق,اوانها احزاب ما زالت تطبق الديمقراطية المركزية,وانها سبب في فشلها كما في فشل غيرها, فهي عودة لا تغني احد من فقر ولا تشبعه من جوع,الا اذا اراد الكاتب ان يكتب صفحات لا معنى لها,او انه لم يطلع على مستويات ارقى من النقد والنقد الذاتي وجهت لهذه الاحزاب حول هذه الموضوعات وغيرها في حينه.
ان النقد البناء هو النقد الذي يقصد منه توحيد الجهود المشتركة في اتجاه عام مشترك وليس تبذيرلها, وانا ارى بان هناك عمل مشترك بين اليساروالليبرالية يتركز حول مواضيع التنويرورفع الوعي العام للناس وهم كثر في مجتمعاتنا. عبد العالي الحراك 20/4/2009