ديمقراطية البروليتاريا...؟


مصطفى حقي
2009 / 4 / 23 - 09:53     

... البروليتاريا طبقة العمال ( عمال مصانع في الدول الصناعية ) (عمال زراعيين في الدول الزراعية) وإلى جانبهم عمال الحرف المتنوعة ، بناء ، نجاره ، حداده ..الخ .. ويدخل موظفوا الدول الإداريين أيضاً بصفة عمال أيضاً ( عمال كتابيين) .. فهل من المعقول في عصرنا هذا أن يكون هؤلاء ديكتاتوريين يعملون على تصفية غير العمال من رأسماليين وأرباب عمل وملاك ... هل يمكن تحقيق المساواة المنشودة ( الشيوعية ) عند القضاء على غير العمال .. وهل يتساوى أجر العامل العادي الذي يعمل بالحفر أو النشر أو الخبز أو الخياطة أو رصف الحجارة وصب البيتون وطلاء الجدران مع أجر المهندس المبدع وأستاذ الجامعة والحرفي الماهر والفنان الممثل والرسّام .. ان النظرية شيء والتطبيق شيء آخر ..ان تدوين الفكر غير التطبيق العملي له .. ان الفكر الماركسي بماديته وجدليته العلمية هو وليد الناتج المادي وفق حسابات نظرية تطابق اللحظة والمكان والزمان والتنبؤ بولادة الشيوعية من رحم الثورة الاشتراكية ولكن بدون حساب للضد الطبيعي للأشياء المادية والطبغة التي لا تكتمل إلا بالتناقض فالكهرباء لا يمكن أن يعطي النور إلا إذا التقى التيار السالب بالموجب والطفل لن ينشأ ويولد إلا بالتقاء الذكر بالأنثى فهناك الحلو إلى جانب المر والصيف يناقضه الشتاء وشتان مابين الأسود والأبيض ... وان الطموح والإبداع هو وليد الصراع نحو الأفضل ...وان الحلم هو باب الإبداع والاختراع .. في حال الخمول الشيوعي سنفقد حتمية الصراع وسيموت الإبداع وتندحر بل وتضمحل البشرية ... لأن الطموح هو الدافع لتخطي الصعوبات الحياتية وتطبيق مبدأ كل بحسب قدرته و لكل بحسب حاجته يقتل هذا الطموح الخلاّق
ولنبحر مع الشيوعي الفرنسي جورج فونتيه الناطق باسم الفيدرالية الشيوعية التحررية في فرنسا عام 953وترجمة مازن كم الماز: لا يمكنك تعريف المجتمع الشيوعي بأفضل من تكرار القول القديم "من كل بحسب قدرته و لكل بحسب حاجته" . أولا إنه يؤكد على التبعية التامة للاقتصاد لحاجات التطور الإنساني في وفرة البضائع و تخفيض العمل الاجتماعي و أن يكون لكل شخص دور فيه حسب قواه الخاصة و قدراته الفعلية . هكذا فإن هذه الوصفة تعكس إمكانية التطور الكامل للبشر .
ثانيا تشير هذه الوصفة إلى غياب الطبقات و إلى الملكية و الاستخدام الجماعيين لوسائل الإنتاج لأنه فقط استخدام كهذا من قبل المجتمع يسمح بالتوزيع حسب حاجات الناس .
لكن الشيوعية الكاملة لهذه الوصفة "لكل حسب حاجته" لا تفترض فقط الملكية الجماعية ( التي تديرها مجالس العمال أو النقابات أو الكومونات ) و لكن أيضا نموا كبيرا في الإنتاج , أو الوفرة في الواقع . الآن من المؤكد أنه عندما تحدث الثورة فإن الظروف لن تسمح في هذه المرحلة الأولى من الشيوعية : إن حالة الندرة تشير إلى استمرار سيطرة الاقتصادي على الإنساني و بالتالي وجود قيد معين . إذا فإن تحقيق الشيوعية عندها لا يعني تطبيق ذلك المبدأ "لكل حسب حاجته" , بل فقط المساواة في الدخل أو المساواة في الظروف , الذي يصل إلى مستوى حصص متساوية من المؤونة أو حتى التوزيع عبر استخدام عملات مالية رمزية ( و هي ذات صلاحية محدودة و ذات وظيفة وحيدة لتوزيع المنتجات التي ليست نادرة بحيث أنه لا بد من حصحصة توزيعها بصرامة أو أنها ليست متوفرة بكثرة بحيث أنه يمكن الحصول عليها مباشرة ) – هذا النظام سيسمح للمستهلكين أن يقرروا بأنفسهم كيف سينفقون دخلهم . لقد تم تصور أن الناس قد يتبعون وصفة "لكل بحسب عمله" , آخذين بعين الاعتبار التخلف في التفكير في مواضيع معينة مرتبطة بأفكار التراتبية الهرمية – معتبرين إياها ضرورية للبقاء اعتمادا على معدلات أجور متفاوتة أو لإعطاء ميزات مثل التخفيض في ساعات العمل للحفاظ أو زيادة الإنتاج في نشاطات خاصة "دنيا" أو غير مرغوبة , أو لبلوغ أقصى طاقة إنتاجية أو أيضا لتوفير حركة قوى العمل . لكن أهمية هذه الاختلافات سيكون محدودا و حتى في أدنى مراحلها ( التي يسميها البعض بالاشتراكية ) فإن المجتمع الشيوعي يميل إلى أكثر ما يمكن من المساواة و أكثر ما يمكن من التماثل في الظروف .
و هكذا فالثورة – مستندة إلى قوة جماهير البروليتاريا عندما تقوم بتحرير الطبقة المستغلة فإنها تحرر كل الإنسانية ...(انتهى)
ووفقاً للمقال فان ثورة جماهير البروليتاريا بالنتيجة هي المحرر للإنسانية من المستغلين وسيكون المجتمع كله من طبقة البروليتاريا فقط بقيادة الحكومة والنقابات .. تصوروا هذا الهدوء القاتل .. هذا المجتمع الذي يرتدي لوناً واحداً ويردد الشعارات ذاتها كل يوم ويكون على رأس عمله كل صباح ويغادره الجميع أيضاً في ساعة واحدة ويطل عليهم عبر أجهزة تلفاز موحدة ( الزعيم الخالد قائد البروليتاريا ) ...تحت رفرفة علم البلاد ليتبارك الجميع بديكتاتور الديكتاتوريين ...؟ وهل العامل الإنسان البسيط خُلق ليكون مستبداً ، انه إنسان مثله مثل الآخرين ، ووصمه بالديكتاتور إهانة لإنسانيته .. والأجدر أن يوصف بالديمقراطي وعن طريقها يمكنه أن لايكون مُستَغلاً ، فالنقابات الحرّة التي لا تتبع السلطة هي قوية ومؤثرة لرفع الضيم والاستغلال عن أعضائها ، فالنقابات العمالية في الدول الرأسمالية أشد تأثيراً بسبب استقلاليتها عن سطوة السلطة وحريتها في اتخاذ القرار وبالأخص إعلان الإضراب كأداة ضغط على الحكومة للمطالبة بحقوق العمال بينما في نقابات الدول الاشتراكية التابعة لسطوة وإرادة القيادة الثورية فهي غير فاعلة وتكاد تكون صورية وليس بإمكانها دعم حقوق العمال بصورة مستقلة عن سياسة وسيادة الجكومة ... ولما كانت البروليتاريا ذات ثقافة ماركسية مادية وعلمانية فإن الحل التعسفي الديكتاتوري كوسيلة لنيل حقوق العمال هو عنف همجي لا يفرق عن الغزو الجاهلي والإسلامي ، وكان بالأحرى التوسل بسلاح سلمي حضاري يمكن عن طريقه حصول العمال على حقوقهم بعد وصول ممثليهم إلى السلطة التشريعية لإلزام الحكومات إقرار التشريعات والقوانين لصالح الطبقة العاملة المُستَغَلَة بواسطة ديمقراطية عصرية وعن طريق صناديق الاقتراع ونبذ الاستبداد والديكتاتورية وليكن الشعار ديمقراطية البروليتاريا الحضارية..؟