بعض إنجازات الإشتراكية في الوطن العربي (2)


يعقوب الساهي
2009 / 4 / 9 - 11:55     

" في البداية أهدي مقالي هذا الى أعز إنسان على قلبي واللذي بفضل تشجيعه لي أستسقي إلهامي لكتابة مقالاتي".

في مقال سابق وبنفس عنوان هذا المقال كنت قد تطرقت للكتابة عن التجربة الإشتراكية في مصر في الفترة الممتدة ما بين العام 1952 الى 1973.

وبناءً على طلب أحد أصدقائي المقرّبين فإني أصيغ لكم هذه السطور اللتي تبرز بريق لمعان التجربة اليمنية الإشتراكية في عصرها الذهبي ( أو هكذا أعتقد ) في فترة 1967 عندما كانت تسمى باليمن الجنوبي.

لنرجع أيها القراء بالزمن الى الوراء للتنقيب ما بين سطور تاريخ اليمن القديم ابان فترة الإحتلال البريطاني لها.

فاليمن كانت واقعة تحت ظلم الاحتلال البريطاني قرابة 129 عام , حيث كان هذا الإحتلال يمارس سياسة القمع ونهب الحريات ومصادرة الحقوق ونشر التخلف بين أبناء اليمن إضافة الى سياسة تغييب العقول في ظل غياب القانون و الوعي الإجتماعي و الثقافي.

و كان اليمن الجنوبي في تلك الآونه مقسمآ و مشتتآ الى حوالي عشرين سلطنه , وكانت هذه السلطنات تمارس النظام الاقطاعي كما في القرون الوسطى في اوروبا مما نتج عنه زيادة ثغرة التفرقه الإجتماعية و خلق نظام طبقي في المجتمع اليمني.

و في العام 1967 تحقق الاسقلال لليمن الجنوبي وباتت تسمى ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) كل هذا بفضل جهود الجبهه القومية اللتي تأثرت بالفكر الاشتراكي للرئيس المصري جمال عبدالناصر في إستراتيجية إدارته لعجلة الحكومة المصرية خلال فترة توليه الرئاسة , بالإضافة الى أن اليمن الجنوبي تمكن من تأسيس دولته المستقلة متخذآ من الإشتراكية العلمية أحد أهم أعمدتها القوية اللتي بنت عليه مجتمعها المتماسك آنذاك , ومن ثم تبنت الماركسية كفلسفة إقتصادية و فكرية ونظرية حيث ساهمت في صقل و نحت إيدولوجيتها الخاصة بها ,

كما إستطاعت أيضآ ان ترسم سياساتها الداخلية و الخارجية وفق ألوان إستراتيجية تمتزج مع اللوحة الفنية للإتحاد السوفيتي و اللذي كان في تلك الفترة كالحوت اللذي يسبح بين الأسماك الصغيرة , وبهذا أصبحت اليمن الجنوبي من أهم الحلفاء العرب للاتحاد السوفيتي , ويكفينا فخرآ باليمن الجنوبي زيادة على ما ذكرته أعلاه أنه قام في تلك الفترة بزرع بذور الإشتراكية العلمية في المجتمع و اللتي بدورها أثمرت مباديء العدل و المساواة الإجتماعية و إنهاء الإقطاع و النظام الطبقي , و من ثم قامت بتمية إقتصادها على النظام الإشتراكي متمثلآ في سن قوانين لتطوير القطاع الزراعي و زيادة الإنتاج و قد تحقق لها ذلك بالفعل , كما تمكنت من بناء جيش شعبي ثوري , وأنشأت تيار الحزب الإشتراكي اليمني و اللذي إستمر في حكم اليمن حتى عام 1990 وهو عام تحقيق الوحدة اليمنية ومن ثم شارك هذا التيار في بيت الحكم عام 1994م.