بطاقة حب إلى الحزب الشيوعي العراقي


صادق إطيمش
2009 / 3 / 30 - 10:32     

ومَن حبَك لاشاك.....
مثل عراقي يُطلق في كثير من الأحيان على تلك المواقف التي يريد بها البعض التحرش متعمداً ببعض الأصدقاء والأحبة ، ليس بقصد إثارة غضبهم فعلاً ، بل لمحاولة ، وقد تنجح هذه المحاولة او لا ، التطرق إلى ما لا يرغبون سماعه ، ولو بشكل بسيط ووقت قصير . فالقصد من هذا " التحرش أو الملاشاة " إذن هو ليس خلق جو من الغضب والنفرة بين ألأصدقاء الذين يحب بعضهم البعض فعلاً . حيث إن دليل المحبة بين المتحاورين هنا هو الإخلاص في الود وليس العكس .
إنطلاقاً من مفهوم هذا المثل العراقي رحت أُفسر كثيراً من المقالات وما جاء بها من آراء نقدية وتحليلات جوهرية للنتائج التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي بشكل خاص والقوى العلمانية العراقية الحقيقية ، وليس الدَّعية ، بشكل عام في الإنتخابات ألأخيرة التي جرت في أربعة عشر محافظة عراقية لإنتخاب مجالس المحافظات . وحينما نحتفل اليوم بميلاد حزب الشهداء الخالدين ، أقدم حزب سياسي على الساحة العراقية ، حزب النضال الوطني والأممي ، الحزب الشيوعي العراقي ، فلابد لنا من إستذكار بعض هذه الآراء التي أراد بها واضعوها تحديد وجهة بوصلة العمل الجماهيري لهذا الحزب المناضل أولاً وقبل كل شيء ، إنطلاقاً من حبهم لهذا الحزب وحرصاً منهم على مواصلة مسيرته النضالية الظافرة حتماً .
من المفيد التذكير هنا إلى أن بعض ما كُتب كان ينحى فعلاً منحى التشفي أو حتى الفرحة بهذه النتائج التي أحرزتها القوى العلمانية والحزب الشيوعي العراقي بشكل خاص . إلا أننا لا نعير لمثل هذه الآراء إهتماماً حيث أنها تنطلق من توجهات أكثر ما يمكن أن يُقال عنها بأنها تنبع من ذلك التوجه الشخصي الذي يبتعد بمسافات عن التوجه الوطني العام المخلص حقاً ، الذي سعى إليه البعض حين مناقشتهم لهذا الموضوع ، ومثل هذا التوجه الوطني المخلص هو الذي يهمنا في حديثنا هذا .
تطرقت بعض هذه المقالات إلى إيعاز فشل الحزب بالحصول على أصوات أكثر في هذه الإنتخابات إلى إحتفاضه بإسمه " الحزب الشيوعي العراقي " ونزوله إلى ألإنتخابات بهذا الإسم الذي ما زالت القوى الرجعية تعمل على إبرازه كبعبع يشكل مصدراً للخوف الذي تُصوره هذه القوى بإنه يتعلق بالدين والتراث والعلاقات الإجتماعية وغير ذلك من التضليل الفكري والإعلامي ضد الحزب الشيوعي العراقي وأفكاره ومبادءه ، هذا التضليل الذي نسمعه منذ تأسيس هذا الحزب المناضل والذي كانت تردده أبواق أجهزة الأمن السعيدية التي غذت به بدورها بعض القوى الدينية التي رددته على شكل فتاوى أثارت الفتنة بين أبناء الشعب العراقي ، ما لبثت أن إنقلبت إلى واقع قمعي مارسته البعثفاشية السوداء مستندة به على مثل هذه الفتاوى التي يتكرر بعضها اليوم ايضاً بأشكال صريحة أحياناً ومغطاة بشيئ من اللؤم السياسي في احيان اخرى . إن لوماً من هذا النوع قد ينطلق من تجارب بعض الأحزاب الشيوعية الأخرى في العالم كله ، وليس على المجال العربي فقط . إلا أن هذا المنطلق الذي يعتبر ألإسم فقط هو العامل الحاسم في الأمر لا يتفق مع كثير من المعطيات التي أفرزها هذا التغير بالنسبة للأحزاب التي أخذت به . هنالك احزاب عراقية دينية نحت هذا المنحى فعلاً ودخلت إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة بأسماء غير أسماءها التي عرفتها بها الجماهير ، كحزب الدعوة والتيار الصدري مثلاً . إلا أن هذه الأحزاب لم تعتمد على تغيير اسماءها فقط ، بل ولجأت إلى تبني برامج إنتخابية وطروحات جديدة ارادت بها تمييزها عن الأحزاب الدينية الأخرى وإعطاء صبغة العلمانية ، ولو شكلاً ، على هذه البرامج الإنتخابية . لقد نجحت هذه السياسة الإنتخابية التي لم ترتبط بتغيير الإسم فقط ، بل وبتغيير التوجهات التي جاءت بها إلى الناخبين والتي حرصت في إبرازها على ألإبتعاد عن توجهها الحزبي الديني المعروف عنها . إن مثل هذه الإنقلاب لا يمكن ان يقدم عليه حزب له جذوره السياسية ومبادءه الفكرية ونظريته المرشدة التي ناضل في سبيلها عقوداً من الزمن ، كالحزب الشيوعي العراقي ، الذي حرص طيلة وجوده على الساحة السياسية العراقية على ان يظل المدافع الثابت عن هذه المبادئ بوجه كل محاولات التشويش والتهميش والإنحراف ، مقدماً الشهداء الكثار والتضحيات الجمة من أجل ذلك . وما يقابل ذلك على الجانب الآخر وجود الحزب الشيوعي العراقي ضمن تحالفات برزت إلى الإنتخابات بإسم آخر ، إلا انها تضم الحزب الشيوعي العراقي في صفوفها ، ومع ذلك فإنها لم تحرز ألأصوات التي تؤهلها للمشاركة في مجالس المحافظات . إضافة إلى ذلك فإن مسألة تغيير الإسم لا ينبغي ان يُعوَل عليها كثيراً لوضع حد لتخرصات القوى الرجعية المعادية للشيوعية وأفكارها أساساً ، إذ أن هذه القوى سوف لن تكف عن وصف ممن ينضون تحت الإسم الجديد بالشيوعيين أيضاً لتبرير كل طروحاتها المتخلفة التي ترى في القوى العلمانية التقدمية الخطر الكبير على إنتشارها بين الجماهير . وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك في كثير من دول العالم .
كما عزى البعض الآخر فشل الحزب الشيوعي العراقي في الإنتخابات ألأخيرة بالحصول على أصوات تؤهله للمشاركة في مجالس المحافظات إلى نوعية التحالفات التي تم عقدها بين قوى يسميها هذا البعض بأنها غير معروفة على الساحة السياسية العراقية ، أو أقل ما يقال عنها بانها لا تلعب دوراً مؤثراً في هذه الساحة مما قلل من إهتمام الجماهير بمثل هذه التحالفات التي إعتبرتها بأنها سوف لن تستطيع التغيير وذلك بسبب عدم قدرتها على هذا التغيير سياسياً وجماهيرياً . قد يكون هذا الطرح الذي يحاول إبعاد الخلل عن الذات ووضعه في الغير صادقاً في منحاه العام ، إلا أنه لا يشكل ، من وجهة نظري ، العامل الحاسم في هذا الفشل الذي يجب ان يتناول نقد الذات اولاً قبل الغير .
كما تطرق بعضهم في ملاشاته هذه للحزب الشيوعي العراقي إلى أيعاز نتائج إنتخابات المحافظات إلى وقت البدء بتفعيل هذه التحالفات عموماً والبدء بالعمل الدعائي للإنتخابات على وجه التخصيص . لقد تم تحليل ذلك على ان الحملة الإنتخابية التي تبناها الحزب الشيوعي العراقي كانت غير موفقة وذلك بسبب ألتأخر في هذه الحملة ووقوفها على مسافات بعيدة زمنياً عن ألإستعدادات التي قامت بها القوى الأخرى . ويعتقد هؤلاء بأن حملة مدنيون إنطلقت في وقت متأخر جداً ، وعلى هذا الأساس فإنها لم تجد الوقت الكافي الذي كان يجب فيه ان تطرح نفسها كبديل واقعي عن القوى الدينية والقومية التي أثقلت كاهل الشعب والوطن بكل تصرفاتها بدءً من المليشيات العسكرية ، مروراً بالتخبط العام في سياسة الدولة التي ولدت الفساد الإداري على أقبح ما عرفه العراق في هذا المجال وانتهاءً بفقدان الهوية الوطنية العراقية التي وضعوا الهويات الدينية والعشائرية والمناطقية والقومية بدلاً عنها . قد تعكس هذه الملاشاة شيئاً من الحقيقة إذا ما رأينا حاجة الجماهير فعلاً إلى البديل التي ظلت تتنتظره طيلة السنوات الماضية التي تلت إنهيار البعثفاشية المقيتة ونظامها الجائر . إلا ان هذا البديل الذي حاول الحزب الشيوعي العراقي تقديمه لم يستطع الوصول إلى قناعات الناس بالرغم من تبنيه ما يتطلعون إليه من خلا ل برنامج توفرت فيه الأركان الأساسية المدروسة علمياً لتطلعات الجماهير ، وليست الموضوعة نظرياً للأغراض الدعائية فقط ، كما عمل البعض على ذلك .
أما المسالة الإعلامية فقد أخذت نصيبها أيضاً من الملاشاة والتي تركزت على جريدة " طريق الشعب " وعلى الموقع الإعلامي الألكتروني " الطريق " . لقد جاءت فكرة توجيه النقد هذه إلى الإعلام من خلال ما يُنشر على هذين الموقعين الإعلاميين باعتباره يعكس سياسة الحزب الشيوعي العراقي بوجه عام ، إلا أنه ، وخاصة ما ينشر على الموقع الألكتروني " الطريق " قد لا يتطابق مع رأي الحزب بالنسبة لبعض المقالات . وبالرغم من ذلك فإن القارئ المستمر لهذين المصدرين الإعلاميين للحزب قد لا يصعب عليه إثبات سياسة " عدم التحرش " بالأحزاب والكيانات السياسية الأخرى ، أو ما يسميه البعض " مغازلة " هذه الأحزاب والكيانات . وإن جرى التطرق إلى نقد بعض الظواهر السلبية في مماراسات اجهزة الدولة التي تشكل هذه الكيانات السياسية الغالبية العظمى منها ، فإن ذلك يتم بإسلوب يراه البعض خالياً من الحزم الثوري الذي يصب في أهمية تحقيق ما تتطلع إليه الناس في حياتها اليومية والحد من المعاناة في نقص المتطلبات الأساسية في هذه الحياة . إن ألإعتقاد السائد لدى الكثيرين ، وهو الواقع فعلاً ، بأن الحزب الشيوعي العراقي هو جزء من الحكومة القائمة الآن والحكومات الأخرى التي تلت سقوط البعثفاشية ، وضع الحزب في مواقف كانت تتطلب المزيد من الحزم والثورية ضد كثير من التصرفات والإجراءات الخاطئة التي قامت بها الأحزاب الدينية والقومية التي وجهت سياسة هذه الحكومات التي إنعكست سلباً على سمعة الحزب الشيوعي العراقي ، بالرغم من قناعة أعداء الحزب قبل أصدقاءه بأن الشيوعيين قد أثبتوا نزاهتهم والإخلاص الوطني المتفاني في عملهم سواءً كانوا داخل السلطة أو خارجها .
هذه بعض الأفكار التي سبق وأن طرحها بعض من يحرصون على مسيرة الحزب الشيوعي العراقي والتي يريدونها ان تكون الرائدة دوماً ، منبهين إلى بعض ما يعرقل هذه المسيرة او يحد من نشاطها بسبب كثير من العوامل الذاتية والموضوعية التي قد تؤثر على هذه المسيرة سلباً او إيجاباً . وقد كان موضوع إنتخابات المحافظات الأخيرة التي جاءت بنتائج لم تُرض محبو الحزب الشيوعي العراقي ، فإتخذ منها هذا البعض مناسبة لطرح الأفكار التي يعتقد بأنها أدت إلى هذه النتيجة داعياً إلى تكاتف الجهود ووحدة العمل لتجاوزها في المستقبل ، لاسيما وإن المناسبات القادمة ، والتي يمكن ان يُعوض بها الحزب ما فاته في المناسبات السابقة ، كثيرة ومؤاتية لعمل كهذا .
إلا أنه من الناحية ألأخرى فإن ألإنتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات لم تأت بنتائج سلبية فقط للقوى العلمانية على العموم وللحزب الشيوعي العراقي على وجه الخصوص ، إذا ما نظرنا إليها عبر منظار المصلحة الوطنية العليا وليس الحزبية فقط . لقد برزت في هذه الإنتخابات بعض الجوانب التي يمكن إعتبارها إيحابية جداً وتصب في تيار العمل السياسي الجاد الذي قدمه الحزب خلال السنين التي تلت سقوط البعثفاشية . إن مثل هذه الجوانب ألإيجابية قد تكون مُحفزاً للقوى المعادية للحزب وللفكر العلماني التقدمي بأن تحث السعي أكثر مما قامت به لحد الآن لعرقلة مسيرة القوى التقدمية بالعراق ولمحاربتها على مختلف الأصعدة . وهذ ما لا يمكن السماح بحدوثه أو السكوت عنه بأي شكل من الأشكال . وهنا تقع مسؤولية كل قوى الديمقراطية والتحرر بالعمل سوية مستقبلاً على تفعيل هذه الجوانب ألإيجابية بشكل أوسع على الساحة السياسية العراقية ، خدمة لتطور العملية السياسية بإتجاه الديمقراطية الحقة التي لا يمكن أن تقوم قائمة لوطننا بدونها .
إن أهم هذه الجوانب الإيجابية هو الجانب المتعلق بوجود الحزب اساساً على الساحة السياسية العراقية كاقدم حزب سياسي شهده العراق الحديث . لقد راهنت كثير من القوى السوداء على القضاء على هذا الحزب ووظفت مختلف وسائل القمع والمطاردة والإرهاب والتنكيل بإعضاء وأصدقاء ومناصري الحزب الشيوعي العراقي وعلى مر العقود التسعة الأخيرة من تاريخ العراق الجديد . فلم تستطع الإجراءات القمعية الملكية وأجهزتها الأمنية ، ولا التكتل الرجعي الذي لجأ إلى الفتاوى الدينية ضد الحزب الشيوعي العراقي أيام الحكم الوطني بعد ثورة الرابع عشر من تموز ، ولا جرائم البعثفاشية ضد الشيوعيين العراقيين واصدقاءهم خلال وبعد إنقلابها في شباط الأسود بكل ما تميزت به من وحشية خلال عقود سيطرتها على سياسة الوطن لما يقارب الأربعة عقود من الزمن ، ولا الحملات الدعائية التي كثرت ضد الحزب الشيوعي العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري والتي جاء قسم منها على شكل فتاوى دينية مرة أخرى ، لم تستطع كل هذه الإجراءات القمعية ان تنال من وجود هذا الحزب العتيد الذي اثبت بأن جذوره تمتد عميقاً في المجتمع العراقي بكل أطيافه وقومياته ، حتى بات الجو السياسي العراقي لا يكتمل دون ان يكون لهذا الحزب دوراً على الساحة السياسية العراقية كبُر هذا الدور أو صغر .
كما أظهرت الدعاية الإنتخابية لإنتخابات مجالس المحافظات بأن مرشحي الحزب الشيوعي العراقي والقوى المؤتلفة معه كانوا من النساء والرجال المؤهلين فعلاً لمثل هذه المهمات بما يمتلكونه من وعي سياسي وثقافة وموقع إجتماعي ونزاهة شهد لهم فيها الأعداء قبل الإصدقاء . إن خروج هذه المجموعة من النساء والرجال ووقوفهم موقف الند للند ، رغم الإمكانيات القليلة المتاحة لهم في عملية إنتخابية كهذه ، امام كل أولئك الذين سخروا أموال الدولة وأموال المؤسسات التي كانوا يديرونها لدعاياتهم الإنتخابية التي صرفوا عليها الملايين من الدولارات بغية أيصال ممثليهم إلى مجالس المحافظات ، رغم كل النعوت والأوصاف السيئة التي إلتصقت بغالبية هؤلاء الممثلين . لقد أثبتت القوى العلمانية العراقية ومن ضمنها الحزب الشيوعي العراقي بإن حملات الإقصاء والملاحقات وحرق المقرات ونشر الفكر المتخلف والتضييق على الدعاية الإنتخابية والدعايات المغرضة الكاذبة والفتاوى الدينية ضد الشيوعيين العراقيين والكثير الكثير من الإجراءات اللاقانونية واللاإنسانية التي مارستها بعض القوى ضد القوى العلمانية عموماً وضد الحزب الشيوعي العراقي خاصة ، لن تجدي نفعاً أمام صمود هذا الحزب وتفاني العاملين معه وفي صفوفه من الأصدقاء والأعضاء لرفع راية الوطن عالياً ، وليس غير راية الوطن ، التي أرادت لها قوى الظلام ان تنتكس أو تتخاذل امام عواصف الطائفية والإقليمية والقومية الضيقة والعشائرية . فالحزب الذي لم تستطع كل الوسائل القمعية التي تعرض لها خلال الخمس وسبعين سنة الماضية أن تنال منه ومن فكره ومن وجوده على الساحة السياسية العراقية دوماً ، سيواصل وجوده الفعال على هذه الساحة رغم أنف كل أعداءه وأعداء أفكاره ألإنسانية النيرة .
كما أفرزت هذه ألإنتخابات ملاحظة أيجابية أخرى تتعلق بسير الإنتخابات أولاً وبطبيعة المشاركة بها ثانياً
لقد لاحظ كثير من المراقبين الدوليين والمحليين بأن الإنتهاكات والمخالفات التي رافقت إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة كانت أقل بكثير مما حدث في الإنتخابات البرلمانية التي سبقتها ، بالرغم من إصرار بعض القوى ضمن جبهة احزاب الإسلام السياسي ومحاولاتها على سلوك نفس الطرق والأساليب الملتوية التي سلكتها في الإنتخابات الماضية ، والتي أصبحت خبيرة في هذا المجال، للحصول على أصوات الناخبين كشراء الأصوات الإنتخابية مثلاً وربط بائع الصوت بقَسَم اليمين الديني على أن لا يتنخب غير القائمة التي إشترت صوته .
إن التراجع الملحوظ في الإنتهاكات والمخالفات الإنتخابية ما هو إلا مؤشر إيجابي للتطور المستقبلي الأحسن لسير الإنتخابات القادمة والذي نرجو له ان يتحقق بشكل نوعي افضل . وما على القوى العلمانية عموماً والحزب الشيوعي العراقي على وجه الخصوص إلا أن تحث السير نحو التأكيد على اهمية النزاهة وتطبيق القانون في العمليات الإنتخابة القادمة بغية ترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقة التي لا زال وطننا يحبو نحوها بجهد جهيد ، إلا أنه سيصل الهدف لا محالة بفضل صمود ودأب بناته وأبناءه من القوى المؤمنة بهذا الهدف النبيل .
اما طبيعة المشاركة في إنتخابات مجالس المحافظات فقد تبلور عنها تطور في الحس الإنتخابي الذي وظفه الناخب العراقي ، وبشكل عام ، نحو ألإيعاز لأولئك الذين أثروا على حساب الشعب والذين ساهموا بتعطيل الخدمات والذين جيشوا المليشيات والذين تستروا على الفساد الإداري والذين أرهبوا الناس بطروحاتهم وأفكارهم المتخلفة من أعداء دولة القانون والذين حاولوا إستغلال المشاعر الدينية لدى الناس أسوأ إستغلال وتوظيف الدين والمرجعيات الدينية للإستمرار في تسلطهم على رقاب الناس وتحكمهم بأمورهم وسرقتهم لأموال الشعب ، تجاه كل هؤلاء وضع كثير من الناخبين العراقيين علامة الرفض أمام قوائمهم وأسمائهم ، فتلقوا الضربة الصاعقة التي لم يخفف من ألمها حتى إلتفافهم على النتائج الإنتخابية في بعض المحافظات واللجوء إلى خلق الجبهات السياسية التي قد تساعدهم على التسلط على رقاب الناس مرة أخرى . وهنا يجب على القوى المؤمنة بالديمقراطية حقاً والساعية إلى تحقيقها ، والحزب الشيوعي العراقي يتحمل قسطاً كبيراً في ذلك ، أن تعمل على كشف هذه المحاولات ونشرها بين الناس كي يرصدوا تصرفات هذه القوى ولكي يعملوا على عرقلتها وإفشالها . إذ ان عودة هذه القوى إلى مراكزها السابقة التي تبوأتها في السنين الست الماضية سيعني إستمراراً للكوارث السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية في وطننا.
وأخيراً فإن بطاقة الحب والتهنئة هذه بالعيد الخامس والسبعين لميلاد أقدم حزب سياسي بالعراق ، حزب الشهداء والمناضلين الذي رافق مسيرة الوطن منذ خطواتنها الأولى وتحمل كل أنواع المتاعب بسببها ، والذي لم يرفع راية غير راية الوطن بكل مكونات فسيفساءه الجميل ، الحزب الذي سيظل دوماً مستنيراً بالفكر التقدمي الثوري الذي لا يسعى إلا لحرية الوطن وسعادة الشعب ، إن بطاقة الحب هذه وإن حملت بعض الشجون في مناسبة سعيدة كهذه على قلب كل عراقي وطني لا يستطيع إلا أن يرى ويلمس ويعيش كل ما قدمه الحزب الشيوعي العراقي لهذا الوطن ، فإنها شجون لا تتعدى ملاشاة الحب فعلاً .