يبقى الشعب العراقي يمد الحركة الشيوعية بخيرة ابنائه ليزدهر بنضالاتها وتضحياتها حتى التحرر والمساهمة في تحرير البشرية


سعاد خيري
2009 / 3 / 19 - 10:21     

شعر الشعب العراقي بحاجته الملحة لقيادة سياسية مسلحة بالنظرية الثورية والقادرة على تغيير واقعه المظلم في ظل الاحتلال البريطاني وتهالك ادواته في تنفيذ كل مخططاته، في نهب خيرات الوطن واحكام تخلفه. فاحتضن البذور الشيوعية التي تنورت بالفكر الثوري وامدها بخيرة ابنائه وحماها من بطش قوات الاحتلال وادواتها البوليسية . فجاء تاسيس الحزب الشيوعي العراقي عام 1934، كضرورة موضوعية لشعبنا بكل فئاته الوطنية ولاسيما طبقته العاملة الفتية. وخبر شعبنا عبر تاريخه المعاصر دور الشيوعيين في نضاله الطبقي والوطني والاممي خلال خمسة وسبعين عاما عاصفة بما حملته الامبريالية العالمية للبشرية عموما من حروب وكوارث في صراعها من اجل الهيمنة. وتحمل شعبنا خلالها القسط الاوفر بسبب غنى ثوراته وموقعه الاستراتيجي. وكأي كيان حي نمى الحزب الشيوعي العراقي وتطور واغتنى بالتجارب وتعرض لضربات موجعة ولاسيما في فقده لقيادته المجربة لمرات عديدة بدءا بقيادة فهد ثم سلام عادل وابادة الالاف من كوادره فضلا عن الحرب الايديولوجية المدججة بكل ما ابتكرته معاهد مكافحة الشيوعية ووسائل الاعلام الجبارة والمتنوعة وكل اسلحة تحطيم الارادة وكرامة الانسان من سجون وتعذيب وقتل واغتصاب فضلا عن اساليب الاغراء وشراء الضمائر بالمال والمناصب. نعم تحمل الشيوعيون العراقيون كل هذه الوسائل والاساليب وبقي الحزب الشيوعي حيا ولكن ليس بدون تصدعات وبدون اخطاء ساهمت في تعميق معاناة شعبنا. فقد كان دوره طليعيا في الكثير من معارك شعبنا ضد الاحتلال البريطاني وتحطيم ادواته من حكومات مغالية في التبعية ومعاهدات واحلاف عسكرية تشرك الامبريالية الامريكية في الهيمنة على بلادنا وصولا الى تحقيق اكبر نصر تاريخي في ثورة 14/تموز/1958 . فوجهت الامبريالية الامريكية ضربتها القاصمة للحزب الشوعي العراقي من خلال البيان رقم 13 لابادة الشيوعين لذي نفذه انقلابيو شباط 1963، ليس في ابادة قيادته فقط، بل والالاف من كوادره ، الامر الذي اضعفه وسهل اختراقه والتاثير على سياسته .
ولم يستطع الحزب الشيوعي العراقي بعد ذلك اسوة بالحركة الشيوعية العالمية مواجهة كل تلك الضغوطات ومتابعة متطلبات العصر من تطور في النظرية واساليب الكفاح ووسائله. فانهار الاتحاد السوفيتي ومعه الحركة الشيوعية العالمية وتخلت كثير من الاحزاب الشيوعية عن اسمها في حين احتفظ اخرون، ومنها الحزب الشيوعي العراقي باسمها لتعلق شعوبها بتاريخ هذه الاحزاب ودورها في كل ما انجزته في تاريخها المعاصر، رغم عدم قدرتها على مواكبة متطلبات العصر . فكثرت الانشقاقات وكثرت الكتل والمنظمات التي تحمل اسم الحزب الشيوعي دون ان يعمل معظمها على طلاق طاقات الجماهير مصدر قوتها وجدارتها ولتكن محورا لوحدة الحركة الشيوعية بل انشغل معظمها بالصراع على زعامة الحركة الشيوعية والتفرد فيها، من خلال تشويه المنظمات الشيوعية الاخرى مقدمة اكبر الخدمات لاعداء شعبنا في اضعاف ثقته بالشيوعيين عموما. كما استغلت قوات الاحتلال هذه الظاهرة وتمسك الجماهير باسم الشيوعية الى خلق العديد من المنظمات التي تتخذ اسم الشيوعية لتشويهه بما تقترفه من جرائم بحق الوطن والشعب وما تمارسه من موبقات، لحرمان الجماهير من قيادتها السياسية المسلحة بالنظرية الثورية ومنهجها المادي الديالكتيكي. في حين راح الكثير من كانوا شيوعيين واستسلموا لليأس تحت ضغط الظروف الصعبة التي تمر بها عموم البشرية وخاصة شعبنا، فاصبحوا لا ينظرون الى الشيوعية بمنظار علمي مادي ديالكتيكي باعتبارها مباديء تسلح الانسان بوعي وطاقات جبارة وتتحول الى قوة مادية بتحريك الجماهير، وانما الى دمغة ازلية تلتصق بالانسان حتى وان تخلى عن كل مبادئها وممارساتها . دون ادراك ان الشيوعي كاي انسان خاضع للواقع الموضوعي ويتأثر به طبقيا وسايكولوجيا ويتغير موقعه ومواقفه وفقا لمتطلبات ذلك ولاسيما في المنعطفات التي تمر بها البشرية عموما وشعبنا خصوصا. ويبقون على تسمية من تغير موقعه الطبقي وموقفه السياسي وسلوكه العام، بالشيوعي، لانه انتمى للحزب الشيوعي يوما ما او مازال ينتمي واحتل موقعا متقدما في قيادته واجترح البطولات في فترة ما. انهم بذلك ارادوا ام لم يردوا يشوهون لقب الشيوعي والشيوعية عموما ويقدمون خدمة مجانية لاعداء الشيوعية .
ان على من يحرص على مصالح شعبنا والبشرية عموما ان لا يفقد الثقة بالحركة الشيوعية الوطنية والعالمية وبقدرة شعبنا على مد حركتنا بخيرة ابنائه وما عليه سوى ان يقدم المثل للشيوعي الحقيقي الرائد والطليعي فكرا وممارسة طبقيا ووطنيا وامميا وليكن محورا لتجميع الحركة الشيوعية وقائدا للنضال الجماهيري لا بوقا لتشويه الشيوعية وبث اليأس بما يطلقه من زفرات وحسرات على الحزب الشيوعي العراقي . ان عقد الشيوعيين لا ينفرط حتى في اقسى ظروف الارهاب والغربة، ووحدتهم اليوم ضرورة تاريخية ملحة اكثر من أي وقت مضى . ولم يضيع الشيوعيون احدهم الاخر حتى في يومنا هذا فقد تمتعت بلقائهم اينما كنت، على ارض الوطن وفي السجون وفي الغربة، منذ انتمائي للحزب الشيوعي العراقي عام 1948، ويبقى اجمل لقاءاتهم في ذكرى ميلاد حركتهم وافضلها في سوح النضال الجماهيري اينما تواجدوا ولاسيما على ارض الوطن، من اجل تحرير شعبهم والمساهمة بتحرير البشرية.