كارل ماركس, مثير دائما


حامد السهيل
2009 / 3 / 16 - 09:21     

نوماس كوسينسكى, شيخ المنظرين الماركسيين فى المانيا الديمقراطيه سابقا
اراء اليسار حول الازمه الاقتصاديه الراهنه . المراهنه على الدولار , وصعوبة شراء الكتب
توماس كوسينسكى " 64 عاما" ترعرع مع " كارل ماركس", ذلك ان والده " يورغن كوسنيسكى " الاقتصادى الماركسى " كان معروفا ليس فى المانيا الديمقراطيه وانما عالميا. لقد سار الابن على خطى ابيه, درس الاقتصاد, وكان موضوع اطروحة الدكتوراه حول الازمه الاقتصاديه العالميه فى الثلاثينيات. كان اخر مدير معهد التاريخ الاقتصادى للآكاديمية العلوم فى المانيا الديمقلراطيه. يعيش اليوم فى احد البيوت المتواضعه فى برلين, ويعمل على اصدار طبعه دراسيه جديده"لرأسمال كارل ماركس". يقف بشكل منتطم على خشبة المسرح فى نص مسرحى حول "الرأسمال" , وكان اجر عرض له فى رومانيا.
اجرت جريدة" جنوب المانيا" الليبراليه الواسعة الانتشار معه هذه المقابله بتاريخ 12 . 12 .2008 , هذا نصها.
الجريده :السيد كوسينيسكى, دعنا نتكلم عن النقود. ماهى علاقتك بهذاالطاغوت ؟ كوسينيسكى : كما تعلم فأن النقود ضروريه كضرورة الجلوس على مقعد التواليت ,
فى هذا العالم لا يستطيع المرء الاستمرار يدون نقود, ولكنى لا اجد فىالجلوس على مقعد التواليت بصوره دائمه عمل طموح.
الجريده : هل حصل وقامرت فى العمله؟
كوسينيسكى : بعد حصولى على "الارث" بدأ العمل باليورو, قلت لنفسى ان لا احول ما عندى الى اليورو, وودعدت المال الذى املكه فى حساب بالدولار, وعند تحويل الدولار الى اليورو حصلت على ربح بنسبة 40 %. انى اعرف كيف يتم ذلك, ولكن هذا لا يثير اهتمامى.
الجريده: عالم وداعيه للماركسيه ينشط كرأسمالى؟
كوسينيسكى: لايمكن النجاح فى عالم الاعمال مع الشعور بتأنيب الضمير, وكما تعلم فأنا لم اقم بهذه الصفقه بتكوين فائض قيمه, وانما شاركت فى عملبة تقسيم لفاض القبمه الذىينتجه العمال والذى يسرق منهم منذ زمن طويل. ان هذا يختلف, ولا ادعى, بأن ما قمت به يمثل اعلى مراتب الشرف التى يمكن للمرء القيام بها فى المجتمع, ولكن ربما تحسب على الاعمال الاقل قذاره.
الجريده: هل رأيت >توقعت" الازمه الماليه مسبقا؟
وسينيسكى: على ان الفقاعه سوف تنفجر, كان هذا واضحالكل شخص ما زال يمتلك القدره على التفكير الاقتصادى الواقعى, ولابسط الاسباب, ذلك ان جميع عمليات القروض كانت ترمى لتغطية البون الشاسع بين"فائض الانتاج" الانتاج المتراكمالمعروض والقدره غلى الدفع من جانب الطلب.
الجريده: كان موضوع اطروحتك للدكتوراه" الازمه الاقتصاديه العالميه", هل هناك متوازيات؟
كوسينيسكى : ان الانهيار الكبير للبنك حصل فى المانيا بعد سنتين من بدأ الازمه الكبيرهوفى عام 1931 , اما فى الولايات المتحده الامريكيهفقد حصل فى عام 1933 , ولذلك فأن المتوازيات ليست بهذه البساطه. انه من الصعوبه بمكان توقع ما يمكنيلحق وما يمكن حدوثه. هناك توقعات سوداويه واخرى برى الافق الفضى يسطع فى الفضاء. انى ارى هنا المتوازيات مع الازمه الاقتصاديه العالميه: كل ما نحتاجه قراءة ما كتبه اغلب المعاصرين عن انهيار البورصه عام 1929 : فى شهر نوفمبر من سنة 1929 , وبعد شهرين من الازمه, بدأ التوقعات, الان تبدأ المسيره الى الامام. ان اطلاق التوقعات لا يختلف عن القراءه فى فنجان القهوه.
الجريده : كيف تعايش الازمه ؟
كوسينيسكى : بمشاعر مختلفه, ذلك هن مجمل الاوضاع غير واضحه, عدا ذلك فأن الازمه تؤدى الى تردى قبل كل شىء الى تردى اوضاع الغالبيه من العاملين, وانها لاتقبل الترحيب من اى شخص, علما بأن الحاله من سمات القوانين الطبيعيه لدورة الازمات.
الجريده : كيف يبدو ايقاع دورة الازمات؟
كوسينيسكى : تمثل الازمه نقطة الانطلاق, يلحقها الهبوط "الانكماش,التقلص,دبرشن" ,
فالتحرك الى الامام, ثم الانتعاش والى تعاطم وتائر الانتعاش "الفوران" ثم الى الازمه ثانية. ان هذه العمليه متكرره,ولكن لها مسارات متنوعه وهذا ما يجعل التنبؤ فى غاية الصعوبه.
الجريده : لماذا تأخذ الازمه منحى القانون الطبيعى, فى حين ان الاقتصاد من نتاج البشر؟
كوسينيسكى : هذا صحيح, ان ابشر يصنعون تاريخهم, الا ان ذلك يتم فى اوضاع تم تكويلعا وصياغتها مسبقا. ان "الدوره" ساريه, هذا ما نعرفه منذ ماركس.انه ن غير المعقول ان نتصور, ان الازمه النقديهكان ممكنا تفاديها, لو كان المدراء العامون للبنوك اقل طمعا, لو لم يكونوا شرهين كما كانوا. ان مختلف انواع البنوك تعيش حالة فى غاية الصعوبه وذلك بسبب القروض الفاسده . لو لم يتقبل المدراء القروض الفاسده والعمل بها, بيعها الى بنوك اخرى وعملاء اخرين, ستكون نسبة الارباح صغيره مما يدعو المساهمين الى الهروب منهم.
الجريده : حاليا نتم العمل لوضع قواعد جديده لعمل الاسواق الماليه. هل يمكن الامل بأوضاع صحيه افضل ؟
كوسينيسكى : بالتأكيد, من الممكن وضع قواعد جديده للتعامل فى الاسواق الماليه والتى ستعمل لبضع سنوات , فى احسن الاحوال, لبضعة عشرات من السنين,وانا بدورى اؤكد على ما قاله لينين والذى اعتبره السياسى الواقعى الاكثر اهميه فى القرن الماضى ,حين قال: ان البرجوازيه لا تعرف ولاتتعامل مع اوضاع لا حلول لها.
الجريده :لا تنسى فى تقييمك لينين النتائج الفضيعه للسياسه الاشتراكبه لدكتاتورية الدولهعلى البشريه والتى بدأت مع لينين واستمرت مع ستالين.
كوسينيسكى :بدأ لينين فى البناء العملى للاشتراكيه ,اما ستالين فى متابعته لمسيرة لينين فقد اقترف اخطاءا كثيره. من منا لا يعمل اخطاءا. لقد كان ستالين مجرما .
الجريده :هل يقييم السياسيون الازمه بشكل صحيح ؟
كوسينيسكى : اعتقد بأن الذين يطورون القواعد الجديده, ان حجم الفقاعه التى لم تنفجر بعد, ليست فى اطار اهتماماتهم اساسا.
الجريده : ماذا تعنى ؟
كوسينيسكى : اعنى بأن الاموال التى خصصتها الدول لانقاذ البنوك اخذت حجوما غير قابله لتصورات الناس العاديين. ومع ذلك فأن هذه الاموال تكاد ان تكون شيا بسيطا مقارنة
ب 50 بليون دولار للقروض الفاسده, اى قروض التأمينات التى تدور فى الرووس. حينما تنفجر الفقاعه فأن القواعد الجديده المنظمه للاسواق الماليه ستكون اوراق مهمله وكلام فارغ. الجريده : يقرأ الناس حاليا"الرأسمال" لكارل ماركس بعدما كان لفتره طويله "يحرس المكتبات" . هل يصلح ماركس لقضايا عصرنا؟
كوسينيسكى : نعم, لم تكن رغبة ماركس وهدفه اصلاح الرأسماليه, وانما القضاء عليعا كنظام.
الجريده :هذا يعنى بأن الماركسيه لا تصلح لقضايا عصرنا ابدا؟
كوسينيسكى :ان عوالم تقع بين ماركس والماركسيه. ان ماركس مثير, منعش دائما, خاصة بالنسبه لهؤلاء الذين يهدفون تجديدا جذريا للاقتصاد العالمى ولا يقتنعون بالوصفات لمعالجة ما يطوف على السطح. ان "الرأسمال" وبكل تأكيدعملا علميا وليس كتاب للطبخ تقتبس منه وصفات لها القدره غلى تجديد الاقتصاد العالمى.
الجريده : لقد عايشت " واقع الاشتراكيه" وتعيش الان فى نظام رأسمالى. هل بأمكانك تصور نظام اقتصادى اخر؟
كوسينيسكى : ان مثل هذا التصور يرتبط بالطرق الجديده التى منشأنها بناء نظام اقتصادى عادل. ولكن لهذه الطرق الجديده يسرى المثل الاسبانى القديم :لايوجد غير الطريق الذى يسير المرء فيه. من اجل تحقيق منهج متكامل, يجب قبل كل شىء ان يقتنع به البشر, وهذا يحتاجالى الوقت, ونحن بكل تأكيد بعيدين عنه باميال كثيره.
الجريده :هل توجد بدايات واين ؟
كوسينيسكى :من خلال المعايشه بات لنا واضحا ان " الاتاك " قد قطعت جزءا مهما من الطريق وبكل الوسئل الارضيه الممكنه, بالاضافه الى" التجمع الاجتماعى اعالمى" لم يستطيعى تحقيق الاهداف التى كان يأمل بها المرء. انى لا الوم او انتقد احد. كانت > التاك "حركه جديره بالاهتمام, ولكنها علد نقطه معيته قد اخفقت. ولكن كما يؤكد احد الرفاق القدماء "تيودور برغمان" , " ثم نبدأ ثانيه من جديد".
الجريده : متى بدى لك واضحا ان التطور المجتمعى فى المانيا الديمقراطيه يسير فى طريق
مغلق ؟
كسينيسكى : ان المانيا الديمقراطيه لم تنتهى فى طريق مغلق, وانما بفعل الضغوط التى كانت تمارس من الخارج والصغوبات العديده التى كانت قائمه, هذا بالاضافه الى الاخطاءالكثيره جداالتى حدثت ومورست, كان هذا باديا للجميع وكان يراه كل من لغ عين فى هذا المجتمع. الا ان تنهار مبيت من الكارتون, لم يكن ذلك متوقعا من اى شخص.
الجريده : كنتم اخر مدير لمعهد تاريخ الاقتصاد فى اكادمية العلوم فى المانيا الديمقراطيه والذى اغلق فى عام 1991 . كيف كان تأثير العطاله الللاحقه عليكم ؟
كوسينيسكى : كانت العطاله حالة مترفه مقارلة بالاوضاع الحاليه, حيث كانت بدلات العطاله جيده كما وانها استمرت لفترة طويله, اما اليوم, وبعد العمل بنظام "هارتس 4 " فقد تغيرت الحاله تماما .
الجريده : كم كان راتبك الشهرى حينما كنت مديرا لمعهد التاريخ الاقتصادى ايام المانيا
الديمقراطيه ؟
كوسينيسكى : ربما 3000 مارك شهريا ولم املك اتذاك سياره, وكنت اجيب على الاسئله بهذا الخصوص, ان سيارتى الفولفو تركن فى الرفوف, لقد صرفت كل راتبى غلى شراء الكتب.
الجريده : كم تشترى منها حاليا ؟
كوسينيسكى : لم يعد شراء حقيقى للكتب ممكنا, وذلك لغدم توفر المال الازم. , وكل ما استطيع تحقيقه شراء المجموعه الشامله ل "ماركس / انكليز ". انه من حسن الحظ ان يصدر منها سنويا جظئين فقط. انى لا اميل الى الشكوى. ان كل شخص يعيش وفقا لاوليات يضعها لنفسه . انى افضل اعمل لاصدار طبعه دراسيه "لرأسمال" و التى لا تدر على درهما واحدا , واكتفى بالقدر القليل من الالتزامات البحثيه التى احصل عنها الكثير من المال , ولذلك فأنا لا استطيع شراء الا النذر القليل من الكتب.انه قرار وهو يستخلص من قرارات اخرى. لقد اكد العتيد "غوته" , انك فى خطوتك الاولى سيدا, وفى الخطوه الثانيه عبدا لخطوتك الثانيه".
هكذا هى الامور.
الجريده : انك تقدم مع ثمانيه ممثلين اخرين سيرة حياتك الذاتيه فى عمل مسرحى حول "الرأسمال" على المسرح. هل كنت مستعدا للمشاركه بهذا العمل مباشرة ؟
كوسينيسكى : كانت هذه فكرة مجنونه ( جديده ) والتى كان على سماعها اولا, ان كلمة
"مجنونه" لها وقع ومعنىخاص لى. احمل فى جوانحىالكثير للاشياء الجديده, واعنى ب1لك, ان علينا ان نحرك الاشياء, وان نغير ونحرك انفسنا ايضا, وذلك من اجل ان نتوصل الى افكار ومواقف جديده. فى هذا الاطار ان "الجنون" , التجديد , له موقع ايجابى عندى.

ترجمة : د . حامد السهيل باحث واكاديمى عراقى مقيم فى بون/ المانيا الغربيه