المسيحية في خدمة الإشتراكية


جهاد علاونه
2009 / 2 / 14 - 09:34     

حين أراد المسيحيون العرب أن يبشروا بالمسيح البشارة , حاولوا التقليل من أهمية التراث العربي الإسلامي , وإن لم يكن هذا مقصدهم فإنه كان هو التحصيل الحاصل الذي حصل , ولكن ماذا كانت النتائج؟
كانت النتيجة أن إستجاب الغالبية العُظمى من المتنورين العرب لآراء المسيحيين التبشيريين , ولكنهم بدل أن يتجهوا إلى المسيحية إتجهوا إلى الشيوعية والإشتراكية والماركسية , وكان يريد التبشيرييون تقليل أهمية التراث والدين الإسلامي وإقناع المسلمين من أن محمد ليس نبيا لا هو ولا موسى وأن تاريخهم هو تاريخ مادي الصنع , فإستجاب المتنورون العرب لآرائهم ولكنهم كما قلتُ لم يتجهوا للمسيحية بل للشيوعية وللماركسية وللإشتراكية .

ولقد كان لغالبية المفكرين المسيحيين هموم ثقافية وقومية عربية وكانوا يفكرون ويسألون على هذا النحو :
نحن كعرب في وطن لا يسمح لنا بمواجهة التحديات الفكرية والإقتصادية والعسكرية وفي كافة المجالات إطلاقا , لأننا لا نصغي للغة الواقع الحسي بل ننظر للماضي, وننتظرُ الأموات أن يفيقوا من قبورهم لكي يعلموننا كيف ننهض؟

كيف ننهضُ ؟!....
والناسُ هنا ينظرون لنا كغرباء عنهم , وكانت هذه النظرة والأحاسيس هي التي أدت إلى توليد فكرة القومية العربية بدل القومية الإسلامية .

وهذه الغشاوة تغطي على أعيننا !!!من كتب التراث التي تقمعُ الكتاب المعاصر ..., كيف نتحول من أمة مغعول بها إلى أمة فاعلة(علة فاعلة) , تفعلُ فعلها .
كيف نتحول ُ من وهم الماضي إلى حقيقة الحاضرلنفيق لى أنفسنا ؟

لقد خدمة المسيحية الإشتراكية والشيوعية ببراعة منها عن غير قصد والذين حاولوا تصدير النظريات المادية التاريخية من أجل إسقاطها على التاريخ الإسلامي لم يكن بحسابهم أن هذا الإسقاطُ سيطال أيضا التاريخ المسيحي وسينظر للرب لى أنه ثقافة زراعية تاريخية وهمية أنتجتها الحضارة الزراعية .
لقد خدمت المسيحية التبشيرية القوى الإشتراكية وهم المسيحيون والأقباط هم أول منم تحدث عن النظريات القومية قبل الإشتراكية وذلك من أجل تخليص أنفسهم من نظرة المسلمين لهم على أنهم جسم غريب في الوطن العربي الإسلامي .
نعم, لقد حاول المسيحيون وكانوا ناجحين بجدارة , من توجيه الأنظار إلى التراث العربي وإلى الإرث العربي قبل الإرث الإسلامي ومن تحويل الأنظار من القومية الإسلامية إلى القومية العربية , ونادوا بدولة بني أمية ومجدوها لأنها تعتز بالعرق العربي الأصيل .
ولكن هذه التوجهات بقيت محصورة بين العلمانيين والليبراليين العلمانيين وكذلك بينهم وبين الإشتراكيين من جهة أخرى , والمهم في الموضوع ان المثقف العربي المسلم إتجه إلى الفكر الإشتراكي والليبرالي بدل المسيحي.

أما في مصر فإنهم نجحوا في تحويل الأنظار عن التراث الإسلامي عند بعض المثقفين ولكن الدولة وسياستها في مصر لم تنظر للإرث (القبطي ) بل نظرت للإرث الفرعوني السابق على الإرث المسيحي , ولكن يبقى الأقباط هم المصريون الأقحاف في هذه اللحظة .

زد على ذلك أن حملات التطهير والإبادة الجماعية الأرمنية في الأرمن بين المسيحيين وبين الأتراك كانت الشرارة الأولى لإنطلاقة حمللات عثمانية ضد المسيحية , وهي التي أدت إلى ملاحقة المسيحيين العرب بداية في لبنان وسوريا وها هو الذي عمل أو أدى إلى هروب المسيحيين من بلاد الشام إلى القاهرة , وبداية عصر التنوير العربي الحديث على أيدي المسيحيين .
دائما المسيحية تخدم العرب ولكن دائما ما تأتي النتائج على عكس توقعات المسيحيين الأفاضل .