علاقة الشكل بالمحتوى في تغير المسميات الشيوعية


جورج حزبون
2008 / 12 / 20 - 09:34     


في قراءة عبر الحوار المتمدن اطلعت على المناقشات الجارية حول تغيير اسم الحزب الشيوعي السوداني ، وذكرني ذلك تماما بما جرى عندنا في فلسطين، حين جرى في مطلع التسعينيات عملية تغيير اسم الحزب الشيوعي الفلسطيني بعد حوالي عقد فقط من تثبيت الاسم الوطني للحزب ، فقد بدا الشيوعيون الفلسطينيون نضالهم تحت اسم "عصبة التحرر الوطني" ثم الحزب الشيوعي الأردني بعد ضم الضفة الغربية إلى الأردن ، وهي الجزء الذي تبقى من أراضي فلسطين بعد حرب 48 ن واتخذت اسم الضفة الغربية على اعتبار أن لنهر الأردن ضفتان ن واستمرت التسمية حتى اليوم؟؟ وبعد عام 1967 توقف التعامل باسم الحزب الشيوعي الأردني واستبدلت جريدته السرية (التقدم) بجريدة( الوطن )والتي حملت عنوان "جبهة النضال لتصفية آثار العدوان" وظلت بهذا الاسم حتى عام 1975 ثم تحول اسم الشيوعيين إلى "التنظيم الشيوعي الفلسطيني" واستمر حتى عام 1982 حيث أعلن ب "الحزب الشيوعي الفلسطيني "الذي استمر حتى عان 1994 واستبدل ب "حزب الشعب " مع تغيير في المضامين الفكرية والتنظيمية وذلك بتأثير (البرستويكا)!!!!!؟؟
وبالاطلاع على المناقشات السودانية حيث بدأ الشيوعيون حركتهم تحت مسمى (ا لحركة السودانية للتحرر الوطني) ثم بعد الاستقلال أصبح ( الحزب الشيوعي السوداني) وألان يجري النقاش حول تغيير الاسم ، واضح أن التغيير لن يكون شكليا فقط بالمسمى فان للشكل علاقة بالمضمون ، وهذا ما أكدته التجربة الفلسطينية ، حيث كان الذين خلف تغيير الاسم يتوقعون توسع الحزب والنتيجة عكس تماما فقد أصبح حركة صغيرة دون تأثير يذكر وها هي نتائج الانتخابات تؤكد ذلك ، ناهيك عن أن كوادر مهمة انتقلت إلى تنظيمات أخرى والبعض الأخر وحسب الموضة ذهب (للانجزة)!!
أن الحزب الشيوعي السوداني حزب مجيد وصاحب فكر وتجربة تدرس ، وهو صاحب تضحيات كبيرة وذكريات كفاح لأبطال تاريخيين سواء محجوب أو الشفيع أو غيرهم كثر. وإذ كان البعض يعتقد أن تغيير الاسم يوسع الحزب فهو واهم، فخلال كافة مراحل التغيير للأسماء في فلسطين ظلت الجماهير تعرفه بالحزب الشيوعي وكان يحظى تاريخيا باحترام كبير يثبت دوره في الانتفاضة الولي ، وحين تغير الاسم مع أشكال التنظيم والتخلي عن التاريخ وأبطاله وتضحياتهم والشهداء وأمجادهم ذاب الحزب ، حيث غاب التميز ، وأصبح حركة وطنية تقليدية ، ولم يدرك الذين تهالكوا على التغيير أمام مؤتمر (مدريد) ومفاوضات (أوسلو) أنهم يطعنون نضالهم ويتنكروا لتاريخهم فقد قال احد القادة أيامها (إننا بقينا منذ الحج أمين الحسيني خارج قيادة الشعب الفلسطيني ....) إذا كانت العين على السلطة والمرتبة!!!
إن الوضع السوداني المتمثل في التنوع الثني والإشكالات السياسة تجعل الحزب الشيوعي السوداني مؤهلا لدور أوسع يتطلبه بعد إن بقيت عناوين القوى تتكرر وهي اقرب إلى تعبيرات عن مصالح فئات عرقية أو دينية . وعلى أعتاب مؤتمرهم يستطيع الشيوعيون قراءة أفضل لوضعهم إحداث متغيرات مطلوبة وطنيا في برنامجهم وليس التخلي ولو بالاسم فقط؟! (حيث سيكون التغيير يافطة) أما الجماهير ستظل تعرفهم كشيوعيين وهو عنوان مجيد عاد التاريخ ليثبت أن الماركسية أداة للنضال تتسع لكافة التجارب وتظل هاديا أمينا وصادقا مع مسيرة التاريخ حتى الظفر...
طبيعي أن تسمى الأمور بمسمياتها بغض النظر عن مرحلة الردة التي تنامى فيها الإسلام السياسي مرتبطا بالطفرة النفطية وضمور القومية العربية واتساع الخاص على العام عربيا إلا أنها جميعا وصلت الحد الأقصى وتعاني أزمات متعددة ، وان استكمال مهام الثورة الديمقراطية الوطنية والاجتماعية تقف في المقدمة وهي معيار لصحة خط أي إطار سياسي أو تنظيمي، فالعالم يدخل حالة اصطفاف جديد ، والفكر الوحيد القادر على إيجاد حلول هو الماركسية ، وإذا كان البعض يعتقد بسبب أن الشعوب العربية متدينة يجب إبعاد كلمة (شيوعي) فهو واهم فلم يكن للشيوعيين أي وثيقة تتعرض للدين وان عضوية الحزب تشترط أساسا وفقط الموافقة على سياسة الحزب وبرنامجه وعضوية إحدى خلاياه الحزبية، وأتحدى أن يذكر احد إن الشيوعيون تعرضوا للأديان بل بالعكس احترم الشيوعيون أصحاب العقائد الدينية الصادقة والغير موظفة لصالح سياسات خارجية، ولعل السودانيون يستطيعون أكثر من غيرهم تباين ذلك. فالشيوعيون عقائديون ثابتين غير مهادنين تعرفهم المعتقلات وساحات النضال وهم أول من واجه وأخر من استفاد والجماهير تثق بهم صادقين ولتستمر المسميات والآليات وليتواصل النهج فقد أصبح الزمن مواتيا .