أزمة النظام الرأسمالى العالمى فى مقابل مأزق وأزمة الفكر اليسارى والحركة اليسارية


محمود حافظ
2008 / 11 / 30 - 07:55     

بدون شك ما زالت الأزمة العالمية للنظام الرأسمالى سارية رغم المحاولات المستميتة لرؤوس النظام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بوسائل الضخ المالى لضبط آلية السوق ، هذا التداعى الذى نراه يوميا فى الخسائر المتلاحقة للشركات واجهة النظام وكذا المؤسسات المالية التى تتعامل فى الرأسمال المالى والرأسمال الريعى والذى كان سقوطه مدويا حتى هز دعائم النظام وجعل أركان هذا النظام عرضة للسوس ينخر فيها حتى ينهيها .
هذا النظام أو هذا النمط الرأسمالى المنتج والذى بدأ يتطور بتطور ثورته الصناعية وبتطور قوى الإنتاج فى مقابل تطور علاقات الإنتاج هذا التطور الذى أنتج سلعا وأنشأ أسواقا لهذه السلع بدأ من السلع المنتجة حتى السلع القائمة بعملية الإنتاج وهى قوة عمل العامل ونحن هنا يهمنا التركيز على هذه السلعة لأنها السلعة الفيصل فى هذا النظام وفى حركة الأسواق حيث ببيع قوة عمل العامل يستطيع العامل شراء المنتج الذى يستهلكه من السلع الذى ينتجها هذا دون الدخول فى الصراع المؤسس على لإستلاب هذا العامل عن طريق فائض القيمة .
بتطور هذا النظام وصولا إلى المرحلة الإحتكارية وتخطى هذا النظام من المرحلة القومية إلى المرحلة العالمية أو الإمبريالية فى البداية لتصريف السلع المنتجة ثم البحث عن شراء قوة عمل رخيصة لإرتفاع سعر قوة العمل فى دول المركز الرأسمالى نتيجة الصراع الطبقى وإزدياد وعى الطبقة العاملة ومطالبها الشرعية والحقوقية فى دول المركز والتى تسببت فى العديد من الأزمات لهذا النظام هذا ما أنتج ما يعرف بالنظام الرأسمالى المالى بمنظومته المعروفة بالشركات متعدية القوميات وقد ساعد فى هذا التطور التطور الحضارى وظهور ما يعرف بجماعات الخضر ثم جماعات المحافظة على البيئة والتى كان غرضها المحافظة على دول المركز الغنية من الملوثات البيئية وهذا ما جعل معظم الصناعات الملوثة للبيئة تتفكك من دول المركز لتستقر فى دول ما يعرف بالعالم الثالث أو الدول المتخلفة والتى لاتراعى أى قيمة لحياة البشر فيها من تعرضهم إلى نفايات الدول الغنية هذا مع ملاحظة إحتفاظ دول المركز الرأسمالى بالصناعات الإستراتيجية لديها وخاصة صناعات الطائرات والصناعات العسكرية وقد أدى هذا التطور للرأسمال المالى إلى ظهور آليه فى دول المركز لإدارة هذه المنظومة المالية متمثلة فى المؤسسات التى تدير هذا النوع من الرأسمال من مقار للشركات متعدية القوميات إلى منظومة الصادرات والواردات إلى البنوك التى تدير حركة النقد إلى شركات التأميم إضافة إلى إدارة شئون المساهمين فى الأسهم والسندات وقد أصبحت هذه الإدارات مجتمعة وفى عصر الثورة المعلوماتية تتعملق حتى أصبحت لها اليد الطولى فى إدارة هيكلية النظام الرأسمالى حتى أن القائمين على هذه المنظومة أصبح خيالهم حقيقة حتى تبوأوا محل الرأسماليين المنتجين للسلع الذين هم الأساس والقاعدة لهذا النظام ، والنتيجة أصبح المتداولن يحلون محل المنتجون .
أنتج هذا سيرورة إنتقال المال المستثمر فى دول الأطراف من فوائض للقيمة من الشركات التى إنتقلت إلى الأطراف وكذا فتح الأسواق فى هذه البلدان مع إستنزاف خيرات هذه البلاد من المواد الأولية كل هذه الفوائض أصبحت تصب فى دول المركز ، وبعكس نشأة النظام الرأسمالى والتى بدأت بتراكم رؤوس الأموال لتوظيفها فى الإنتاج أصبحت دول المركز الغنية تستهلك هذا التراكم الرأسمالى وتوظفه فى إستثمارات ريعية غير منتجة حتى أصبح هذا الإستثمار الريعى سمة العصر كما أصبح هذا الإستثمار هو معول هدم هذا النظام لنفيه النظام ذاته حتى أن منظومة النظام نقد- سلعة - نقد أصبحت متآكلة وأصبحت نقد - سلعة وهذا ماتمثل فى الإستثمار العقارى الريعى والتى وظفت فيه الأموال فى مشاريع عقارية تستهلك رؤوس الأموال دون توظيف سلعة قوة العمل مما زاد من معدلات البطالة فى الدول الغنية وأصبح الأغنياء يزدادون غنى وأصبح الفقراء يزدادون فقرا مع التأكيد على أن الطبقة الوسطى والتى أصبحت مسيطرة على عمليات التداول أصبحت هى الأخرى تنجر إلى الأسفل ذلك نتيجة تقلص الرأسمال المتداول وأستهلاكه فى المشاريع العقارية وأصبحت شرائح واسعة من هذه الطبقة تعانى من عدم قدرتها على تسديد مستلزماتها المعيشية والحياتية الأمر الذى أدى إلى إنهيار الأحلام ومعه بداية إنهيار النظام فى واقع اليوم وأمس وغدا .
اليوم أو المرحلة الآنية من عمر هذا النظام أصبحت الحقائق العلمية والتى تؤكد على إنهيار هذا النظام واضحة جلية ، كما أصبح فضح كافة الإدعاءات الممولة والمنظرة من أدعياء هذا النظام حقيقة واقعية فمع سقوط نظرية فوكوياما نهاية التاريخ ومع إستشعار الطبقات الكادحة بحاجتها الماسة ومعاناتها المعيشية وصعوبة الحصول على رغيف الخبز وستر العورى سقطت نظرية هنتنجتون لصدام الحضارات والتى بمقتضاها تم إلهاء الشعوب وتغييبها بواسطة أفيون الفتن الطائفية والمذهبية والإثنية وتفعيل الفوضى الخلاقة وإختراع أعداء والتمويه على العدو الحقيقى المستنزف لثروات هذه الشعوب .
اليوم هل يظهرلنا مخلصا ثوريا يقودنا إلى وضعنا الطبيعى فى حركة الصراع مع العدو المتربص بنا ؟
هل مع هذا الإنهيار العالمى يمكننا من وضع البنية الإجتماعية فى موضعها الصحيح بعد أن كانت واقفة على رأسها وبدلا من وضع البنية الفوقية محل البنية الأساسية وهى البنية الإقتصادية والعمل على وضع الأيدويولوجيا فى موضعها الفوقى الصحيح بعدما كانت وما زالت هى المحرك للصراع ؟
هنا يأتى دور الفكر التقدمى والذىيحمله اليسار والذى فقد أو كاد أن يفقد ثوريته أمام جبروت وقوة الإدعاءات البرجوازية وسيطرتها الفوقية هنا لابد من السير مع الجماهير التى تعانى من الجوع وقضاء الإحتياجات والأخذ بيدها وتوعيتها بأن أزمتها الحقيقية تتكرس فى من يستلبها ويسرق قوتها فمع وضوح أزمة النظام الرأسمالى المستغل والتى كشفت عن وحشية هذا النظام فى التعامل فى سرقة الشعوب ونهب ثرواتها وخير الأمثلة فى العراق الشقيق ودول الخليج المستنزفة والذى يراد لها المزيد من الإستنزاف لمحاولة سرقة صناديقها الإستثمارية لفك أزمة دول المركز الغنية وفى التكاليف الباهظة التى تدفعها هذه الدول للمحافظة على أمنها الوهمى من عدو وهمى وأمامها العدو الحقيقى على بعد مرمى حجريتعامل بوحشية غير مسبوقة مع شعب غزة العربى الذى يعانى حصار الموت جوعا والذى فرضه عدو الأمة هل ينجح اليسار بفكره وحركته فى تلقف هذه الأزمة ويقود جماهيره نحو الحركة والثورة لنيل مطالبه المحقه ؟
هذا هو الدور المنوط به بدلا من الدخول فى معارك سلفية دوجمائية فبدلا من تجدد الفكر العقلانى غرق اليسار فى نفى يساريته فهل من إستفاقة؟ إذ ربما .