الحزب الشيوعي السوداني وقضية المرأة(3)


تاج السر عثمان
2008 / 11 / 26 - 09:28     

كما تمت مناقشة الورقة في اجتماع موسع للكادر النسائي وبحضور اعضاء سكرتارية اللجنة المركزية ولجنة مديرية الخرطوم وزملاء من مكتب الجامعات والمعاهد العليا، وكان عدد النساء اللائي حضرن الاجتماع 26 من مجموع الحضور البالغ 43، وتم تلخيص المناقشات ونشرها مع تقديم وتعليق من سكرتارية اللجنة المركزية ، وتم النشر في عدد الشيوعي 153 ، كما تمت اجتماعات موسعة للكادر النسائي في العاصمة والمناطق وتم نشرها حصيلتها في اعداد الشيوعي 154 ، 155 مع ملحق له.
وكان اهم المقترحات والملاحظات التي برزت علي الورقة والمناقشات تتلخص في الاتي:
1- كيف نتغلب علي نواحي الضعف في نشاط الحزب وسط النساء ونجذب طلائعهن للعضوية دون تعجل للنتائج والكم علي حساب النوع؟ وكيف نرتقي بالمستوي الفلسفي والنظري والايديولوجي لحزبنا في تفهم ومعالجة قضايا تحرير المرأة من منطلق الفكر الماركسي اللينيني ومواقع الطبقة العاملة؟ وكيف نرتقي بدور الزميلات كمناضلات شيوعيات في حياة الحزب وبمواصفات الكادر الثوري وليس تمثيل النساء شكليا؟ وكيف نرتقي بدور فرع الحزب في الحي والقرية لتوسيع نفوذه السياسي الجماهيري وسط النساء، وتنظيم حركة النساء الديمقراطية بمختلف الأشكال والمستويات في لجان الاتحاد النسائي وكتنظيم ديمقراطي جماهيري له استقلاله الذاتي ووفق دستوره؟.
2- أشارت المناقشات الي اوضاع المرأة في الدول الاشتراكية السابقة: ان الاشتراكية لاتملك عصا سحرية تقضي علي موروث القرون في اضطهاد المرأة، وأن : بعد الشقة واتساع المسافة لايعتمد علي ماسبق ذكره، بل يشمل ايضا تخلف المرأة نفسها الموروث من قرون وحقب الاضطهاد المزدوج، فمن العموميات الماركسية المعروفة ومن واقع تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية الأخري أن الثورة الاشتراكية تنجز التغييرات في القاعدة المادية في المجتمع بسرعة نسبية حسب واقع البلد، لكن تغيير المفاهيم والتصورات والعادات والسلوك والتقاليد وكل مؤسسات وعناصر التركيب الفوقي يتطلب فترة طويلة تمتد حسب واقع البلد المعين. لهذا ليس غريبا أو خارجا عن ادراك العقل البشري ما نشهد من ظواهر سلبية في المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي وبعد سبعين عاما من انتصار الثورة الاشتراكية مثل : ظاهرة الطلاق المرتفعة نسبيا، وحالات المهور الغالية في الزواج في الجمهوريات الآسيوية الاسلامية وحالات تعدد الزوجات في تلك الجمهوريات وحالات الاجهاض وسط الشابات.....الخ.( الشيوعي 154، ص 9 ).
3- كما أشارت المناقشات الي ضرورةتقوية العمل الفكري بين الزميلات وتشجيع التثقيف الذاتي وتوفير الكتاب المدرسي وتشجيع الزملاء والزميلات علي سعة الاطلاع علي الأدب الانساني العام في هذه القضية، كما أشارت المناقشات الي أن من ابرز تخلفنا في النشاط وسط النساء: الكسل الذهني الذي يكتفي بالخواطر وشتات الأفكار في معالجة القضايا الفلسفية والنظرية، والوجه الآخر لنفس الظاهرة اختزال كل القضية في تقديم عموميات الماركسية عن قضية المراة.ليس في حزبنا حجرا أو قيدا علي معالجة القضايا الفلسفية والنظرية حول قضية المرأة وبقية برنامج الحزب، طالما انطلقت المعالجة من هموم وتجارب حزبنا وحصيلة نشاطنا(ص 30).
4- كما أشارت المناقشات الي أن التعرف علي التيارات التي عالجت قضية المراة، وهذه المشكلة عانينا منها والوضوح فيها مهم، ضعف الجانب الثقافي بشكل عام هو الذي ساعد في سيادة هذا الضعف والصراع لاينتظرنا، مدارس الكادر مهمة في هذه الظروف، واذا استطعنا تثبيتها سنطور من الاطار النظري بالذات في الجانب النسوي وبالنسبة لكل الكادر، الكادر النسوي في مسألة تحرر المرأة متطور اكثر من الرجل بحكم الاضطهاد الواقع عليه، المنهج العام(الماركسية) مهم تسليمه للكادر النسائي( ص 46 الشيوعي 153).كما أن هناك اقتراح باضافة كتيب في برنامج المرشحين حول(الماركسية وقضايا المرأة). كما أشارت المناقشات الي أنه (لايكفي الرجوع الي اصل العائلة وانجلز، بل يجب أن نضع في اعتبارنا ايضا مناقشة الاسهامات المعاصرة، وعلينا ان نوضح أن قضية المرأة لها خصوصيتها ولاتحل تلقائيا فقط بحل قضايا المجتمع، وعلينا أن نبحث المسألة من حيث وضع المرأة في مكانها الصحيح، وعلينا التعمق في الدراسة حول قضية المرأة والفكر الاسلامي السلفي، كما أن الحزب الشيوعي هو الداعي الأول لحقوق المرأة ولرفع الاضطهاد عن المرأة منذ مدة طويلة، وكان من المفترض أن يكون المبادر في طرح مسألة تمثيل المرأة داخل البرلمان وتخصيص دوائر للنساء وليس الأحزاب الرجعية، فتخصيص دوائر للنساء يساعد في رفع الوعي(الشيوعي 153، ص 88).
ولكن المناقشة العامة لم تصل لنهايتها فقد قطع انقلاب يونيو 1989 سير تلك المناقشة وعاد الحزب لظروف السرية المطلقة ليواصل فيها الحزب تجميع وتنظيم حركة النساء.
الفترة: يونيو 1989- 2008م
بعد انقلاب 30 يونيو 1989م واجهت المرأة السودانية الكثير من صنوف التنكيل والاضطهاد(اعنقال، تشريد، قمع، اغتراب،..الخ) وصفها بيان التجمع النسائي الوطني الديمقراطي بتاريخ 8/مارس/2006م بأنه: اتسم بملاحقة المراة بأساليب فظة ومهينة: اما بدعاوي الحجاب أو بحرمانها من العمل الشريف في الاسواق لكسب العيش الكريم، والتمييز ضد الطالبات في الدخول للجامعات بحرمانهن من القبول في تخصصات معينة وبمحاولات تقليل الاعداد للقبول في مايسمي بكليات القمة(الهندسة والطب) بصرف النظر عن النسب المميزة التي حزن عليها. اضافة للتمييز ضد النساء في الترقي للمناصب العليا في الخدمة العامة بمختلف الدعاوي. كما تم اصدار قانون للاحوال الشخصية يجعل المرأة مفعولا بها بحرمانها من حق اختيار الزوج بحرية، كما يحرمها من السفر ولو للمهام الرسمية الا بموافقة ولي الأمر، وهذه حقوق مكفولة حتي بالدستور الحالي مما يضعها تحت رحمة الرجل مع انها انسان كلمل الأهلية عقليا وبدنيا، اضافة الي آثار الحرب الأهلية علي النساء مثل: النزوح والاغتصاب، فقدان الزوج(الأرامل).
وتابع الحزب مهام تنظيم النساء وصدر خطاب داخلي بتاريخ اغسطس 1996م بعنوان(فرع الحزب وحركة النساء الديمقراطية) أشار الخطاب الي ضرورة: عودة واجب نشاط الحزب بين النساء الي مكانه الثابت في اجندة الفروع والهيئات القيادية، كنشاط ملزم لكل اعضاء الحزب رجالا ونساءا.وأن قضية نهضة المرأة كجنس وكقوة اجتماعية ليست قضية خاصة بالمرأة أو حكرا عليها، انها قضية نهضة الرجل ايضا، قضية نهضة المجتمع بأسره علي قاعدة الديمقراطية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما أشار الخطاب الي تخلف عقلية الرجل السوداني تجاه قضية المراة السودانية: المجتمع السوداني مجتمع سيادة الرجل وتبعية المراة وتخلف الرجل والمراة علي السواء. كما ان المراة شريك أصيل في النضال من اجل حقوقها كجنس وكقوة اجتماعية ذات قدرات كامنة وماثلة هائلة في حركة الديمقراطية والتغيير الاجتماعي في الأفق التاريخي العام.
كما أشار الخطاب الي : ضرورة اصدار دراسات علمية ثقافية متخصصة تعالج ماهو أساسي في قضايا المراة السودانية.
كما اصدرت سكرتارية اللجنة المركزية بيانا جماهيريا بمناسبة 8/مارس يوم المراة العالمي، أشار البيان الي: الدفاع عن حقوق المرأة السودانية، وان المراة والطفل ضحايا التهجير الناتج من الحرب والجفاف والتصحر، اضافة الي اتساع فئة النساء الفقيرات صانعات الاطعمة والشاي وبيع الملابس المستعملة والدوات المنزلية زهيدة السعر وتشكل هذه الفئة 85% من الباعة في بعض أسواق اطراف العاصمة، وأن اغلبيتهن بين سن:20- 25 سنة، وان بناتهن الصغار حتي سن 15 سنة يساعدن ويشاركن في البيع، هاجس هؤلاء النسوة: الرسوم، الكشات ومصادرة الأواني ومافيها. كما أشار البيان الي قطاع المرأة العاملة الذي مازال سيف التشريد لصالح العام مسلطا علي الرقاب، بلغت نسبة النساء المشردات 55% من مجموع المشردين في الفترة: 1997- 2000م، أغلبهن في سن العطاء:25- 35 سنة، وفي المصانع الصغيرة في العاصمة تعمل فتيات وشابات من 18- 25 سنة بعقود عمل واجور متدنية وبلاحقوق نقابية أو تنظيم نقابي، اضافة الي ضيق فرص العمل للخريجين والشباب(53% من خريجي العام 2000 في العاصمة والأقاليم طالبات). هذا اضافة لانتشار ظاهرة الطلاق وظاهرة النساء السجينات حتي نشأ جيل جديد من المواليد في السجون.