فيديل كاسترو: الاشتراكية الديمقراطية


فنزويلا الاشتراكية
2008 / 11 / 4 - 09:05     

لم أكن أرغب في كتابة فكرتي الثالثة على التوالي، ولكنني لا أستطيع أن أتركها حتى يوم الاثنين. هناك رد دقيق واحد على رأسمالية بوش الديمقراطية: إنها اشتراكية تشافيز الديمقراطية. لا يمكن أن توجد طريقة أدق من ذلك للتعبير عن التناقضات العظيمة الموجودة بين الشمال والجنوب في قارتنا، بين أفكار بوليفار وأفكار مونرو.

كانت ميزة بوليفار العظيمة هي أنه قالها في وقت لم تكن فيه وسائل الاتصال الحديثة قد وجدت بعد – ولا حتى قناة بنما. لم تكن امبريالية الولايات المتحدة موجودة. كانت فقط المستعمرات الثلاثة عشر الناطقة بالإنجليزية التي استطاعت، متحدة، أن تحصل على استقلالها عام 1776 بمساعدة فرنسا وإسبانيا.
صرح المحرِّر في 1829، وكأنه كان قادراً على الرؤيا عبر العصور القادمة بعد عصره، قائلاً "يبدو أنه مقدّر على الولايات المتحدة أن تجلب لأمريكا التعاسة والشقاء باسم الحرية."
هوغو تشافيز هو جندي فنزويلي. وقد نشأت أفكار بوليفار في عقله بشكل طبيعي. يكفي أن نتفحص الطريقة التي مر تفكيره بها في مراحل سياسية مختلفة، بدءً من أصله المتواضع، المدرسة والعسكرية والأكاديمية، قراءاته التاريخية، واقع بلاده والظهور المذل لهيمنة اليانكيز.
لم يكن جنرالا، لم يكن ثمة مؤسسة مسلحة تحت تصرفه. لم يرتكب انقلابا عسكريا، ولا يمكنه فعل ذلك. لم يكن يريد أن ينتظر، ولا يمكنه أن ينتظر. لقد تمرد وأخذ كامل المسؤولية وحول المعتقل إلى مدرسة. اكتسب تعاطف الناس ودعمهم لمطالبه دون أن يكون في الحكومة. لقد فاز بالانتخابات في ظل دستور برجوازي. اتخذ عهدا تحت هذا المستند الذي كان يحتضر وأقسم ولائه لدستور جديد. لقد اصطدم بالأفكار اليمينية واليسارية الموجودة سلفا وبدأ الثورة البوليفارية وسط أكثر الأوضاع غير الموضوعية صعوبةً في كامل أمريكا اللاتينية.
لم يتوقف تشافيز ولمدة 10 سنوات من حكمه لبلاده عن نشر أفكار داخل وخارج وطنه. لا يمكن لأي شخص صادق أن يشك بأن هناك ثورة حقيقية قائمة في فنزويلا وهناك أيضاً نضال استثنائي يُشَنّ ضد الامبريالية.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس تشافيز لا ينعم بالراحة ولا حتى لدقيقة واحدة. هو يناضل داخل فنزويلا وفي ذات الوقت يقوم وبشكل تنظيمي بالسفر إلى عواصم بلاد أمريكا اللاتينية بالإضافة إلى بلاد مهمة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
إنه يتواصل ساعة بساعة مع الإعلام المحلي والدولي. لا يخشى مخاطبة أي صحيفة. وأهم القياديين في العالم يستمعون إليه باحترام. إنه يستغل القوة التي تتحلى بها بلاده بطريقة صحيحة ومؤثرة – بلاده التي تمتلك أكبر احتياطات نفطية في العالم. بالإضافة إلى الغاز الوفير- كما أنه يقوم بتصميم برنامج وطني وأممي غير مسبوق.
لقد قام الرئيس تشافيز، من خلال توقيعه اتفاقية الصداقة بين شركتي الغاز الروسية والفنزويلية لتنقيب واستغلال مادة الهيدروكاربون، بإنشاء اتحاد مالي في هذا المجال لا شبيه له في العالم بأكمله. لقد أطلقت صداقته الاقتصادية مع الصين وروسيا وبعض الدول في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، مع وفرة المصادر، القوى التحررية التي ستمهد الطريق لعالم متعدد الأقطاب. ولم يستثني الولايات المتحدة من برامج إمداد الطاقة والتبادل التجاري. وإن هذه بداية موضوعية متوازنة.
إنه يفكر بثورة اشتراكية لوطنه، من غير أن يستثني عناصر إنتاجية هامة. وفي هذا الوقت التاريخي، بعد أن كان قد تلقى ضربة من الطبيعة والنهب الإجرامي للإمبراطورية المنحطة، إن بلدنا محظوظة فعلا بأن تكون قادرة على التعويل على تضامن الرئيس تشافيز. لم نسمع بعبارة أكثر أممية وأخوية من تلك التي قالها لشعبنا "إن فنزويلا هي أيضاً بلدكم."
تحاول الامبريالية التخلص منه سياسيا أو القضاء عليه ماديا مهما كان الثمن. من غير أن يلاحظوا أن موته سيشكل كارثة لفنزويلا وكذلك لاقتصاديات واستقرار كافة الحكومات الأخرى في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
تتسم محادثاتي معه بنقطة واحدة لن أتردد بالدفاع عنها: في هذا الوقت من الزمن، أهم الأمور هي حماية فنزويلا من هجوم حكومة الولايات المتحدة. لقد ناقشنا في زيارته الأخيرة أهمية المساعدة التي يقدمها لنا بالإضافة إلى المساعدة التي يتمنى أن يقدمها لنا. وإن اقتراحنا له هو أن يسخر أكبر كمية ممكنة من المصادر في خدمة المعركة الداخلية التي يشنها اليوم ضد الإهانة التي أطلقها الإعلام والأفعال التي عملت الامبريالية على خلقها على مدى سنين عديدة.
من الآن وحتى 23 تشرين الثاني ستكون المعركة التي سيتم إطلاقها غاية في التفوق ولا نريد أن يتم استعمال دعمه لكوبا كحجة للإضرار بالثورة البوليفارية.
إن عمال البناء الفنزويليين ال92 الأعضاء في ألوية العمل التطوعي الاشتراكي من أجل بناء بيوت في ”بينار دِل ريو“ هم رمز حقيقي لعصرنا.
نحن نعيش لحظات هامة جداً. إن الاستفتاء الشعبي لإقرار الدستور الجديد في الإكوادور بعد يومين سيكون في غاية الأهمية. سيلتقي الرئيس تشافيز بالرئيسة لولا في البرازيل يوم الاثنين. والليلة هناك نقاش متلفز بين أوباما وماكين. كل هذه الأمور هي أخبار هامة.
وإن هذا هو سبب عدم قيامي بتأجيل كتابة هذه السطور حتى يوم الاثنين. غداً، السبت، سيعود الرئيس تشافيز إلى بلاده ويوم الأحد سيوجه خطابا إلى شعبه. وإنه دائما يستخدم بعضاً من هذه الأفكار في معركته.
2008/9/30- فيدل كاسترو روز
المصدر: غرانما إنترناسيونال