نظرية الديمقراطية المغربية : الشكل الاستبدادي لدولة الطبقة الواحدة - تتمة -


بلكميمي محمد
2008 / 11 / 3 - 09:05     

وفي الحقيقة ، ان الملاكين العقاريين الكبار ، بعد ان حسموا الصراع السياسي لصالحهم ، لم يكن بوسعهم التقدم نحو انجاز برنامجهم الاقتصادي – الاجتماعي ، بشكل سريع وكامل ، الا بعد تشطيب جيوب مقاومة خصومهم المعرقلة لاندفاعهم . وفي تلك الظروف بالذات ، كان البرلمان يمثل احد الجيوب الرئيسية للمقاومة . اذ كان التحالف بين حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، المستفيد من التناقضات التي تلغم جبهة الدفاع عن المؤسات الدستورية ، قد تمكن في بعض المناسبات من كسب بعض اصوات الجبهة ، وبالتالي حرمان الحكومة من الاغلبية اللازمة لتمرير سياستها .
ان طبيعة تلك المرحلة التاريخية ، كانت تحتم موضوعيا على ممثلي النهج الراسمالي الاصلاحي ، التحكم في الوضع بقبضة من حديد ، لفرض توجههم الطبقي ، ولقد كان البرلمان ومظاهر الانفتاح الاخرى ، يشكلان تناقضا مباشرا مع الحاجة الى ذلك التحكم ، لذلك وجب تشطيبهما ، وسيتم تشطيبهما في اول فرصة مواتية .
في 23 مارس 1965 ، ستنفجر في الدار البيضاء مظاهرات التلاميذ والجماهير العاطلة عن العمل . وبكل برودة، سينزل الجنرال اوفقير الى الشارع ، بدباباته ومصفحاته ، ليشرع في سحق وحصد الاطفال والشباب بدون رحمة ولا شفقة .
وبعد ذلك سيتم الاعلان الرسمي ، عن حل البرلمان ووقف العمل بالدستور .
لقد كان الملاكون العقاريون الكبار وحلفاؤهم ، في حاجة الى قبضة من حديد ، لحفظ امنهم وتامين الغطاء الواقي لصيرورة صعودهم الطبقي . ولقد كانت الاوفقيرية هي تلك القبضة الحديدية ، وبذلك تحقق الانسجام والتطابق ، بين مجتمع مدني في طور التشكل ، تقوده وتبنيه طبقة بورجوازية اصلاحية صاعدة ، على حساب تقهقر المجتمع الماقبل المدني القديم ، وكذلك على حساب تراجع المشروع الراسمالي الراديكالي ، وبين الشكل الاستبدادي لدولة نفس الطبقة البورجوازية الصاعدة .
ان الدولة الاستبدادية لم يصنعها اوفقير ، وانما صنعتها طبقة اوفقير ، ليست دولة اوفقير هي التي اشاعت الاستبداد السياسي على المجتمع المدني ، بل بالعكس ان المجتمع المدني ، في تلك المرحلة المحددة من تطوره ، هو الذي جعل الشكل الاستبدادي للدولة المغربية ضروريا . فلو لم يوجد شخص اوفقير ، لاوجد المجتمع المدني شخصا اخر يقوم بنفس دوره ، فالشكل السياسي للدولة ، ليس سوى تعبيرا وانعكاسا لمستوى تطور المجتمع المدني ، الذي هو بدوره تعبير عن مستوى تطور الطبقة السائدة فيه .
لذلك اذا كانت الدولة باقية وثابتة ، فبالعكس ان اشكالها السياسية زائلة ومتغيرة ..
من الشكل الاستبدادي لدولة الطبقة السائدة ، خرج نقيضه الديمقراطي لدولة نفس الطبقة ، كيف حدث هذا ؟