ضرورة إدخال المبادئ الاشتراكية ضمن شرائع الأمم المتحدة


شاهر أحمد نصر
2008 / 10 / 30 - 08:07     

الاشتراكية قيمة إنسانية عامة، مثلها مثل الحرية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، توصلت البشرية إلى وضع أسسها، ومبادئها العامة عبر نضال استمر قروناً من الزمن، ودفعت تضحيات غالية في سبيلها... وكما أدخلت البشرية مسألة حقوق الإنسان في الشرعة الدولية، وغدت ميثاقاً دولياً، من الضروري إدخال المبادئ العامة للديموقراطية، والاشتراكية، والعدالة الاجتماعية في الشرعة الدولية، ضمن شرائع الأمم المتحدة، أيضاً، لأنّها لا تختلف من حيث الضرورة عن حقوق الإنسان، بل هي حق من حقوق الإنسان؛ فمن حق الإنسان أن يعيش واثقاً من غده، في مجتمع تسوده العدالة، بعيداً عن الاستغلال، والظلم والتمييز بكافة أشكاله العرقية، والدينية، والقومية، والسياسية، والطبقية، أو من حيث الجنس، مجتمع الحرية، والعدل، والكفاية، والتطور الحر للإنسان، وهذه القضايا من صلب الاشتراكية، التي غدت قيمة إنسانية عامة، من الإجحاف بحق الشعوب، وبحق مفكري الإنسانية المبدعين، عدم وضعها ضمن الشرائع والمواثيق الدولية، لبناء مجتمع إنساني سليم معافى من أمراض الجشع، والأنانية، والاستغلال. ومن المفيد، في هذا السياق، أن يتفق مفكرو الإنسانية الغيورون على مستقبلها على صياغة المبادئ العامة لهذه الشرعة الاشتراكية الإنسانية العامة، وحشد التأييد العالمي لها، بمختلف السبل الشرعية والقانونية، لإدخالها ضمن الشرعة الدولية، ودساتير الأمم؛ ولعلّ الأفكار والمبادئ التالية تخدم كنواة لمناقشة هذه المسألة الإنسانية الهامة، (التي أرجو أن تناقش من قبل جميع المفكرين، والمنابر الإعلامية المهتمة، والتنظيمات والأحزاب الاشتراكية والشيوعية بحثاً عن صيغة ووسيلة لتحقيقها):

* تلتزم كل دولة تطبيق مبدأ: من كل حسب عمله، ولكل حسب جهده. وتسن التشريعات والقوانين التي تكفل تطبيق هذا المبدأ، والقوانين التي تكفل حصول كل إنسان قادر على عمل، وعلى ناتج جهده، بعيداً عن مختلف أشكال الاستغلال.

* يحدد في كل مجتمع الحد الأدنى المطلوب لحياة كريمة لكل إنسان فيه، وتلتزم الدولة بتأمين مستلزمات هذه الحياة الكريمة لجميع أبنائها، سواء عن طريق تأمين فرص عمل، أو تقديم معونات تضمن حياة كريمة لمن لا يقدر على ممارسة العمل، وسن القوانين التي تساوي المرأة بالرجل من حيث الحقوق والواجبات، وإلغاء أية قوانين لا تتفق مع هذه المبادئ.

* يحدد الحد الأدنى من الأجر لكل نوع من أنواع العمل، بما يضمن الحياة الكريمة، ومنع الاستغلال، كما يحدد السقف الأعلى من الملكية المادية والمالية، بما يقلل من الفروقات الطبقية، ويؤمن حياة حرة كريمة لجميع أبناء المجتمع.

* تلتزم كل دولة بتأمين فرص العمل لجميع أبنائها القادرين عليه، دون أي تمييز عرقي، أوقومي، أو ديني، أو سياسي، أو من حيث الجنس.

* يحظر أي شكل من أشكال استغلال الإنسان للإنسان.

* يكفل كل مجتمع مبدأ العدالة الاجتماعية، عن طريق تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، والتكافل الاجتماعي، والضمان الاجتماعي، والضمان الصحي، وإلزامية التعليم حتى مراحله المتوسطة، ومجانيته في جميع المراحل الدراسية، وقيام الدولة بالتوزيع العادل للثروات، وللناتج الوطني، ويساهم في ذلك سن قوانين ضرائب عادلة.

* تحظر كافة النشاطات المالية المشبوهة، من تبييض أموال قذرة، ومضاربة، وكل أشكال التلاعب بمصير وممتلكات الناس، وتخضع مختلف أنواع هذه النشاطات التخريبية إلى أحكام القانون المحلي والدولي.

* تلتزم الرساميل في نشاطها باحترام خصوصية وقوانين كل مجتمع، وتقوم كل دولة بمراقبة نشاطات الرساميل على أراضيها، ويعد كل رأسمال ناتج عن استثمار الخيرات والموارد الطبيعية في أي بلد، مثله مثل الخيرات المادية، والإرث الفني والتاريخي، والممتلكات الوطنية، ملكاً لهذا البلد، يخضع لقوانين وطنية، ودولية تنظم عملية انتقاله القانوني إلى خارج الوطن، ولا يجوز تجاوز تلك القوانين وتهريبه إلى الخارج، وفي حال تهريبه إلى الخارج يحق للبلد المعني استعادته وفق القوانين والأعراف الدولية التي تسن لهذه الغاية.

(من كتاب: شاهر أحمد نصر ـ بحوث في الاقتصاد السياسي ـ دار الطليعة الجديدة ـ دمشق 2008)

[email protected]