ثورة اكتوبر الاشتراكيه ___ والسلام --- ورأس المال


هادي ناصر سعيد الباقر
2008 / 10 / 21 - 09:22     

قد يبدو هذا العنوان غريبا" ...ولكني اعتقد بان هناك صلة جدليه بين كفتي هذا العنوان ... ومنذ بدأ التاريخ لعب , ولا زال , رأس المال الدور الاساسي في حركة الحرب والسلام ... وقد نتطرق الى ذلك من خلال حديثنا هذا ..
ان اصطلاح وكلمة السلام .. هو الاكثر ترديدا" واملا" للوصول اليه منذ ان كان الانسان ... وهو كائن ..

التمهيـــــــــد :
قديما" سؤل احد انبياء بني اسرائيل : متى يعرف الانسان السعاده ؟! فاجاب : .. عندما تختفي هذه الكلمه من قاموس التداول اليومي ... كذلك كلمتي ( السلام – المال ) .. كلمات رافقت مسيره الانسان ومعاناته منذ فجر التاريخ ... ولا زالت ... تركز البشريه عليهما اكثر فاكثر : ان يعم السلام .. والعداله في التوزيع في الحروب .. والمعاناة .. والمظالم .. والفقر .. والثورات ... لا زالت تزداد على مر العصور ... كلما كان هناك استغلال وعبوديه .. وغياب العداله .. فالانسان يردد كلمة السلام والعداله .. لانه يحلم بالوصول اليهما ... ويحلم بمن يأتي ويحقق له هذه .. حتى بات اعتقاد متداول على مر العصور لدى البشريه بمختلف الاديان : ان لا بد من قدوم (( مخلّص )) يأتي ليحقق السلام والعداله والمساواة .. فالكل ينتظر قدوم (( المخلص )).. الانسان (( السوبر )) .. القوي الذي لايقهر .و الذي يمتلك كل المعارف والعلوم .. والقوى .. وهذا موجود عند كل الاديان .. وحتى الفلاسفه القدماء من كان يعتقد بظهور القاره المفقوده (( انتراكتا )) .. ومنها سيأتي(( هذا المخلّص )) .. المسمى .. (( انتراكتيوس )) ...
وعندنا في الاسلام ننتظر (( المهدي المنتظر )) ... وانا اقصد بالاسلام .. هو اسلام صدر الاسلام : الذي ينتهي بفترة الخلافه الراشده ...وما بعدها جاء نظام الاقوياء ... اعداء الاسلام سابقا, حتى اذا ما انتصرت الدعوه .. دخل فيه هؤلاء الاعداء ... وسيطروا عليه وتبناه هؤلاء الاقوياء ... واستخدموه .. وسخروه لمصالحهم في الحرب والاستغلال .. وهكذا حصل ويحصل مع كل الاديان والثورات ...
لنستعرض تاريخ الانسان منذ فجره , سواء اكان في دول المدن .. ثم قيام الاميراطورات القديمه التي كانت ترتكز في قيامها على اسس الآلهه .. او التفويض الالاهي ... في نظام هرمي يكون فيه الشعب .. المقهور .. المستعبد .. الفقير .. المريض .. يكون موقعه في قاعدة الهرم الواسعه ... وكلما ازداد رأس المال ,بكل صوره , لدى الحاكم المستبد ... كلما توسعت الحروب والغزو ..التي تؤدي الى زيادة رأس المال ... فالحرب تزيد رأس المال كثرة" وقوة" ... وهذا يدفع الى مزيد من الحروب ... وهكذا هي حلقة" مفرغه لا تعرف طرفاها ... فهذه الزياده في رأس المال ادّت الى قيام الامبراطوريات القديمه ...وكان السلام غائبا" ومقودا" دائما" ... واستمرت البشريه على هذا المنوال ... حتى عصر النهضه في اوربا" ... والنهضه العلميه .... وظهور النظريه الاستعماريه والنظام الرأسمالي ... عندما وضع (( كولبرت )) وزير مالية فرنسا عام 1619 م نظرية( الالتزام ) الاستعماريه المشهوره والتي مفادها : تقسيم العالم قسمين :

1-دول متبوعه 2- ودول تابعه فالتابعه هي التي تزود الدوله الام المتبوعه : بالمواد الاوليه .. والعماله الرخيصه ... وسوق لتصريف المنتجات الصناعيه للدوله الام ... والدوله التابعه يجب ان لاتخرج عن طوع الدوله الام ...

النظريه الاستعماريه والحرب والاشتراكيه:
ان الحرب هي السمه الاساسيه للنظريه الاستعماريه والرأسماليه ... ولحد عصرنا هذا .. اذ تحولت اساليب الحرب فالاستعمار من نظرية الاحتلال العسكري ... الى نظام حركة وحرب رأس المال ونظام البنوك ...حتى ظهور النظريه الاشتراكيه الحديثه .. وعلقتها بتوزيع رأس المال ... وتحقيق المساواة والعداله في التوزيع وفق نظرية (( من كل حسب قدرته الى كل حسب حاجته ))كذلك (( ليس للانسان الاّ ما سعى )) ..
وبدء الانسان في هذا العصر يتطلّع نحو الافق على امل بزوغ شمس تحرر الانسان من كل انواع الظلم ... وينتظر حلم السلام والتحرر والعداله ... وتجمعت الاحلام وتوحدت لتتركز في انبثاق (( ثورة اكتوبر الاشتراكيه )) عام 1917 ... التي ايقضت الضمير الانساني وحفزت انسان هذا العصر في نضاله الهادف نحو التحرر... واثّرت وحركت الضمير الانساني والدولي ...الاّ انها قد مازجت .. العلم ... بالعاطفه ... وبنشوة النصر .. والاعتقاد بالحتميه الماديه التاريخيه للنصر ...واتجهت هذه الثوره لتعلن وتطبق نظرية (( دكتاتورية البروليتاريا )) ... وصراع الطبقات ... والصراع هو اسلوب من اساليب الحرب .. ونظرت الى الاديان من زاوية المظالم التي ارتكنها من سيطر على الاديان ... وشوّه ثورة هذه الاديان ... من حيث كونها : ثورات تحرر وعداله... وكما سبق وبيّن ارسطو : (( بان السلطه تفسد الجماعة الدكتاتوريه )) وتحرفها عن مصالح الشعب ..
انهيار الاتحاد السوفيتي :
وهذا ما حصل لثورة اكتوبر الاشتراكيه عام 1917 ... وكان لانهيار الاتحاد السوفيتي حدثا" غريبا" كبيرا" .. هز الضمير العالمي .. واصاب حركات التحرر والايمان بالاشتراكيه ... بالاحياط وفقدان الامل ... وخطأ النظريه الاشتراكيه .. .. الاّ انه من الخطأ ان يتم ربط النظريه الاشتراكيه بنظام الاتحاد السوفيتي ... فالخطأ هو كان في نظام الاتحاد السوفيتي ... لا في النظريه الاشتراكيه .. فالثوره الاشتراكيه هذه تمثل حدا" فاصلا" في تاريخ الانسانيه والبشريه... عصور من الظلم والاستعباد والاستعمار والقهر لألاف السنين يعاني منه الانسان ... حتى اعتقدت البشريه هذا هو قدرها الحتمي اذ لم تكن تعرف نظاما" او قدرا" غيره .. ولكن ثورة اكتوبر الاشتراكيه عام 1917 م ... تمثل هزّه قويه ايقضت الضمير الانساني .. والفكر الانساني ... وبعثت في الانسانيه الامل لتتجه نحو افق واسع من انطلاق الانسانيه نحو مستقبل آفاق الحريه الحقّه..وولعلّه للتاريخ نذكر , عند قيام هذه الثوره , فقد ايدها واشاد بها من علماء الشيعه في لبنان ...كون مبادئها اشتراكيه .. والاسلام اشتراكي ..

الحروب في التاريخ :
هناك سؤال يطرح نفسه :
هل ان الانسان بطبعه مسالم , ام عنيف , يعيش للحرب ؟؟!.... ولابد قبلا" ان اذكر احصائيات عن الحرب والسلام :-
1- من عام 1496 ق . م . ولحد عام 1861 ب . م . أي حوالي 3357 سنه .. كانت منها 227سنه سلام والباقي 3130 سنة حرب ..
2- خلال 5560 سنه أي حتى عام 1945 ب . م . حدثت خلالها 14531 حرب ..
3- خلال (25 ) سنه بعد الحرب العالميه الثانيه ... نكب العالم بما يزيد على ( 60 ) حربا" ..

وقد اشار القرآو الكريم الى :-
آ- قصة قيام قابيل بقتل اخيه هابيل , ويبدو انها كانت حرب عالميه ,.. اذ لم يكن هناك بشر في الارض غيرهم ... وسبب هذه الحرب هو الغيره .. والحسد : لأن هابيل يتصف بالتقوى وان الله سبحانه وتعالى راضي عنه ..
ب- في قصة تبي الله يوسف عليه السلام .. اذ تآمر عليه اخوته لقتله .. حتى يخلوا لهم وجه ابيهم ... والسبب هو شعور هؤلاء الاخوه بالغبن والحسد وسوء التوزيع لمحبة ابيهم وتفضيل اخوهم عليهم وعدم المساواة في الحب والتقدير ..

ولعلّ كل الحروب التي قامت او تقوم ... هو بسبب الحسد والغيره من اولئك الذين يسأثرون بالخيرات وعدم التوزيع العادل لرأس المال المادي .. والمعنوي .. او طمعا" في المزيد ...

خارطة العالم والحروب :
لننظر الى خارطة العالم ... وننظر فيها الى مواقع الحروب والنزاعات المسلحه ... نرى ان كل هذه الحروب والنزاعات تشترك فيما بينها بقاسم مشترك اعظم ... وهي انها تقع في الدول الفقيره المتخلفه : افغانستان ... الفلبين ... الهند ... باكستان ... انغولا ... المستعمرات السابقه في افرقيا ... الكونغو ... زمبابوي ... الهونو ... التوتسي ... السودان ... ارتيريا ... الحبشه ... الصومال ... كوسوفو ... سيراييفو ... الشيشان ... اذربايجان ... جورجيا ... تايلند ... امريكا الجنوبيه ...سيريلانكا ... العراق ... لبنان ... الخ وفي كل القارات ... ان هناك حربا" عالميه مشتعل اوارها ... ولكنها غير معلنه .. تكتوي بها الدول المتخلفه ... الفقيره .. فهم وقود الحرب ورمادها ..

الكل يكره الحرب .. ولكن ! :
انّ ايا" من شعوب الحرب المتطاحنه هذه , حتى وان كانت جاهله .. ومتخلفه , فانها لا تريد الحرب .. ولا تؤمكن بها .. وانها تعاني فعلا" منها معاناة من يكتوي بها ... يموت وينشرد .. ويجوع بسببها .. الاطفال , النساء , الرجال , الشباب ... ولكن من السهل كان او يكون خداع هؤلاء الجياع .. الجهله .. وخداعهم يستند على التطرف الديني ... او العنصري .. او القومي .. او الوطني .. اسماء لم يعد لها معتى" في هذا العهد العلمي التكنولوجي .. فيجب ان تعمم وتنتشر الثقافه الانسانيه ... وثقافة الحياة .. وثقافة الوجود ..

اذا" لما1ذا الحرب والنزاع والقتال ؟!! :
لماذا يتقاتل ويتحارب هؤلاء الفقراء الجياع ؟! الكي يزدادوا هم وعوائلهم , جوعا" على جوع .. ام فقرا" على فقر .. ام مرضا" على مرض .. ليزدادوا تخلفا" .. وتشردا" .. والمشردون , في الستينات , قدّرت اللجنه الدوليه للصليب الاحمر الدوليه عددهم في العالم ب( 35) خمسه وثلاثين مليون انسان ..وتشير ادبيات اللجنه بان عددهم سيبلغ سنة 2000 م سيبلغ ( 50) خمسون مليون مشرد .. واعتقد ان عددهم فاق او تجاوز الآن ( 70) السبعين مليون مشرد في العالم ..
الدول المتخلفه لا تريد او ليست لديها الامكانيه للحرب والقتال .. لسبب بسيط : لانّ هذه الدول والافراد فيها علجزون عن شراء السلاح .. والاّ لاشتروا بثمنه خبزا" ..ولأن الدول العريقه بالتخلف والفقر .. لا تلجأ الآن لمثل هذه الاساليب ... حتى في الدول الاكثر تطورا" .. لا يمكنها ان تمتلك السلاح الحديث للنزاعات والحرب ...

من يريد الحرب اذا ؟!:
هم تجار الاسلحه .. وتجّار الحروب .. وصانعيها .. المعامل الضخمه لصناعة الاسلحه .. والنظام الرأسمالي تكون الحروب اعمدنه الاساسيه ولازمه لبقاءه وذلك بتكديس رأس المال ... وكذلك الدول الاسنعماريه والتي لديها مخططات العصر الذي تريده لهذه الالفيه الثالثه ... حتى تتمكن من تشديد قبضتها على الدول التابعه , وعدم اعطائها الامكانيه ان تخرج من سيطرتها ... فتضع الخطط لاستنزاف مواردها على شراء الاسلحه وتكديسها واشعال الحروب او ادخالها في الحروب حيث يتم كذلك استنزاف مواردها البشريه .... فتجار السلاح مثلهم مثل تجار المخدرات وتجارتها .. فتوفر الاسلحه .. واثارة الفتن يخلق مجتمعا" لا مجال فيه للعيش
الاّ في ظل اقتصاد الحرب ..فلا عمل الاّ اعمال الحرب فيجد الفرد ان انخراطه كمرتزق في النزاع المسلّح هو المصدر الوحيد الذي يوفر له ولعائلته لقمة العيش ... وهذا ما حصل ويحصل في العراق ... تهديم بنيته التحتيه واعادته الى قعر التخلف ... اثارة النزاعات الطائفيه ... والعنصريه .. مع توفير وسهولة الحصول على مختلف الاسلحه ... وخلق او اعطاء الفرص لقيام المليشيات .. وتخريب البيئه البشريه للمجتمع العراقي .. وخلق الارضيه الملائمه للانفلات الامني وفقدان الامن في البيت .. والشارع .. والعمل .. فاصبحت في المجتمع حربا" ذات اشكال وصور متنوعه .. فلا مجال للعمل غير الانخراط في مجتمعات وبيئات السلاح الرسميه او الغير رسميه .... ان النظريه الامبرياليه والرأسماليه مبنيه على الحرب ..

الحرب مصدر للثراء .. واداة سياسيه !!
الحرب مصدر ثراء للدول المنتجه للسلاح .. ومصدر ثراء للمرتزقه تجار ووسطاء بيع وشراء السلاح .. كما ان لهذه الحروب والنزاعات لها اهداف سياسيه لبعض الدول الاخرى .. والمنظمات الانسانيه تقف عاجزه عن الوقايه ومنع الحروب والنزاعات قبل ان تقع مسبقا" .. فهي تقف منتظرة قيام هذه النزاعات لتقوم بعد ذلك بتأدية واجبها الانساني ..

نظرية الحرب واسبابها :
1- للحرب نظرياتها التي تعتبر الحرب ضرورة يجب قبامها .. والاّ لفسدت الارض .. ولأنّ ظروف الحرب تؤدي الى ضرورة المزيد من التقدم العلمي والتكنولوجي ..
2- ان النظام الامبريالي الرأسمالي .. يعتبر الحرب المحرك الاساسي لعصب النظام وهو رأس المال وتراكمه ونمو اقتصاده ..ونمويل مشاريع انتاج وصناعة الاسلحه .. والحصول على العماله الرخيصه .. واسواق لتصريف منتجات صناعاته وانتاجه ..
3- النظريه التي تتبناها الولايات المتحده الامريكيه .. هي ضرورة الحرب كطريق للسلام المفروض ..ولكي تخضع الدول وتتعب من الحرب وآلامها وتقتنع بالسلام المفروض شكله وصورته عليها .. لذلك فسياستها تقوم على خلق الازمات والفوضى المنظمه وخلق الازمات لايقاع الدول في التجربه .. فتجربة الحرب خير وسيله للوصول الى السلام .والقبول به نتيجة التعب ... والمثل الشعبي يقول (( تريد ارنب اخذ ارنب , تريد غزال اخذ ارنب )).. د
4-وعلى رأي الامبراطور نابليون الاول :: (( عشر سنوات حروب .. تؤدي الى مائة سنه سلام )).. أي ضرورة الحرب لاستتباب السلام ..
5- مبدأ الالتزام الذي وقعه وزير مالية فرنسا ستة 1619م الذي يقضي بتقسيم العالم الى : دول متبوعه ودول تابعه .. دول سيده هى الام الآمره .. ودول تابعه مستعبده ماموره للدوله الام ..
6- عدم وجود عداله ومساواة بضمان توزيع رأس المال والموارد الطبيعيه والثروات بشكل عادل وتحقيق مبدأ العداله والمساواة داخل كل بلد .. وبين الدول ككل ..
7- انتشار الانظمه الدكتاتوريه المستبده .. من اسباب الحروب والنزاعات الرئيسيه ..

كيف يمكن منع هذه الحروب والنزاعات !!
1- دوليا" عدم السماح بقيام الانظمه الدكتاتوريه والمستبده .
2- خلق حاله من التوازن الدولي لعدم اعطاء الفرصه لقيام القطب الواحد دوليا" , لأن هذا ضد النظام الالهي وقوانين الطبيعه ... ويدفع الى غرور الحرب والقوه...
3- اتفاق دولي مؤسساتي على مشروع دولي للتنميه في دول العالم .
4-اتفاق دولي والنضال من اجل منع اونحديد انتاج الاسلحه وتداولهل بين الدول وداخل الدول ... كما يحدث بالنسبه للمخدرات ..
5- اشاعة الثقافه الاشتراكيه على مستوى العالم والدول والشعوب على كافة المستويات .. وفي كل وسائل التربيه والتعليم والاعلام ... وكذلك ثقافة السلام ..
6- لو ان المصانع والعمال ادركوا بان انتاجهم في مصانع الاسلحه هو مساهمة منهم فعّاله في قيام الحوب .. وان امتناعهم عن القيام بهذا العمل سيؤثر على قيام الحروب والحد منها :
بايديكموا اذ يشد الرصاص فالموت ان شئتموا وان شئتموا فالحياة ..