الأزمة الأميركية بالمنظور الماركسي .. الطوفان القادم


عماد البابلي
2008 / 10 / 17 - 09:13     

شهد شهر أيلول الماضي حالة انهيار شامل في النظام الاقتصادي العالمي وخصوصا في الولايات المتحدة الأمير كية ، حالة انهيار فقدت فيها الولايات المتحدة قدرتها على قيادة العالم اقتصاديا ، ويقول رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين معلقا على الأزمة العالمية : (( أن عهد الهيمنة الاقتصادية الأمريكية قد ولى وإن العالم بحاجة إلى نظام مالي جديد أكثر عدلاً، وعلينا العمل معاً لإقامة هذا النظام بحيث يقوم على مبادئ تعدد الأقطاب وسيادة القانون والأخذ بالمصالح المتبادلة )) ..
الأزمة المالية / تعريف / :
هي التوسع الهائل في منح القروض العقاريـــــــــــة في السوق الأمريكية مقابل ســـــــــــــعر فائدة أعلى، والهدف هو تحقيق اكبر قدر ممكن من الإرباح ( حالة فساد أداري في إدارة تلك المصارف ) ، سارت الأمور لسنوات على هذا النحو، لكن مع تراجع أسعار المنازل ومع تراجع النمو الاقتصادي الأمريكي أصبحت هناك قروض عقارات بمئات المليارات يعجز من حصلوا عليها على تسديده .. ويتفق خبراء الاقتصاد على أن المشكلة معقدة الحل لسبب : أن عمليات "التوريق" والتي تعني ببساطة قيام البنوك بتحويل ضمانات القروض التي تمتلكها إلى أوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة . وهذه القروض الجديدة تقوم بنوك أو مؤسسات مالية أخرى بتحويل جانب منها إلى أوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة وهكذا. والنتيجة حصلنا على بناء مالي من عدة طوابق يمكن إن ينهار إذا انهار إي طابق منه ..
نتائج الأزمة :
أعلنت عدة مؤسسات أميركية إفلاسها وعرضت أسهمها للبيع أو اندمجت مع مؤسسات مالية أخرى لتفادي الانهيار الشامل ومن تلك المؤسسات : مؤسسة واشنطن ( ميوتشوال ) للخدمات المالية ،، بنك الاستثمار الأميركي ( ليمان برذارز) ،، بنك ميريل لينش الاستثماري ، بنك " H.B.O.S " البريطاني الشهير ،، 170000 ألف موظف في أميركا ممن يعملون في القطاع المصرفي يفقدون وظائفهم ،، بورصة Wall Street الشهيرة تنهار بشكل كامل في نيويورك ، قيمة الأسهم في كل بورصات العالم تنهار وخصوصا الأسهم العقارية ،، عدم التعامل بالدولار في أغلب الأسواق العالمية بعد الأزمة والاقتصار على اليورو الذي لم يتأثر كثيرا أو التعامل بالعملات الوطنية ..
الحلول :
السيولة الهائلة التي ضختها البنوك المركزية في الأسواق ( 700 مليار دولار ) ، والتي بلغت مئات المليارات من الدولارات في أسبوع واحد، ساهمت في امتصاص الأزمة المالية ..

الأزمة المالية في المنظور الماركسي :
قبل الولوج في نبؤة ماركس في انهيار الرأسمالية فلنفهم أولا أسس الاقتصاد الماركسي بشكل مختصر :
صاغ كارل ماركس المفهوم المادي للتاريخ والذي كان نقطة تحول هامة في دراسة علم التاريخ ولاحقا كمدخل للاقتصاد الماركسي ، فقد انطلق ماركس من الحقيقة البسيطة، وهي أن الناس قبل أن يمارسو ا السياسة والفن والدين والحقوق..الخ ، عليهم توفير احتياجاتهم الأساسية من : مأكل ومشرب ومأوي وملبس..الخ ، ولكي يتم ذلك لابد أن ينتجوا، ولكي تتم عملية الإنتاج ، لابد من توفير وسائل الإنتاج التي تتكون من أدوات الإنتاج ومواضيع العمل، وقوي الإنتاج التي تتكون من وسائل الإنتاج والعمل البشري.
وإثناء عملية الإنتاج تنشأ علاقات تتعلق بالملكية والتوزيع، أطلق عليها ماركس علاقات الإنتاج ثم استنبط ماركس مفهوم البنية التحتية للمجتمع التي تتكون من قوي الإنتاج وعلاقات الإنتاج والبنية الفوقية التي تتكون من آراء الناس السياسيـــــــــــة والحقوقية والدينية والفلسفية والفنية..الخ. ووحدة البنية التحتية والفوقية هي ما أطلق عليه ماركس البناء الاجتماعي أو أسلوب الإنتاج ، واســـــــــــــتقرأ ماركس تطور التاريخ نتيجة للتناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج والذي يشكل المفتاح لفهم التغيير الاجتماعي أشار إلي السلســــــــــــة الخماسية الشهيرة التي تتكون من: المشاعة البدائية، الرق، الإقطاع، الرأسمالية، الاشتراكيــــــــــــــة.وصاغ ماركس أيضا القانون الذي يحكم نمط الإنتاج الرأســــــــــــمالي الذي يبنى على مفهوم ( قانون فائض القيمة ) والذي يعبر عن فائض الإنتاج الاجتماعي للخيرات المادية ممثلا في شكل نقدي مادي بعد أن تم تجاوز شكل التبادل و السلع حيث أتخذ الإنتاج شكل سلعي من أجل البيع وليس شكلا إنتاجيا من أجل عملية التبادل ، ويدخل فائض القيمة حاليا في سلسة من التبادلات المالية ليكون في النهايــــــــــــة نقطة التركيز الذي يقوم عليها اقتصاد أي شركة أو أي معمل أو أي مصرف ( بيع وشراء فائض القيمة فقط – الربح - ) عبر عملية المضاربات بالأسهم والاستفادة من انخفاض وارتفاع أسعارها اليومي وهذا ما حدث تماما في أزمة الاقتصاد الأميركي الذي قام على رأسمالية مالية مضاربة طفيلية تعيش على استغلال الطبقة العاملة عبر امتلاك واحتكار وسائل الإنتاج ، تعيش اليوم الرأسمالية عصرها الذهبي التي وصفها ( لينين ) بالمرحلة الإمبريالية ( عالمية رأس المال ) والتي قال عنها ماركس بأنها أخر مرحلة للرأسماليـــــــــــــــــــــــــة .. ويبقى السؤال هنا هل تلك الأزمة مؤقتة وســــــــيرجع الاقتصاد الرأسمالي قويا كما كان أم أنها حلقة من حلقات الانهيار المتدرج ؟؟؟
لك السلام يا ماركس ...