ازمة الرأسمال وليس البنوك فقط ...انهيار ايديولوجيا نيو ليبراليزم ونمط اقتصادها


مؤيد احمد
2008 / 10 / 16 - 08:29     

ظهرت موجة الافلاسات الاخيرة للبنوك والمؤسسات المالية في امريكا في بداية ايلول هذا العام ولكنها انتشرت وبسرعة الى جميع انحاء العالم. شاهدنا خلال الاسابيع القليلة الماضية كيف ان اكبر موجة من افلاسات وسقوط البنوك والمؤسسات المالية الكبيرة ضربت امريكا وبريطانيا والدول الاوروبية وبعض الدول في آسيا، وكيف انها ادت بدولة مثل ايسلاند الى ان يتدهور وضعها الاقتصادي بشكل شبه تام وبسرعة كبيرة. وكيف ان هذه الازمة و العاصفة باتت تتعمق وتتخذ ابعادا اوسع باستمرار ولحد الان، رغم اقدام الكثير من تلك الدول على ضخ مئات البلايين من الدولارات لدعم البنوك والمؤسسات المالية للادامة بالنظام المالي العالمي وآليات عمله. كما وعلى نفس السياق لجأت دول كثيرة وبشكل منسق الى تخفيض سعر الفائدة لاعادة الحياة للنظام المالي للراسمالية في امريكا والغرب ولكن دون جدوى يذكر.
الازمة الخانقة الحالية في الاسواق المالية وسقوط البنوك وانخفاض قيم اسهم الشركات العملاقة في البورصات العالمية تشبه، وكما يؤكد عليها الاقتصاديون البرجوازيون انفسهم، الركود الاقتصادي الذي حدث قبل حوالي ثمانين عاما في نهاية العشرينيات للقرن الماضي. تلك الازمة التي ادت في وقتها الى الخراب الاقتصادي التام والدمار و الماسي وصعود الفاشية في اوروبا و من ثم الحرب. ان ضخامة الازمة الحالية وعمقها تظهر على ان الطبقة العاملة والبشرية المعاصرة تواجه احتمالات مخاطر جمة وكبيرة وامام مستقبل مجهول مع استمرار هذا الانهيار للنظام المالي والركود الاقتصادي العالمي والازمة الحالية التي تواجه امريكا والغرب بالاساس.
يعيد مدافعوا النظام الراسمالي والطغمة المالية افلاس هذه البنوك، من جهة، الى اسباب ظاهرية مثل سوء الادارة وغياب الشفافية في تعامل البنوك وتواجد عدد هائل من الديون السيئة في ميدان الاستثمارات العقارية وغيرها من الاسباب ويرون الحل من خلال التدخل المباشر من قبل الدولة لوضع الضوابط على البنوك والعمليات المالية ولحد القيام بتاميم الشركات والبنوك المفلسة، كما ومن جهة اخرى يفسرونه اقتصاديا الى كونها فقاعات مالية للاقتصاد وعوارض الصفقات المالية الوهمية والتي انفجرت مع اول اصطدام بانخفاض في اسعار العقارات والسكن وظهور بوادر الكساد الاقتصادي في امريكا واوروبا...ألخ.
انهم في احسن الاحوال ينتقدون الظاهرة من حيث كونها فشل ايديولوجيا النئو الليبرالية ونمط من انماط ايديولوجيات النظام الاقتصادي لراس المال "ليزيه فير" والسوق الحرة وكذلك فشل نمط من انماط الاقتصاد وعلى حد تعبير وشنطن بوست "نهاية راسمالية امريكا"!!. ولكنهم وبطبيعة الحال، لايذهبون ابعد من ذلك كي يدخلوا ميدان انتقاد راس المال نفسه وقوانين حركة تراكمه.
ان المحللين الاقتصاديين البرجوازين ومدافعي نظام العمل الماجور من المسؤولين الحكومييين والحزبيين الى الاداريين والتكنوقراطيين المسؤولين في الدولة والمؤسسات الاستثمارية الراسمالية يحسبون، بطبيعة الحال، الف حساب و يسعون قصار الجهد لحجب حقيقة ما تجري الان واخفائهاعن انظار الطبقة العاملة خالقة ثروات المجتمعات المعاصرة. ان مهمة هؤلاء هي بالاساس حجب الحقيقة عن الطبقة العاملة والجماهير التي تعاني وتدفع ضريبة هذه الازمة وهي التي تدفع ضريبة الركود الاقتصادي والتضخم في سعر المواد الغذائية والوقود وغيرها من الحاجيات، باشكال مختلفة، بفقدان عمله وانخفاض مستوى معيشته ووقوعها فريسة الفقر وموجة البطالة الهائلة التي عمت وعلى غفلة امريكا و اوروبا وبلدان اخرى في العالم.
ماهية الازمة الحالية!
ما تقف وراء هذه الازمة والموجة من الافلاسات والركود الاقتصادي هي بطبيعة الحال تفاقم التناقضات المستعصية الحل لقوانين حركة تراكم راس المال. انها نتيجة سيادة راس المال على الحياة الاقتصادية للبشر في عالمنا المعاصر ومحصول العملية الاقتصادية نفسها التي تتراكم فيها الثروات، العملية التي تحتاج الى النقود وكذلك السوق بوصفه الوسط الذي يتحقق من خلاله قيمة التبادلية للمواد المنتوجة وبوصفه الآلية والحلقة التي تحتاجها راس المال كي يحقق ذاته كراس المال. ان ما نشاهده في الوقت الحاضر من الازمات والافلاسات ليست مجرد اخطاء في الحسابات وغياب الدقة والشفافية او ليست هي مجرد نهاية موديل خاص من ادارة الاقتصاد المبنية كاملة على السوق الحرة واليات عمل السوق، انها ظاهرة مادية لقوانين حركة راس المال ومحصول وسطها الضروري الذي هو السوق.
خلقت الثورة في علم المعلومات وفي تكنلوجيا المواصلات، الارضية، في العقدين الاخيرين، كي يكون في حوزة راس المال اكبر قدر من الامكانيات والوسائل العلمية لاجراء الحسابات وكشف احتمالات التغيير في السوق وغيرها من المعلومات العلمية لمتابعة حركة راس المال والية حركة سوقه. ولكن رغم ذلك، يقولون لنا مدافعوا راس المال بانهم اخطاوءا في هذا التقييم او ذاك ولم يكن هناك قدر كافي من الوضوح والدقة في الحسابات والتي ادت الى ظهور هذه الموجة من الافلاسات والازمات المالية. حقيقة الامر هي ان راس المال لم يخطئ ولم يتوقف لحظة عن استخدام الدقة في حساباته ولكن قوانين حركة تراكمه هي التي تملي عليه القيام بالعمليات والصفقات بهذا الشكل. ان الازمة الحالية، مثلها مثل الازمات الاخرى في الراسمالية، منتوج القوانين الذاتية للراسمالية وليست نتيجة اخطاء هذا البنك او ذاك، هذا الراسمالي او الاخر، في الحسابات اوغياب الشفافية وغيرها. ان الكازينو الذي يقامر فيه الراسماليون يخلق بطبيعة الحال ضمن اوساط الراسماليين انفسهم، الخاسر والرابح، ولكن وصول النظام الى الركود وغلق الكازينو وتوقفه عن النشاط، امر متلعق بقوانين حركة راس المال وليس حسابات خاطئة لهذا البنك او ذاك.
كان المدافعون عن الراسمالية، من كل شاكلة و لون، وخاصة النئو ليبراليين، يقولون لنا وللطبقة العاملة والبشرية المعاصرة، وبشراسة لم تسبقها مثيل، خلال العقود الثلاثة الاخيرة، بان السوق هو الالية الوحيدة الناجحة لتنظيم الانتاج وتقسيم الموارد بشكل كفوء وهو الذي ادى الى "خلق" الثروات والرفاهية الاقتصادية للبشرية المعاصرة. غير انه وبعد المرة الالف في حياة الراسمالية، تبينت للجميع بان آلية السوق لتنظيم الانتاج هي الية تحقق راس المال وبوصفها كذلك فقط يصبح السوق آلية لتنظيم الانتاج، وهذا الدور للسوق في علاقته براس المال لا محال ينظم الاقتصاد بهذا الشكل، اي بشكل ظهور الازمات الدورية. ان القوانين الذاتية لحركة تراكم راس المال هي التي تملي ضرورة ظهور الازمات الدورية مثل الازمة الحالية التي اتسعت واحاطت كل بقاع العالم و التي تدفع الطبقة العاملة بحياتها و معيشتها و بفقدان عملها ضريبة هذه الالية لتنظيم الانتاج .
بين ماركس قوانين حركة تراكم راس المال والازمات الدورية الملازمة لها وكشف في الكتاب الثالث لراس المال كيف ان تلك الازمات هي نتيجة للميل التنازلي لمعدل ربح الراسمال بسبب التطورات التكنلوجية اي بسبب التغير في نسبة راس المال الثابت والمتغير في عملية الانتاج. ان الازمة الحالية هي من حيث الجوهر نتيجة حركة تراكم راس المال المعاصر والتطورات الهائلة في التكنوجيا الانتاج وفي قلب عولمة غير مسبقة النظير مع ما يترتب عن ذلك من السرعة والشمولية في نشر ابعاد الازمة.
تراجع موقع امريكا في العالم
والازمة الحالية
لا يمكن عزل هذه الازمة عن وقائع عالم اليوم، انها تحدث في قلب عالم اليوم، عالم الراسمالية المعاصرة التي تسود فيها راس المال الاحتكاري، العالم الذي يجري فيه صراع شديد بين الاقطاب الاقتصادية العالمية للاستحواذ على فائض القيمة المنتجة من قبل الطبقة العاملة العالمية مع ما يترتب عن ذلك من نشوء الصراعات والاحتكاكات والحرب وتصاعد العسكرتاريا وغيرها.
عندما انهار اقتصاد راسمالية الدولة المتمثلة بالكتلة الشرقية في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي ارتفعت الاصوات من كل الجهات تقول بان عهد العولمة والامان والسلم والرفاهية الاقتصادية والتطورالاجتماعي قد بدء وان ما توصلت اليه البشرية هو "نهاية التاريخ". لقد كانوا يكررون ما قاله كاوتسكي حول سيادة عهد "ما فوق الامبريالية" قبل واثناء الحرب العالمية الاولى. غير ان واقع العالم، كان ولا يزال بشكل باتت اقساما كثيرة من البشرية وبعد ما يقارب عقدين من الزمن تجرب بنفسها ماسي الحروب المستمرة في مختلف بقاعات العالم، ليس هذا فقط ، لم يستغرق وقتا طويلا حتى ظهرت تناقضات القطب الفائز في الحرب الباردة اذ بدءت البشرية تشهد نمو الاقطاب الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية الاخرى بوجه امريكا والصراع من اجل اعادة تقسيم العالم من جديد وباشكال مختلفة.
بعد اقل من عقدين من الزمن باتت بوادر تراجع او حتى انهاء دور امريكا كقوة عالمية وحيدة تظهر ومن ثم يرسخه فشلها السياسي في العراق. لم يمر عقدين من الزمن على صيحات "نهاية التاريخ" حتى وبدء ينتهي، وكما يقولون، "قرن امريكا" و"راسمالية امريكا!!"، ويصل الصراع المجدد من اجل اعادة تقسيم العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بين الاقطاب العالمية الى مديات اوسع واعمق وتجري باشكال مختلفة وبوتائر متسارعة. طوال العقدين الماضيين سادت الرجعية السياسية الامبريالية على الصعيد العالمي بشكل شامل، اذ شنت امريكا حربي الخليج ومن خلالها احتلت العراق للاستيلاء على الموارد النفطية وتامين استراتيجتها العسكرية ومصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة بوجه الرقباء الاخرين والاقطاب الاقتصادية الاخرى مثل الصين واليابان وروسيا واوربا والهند. وبكلمة لم تمض وقتا طويلا حتى انكشفت اكاذيب البرجوازيين واوهام البرجوازيين الصغار، فالعولمة التي كانت حسب تلك الاوهام، تبشر بالسلم والامان والرفاهية، ظهرت وبسرعة، انها عولمة راس المال والعمل، اي عولمة التناقضات المستعصية الحل للراسمالية واكثر تحديدا هي عولمة تناقضات الراسمالية الاحتكارية. ان اقتصاد السوق الحرة التي لا تزال تطبل لها مدافعيها النئو ليبراليين لم يجلب غيرالفقر والحرمان او حتى سلب حق التمتع بالمياه الصالحة للشرب من قطاعات كبيرة من البشرية على سطح الكرة الارضية ولم تجلب السعادة و الرفاهية لاقساما كبيرة من الطبقة العاملة العالمية اوحتى للفئات الكبيرة من العمال في امريكا واوربا نفسها رغم فترة الانتعاش الاقتصادي.
ان ايديولوجيا السوق الحرة والنئو ليبراليزم كانت هي ولا تزال ايديولوجيا الراسمالية الاحتكارية المعاصرة، راسمالية الطغمة المالية والصراع من اجل اعادة تقسيم العالم وليس راسمالية المزاحمة الحرة التي ولت عهدها قبل اكثر من قرن. فلا يمكن عزل واقع الازمة الحالية بطبيعة الحال عن ما جرى لامريكا على الصعيد العالمي. ان هذه الازمة هي انعكاس للدور المتراجع للامريكا في صراعها العالمي وركود اقتصادها وفشلها السياسي في العراق وبالتالي اننا نشاهد بعد عقدين من الزمن ليس "نهاية التاريخ" بل نهاية قرن المسمى ب "قرن امريكا".
لم يبق احد من معسكر النئو ليبرالية
لا يدعو الى تدخل الدولة
لقد اختفت وبسرعة خارقة "هيبة" مدافعي السوق الحرة ونئو ليبراليزم وعدم تدخل الدولة في امور الاقتصاد وانهارت ايديولوجيا السوق الحرة و “ليزي فير” بسرعة اكبر بكثير من انهيار راسمالية الدولة والكتلة الشرقية. لقد تحول جورج بوش الى "اشتراكي"! في انظار اليمين المتطرف في معسكر النئوالليبرالي واصبحت الاحزاب الحاكمة من اليمين و المحافظ والوسط و"اليسار" يتسابقون على تقديم التبريرات لضرورة التاميم ومصادرة الدولة للبنوك الخاصة، التدخل في امورالاقتصاد، معاقبة البنوك التي قامت بعمليات المالية السيئة، وتحويل ادارة امور المالية والمؤسسات المالية الى الدولة لحل الازمة الحالية. لم يبق احد من البارزين في ذلك المعسكر لم يتخلى عن افكار نئو ليبراليزم الاقتصادي، حتى ان رئيسي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يتحدثون الان عن ضررورة التدخل وضرورة وضع الضوابط لتنظيم امور البنوك والعمليات المالية، اي رئيسي المؤسستين اللتين كان محور عملهما الخصصة وتحرير الاسعار واخضاع كل شئ لمتطلبات السوق في كل مكان في البلدان النامية مع ما نجمت عن تلك السياسات من فرض الفقر والحرمان على الطبقة العاملة والكادحيين في تلك البلدان.
باتت بنوك امريكا الرئيسية الفاعلة في قلب "النظام المالي" في امريكا، اي "النظام المالي" الذي كان ومنذ بداية الثلاثينيات من القرن الماضي ولحد الاسابيع القليلة الماضية قدوة "السوق الحرة" في العالم، مهددة، حسب تعبير المعلقين الاقتصاديين الامريكيين، بان تقع في ايدي "الحكومة". ان الدولة في امريكا ستقوم بتاميم جزئي لبعض البنوك ضمن خطة ضخ 700 بليون دولار الى السوق المالي، كما وقامت بريطانيا بتامين بنكين كبيرين قبل فترة وهي مستمرة في التحكم بامور المؤسسات المالية والمضي قدماعلى على هذا المسار اذا تطلبت الاوضاع ذلك. انها حقا انهيار ايديولوجيا النئو ليبراليزم والسوق الحرة. غير ان انهيار "كتلة"! النئو ليبرالية والسو ق الحرة لا يمكن الاستعاضة عنها براسمالية اخرى، راسمالية الدولة كما كانت سائدة سابقا اذ ان ذلك بات جزء من الماضي وجزء من التاريخ. ان البرجوازية العالمية والاقتصاديين النئو ليبراليين..وغيرهم اقدموا على جر الدولة للقيام بالتاميم والتدخل من اجل الابقاء على النظام المالي العالمي وتنسيق اموره ووضع بعض الضوابط له املا بان يمر هذه الازمة بسلام وان يصلح ما يكمن اصلاحه من نظامهم المتهرئ.
الازمة الحالية
والبديل الاشتراكي
ان الازمة الحالية بدات تضرب حياة الطبقة العاملة والكادحين في كل مكان وان آثار ضرباتها الاقتصادية والاجتماعية ملموسة وظاهرة للعيان، اذ باتت ضحاياها المباشرة صفوف المئات الالاف من العمال الذين يفقدون اعمالهم وعلى غفلة في امريكا واوربا وغيرها من البلدان. اذا تفاقمت الازمة الحالية بشكل اشد سيتدهور الوضع الاقتصادي للجماهير بطبيعة الحال، وفي حالة غياب حركة عمالية اشتراكية وشيوعية قوية ومقتدرة في امريكا والغرب، فان الابعاد السياسية والايديولوجية لهذه الازمة ستتخذ مسارات مختلفة. فلا يمكن ابعاد احتمالات حدوث التغيير في توزان الايديولوجي داخل المجتمعات واحتمال صعود الفاشية والحركات القومية المتطرفة في امريكا واوروبا اوغيرها من البلدان لاخذ زمام المبادرة بايديها لاعادة تنظيم جسد راس المال من جديد ولكن على حساب هدر طاقات الطبقة العاملة باشرس الاشكال وفرض ماسي بشرية مروعة جديدة من خلال الحرب. هذه ليست الازمة الوحيدة التي جربتها الراسمالية عبر تاريخها اذ ان الحرب من اجل اعادة تقسيم المجدد للعالم تظل امرا محتملا مع كل ازمة خانقة تواجهها راس المال المالي المتحكمة بحياة البشرية المعاصرة.
ان البديل الاشتراكي العمالي هو البديل الوحيد للراسمالية بكل اشكالها من راسمالية السوق الحرة الى راسمالية الدولة. ان ما تعرفها البرجوزاية كـ "اشتراكية" هي، بالاساس وفي احسن الاحول، راسمالية الدولة او تدخل الدولة في امور الاقتصاد وغيرها. ان الاشتراكية والشيوعية تتحقق عن طريق دك اسس راس المال اي الغاء العمل الماجور والملكية الخاصة لوسائل الانتاج والغاء النقود اي الاهداف والاجندة التي تسطيع الطبقة العاملة وحدها النضال من اجل تحقيقها ورفع رايتها. كانت الحركة العمالية الاشتراكية في العقود الثلاثة الاولى من القرن الماضي قوية في اوروبا فشنت صراعا طويلا وشديدا بوجه التيارات الاصلاحية داخل الحركة العمالية وذلك من اجل تحويل الافق الاشتراكي التحرري والثوري الى راية الحركة العمالية عموما في الغرب. لقد كانت البدائل المطروحة والتيارات الفاعلة بالاساس داخل الحركة العمالية انذاك هي الاصلاحية والاشتراكية الثورية. ان الطبقة العاملة اليوم تواجه في امريكا والغرب تراجعا كبيرا حتى في ميدان النضالات الاقتصادية والاصلاحات ولكن هذا لا يشكل مبررا في تاخير العمل الشيوعي المباشر ففي الوقت الذي يجب الارتقاء بالنضال الاقتصادي من اجل الاصلاحات والدفاع الحازم عن حقوق وعمل العمال بوجه هجوم راس المال يجب على الاشتراكيين والشيوعيين النضال من اجل تقوية صف الاعتراض الاشتراكي داخل الحركة العمالية بحزم و اندفاع كبيرين لتحويله الى قوة مؤثرة داخل الحركة العمالية.
ان الحركة العمالية الاشتراكية والشيوعية العمالية ضعيفة حاليا على الصعيد العالمي ولكن الاوضاع الحالية تفرض عليها ان تنهض من جديد وترفع قامتها بوجه الجهمة المتواصلة التي شنتها البرجوازية والنئو ليبرالية السوق الحرة على طول العقود الماصية. ان الاوضاع تتطلب التغيير في المسائل التي كانت تشغل بال الماركسيين والشيوعيين العماليين في الغرب وعلى الصعيد العالمي. ان الوقوف في صف الدفاع عن حقوق ورفاهية الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ستبقى تشكل احدى المهام الاساسية المستمرة للاشتراكيين في كل مكان غير ان المهمة الاخرى الحيوية هي الارتقاء بالحركة العمالية الى حركة اشتراكية و شيوعية مقتدرة تصارع البرجوزاية العالمية على بديلها الاقتصادي اي الاشتراكية.
ان الازمة الحالية هي عالمية بطبيعة الحال وان اثارها على الطبقة العاملة ستكون عالمية ايضا. فالعالم يعيش عهد التقلبات الاقتصادية الكبيرة، فمع تفاقم هذه الازمة واستمرارها وخلال تطوراتها اللاحقة سيصبح النضال الاممي للعمال اكثر واكثر جزءا واقعيا من متطلبات النضال المؤثر بوجه هجوم راس المال العالمي في كل مكان. نحن الشيوعيون العماليون في العراق وحزبنا لم نخفف لحظة من اهدافنا الاشتراكية ليس هذا فقط بل رفعنا راية ماركس والشيوعية العمالية وكانت موجة انهيارالكتلة الشرقية تعصف العالم. لقد استطعنا ان نحول تلك الراية الى حزب وحركة سياسية وواجهنا بها التيارات البرجوزاية الاخرى واحزابها. ان الاوضاع الحالية تتطلب منا القيام بالتحريض الاشتراكي بمديات اقوى واكبر واوسع داخل الحركة العمالية وعلى صعيد المجتمع وفي كل معمل ومحلة ومكان عمل.
فعلينا ان نرفع راية الاشتراكية في قلب هذه الازمة بحزم بوجه راس المال وبدائلها الاقتصادية ونجعل من تقوية صف النضال الاشتراكي والشيوعي للحركة العمالية والارتقاء به بمثابة حركة اجتماعية وسياسية مقتدرة في المجتمع مهمتنا الملحة والآنية.