دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (4).. -إشتراكية- ملطخة بدماء الاشتراكيين!


سعد هجرس
2008 / 10 / 18 - 08:10     

لأن تصفية الحزب الشيوعى المصرى من "العناصر الموالية لجمال عبدالناصر" كان – فى رأى الدكتور احمد القصير مؤلف كتاب "حدتو .. ذاكرة وطن" – كان هو الأساس السياسى لتدمير وحدة الحركة الشيوعية التى تحققت فى 8 يناير 1958 ولم تستمر لأكثر من ستة أشهر .. فان "حدتو" التى واصلت وجودها "المستقل" بعيداً عن شريكيها السابقين – الراية وطليعة العمال– رسمت لنفسها خطاً سياسيا وفكرياً يعبر عن هذا "التمايز"، فاتخذت فى النصف الثانى من عام 1960 قراراً يقول بوجود مجموعة اشتراكية بزعامة عبدالناصر فى قمة السلطة الحاكمة فى مصر. وتم اتخاذ هذا "القرار" بعد مناقشة حول مغزى قرارات تأميم بنك مصر وشركاته.
والعجيب أن الدكتور أحمد القصير – رغم أنه عالم اجتماعى مرموق ومناضل بارز – لم يجد مفارقة مذهلة فى تعليقه على هذا "القرار" بقوله: أن "هذه القرارات قد أصدرها عبدالناصر فى النصف الأول من عام 1960 أثناء محاكمتنا بمدينة الاسكندرية أمام محكمة عسكرية برئاسة الفريق هلال عبدالله هلال فى قضية كان الراحل شهدى عطية هو المتهم الأول فيها. وأعلن شهدى أمام المحكمة تأييدنا لإجراءات التأميم، وأشار إلى أنها تساعد على الانتقال سلمياً إلى الإشتراكية. وبعد انتهاء المحاكمة تم ترحيل المتهمين فى القضية.. إلى أوردى ليمان أبو زعبل.. حيث تعرضوا لعملية تعذيب منظمة بشعة تم خلالها استشهاد شهدى عطية يوم 15 يونيو 1960. وقد ذاع خبر الجريمة فى نفس اليوم وكان عبدالناصر فى زيارة رسمية إلى يوغوسلافيا، وهو ما سبب له إحراجاً فأمر بالتحقيق. وتوقف على أثر ذلك تعذيب الشيوعيين فى المعتقلات، وإن لم تتحسن المعاملة".
بل إن صدور "قرار المجموعة الاشتراكية" تم بصورة دراماتيكية يرويها أحمد القصير بالكلمات التالية بالنص:
"بعد قتل شهدى عطيه تم نقل زملائه فى القضية من أوردى ليمان أبوزعبل إلى سجن القناطر بعد أن طلبنا من النيابة حمايتنا أثناء تحقيقها معنا فى مقتل شهدى وفى التعذيب الذى تعرضنا له. وجرت بعد وصولنا إلى سجن القناطر مناقشات حول تأميم بنك مصر. ولم تكن أوضاع السجن تسمح بعقد اجتماعات. وكانت المناقشات تتم داخل الغرف بين من يقيمون معا. غير أن المناقشات الأوسع كانت تتم نهاراً أثناء الطابور اليومى للمعتقلين ومدته ساعة، حيث كان يتناقش معا الشخصان اللذان يسيران بجانب بعضهما فى الطابور. وكان على من يريد معرفة وجهة نظر أى زميل من الزملاء أن ينتقل للسير بجواره فى الطابور. واستمرت المناقشات على هذا النحو عدة أسابيع. وانتهت بقيام بهيج نصار بالتنقل بين جميع الزملاء لمعرفة رأى كل منهم. وبعد أن قام بتجميع حصيلة الآراء صاغ قراراً يعبر عن تلك الحصيلة.
هكذا صدر القرار الذى جرى تسميته بقرار المجموعة الاشتراكية. وقد نص على وجود مجموعة بزعامة جمال عبدالناصر فى قمة السلطة بمصر تتبنى الاشتراكية، لكنها اشتراكية غير علمية، أى ليست ماركسية".
هل يتصور أحد أن يسفر هذا المناخ، وتلك الظروف، وهذه المعاملة، عن قرار يسبغ صفة "الاشتراكية" على مجموعة رئيسية فى السلطة التى ترتكب كل هذه الجرائم وتقوم بهذا التعذيب البشع؟!
وهل من المنطقى أصلاً اتخاذ "قرار" بهذا المضمون تحت تهديد السلام وفى غياهب السجون، وفى ظل الحرمان من الحرية؟!
وللحديث بقية.