حرمان البشرية من ترليونات الدولارات من احتياطيات الشعب الامريكي وشعوبالعالم لاينقذ الراسمالية من ازماتها


سعاد خيري
2008 / 9 / 27 - 08:13     

ضخ الرئيس بوش اكثر من ترليون دولار لانعاش الاقتصاد الامريكي منذ بدء الازمة المالية التي تعصف به. فقد تحول بفعل القوانين الاساسية للراسمالية ولاسيما الركض وراء الارباح، من اقتصاد يعتمد على الانتاج والاتجار به الذي عزز مواقعها في الاقتصاد والسياسة العالمية، الى اقتصاد قائم على المال واسواقه والاتجار به. فافرغته من ركائزه الاساسية . فالاموال بضاعة تستهلك وتخزن ولاتنتج شيئا الا من خلال العمل والاتجار والمضاربة بها لا يؤدي سوى الى انتقالها من جيب راسمالي الى اخر، وتركزها في ارصدة اقل فاقل من الراسماليين الكبار الذين لا هم لهم سوى مضاعفة ارباحهم من خلال المضاربات حتى وان كانت على حساب دمار البشرية . نعم ضخت الادارة الامريكية الحالية اكثر من ترليون دولار من خزينة الدولة على حساب الشعب الامريكي الذي تعصف به الكوارث الطبيعية وانهيار البني التحتية والرعاية الصحية والتعليمية. وتستنزف امكاناته المعيشية فوائد البنوك بل وتعرضه الى فقدان مصادر العيش واماكن السكن . وعلى حساب شعوب البلدان التابعة كالشعب العراقي وشعوب بلدان الخليج فقد ضخت الادارة الامريكية مئات المليارات من خلال عقد صفقات سلاح متخلف كما جرى لتسليح الجيش العراقي او متقدم لبلدان الخليج يحرم استخدامه ضد العدو الرئيس الامبريالية والصهيونية، او مشاريع اعمار كاذبة كما جرى في العراق حيث بلغت قيمة العقود مع شركات الاعمار الامريكية اكثر من 25 مليار دون ان يشهد العراق مشروعا اعماريا ناجزا واحدا وفقا للعقود، خلال ما يقرب من ست سنوات من الاحتلال وتسعى الادارة الحالية الى توطيد احتلالها للعراق بعقد الاتفاقية الاستعبادية وتشريع قانون النفط لادامة وزيادة نهب المليارات من ثروات العراق النفطية . ان هذه الترليونات من الدولارات التي تريد الحكومة الامريكية بكل مكوناتها من الادارة بقيادة بوش ومجلس نوابها وشيوخها الممثلين لمصالح الراسمال الامريكي، الديموقراطيين منهم والجمهوريين ، هذه الترليونات من الدولارات التي يريدون ضخها لانعاش شركات السلاح الكبرى والبنوك مفلسة، لايمكن ان تؤدي سوى الى اطالة عمر النظام الراسمالي بدورة جديدة وباساليب اشد قسوة في استغلال البشرية واستعبادها والاستغراق في مضاربات اخطر واكبر وانتاج افضع مما يملكون من اسلحة الدمار وحروب، دورة اسرع من دورة الازمة السابقة واعمق واشد وقعا ووحشية على البشرية . في حين يمكن لهذه الترليونات ان تضمن بيتا مريحا لكل عائلة في العالم ومدارس لجميع اطفال العالم ورعاية صحية لجميع البشر وعملا لكل انسان قادر عليه. ويمكن لطاقات البشرية العلمية والتكنولوجية التي يكبلها النظام الراسمالي ان توفر مثلا لكل انسان في العالم ما يحتاجه من الطاقة باسعار رخيصة جدا وصديقة للبيئة من خلال استغلال الطاقة الشمسية لانتاج الهايدروجين في النهار الذي يكفي لتجهيز البشرية بالطاقة النظيفة والضرورية ولا يخلف سوى الماء. ولكن شركات النفط العملاقة المهيمنة على اقطاب العولمة الراسمالية تمنع استخدام هذه التكنولوجيات حماية لارباحها بل ولوجودها.
ستبقى هذه الدورات من الازمات الاقتصادية للنظام الراسمالية تطحن البشرية وتبدد طاقاتها العلمية والتكنولوجية وتعرضها لخطر الفناء طالما بقي الوعي العام العالمي متخلفا عن فهم حقيقة النظام الراسمالي وقوانينه التي حددها ماركس في كتابه القيم "الراسمال" وطورها لينين في كتابه "الامبريالية اعلا مراحل الراسمالية وعشية الثورة الاشتراكية" وفقا لتطور الراسمالية وبلوغها مرحلة الامبريالية. ويفرض الواقع تطويرها بناء على انتهاء دورالنظام الراسمالي في خدمة الانسانية وخطورة استمرار بقائه على مصير البشرية ، وادراك الامكانيات المتوفرة لها بفضل الثورة العلمية التكنولوجية ، وعن امكانية العيش والتطور لعموم البشرية بدون علاقات الانتاج الراسمالية . فالنظام الراسمالي لن يزول تلقائيا وانما بفعل وعي عالمي شامل وتنظيم اجتماعي وسياسي راقي وطني وعالمي يقوده نهج مادي ديالكتيكي يستفيد من نظريات وتجارب الماضي والحاضر ليطورنظريات وتجارب الحاضر لبناء المستقبل. ولايمكن تحقيق ذلك الا من خلال نضال فعال ضد كل التيارات الانهزامية التي تترك البشرية تتخبط بدمائها سواء بالانتظار السلبي او اليأس من مواجهة عدو جبار لاتدرك مدى تداعي اسسه . والاصلاحية التي تضلل البشرية بانصاف الحلول . فهي تمني البشرية بتحمل نتائج الازمة بامل الانتقال من احادية القطب الى عالم متعدد الاقطاب !! أي العودة الى ما قبل الحرب العالمية الثانية والى عودة الحروب العالمية الكبرى التي تفرضها القوانين الراسمالية كقانون التطور غير المتناظر لاقطابها واللجوء الى الحروب لفرض الهيمنة الكاملة لاحد اقطابها وبوسائل اشد خطرا واكثر دمارا . وهذا ما بدأت بوادره في الصراع بين القطب الراسمالي الجديد الروسي المنطلق والقطب الاكبر القديم والمتهاوي الولايات المتحدة. او بتفضيل اوباما على مكين وقد سارع اوباما الى تأييد ضخ مئات المليارات لانعاش الشركات والبنوك المفلسة مع عبارة تجميل بل تضليلية بشرط شمول الانعاش للعوائل المتضررة من البنوك العقارية المفلسة. كما حاول تضليل الشعب الامريكي وشعبنا بوعوده بسحب القوات الامريكية المحاربة من العراق خلال سنة ونصف . الامر الذي لايعني سحب جميع قوات الاحتلال من العراق بل دوام الهيمنة الامريكية عليه وعلى ثرواته. ويجري التضليل عن انجازات الشعوب في امريكا اللاتينية التي تعمل على التحرر من هيمنة النظام الراسمالي العالمي بالتحرر من جميع ادواته سواء شركاته الاحتكارية ولاسيما النفطية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية مثل كوبا التي قاومت جميع وسائل اخضاعها من حروب عسكرية واقتصادية وحصار طويل وفنزويلا وما تبدعه الجماهير من وسائل تنظيم سياسي واجتماعي واقتصادي يتلائم مع متطلبات العصر . فعجلة التاريخ لن ترجع الى الوراء ولن تقف وستغذ السير الى الامام لتسحق العوائق مهما بلغت من القوة وتخفت الاصوات المضللة مهما بلغت من الصخب . والبشرية يجب ان تبقى وتتطور.