جوهر الراسمالية الكولونيالية المغربية لعبد السلام المؤذن


بلكميمي محمد
2008 / 9 / 26 - 09:22     

لنستمر في النقاش ، قلنا بان العلاقة بين الراسمال والعمل ، هي علاقة تعارض ، بمعنى ان الراسمال ليس هو العمل ، والعمل ليس هو الراسمال ، لكن لنتامل المسالة بمزيد من التذكير . فالعامل المغربي لكي يكون قادرا على العمل في ورشة الراسمالي الفرنسي ، لابد لبطنه ان تحتوي على شيء من الطعام ، ولجسمه ان يحتمي بشيء من اللباس ، من اين تاتيه تلك المواد ؟ بالطبع ليس هو الذي يصنعها . اذ منذ ان فارق وضعه كفلاح مرتبط بالارض فقد في نفس الوقت القدرة على انتاج وسائل عيشه بنفسه ، لقد اصبح اذن يحصل عليها بواسطة الاجرة النقدية التي يتقاضاها من الراسمالي الفرنسي ، فالراسمالي يحول راسماله الى اجرة للعامل ، والعامل يحول الاجرة الى مواد معيشية ، وهذه المواد بدورها تتحول الى طاقة تمكن العامل من تحريك قوة عمله وفق اغراض الراسمالي . والنتيجة تصبح بالتالي : ان الراسمال هو عمل .
لننظر الان الى المسالة من الزاوية المعكوسة . فالمنتوجات المادية ، التي تتمخض عنها في نهاية المطاف العملية الانتاجية والتي يتملكها الراسمالي كملكية خاصة ، هي في حقيقة الامر نتاج لقوة العمل المصروفة فيها .. نتاج لجهد عضلات واعصاب العامل المستهلكة فيها . ولذلك يمكن القول في نهاية التحليل ، ان العمل هو راسمال .
والخلاصة العامة التي يمكن استخراجها من كل ما سبق ، هي التالية : من ناحية لاحظنا بان الراسمال ليس هو العمل ، والعمل ليس هو الراسمال . لكن من ناحية اخرى لاحظنا ان الراسمال هو عمل ، والعمل هو راسمال .
اننا اذن امام تناقض ، وليس فقط امام تعارض ( كما كان الحال في السابق ) لقد تدرجت علاقة الاختلاف بين الراسمال الفرنسي والعمل المغربي ، عبر حركتها الجدلية ، من الشكل البدائي البسيط للاختلاف الذي هو التنوع ، الى شكل متطور ، هو التعارض ، ثم الى شكل ارقى ، هو التناقض ، لكن التناقض بدوره ، لايمكنه ان يشكل اللحظة النهائية لتلك الحركة الجدلية ، لانه هو نفسه في حاجة الى حل .
فماهو اذن حل التناقض التالي ان الراسمال ، في نفس الوقت ، هو ذاته أي: ( راسمال ) ، وليس ذاته أي ( عمل)
والعمل ايضا ، في نفس الوقت ، هو ذاته (أي عمل ) ، وليس ذاته ( أي راسمال ) ؟
ان الصيغة النظرية الوحيدة ، الممكنة عقلانيا ، لحل ذلك التناقض ، هي توحيد الضدين ووحدة الاضداد هذه ، هي نفسها غير قابلة للتحقيق ، بدون توحيد عنصر التجاوز بعنصر المحافظة للطرفين المتناقضين ، عبر انتقالهما من حالة الحركة الى حالة السكون .
ربما تبدو هذه الفكرة مجردة بعض الشيء ، فسنوضحها ببعض الامثلة الملموسة في الجزء المقبل .