يوميات مقر الأندلس للحزب الشيوعي العراقي


كريم الزكي
2008 / 9 / 18 - 09:38     

فتحنا مقر الحزب الكائن في ساحة الأندلس, في بناية الإسكان العسكري السابقة .. كان هذا بعد عدة ايام من سقوط الطاغية . وكذلك استعدنا مطبعة الحزب القريبة من القصر الأبيض والمجاورة لدائرة الأمن العامة السابقة في منقطة بارك السعدون القديمة . وعمل رفاقنا بكل جهادية الليل مع النهار وبمساعدة من مجموعة رفاقنا الأنصار الذين اصبحوا حرّاسا ً لمقرات الحزب منذ الأيام الأولى لسقوط الطاغية ..
في الجهة المقابلة لمقر الاندلس توجد عدة مطاعم ومجموعة من بائعي السكائر في الساحة الفارغة أمام المطاعم وأحد صباغي الاحذية , وبشكل خاص مطعم كص أبو علي . بقيَ إسم هذا المطعم على الرغم من تسفير صاحبه إلى إيران في ثمانينيات القرن الماضي إثر الحملة الوحشية التي تعرض لها العراقيون من الاكراد الفيليين إبّان الحرب العراقية الإيرانية . نعود إلى صاحبنا صباغ الأحذية , كان رجلا ذا هيبة ووقار . قررت أن أحاول توطيد علاقة صداقة مع هذا الصباغ فتناولت أطراف الحديث معه عن عمله وأطفاله وسكنه . المهم ... دخلنا في السياسة وتبين أن الاخ الصباغ ايضاَ ممن يحبون الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي فوجهت له الدعوة لزيارة مقر الحزب . رفض الاخ الصباغ الدعوة وهو آسف جداَ لعدم استطاعته تلبيتها وقال ( لن استطيع دخول مقركم وانا صخمت وجهي سابقاَ أمام العدو وأعترفت على رفاقي في التنظيم ) . أذهلني كلام هذا الرجل وكم اصبح شامخاَ وكبيراَ في نظري هذا الانسان الذي عزّت عليه نفسه حتى لايشعر بالاهانة مع نفسه كونه قد ضعف في يوم من الايام أمام العدو . في حين يمتلئ مقرنا بالكثير من الذين صخموا وجوههم امام العدو . تذكرت الايام السود والعمل السري واستشهاد المئات من رفاقنا نتيجة الاندساس والاعترافات والخيانة . كانت إحدى رفيقاتنا بنت أحد شهدائنا ( عبد الحليم أحمد ) تأتي يومياً للمقر. في إحدى زياراتها لهذا المقر سقطت هذه الشابة أرضا ً مغميا ً عليها في صالة المقر الرئيسة . كانت هذه الصالة مكانا ً لإجتماع الشيوعيين الذين يزورون المقر بالمئات يومياَ حباَ ودعماَ لحزب فهد وسلام عادل . نعم ، سقطت أرضا هذه الشابة مغميا ً عليها ، وبعد أن قام الرفاق بأسعافها ورش قليل من الماء على وجهها افاقت وأشارت الى عدة اشخاص كانوا في الصالة وأكدت على واحد منهم وقالت هذا الرجل هو الذي اغتصب والدتي وهو من رجال الأمن الصدامي . ( والدة الرفيقة بنت حليم وهي من عائلة شيوعية قديمة استشهد غالبية افراد عالتها على يد اجهزة صدام الاجرامية . بعد ملاحقة هذا الشخص من قبل رفاقنا لم يستطيعوا الامساك به . وتبين من كلام الاشخاص الذين كانوا معه أنه يعمل في تنظيم هيئة مقر الاندلس ومسؤوله معروف .. ذهبت الى الرفيق سعدون وطرحت عليه القصة فقال إذا امسكتوا به إعملوا ماتشاؤون . ولكن لم تجرِ الرياح كما إشتهت السفنُ !! أستشهد سعدون وتركنا الحزب أنا وباقي الرفاق الذين لم يستطيعوا العمل مع شلة المعترفين أوالذين همهم هو طموحهم الذاتي فقط . هناك الكثير من القصص الواقعية منها مايخص الشهداء الشباب ابناء الفقيد الراحل عبدالله الخطيب (أبو انيس ) والشهداء نجاح محمد علي . وعائلة عبد الرزاق أحمد وأخيه كريم ابو شروق والعشرات من الذين كانوا العمود الفقري لحزبنا ايام الشدائد والصعاب .. أن واجبي تجاه حزبنا وشهدائنا اجبرني على الكتابة . حتى استطيع ايصال ما استطيع ايصاله وهو من صلب واجبي ومسؤوليتي تجاه حزبي ورفاقي وشعبي ,,

12-2003 نوفمبر بغداد