تعقيب على ... الفرضية الأولى للطريقة المادية

هاشم الخالدي
2008 / 8 / 18 - 08:57     

في العدد2375 - 2008 / 8 / 16 من الحوار المتمدن
ورد مقتطع من كتاب: الايديولوجيا الألمانيّة / القسم الأول: المثالية و المادية سنة: 1846

ان اعادة قراءة النصوص الماركسيه مفيد اكثر بعد زمن طويل على مستوى النظريه و الممارسه والتطبيق ,اذ تتبلور بعض النواقص او ميادين القصور التي كا ن ينبغي الولوج فيها خصوصا تلك المتعلقه بالتجديد والقيم والمثل العليا والدين النابعه من طبيعة الانسان ذاته .
ان القدرات الادراكيه والبدنيه هي اساسا قدرات ماديه طبيعيه في الانسان ..نتجت عن تغيير في التركيبه الوراثيه له.. جعلت للانسان ان يتميز بثلاث نزعات موضوعيه هي وعي الواقع ووحي المطلق والغريزه, تنعكس في المعرفه والايمان و المعيشه, مسألة تتمثل وتتحقق في اولى ممارسته الفرديه و الاجتماعيه البدائيه وارتباطها بعلاقه الزوجيه والاسره او علاقة القطيع والجماعه وهي ابسط تلك الممارسه الاجتماعيه, اسوة بكثير من الانواع الحيوانيه, فلما كان هو يتميز عن جميع اقرانه الحيوانيه بهذه القدرات لذلك كان اول تميز له هو في تلك الممارسه الاجتماعيه في مرحلة المشاعيه , الا ان اضطلاع تلك القدرات بالدور الحاسم هو في ممارسة ذلك الانسان المقتدر انتاج معيشته بعد ان تحول الى كائن منتج بفضل تلك القدرات ايضا, واصبحت علاقات الانتاج هي التي تحدد بشكل رئيسي شكل تطور العلاقات الاجتماعيه عموما ,الا ان دراسة تطور تلك العلاقات الانتاجيه عبر التاريخ الماركسي القى بغطاء كثيف على اصل الانطلاقه الانسانيه ,أي انطلاقة تلك القدرات المميزه والنزعات الناجمه عنها, فمن خلال النص المذكور يبدوا ان ماركس قد لاحظ كما في النص الماخوذ من مؤلفه الايديولوجيه الالمانيه والذي جاء فيه ..(إن وجود الكائنات البشرية هو بالطبع شرط أولي لكل تاريخ إنساني و الواقعة الأولى التي تجدر ملاحظتها هي إذن التعقد البدني لهذه الكائنات و العلاقات التي تنشئها مع المجالات الأخرى للطبيعة)..الا ان ماركس لم يولي تلك النزعات ما تستحقه من اهمية بسبب حراجة المرحله الراسماليه التي كان يعيشها وتطور الكتله التاريخيه البروليتاريه ودورها الحاسم في تحديد مصير البشريه الذي شغل عقله وفكره كله, فتفرغ في دراسة الاقتصاد السياسي, ... فهو يذكر في نص من نفس المصدر .. (بإمكاننا تمييز البشر عن الحيوانات بالوعي أو الدين أو بكل ما نشاء. غير أن المسألة تتمثل في أن البشر يشرعون في التميّز عن الحيوانات بمجرد البدء في إنتاج ظروف عيشهم، وهذه الانطلاقة هي النتيجة نفسها لتركيبهم العضوي. وبإنتاجهم لظروف عيشهم يحققون بصورة غير مباشرة حياتهم المادية ذاتها.)...ان عبارة وبكل ما نشاء تدل على مدى عدم اكتراث كارل ماركس بالامر وانشغاله بامر اجلّ,لذلك يستطرد ماركس في تركيزه على علاقة الانتاج بالقول ..( إن الطريقة التي ينتج بها الناس وسائل عيشهم ترتبط أساسا بطبيعة هذه الوسائل المذكورة والتي ينبغي إعادة إنتاجها. ولا يجب النظر إلى هذا النمط من الإنتاج من هذه الوجهة فحسب، أي باعتباره إعادة إنتاج الوجود الطبيعي (الفيزيائي) للأفراد. إنما يتعلق الأمر في الحقيقة بنمط محدد من النشاط المميز لهؤلاء الأفراد وبطريقة محددة لتجسيم حياتهم ونمط معين من العيش. إن الطريقة التي يجسم بها الأفراد حياتهم تعكس بالضبط ما هم عليه. وهذه الحالة تطابق عملية إنتاجهم، سواء فيما ينتجون أو في الطريقة التي بها ينتجون. فما يكون عليه الأفراد مرتبط إذن بالظروف المادية لإنتاجهم)..انتهى النص.
ان اهمية دراست تلك النزعات في علاقتها مع بعضها وفي سيرورة كل منها بشكل مستقل عن الاخر ..تبرز بشكل متعاظم بسبب..الكارثه التي لحقت بنهج البعد الواحد الذي كان يركز على صراع الطبقات ودكتاتوريه البروليتاريه والحزب الواحد والمركزيه واهمال دور التجديد والابداع كاحد اهم معلم في تطور الوعي والاستجابه للذوق واهمية الفضيلة كقيمة معنويه كاحد اهم معلم في الوحي (السكوني ) والمعبر عنه بالايمان , لقد جاءت هيمنة البيروقراطيه والرتابه والجمود لتصبح اكبر حافز ومحرض على الرفض الشعبي للمنظومة الهيكليه الاشتراكية برمتها,مما مهد الطريق لتفوق الراسماليه العالميه وهيمنة الامبرياليه الامريكيه على العالم .