تنوعية خصوصية المهمة الديموقراطية ودلالتها في المسالة القومية


خالد عبد القادر احمد
2008 / 6 / 23 - 10:34     

يشكل المطلب الديموقراطي احد شعارات النضال التي ترفعها المنطقة بصورة متزامنة, لكن هذا الشعار يبدو وكانه مربع للكلمات المتقاطعة , حيث لم يخط بها اي خط نضالي في المنطقة اي مطلب محدد , بل نستمر , للاسف, في رفعه بوجه الانظمة وكانه عيب لم تعجز بعض هذه الانظمة عن الرد عليه بصورة اكثر تحديدا عبر ذكر الانجازات في مجالات محددة,
ليس موقف الانظمة واجاباتها ما يهمنا هنا , بل ارتباك القاريء والمتابع الذي لا يتجسد بصورة واضحة في ذهنه المطلب الديموقراطي الذي عليه النضال من اجله , ولا اولويات ومرحلية النضال الديموقراطي , ولا الاطر التي يجب عليه من خلالها الاسهام في هذا النضال ,
انه مطلب عام في المنطقة , انه زاوية اخرى من زوايا الفكر القومي العربي الضبابي المربك , الذي اصبح معيقا ليسر النضال , ولم يعد مزيلا للعقبات امام المناضلين في المنطقة , ولا امام من يتسائلون عن هذه المهمات وكيفية تحقيقها ؟
هنا في هذه الكتابة محاولة متواضعة لاستكشاف تنوعية المطلب الديموقراطي في المنطقة ولاستكشاف تعددية وتباين مستوياته بحسب تعددية وتباين مستويات حالة التطور بين مجتمعات المنطقة ومهامها المطروحة امامها ؟
ولنبدا من توضيح كلمة الديموقراطية : انها نوعية نظام الحكم السائد في مجتمع قومي ومدى ومجال المشاركة الاجتماعية به , ومقدار تحقق المؤسسات التي يشارك المجتمع بهذا الحكم من خلالها , ومقدار تحقق المطالب الديموقراطية فيه ؟ ولنجيب تاليا على سؤال : هل هناك مطلب ديموقراطي قومي عربي واحد ام مطالب تعددية قومية في المنطقة؟
بحكم التعايش في الاردن نؤشر للمعالم الديموقراطية الراهنة التي يتصف بها الوضع في الاردن , وليس القصد هنا نقد او تاييد الوضع الديموقراطي السائد بمقدار ما هو تقديم جردة لوضعه ربما يستفيد منها المختصون ان في النظام في الاردن او المعارضة الاردنية , وبالطبع ومنذ البدء لا بد من الاشارة الى ضرورة فتح حوار عميق في كل بلد , ليس الاردن فحسب لاستكمال استيضاح مجال النضال الديموقراطي
طبيعة النظام في الاردن : نظام ديموقراطي مختلط يعبر عن التركيبة الاقتصادية الاجتماعية الاردنية ذات الخصوصية المحددة باسسها الانتاجية الاقتصادية المختلطة بنسب متفاوتة من الانتاج الزراعي اللاراسمالي وافرازها الطبقي المكون باغلبيته من الفلاحين ذوي ملكية الارض الصغيرة ضعيفة التنافس امام الظروف المناخية وقلة المياه ومنافسة الملكيات الكبيرة للارض.
ان المسالة الزراعية في الاردن تمر بحالة انتقالية من نمط الانتاج الفلاحي الاقطاعي الى نمط الانتاج الزراعي الراسمالي , ولا شك ان الانتاج الزراعي ذي الروح التجارية وذي النزعة لتجاوز حدود السوق المحلية الاردنية هو المدخل الاردني لاستكمال الانتقال الى سيطرة نمط الانتاج الزراعي الراسمالي فيه , حيث يستجيب الاردن نظاما ومختصون في المجال الزراعي للاستجابة الى المتطلبات التي تتبلور مع تقدم الزراعة في الاردن نحو سيطرة الطابع الراسمالي بها وبحسب تزايد مسافة الابتعاد عن النمط الفلاحي الاقطاعي القديم
ان هذه الاستجابة تتبلور من خلال علاقة مشتركة ما بين القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص التجاري والذي نتج عنه اتساع عدد المؤسسات الحكومية والاهلية المهتمة بالشان الزراعي والمستفيدة منه ان على صعيد التنمية والتمويل وتوفير الخبرة وتوفير القدرات التقنية والتكنلوجية عبر الوكالة التجارية للمصنع العالمي وتوفير علاج الافة الزراعية ..........الخ
ان الاردن بهذا الصدديهمه نظاما ومجتمعا ان يخفض مستوى اعتماده على السوق العالمية رغم ان هذا المجال تحديدا يحمل تناقضات لم يتم بعد التصدي بالمستوى المناسب لعلاج وطني لمشكلاتها اكثر من المتحقق حولها حاليا, وهي تعاني من نقص واضح في مجالات المختبر الزراعي والعلاج الزراعي والتسميد وتصنيع الالة الزراعية ذات المواصفات الاردنية
ان علاقة المسالة الزراعية في الاردن بالمهمة الديموقراطية فيه تتمثل في استمرار كون كبار ملاك الارض اللذين لا يزالون محافظين على نمط الانتاج الاقطاعي القديم هم جزء اساسي من تركيبة الطبقة المسيطرة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا في الاردن وهم من موقعهم هذا يؤثرون على قرار ادارة وتنظيم المسالة الزراعية وتشريعاتها ليكونو المستفيد الرئيسي منها وهم في الحقيقة لم يبدون الى الان الاهتمام اللازم لتحديث المسالة الزراعية في الاردن, مثال على ذلك انهم لا يزالون خلف قرارات شروط العمالة الاجنبية المسموح باستقدامها للاردن وهي القرارات المعاكسة لسياسة محاربة الهجرة من الريف الى المدينة المعلنة حيث نرى تصريح العمل يمنح للعمال الزراعيين ولا يمنح لعمال الخدمات في المدينة مما يخدم حالة الهجرة من الريف الى المدينة لا العكس. مما يضعف قدرة اصحاب الملكيات الصغيرة على الاستمرار في الانتاج ويعرضهم لتكلفة اعلى لكنه في النهاية يسرع في عرضها للبيع فيشتريها المالك الكبير
ان اختلاطا ديموقراطيا اخر يتعلق بالقطاع الصناعي في الاردن وضعف مشاركته السيطرة الطبقية والسياسية في النظام جراء تعرضه لحالة انهاك مستفحلة من قبل زاميتين رئيسيتين اولى هي التنافسية الشديدة التي يواجهها القطاع الصناعي من قبل الصناعةالاجنبية ويدير معركتها في الاردن بالنيابة عن الصناعة الاجنبية وكلاء هذه الصناعة ( الكمبرادور التجاري والصناعي ) وهم القطاع والشريحة الاوسع من الطبقة البرجوازية الاردنية وهم على اختلاط كبير بمستوى صناعة القرار السياسي والاداري والتنظيمي في الاردن وهمهم الاكبر هو تسهيل شروط تنافسية الصناعة الاجنبية في السوق الاردنية والتي انتهت الى مشاركة الاردن معاهدة حرية التجارة العالمية التي لم يكن لها ان تخدم الاردن إلا من الزاوية الضرائبية والتي هي حجر اساس الميزانية الاردنية التي تصرف على الخدمات البيروقراطية للنظام وتنهك في نفس الوقت قدرة الصناعة الاردنية التنافسية والقدرة الشرائية في السوق الاردنية وتعيق وتائر النمو الصناعي رغم انها لا تقدم لها اي شروط تفضيلية على صعيد التنافسية في السوق العالمية ,
ان الجانبين اللذين استعراضناهما من طبيعة البنية الاقتصادية في الاردن وافرازاتها الطبقية ومساحة مشاركتها بالقرار السياسي وادارة وتنظيم المجنمع يوضح كيفية رؤية الاساس الموضوعي لتحديد اتجاه المناداة الديموقراطية في الاردن الذي اخذناه مثالا بحكم التعايش
لكن العرض السابق والذي يحددالاساس الموضوعي المطلوب استكمال استيضاحه لا يفي بحجمه ومعالجته توضيح كامل صورة وضع الديموقراطية في الاردن وانما اشر الى جانب من تركيبة انماط الانتاج واختلاط افرازاتها الطبقية واثرها في الادارة والتنظيم التنموي الاردني لنجد ان هذه التركيبة بحاجة الى مطالبة ديموقراطية لا تقف عند المطالبة السياسية بمقدار ما هي مطالبة نظام الحكم السائد في الاردن بتعديل خططه التنموية وتحديد اولويات الانفاق الحكومي .........الخ
الصيغة الديموقراطية لنظام الحكم في الاردن :
من المعروف ان نظام الحكم في الاردن هو نظام دستوري ملكي وراثي له تكوينه الاجتماعي الخاص و مؤسساته الخاصة والتي يمكن اجمالها جميعا بمسمى مؤسسة مركز القرار السياسي في الاردن وموقعها هو قمة بنية الاردن المؤسسية كنظام اجتماعي سياسي اقتصادي , ان هذه المؤسسة هي جوهر الوضع الطبقي المسيطر في الاردن وهي في الحقيقة مؤسس الكينونة السياسية لاردن الدولة والمشرف والاداري لمسار التطور والتحضر في المجتمع الاردني والمسئول الاول والاخير عن نتائج هذا المسار وعلى الاخص في مجال التقاطع بين برنامج التحضر والتطور الاردني بحركته الذاتية ومن موقع تقاطعه مع حركة الصراع العالمي من خصوصية موقعه فيه, فهذه المؤسسة ومن خلال ادراكها لشروط وظروف وقدرات الاردن فهي التي تحدد للاردن خيارات حركته وتسجل لها او عليها تاريخيا قيمة نتائج هذه الخيارات , كما انها المسئولة الاولى امام المجتمع الاردني عن نتائجها , على غير ما هو الوضع في بريطانيا مثلا , حيث نجد مؤسسات النظام الديموقراطي هي المسئولة امام المجتمع لا مؤسسة الاريستقراط الانجليزي
لكن صورة تركيبة نظام الحكم في الاردن لا تقف عند هذا الحد بل هي تمتدالى ما يمكن تسميته حالة المشاركة الاجتماعية بادارة الدولة في الاردن عبر السلطات الثلات المقام عليها بنية الاردن المؤسسية وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وذلك عبر صلة الخضوع الدستوري لمركزية وشرعية مؤسسة مركز القرار السياسي الاردني حيث تتمحور مهمتها الاساسية عل التنفيذ والمتابعة والاستقراء وتكثيف ذلك في النهاية بالاقتراح على المؤسسة الرئيسية في النظام لما يجب الاخذ به دون المس بحرية هذه المؤسسة في قبول او رفض او تعديل الاقتراح ,
ان المهمة الديموقراطية في هذا المجال هنا ليست مشروطة بمطلب التغيير بل الملح منها هو ادراك الخصوصية القومية الاردنية بخصوصية مسار تطورها القومي التاريخي وتحديد شروط واقع اللحظة الراهنة منه واتجاه حركته نحو المستقبل وعمل مشترك من كامل البنية المؤسسية الاردنية بشقيها الرئيسيين على تسهيل وتيسير ارادي اردني لهذه الحركة نحو المستقبل عبر معالجة المشكلات الملحة المعيقة لهذه الحركة والكامنة في البنية الاقتصادية الاردنية كما اوضحنا في مجالي الزراعة والصناعة مثلا الى جانب مشكلات كامنة اخرى من مثل اعادة النظر في تشريعات دستورية حول علاقة الدولة بالقوانين الوضعية والدينية , كذلك المهمة الديموقراطية في مجال تاثير العلاقات الاجتماعية على مستوى ادارة النظام للدولة ان في مجال العلاقات القبلية والعشائرية او في مجال العرق القومي اوفي حالة الاحتضان الملحوظة لتاريخ اسري من بين المجتمع الاردني
ان استكمال تحديد المهمة الديموقراطية في الاردن ليس هو مجال البحث هنا وانما كان مجال ضرب المثال لتحديد المدخل الى كيفية تحديد محدد للمهمة الديموقراطية مشروط بخصوصية الوضع الذاتي , والذي لا بد وان ينتهي الى الاقرار بحالة التفاوت والتمايز بين المجتمعات وانظمتها ومهماتها الديموقراطية
ان اعتراض المهمة الوطنية للمهمة الديموقراطية في العراق وفلسطين , هو من حالة التمايز القومي وما تفرضه من تمايز في المهمة الديموقراطية وكذلك اخراج لبنان والعراق من سيادة حالة الانقسام المذهبي الذي يتعمق في العراق بتداخله مع حالة الانقسام العرقي الكردستاني والطبيعة الاحتلالية التي تعاني منها كردستان من كل من العراق وتركيا وسوريا وايران , اما في مصر وسوريا فتختلف الشروط المحيطة بالمهمة الديموقراطية كذلك في دول المغرب
ان الاسترسال في الغاء الواقع وطرح ( المطلب الديموقراطي) كمطلب واحد لقومية عربية واحدة يضرب شرط العلمية اللازم توافره لبناء برنامجي سليم ان بصدد المهمة الوطنية او بصدد المهمة الديموقراطية لانه يسقط ويهمل اهم شرط علمي للبرنامجية الصحيحة وهو اخذ الخصوصية بعين الاعتبار واعطائها وزنها البرنامجي الصحيح