خصخصة التعليم ..ومستقبل الفقراء

مصطفى محمود
2008 / 6 / 9 - 10:21     

رغم الرفض الشعبى لسياسات الخصخصة التى تطبقها حكومة رجال الاعمال ورغم التعبير القوى عن هذا الرفض فى صورة اضرابات واعتصامات ومظاهرات ضد مشاريع الخصخصة..الا ان الحديث عن خصخصة قطاع هام كالتعليم يثير جدلا واسعا بين الناس فاكثرهم فى حيرة هل خصخصة التعليم فى صالحهم ام لا ؟ وربما ترجع تلك الحيرة الى طبيعة هذا القطاع الحيوى فالتعليم ليس خدمة مادية ، مثل السلع المدعومة او خدمات الطاقة والمياة بل هو رسالة تربوية وخدمة كل الناس فى حاجة اليها الاغنياء والفقراء على السواء ..ولكن الجميع مسؤلين واهالى وطلاب يتفقون على ان هناك ازمة فى التعليم ولكن توصيف تلك الازمة يختلف باختلاف رؤى المهتمين بالتعليم . وعادة ما يدافع المسؤليين عن مشروع خصخصة التعليم بادئين بالمشاكل الاتية ، هناك الكثير من الجامعات الحكومية لا تحصل على خدمات اساسية ، الطلاب يعانون من الزحام فى المدرجات ، مستوى التعليم متدنى للغاية ، ويختمون هذا كلة بالكلمة السحرية ...لا توجد موارد كافية للانفاق على تطوير التعليم ...وما ان يقتنع احد بتلك الكذبة حتى يسارعون بتقديم الحل ..بيع الجامعات الحكومية للمستثمرين حتى يتم تطويرها ويستلزم ذلك بالطبع تحرير اسعار الكتب الدراسية ومصاريف الجامعة وعدم الالتزام بسقف لما يدفعة الطلاب فى الجامعات. ، استاء الطلاب الاكثر فقرا من هذا المشروع فكما يبدوا انة لا مكان فى اطار هذا التعليم الراقى لهم ، فالاهالى الذين يعانون من مصاريف تصل فى المتوسط من 700 الى الف جنية بالاضافة لاسعار الكتب بالتاكيد لن يستطيع ابنائهم دخول الجامعات مرة اخرى. ونظرا للانتقاد الحاد الذى وجة محدودى الدخل لهذة الرؤية الصريحة والواضحة لخصخصة التعليم اضطر المسؤلين للتراجع عنها لفترة ، ولكن ولكن ضغط البرجوازية السياسى والاقتصادى وحماسها فى تطبيق سياسات السوق لم تسمح لهم بالتراجع لفترة طويلة. ومن ثم بدأت الحكومة فى الحديث عن مشروع جديد وهو قانون الجودة والاعتماد ..ومنطقها فى هذا المشروع كما يلى : حسنا اذا كانت خصخصة التعليم لا تناسب الفقراء فنحن لن نتخلى عنهم ولكن فقط سننشأ اقسام خاصة ومميزة داخل الجامعات فى كل كلية وستكون تلك الاقسام المميزة ملحق بها معامل متطورة ومدرجات متاحة لعدد اكبر ومناهج واساليب تعليمية ارقى ، وستكون مصاريفها مرتفعة للطلاب القادرين عليها . وكما نرى فان الحكومة لدى حلها لمشكلة التعليم لم تقدم جديدا بالنسبة للفقراء وفى الواقع لم تتخلى عن مضمون خصخصة التعليم و، ولكن طرحتة تحت مسمى مهذب لا يثير حفيظة الفقراء قانون الجودة والاعتماد . ونستطيع ان نلاحظ بسهولة ان مشروع الحكومة بنظام تعليمى على درجتين، عادى - مميز هو التعبيرالثقافى الاوضح لسياسات الخصخصة التى تنفذها الدولة فى الصناعة والزراعة وكافة المجالات الاخرى، فقد نتج عن هذة السياسات ارتفاع مستوى المعيشة وطرد الالاف من العمال والموظفين من القطاع العام مما ادى الى تكوين جيش ضخم من العاطلين عن العمل وفى القلب من هؤلاء الخريجين بالتعليم (العادى) . وبالطبع لن يصبحوا اكثر من عمالة رخيصة لرجال الاعمال ومشروعاتهم ولذا فمن الكافى ان يكونوا ملمين بالقراءة والكتابة او الحد الادنى الذى تحتاجة البرجوازية من العمال والموظفين لديها ، اما الاقسام المميزة فهى للصفوة من ابناء الاغنياء الحاصلين على التعليم المميز وقطعا لن يصبحوا شغيلة ولكن مديرين وخبراء وفى المناصب المرموقة فى المنظومة الاقتصادية . وكما نرى فالمشروع سوف ينتج عنة المزيد من تركيز السلطة الاقتصادية والسياسية للبرجوازية فى مقابل سحق العمال والموظفين الفقراء وعبيد العمل المأجور .ولن يصبح التعليم بعد الان فرصة للارتقاء بالمستوى الجتماعى لان المشروع الجديد سيكرس حكم الاقلية ونفوذها ، فابناء الفقراء رغم دخولهم الجامعة ولكن بخدمة التعليم الرديئة لن يستطيعوا منافسة خريجى الاقسام المتميزة فى سوق العمل. بالاضافة الى ازدياد نسبة التسرب من المراحل التعليمية. ، كل هذة العوامل ستساعد على وضوح الانقسام الطبقى فى المجتمع وكلما اخذت البرجوازية تستأثر بكل الحقوق الادبية والسياسية كلما انارت الوعى الشعبى بحقيقة الصراع الطبقى الدائر، نحن نعلم الان ان مشروع الدولة فى خصخصة التعليم وتطويرة لن ياتى الاعن طريق حرمان الالاف من الطلاب من التعليم ، و على حساب اكثر الطبقات الاجتماعية فقرا