الأمَميّةُ هي الحلّ


ييلماز جاويد
2008 / 4 / 26 - 10:10     

جميعُهُم كَذَبة ، يرفعون شعارات الدين الحنيف وهُمُ عن مبادئها وقيمها غُرباء . مسلمون يقتلون مسلمين ، شيعيٌّ يقتل شيعيّاً ، مِن أجلِ ماذا ؟؟ إنهاءُ الإحتلال ليس طريقهُ هذا ، بناءُ العراق الجديد ليس بالقتل والتدمير ، بناءُ ( الديمقراطية ) لن يكون بالسلاح .

خمسٌ مَضَت ، حكومات تأتي وتذهب وليس لأية منها أجندة واضحة مُعلنةٌ للعامة بل تصريحاتٌ رنّانة تطفحُ حيناً ( كقنينة البيبسي ) ثمّ تخمد بفعل التواطؤات التي تسمّى ( التوافق ) بين الكتل السياسية التي أنزلها الله علينا من عليائه ولم نكن على علم بها في تاريخنا ، عدا حزبٌ دينيٌ واحد تأسّسَ في الأربعينات من القرن الماضي بإسم الإخوان المسلمين ، وعُرف عنه إرتباطه بالمخابرات الأمريكية . الحركات السياسية الأصيلة ذات الجذور في أعماقِ الشعب أختُزلت وتمّ تهميشها وخلت الساحة لأهل العمائم والسدائر وزبانيتهم ، فعمّ الفسادُ بكلّ أنواعه .

إنها فترة إمتحان قاسية للحركات الدينيّة لِتجرّب حظّها في ممارسة السلطة ، ولا أظن أن النتائج ستكون أفضل من ما حصُلت عليه الحركات القومية العربية . فقد سقط الفكر القومي العربي سياسيّاً وبانَ كذبُ مدعيه بغزو الطاغية صدام للجارة الكويت وإستباحته لكل شيئ فيها ، وهو كما يتوهّم البعض حتى الآن أنّه كان بطلاً قوميّاً . إنّ الحركات والأحزاب والتيارات الدينية التي سيطرت على السلطة في العراق بعد الإحتلال لا بدّ أن تفشل ، فالدلائل على إنفصامها عن ضمير الشعب واضحة ، وعلى الخصوص بعد إندلاع الصدام الدمويّ بين بعضها البعض . إن الشعب في جنوب العراق ليس من جانب هذه التيارات السياسية الدينيّة بعد أن أصابته خيبة الأمل خلال هذه الأعوام العجاف .

لم يكن للتيار القومي العنصري ولا للتيار الديني الطائفي المتزمّت يوماً برنامجٌ متكاملٌ ومتوازنٌ يلبّي حاجة الإنسان الآنية في عيش رغيد يسوده السلام والأمان والإطمئنان للمستقبل ، وفرة أسباب العيش من المأكل والمشربِ والملبس ، حرية الرأي والعقيدة ، ضمانات تساويه مع غيره على أساس إنسانيته ومواطنته ، ولذلك فإنّ مصيرَ كلا التيارين إلى الزوال بوعي الشعب وتجربته لهما .

مطمحُ الشعوب أن تعيش الحياة في مجتمع منسجم متسامح ، أبناؤه متساوون في الحقوق والواجبات ، وما دام العراق يمثل فسيفساء نادرة تكوّنت عبر تاريخ عمقه آلاف السنين فلا جدال أنه يرفضُ السياسات العنصرية وكذلك الطائفية لإتصافِهما بالإنعزالية . الشعب العراقي معجونٌ ببعضِهِ من مكونات قومية ودينية في وحدة لا يمكنُ فصمُها ، ولذك فمبادئ الأمميّة وتآخي كلّ هذه المكونات هو المصير المحتوم للعراق ، ولو طال الزمن .