دور أفكار ماو تسيتونغ في تطوير الماركسية اللينينية - الفصل الرابع - الإشتراكية العلمية - 24


جريس الهامس
2008 / 2 / 10 - 11:11     

بعد التأكد علمياً وتاريخياً أن تحرير الشعوب والأمم المضطهدة ينبع من فوهة البندقية والإستثناءات نادرة وشبه معدومة تصبح ثورات الشعوب ومقاومتها للإستبداد والإغتصاب والإستغلال مشروعة وحتمية بجميع الوسائل , وهذا ماأكده ووضع شروط نجاحه روّاد الإشتراكية العلمية من ماركس أنكلز لينين ستالين إلى ماوتسيتونغ وغيرهم ..
وهذا ماأكّده وطبقه ماوتسي تونغ بقوله :
( إن الثورات والحروب الثورية لا يمكن تجنبها في المجتمع الطبقي , وبدونها يستحيل تحقيق أي قفزة في التطور الإجتماعي . وبالإطاحة بالطبقات الحاكمة الرجعية ليظفر الشعب بالسلطة السياسية – في التناقض – اَب 1937 ) وسبق لنا تحديد الدور الرئيسي للحزب الشيوعي والطبقة العاملة ومحالفة الفلاحين الفقراء في بناء جيش التحرير والعلاقة المبدئية بينهم جميعاً , كما رأينا العلاقة الرفاقية العائلية بين الجنود والضباط في بناء الجيش للعمل والإنتاج والقتال ..
وحذر الرئيس ماو دوماً من هيمنة النزعة العسكرية المنافية للديمقراطية الإشتراكية .. حيث اعتبر العمل العسكري مجرد وسيلة من وسائل تحقيق المهمات السياسية , وتحريض الجماهير وتنظيمها وتسليحها ومساعدتها على إقامة السلطة السياسية الثورية , وخضوع القيادة العسكرية لقيادة الطبقة العاملة وحزبها .. كما بنى مجالس الجنود والعمال للتحرر من التكبر والغرور والأنانية الضيقة والتهور والمغامرة , والتحرر من عقلية القوات المرتزقة ,, وبذل الجهود الصابرة الدقيقة للتحرر من الأوهام والمغامرات الفردية انطلاقاً من مبدأ ( لن نسمح أن تقود البنادق الحزب والدولة – تصحيح الأفكار الخاطئة في الحزب - )
كما حدد قواعد الحرب الشعبية بين الستراتيجية والتكتيك وقواعد الحرب الطويلة الأمد في كتاباته ومؤلفاته العسكرية الرائدة لأول مرة في تاريخ ثورات العالم على ضوء التجارب الحيّة للثورة الصينية والعلم الماركسي اللينيني , التي أضحت مدرسة لجميع شعوب العالم . ولو تجاهلها المحرفون وماركسيو الصالونات الذين تحولوا إلى أجراء ومرتزقة في مطابخ الرأسمالية وأنظمة الإستبداد في بلدانهم ... كما حدد الإرتباط الأخوي والعضوي بين الجيش والشعب أثناء الثورة وداخل المنطق المحررة ومنع المقاتل أن يأخذ خيطاً أو إبرة من الشعب دون إرادته , ودون أن يدفع ثمنها , ( على الجيش أن يندمج في جماهير الشعب ويقدم الخدمات لها لتشعر أنه منها وإليها , وعندئذ يصبح هذ الجيش جبّاراً لايقهر في العالم مطلقاً – حول الحرب الطويلة الأمد – أيار 1937 )
وقدم الرئيس ما أسس التربية الديمقراطية في الجيش وبين الجبش والشعب بقوله :
( السبب الرئيسي في صمود الجيش الأحمر دون أن يصيبه الوهن , رغم مستواه المنخفض في التسليح والحياة المادية ورغم الإشتباكات المتواصلة مع العدو , يعود إلى الديمقراطية التي يتمتع بها الجيش فالضباط لايضربون الجنود وهم يعيشون معهم في مستوى واحد , والجنود يتمتعون بحرية الإجتماع والرأي , بعد إلغاءالأساليب الإقطاعية في المعاملة وإلغاء الشكليات والرسميات البورجوازية السخيفة , كما أن دفاتر المحاسبة مفتوحة لمراقبة ممارسات وعطاءات الجميع من قيادة الحزب والجيش إلى أصغر مقاتل ..
وفي الصين ليس الحزب و الشعب وحده بحاجة إلى الديمقراطية , بل الجيش أيضاً بحاجة إليها . وإن النظام الديمقراطي في الجيش هوسلاح مهم ورئيسي لتقويض الجيش الإقطاعي المرتزق – النضال في جبال جينغكا نغ – 25 / 11 / 1928 –المؤلفات المختارة م 1 )

وحذّر ماو مراراً من النوم على أكاليل الغار والغرور دائماً بعد كل الإنتصارات التي حققتها الثورة الصينية في جميع الميادين محذراً : ( حذار ثم حذار على الرفاق المقاتلين الشجعان الذين لم يستشهدوا في الثورة برصاص العدو , أن يسقطو بالرصاص المغلّف بالسكر بعد الثورة ...إحذروا الغرور كل الحذر , هذه مسألة مبدئية بالنسبة لجميع القادة , وهي شرط مهم لصيانة الوحدة و وحتى الذين لم يرتكبوا أخطاء كبيرة , بل أحرزوا نجاحات كبرى في عملهم ينبغي ألاّ يصيبهم الغرور – أساليب عمل لجان الحزب - 1949 )
( بعد القضاء على الأعداء المسلحين سيبقى أعداء غير مسلحين , ومن المؤكد أنهم سيناضلون نضالاً مستميتاً ضدنا , فعلينا ألا نستخف بهم أبداً . وإذا لم نثر هذه المسألة الاّن ولم نفهمها على هذا الوجه , فسوف نرتكب أخطاءاً جسيمة جداً – تقرير إلى المؤتمر السابع للحزب في 5 اّذار 1949 -)
( إن الأمبرياليين والرجعيين المحليين لن يرضوا بالتأكيد بهزيمتهم , وسيبذلون جهوداً يائسة لإعادة حكمهم إلى الصين وسينهمكون في التخريب وصنع الإضطرابات بمختلف الوسائل ضد البناء الإشتراكي في بلادنا – 21 أيلول 1940 .. )
( إن حسم الصراع الأيديولوجي بين الإشتراكية والرأسمالية في بلادنا يتطلب فترة طويلة أخرى ومسألة من سينتصر في النضال بين الطبقة العاملة والبورجوازية في الميدان الإيديولوجي لم تحل بعد في الحقيقة ,, فمازال أمامنا نضال طويل الأمد علينا أن نخوضه ضد البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ,, ونحن سوف نرتكب أخطاءً فادحة إذا لم ندرك هذا , وتخلينا عن الصراع الأيديولوجي والطبقي -- 12 اّذار 1957 – حول أعمال الدعاية والنضال الأيديولوجي -)
كما وضع لينين أسس بناء الحزب الفولاذية على أساس المركزية الديمقراطية ونظام الطاعة الصارم في كتابه – مرض الطفولة اليساري في الشيوعية - الذي تحول بعد وقاته إلى أداة مخربة في بناء الإشتراكية وتحويله إلى نظام شمولي مع الأسف نمت صفوفه طحالب التحريفية الخروشوفية التي دمرت البناء كله ...
جاء ماوتسي تونغ ليحدد العلاقة بين المركزية والديمقراطية وبين الحرية والنظام بوضوح لالبس فيه بقوله :
( لايجوز لنا أن نركز إهتمامنا على أحداهما وننكر الأخرى , فالحرية والديمقراطية لاغنى عنها بين صفوف الشعب , كما أنه يستحيل الإستغناء عن النظام في الوقت ذاته , وكذلك لاغنى عن الديمقراطية بين صفوف الشعب , ويستحيل في الوقت نفسه الإستغناء عن المركزية ..‘ن هذا النوع من الوحدة بين الديمقراطية والمركزية , وبين الحرية والنظام هو الذي يتكون منه نظام مركزيتنا الديمقراطية , ففي ظل هذا النظام يتمتع الشعب بقسط وافر من الديمقراطية والحرية ..ولكن عليه أن يتقيد بالنظام الإشتراكي – المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب )
كماحدد اسس النظام العملي في بناء الحزب والعلاقة مع جماهير الشعب في قواعد الإنضباط الكبرى الثلاث ونقاط الإنتباه الثمان ووضع للممارسة والتطوير والإغناء بالحوار دوماً , وهي التي تحدد السلوك العملي لكل مناضل ثوري وعلاقته مع الجماهير و وحرصه على الأخلاق البروليتارية , كما دعا للحوار الأيديولوجي الإيجابي داخل الحزب وممارسة النقد والتقد الذاتي دون مسايرة أوخوف إلى جانب حق النقد الجماهيري للحزب كسلاح فعّال لتقوية منظمات الحزب وتطويره وتجديد حيويته باستمرار وتطهير صفوفه من البورجوازيين والإنتهازيين المتسللين , وشرح الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل شيوعي ثوري حقيقي ...
( نحن الشيوعيين مثل البذور والشعب مثل التربة , فحيثما ذهبنا وجب علينا أن نندمج في الشعب , نمد جذورنا ونزهر ....)
أما موقف الماركسية اللينينية أفكار ماوتسيتونغ من نضال الشعوب القومي الديمقراطي ومن حركات التحرر الوطني وثورات الشعوب وضد الإضطهاد القومي والعنصري , ضد الإلحاق والإستعمار بشتى أشكاله تطبيقاً لحق الشعوب في تقرير مصيرها ... سبق لنا شرحه تفصيلاً وكما قال لينين :
( إن القدوة بالنسبة إلينا سيبقى ماركس الذي كان قد أصبح نصف إنكليزي إذ عاش في إنكلترا عشر سنوات ,والذي كان ينادي بحرية إيرلندة واستقلالها الوطني , طبقاً لمصلحة الحركة الإشتراكية في صفوف العمال الإنكليز...- عن مقال حركة التحرر الوطني في الشرق – جريدة الإشتراكي الديمقراطي – العدد 35 تاريخ 12 ك1 – 1904 ) واعتبر ماوتسي تونغ النضال القومي هو في التحليل النهائي مسألة صراع طبقي – من بيان تأييد لنضال زنوج أمريكا بتاريخ 12 اّب 1962 وطرح شعاره الشهير :
ياعمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة إتحدوا –
( هل يمكن للشيوعي وهو أممي أن يكون وطنياً ( قومياً ديمقراطياً )في الوقت ذاته ؟ إننا نرى أن ذلك أمر ممكن , بل أمر واجب , نحن أمميون ووطنيون في اّن واحد وشعارنا هو القتال ضد المعتدين دفاعاً عن الوطن .. لهذا السبب يجب على الشيوعيين الصينيين أن يجمعو بين الوطنية والأممية . فالوطنية في واقع الأمر تطبيق عملي للأممية في حرب التحرر الوطني – 5 ت 1 1938 )
_( من واجب الشعوب التي انتصرت في ثوراتها أن تساعد الشعوب التي لاتزال تناضل من أجل التحرر وهذا واجبنا الأممي – في مقابلة مع اصدقاء أفارقة عام 1962 )
وكان الرئيس ما و يدعو جميع الوفود العربية التي يلتقي بها إلى توحيد نضالها لبناء وحدة عربية شعبية ديمقراطية نابعة من إرادة الجماهير لامن مراسيم فوقية ...وهكذا طور مفهوم النضال القومي في عصرنا , الأمر الذي يستحق الإحترام لأنه دعم نضال الشعوب , وقطع الطريق أمام تجار القومية الشوفينية والتعصب الأعمى الذين استغلوا النضال الوطني والقومي وحرفوه عن أهدافه في اتجاه خدمة المستعمرين والصهاينة بإقامتهم الأنظمة الديكتاتورية العسكرية القمعية المعادية للشعوب والديمقراطية . تحت ستار – محاربة الشيوعية – بينما اتجهت حركات التحررالوطني الحقيقية والنضالات القومية الصادقة في بلدان العالم الثالث وثورات شعوبه التي انتصرت في القرن الماضي , بحزم لتكون ذات محتوى أيديولوجي إشتراكي تحرري , وذات مضمون طبقي شعبي واضح ... – يتبع