الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة للسلطة(2)


فلاح أمين الرهيمي
2008 / 1 / 21 - 11:01     

تعتبر الديمقراطية البورجوازية انعكاس وتثبيت لعلاقات السيطرة والتبعية وتقسيم المجتمع إلى طبقات متصارعة ومتخاصمة بحيث تخدم المصالح الأنانية الفردية للمستغلين ويقف رأس المال في خدمة أضاليل الديمقراطية البورجوازية مادامت الأخيرة تخدم مصالح رأس المال الجشعة ولكن حالما تحاول الجماهير الشعبية استغلال المؤسسات والحريات الديمقراطية البورجوازية لخدمة مصالحها يقلب رأس المال لها ظهر المجن ويبدأ بمهاجمة الديمقراطية ويدعم الرجعية وينتهك القوانين بالإضافة إلى ذلك يقوم بتشجيع نشاط المنظمات الفاشية والعنصرية والرجعية داخل البلاد وأنها تفعل المستحيل من أجل عدم المساس بمصالحها ومكاسبها وهم يدعون بأن التعاليم المتعلقة بدور الطبقة العاملة والقوى التقدمية باستلام السلطة في المجتمع قد فات أوانها وأصبحت عديمة الجدوى بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وهم يطرحون بدلا عنها شعار ( الوحدة الوطنية ) المترجم عن وجهة نظر البورجوازية والذي ينكر حق استلام الحزب الشيوعي أو أية قوة تقدمية أدارة السلطة وتنفيذ سياسته المتناقضة والمعادية لسياسة وسلوك الطبقة البرجوازية الذي يقوم على الاستغلال والاضطهاد والحرمان وتحقيق فائض القيمة حيث أن الطبقة البورجوازية هي أصحاب ملكية المصانع والمعامل وجميع المؤسسات والمنشآت الخاصة وليس من المعقول والسهولة أن تتنازل عنها لسلطة الحزب الشيوعي الذي يتخذ من العدل والمساواة سياسة له.
لذلك فأن الصراع الفكري الإيديولوجي بين النظرية الماركسية والإيديولوجية البرجوازية الليبرالية والتحريفية يمثل مكانا هاما في المرحلة الراهنة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وبروز ظاهرة العولمة المتوحشة، لقد كان الفكر الماركسي الخلاق يناضل ويكافح في سبيل نقاوة أغناء وتطوير الإيديولوجية الاشتراكية العلمية وعدم مهادنتها ومساومتها مع النظريات والإيديولوجيات البرجوازية والمعادية للنظريات الاشتراكية العلمية لقد كان لينين يردد دائما (يجب علينا نحن الشيوعيون أن نناضل بلا كلل وملل ضد الايديولوجيه البرجوازية مهما كان اللباس الذي تبدو به براقا ولامعا ).
ولذلك يؤمن ويدرك جميع الماركسيين المبدأيين الحقيقيين أهمية المحافظة على الإيديولوجية الاشتراكية العلمية ويتخذونها مرشدا للعمل ويرون واجبهم المبدئي في النضال الدائم والدءوب في الهجوم الحاسم على طول الجبهة الفكرية ضد الفكر البرجوازي الليبرالي المعاصر وربيبته ( العولمة المتوحشة والخصخصة المتعجرفة ) مؤكدين قوة وعظمة الأفكار الاشتراكية وتفوقها على الأفكار الإمبريالية الرجعية الاستعمارية ولذلك يجب على الشيوعيين أن يقفوا في الصفوف الأمامية الأولى مع القوى التقدمية والديمقراطية الوطنية التي تناضل بلا هوادة ضد الإيديولوجية البرجوازية الليبرالية في عصر العولمة المتوحشة.
أن النضال الجماهيري في الظرف المعاصر هو نضال بين أيديولوجيتين أساسيتين الإيديولوجية الاشتراكية والإيديولوجية البرجوازية الليبرالية في عصر العولمة المتوحشة والتي تحاول كل منها أن تؤثر بشكل معين على الجماهير الشعبية وتوجه تفكيرها ونشاطها الاجتماعي نحو أهدافها وغاياتها.
أن الإيديولوجية الاشتراكية منذ لحظة نشوئها تعيش وتتطور في صراع ونزاع مع نقيضها وعدوها الطبقي البرجوازية ويبرز الفكر الماركسي كقوة ثورية يرفض المجتمع الرأسمالي حيث القي التاريخ عليه مهمة الانقلاب عليه وخلق مجتمع جديد اشتراكي ولذلك فأن من المتعذر استطاعتهما التعايش بسلام ووئام لان تهادن الإيديولوجية الاشتراكية العلمية التقدمية مع الإيديولوجية البرجوازية الرجعية مستحيل كاستحالة جمع الماء والنار وإنهما منذ أن وجدا يعيشان في صراع ونزاع حسب منطق وحتمية التاريخ وسيكون الانتصار حتما للقوى الجديدة التقدمية وفي عصرنا الراهن يزداد الصراع والنزاع بين الإيديولوجيتين الاشتراكية والبرجوازية الليبرالية في عصر العولمة المتوحشة أكثر من أي وقت مضى ولذلك تفرض الطبيعة الرئيسية للمعارك الإيديولوجية بين النظامين المتصارعين والمتعارضين اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا تراص وتحشيد جميع القوى الجماهيرية التقدمية المتضررة من عصر العولمة المتوحشة في نضال عنيد ضد الهجمة الشرسة للعولمة وربيبتها الخصخصة. أن العناصر والتحريفية والمهادنة تنكر واقع اشتداد حدة النضال الأيديولوجي في الظروف الراهنة لكن الحياة تؤكد عكس ذلك ولذلك نجدهم أن ينزعوا عن الفكر الماركسي كل محتواه النضالي الثوري ويسلموه للبورجوازية الليبرالية لكي يبقى تحت رحمتها.
مما تقدم تشير كل الظواهر والدلائل أن الصراع والنزاع يزداد حدة وشدة حيث نلاحظ أن شرائح اجتماعية واسعة ومتنوعة في الدول الرأسمالية اندفعت وتشكلت في تنظيمات احتجاجية واسعة ضد النهج ألتدميري لسياسة العولمة المناقضة لمصالح أغلب القوى الاجتماعية، فقد شملت هذه الحركات الاحتجاجية العاطلين عن العمل وكثير من العناصر وطبقات البورجوازية الصغيرة وقسم من البورجوازية المتوسطة وصغار المزارعين والفلاحين وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرآة ومنظمات البيئة ومنظمات المجتمع المدني وأتحادات نقابات العمال وتتكاثر النداءات والمقاومة ضد العولمة الرأسمالية إضافة إلى الصحوة واليقظة والندم الذي شمل عناصر واسعة من أبناء دول الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوربا الشرقية من خلال ما تفرزه نتائج الانتخابات الديمقراطية في صالح الأحزاب الشيوعية التي كانت في القريب هدفا لتمردها إضافة إلى ما أفرزته الانتخابات في دول أمريكا الجنوبية من انحياز وتوجه نحو اليسار .
أن هذه الاحتجاجات والتحركات أذا لم تنسق عملها ونضالها مع حركات ثورية حيث تتجه كثير من الأحزاب الشيوعية على ضرورة أيجاد أشكال جديدة من التنظيم والعمل والتنسيق الموحد ضد النظام الرأسمالي وأن آي عمل أو نشاط أو نضال لايمكن أن ينجح بدون توفر شرطين:-
01 قوى ثورية تقود هذا العمل.
02 قوى اجتماعية عقائدية ومبدئية مؤمنة بعدالة قضيتها ومدركة وواعية لهذا العمل ومهيأة للنضال والتضحية من أجله.
أن نهوض قوى تقدمية مناضلة من جديد مهمة تستوجبها المرحلة ألآنية والمقبلة من أجل بناء المشروع الاشتراكي الذي يعتمد على النظرية الماركسية العلمية والذي يعتبر مشروع الطموح والأماني للشعوب المستغلة والمضطهدة والذي يؤدي إلى سيطرة أبناء الشعب على شروط وجودهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ليس هنالك خلاف في جوهر الماركسية وإنما هنالك فرق فقط في طريقة تطبيق النظرية بما يتلاءم مع المراحل الثابتة والمتغيرة وظروف ملابساتها ومشاركاتها من حيث الزمان والمكان والشخصية. أن الخطوة الأولى لمعالجة أية ظاهرة هو دراستها من جميع جوانبها والوصول إلى تشخيص جوانبها السلبية والايجابية ثم تتبع الأسباب والعوامل ثانيا ثم وضع الحلول الصائبة ورسم خطة تنفيذها ومعالجتها ثالثا. أن على القوى الثورية التي تقود عملية التغيير يجب أن تكتشف من الفكر الماركسي ما يناسب الزمان والمكان ومن خلال الواقع الموضوعي لكي يرى حركة المجتمع على حقيقتها ويساعد الجديد على النمو والتطور عن طريق اكتشاف قوانين سيره وتعضيدها ومن خلال دراسة الواقع الموضوعي يستطيع أن يصور الحقيقة والواقع بدقة وصدق في مظهره التاريخي الملموس في عملية متجددة متطورة أبدا والذي يستطيع من خلالها التفريق بين الجوهر والمضمون والعام والخاص وترجمته والتعبير عن كل ظاهرة خاصة في نطاق القوانين العامة ومسيرة التطور التاريخي وتوضيح كفاح الجديد مع القديم الذي يؤدي حتما إلى انتصار الجديد.
يقول العبقري الفذ لينين ( نحن لانعتبر أبدآ تعاليم ماركس كشيء ناجز لا يمس بل على العكس فنحن على اقتناع بأنها طرحت أحجار زاوية العلم الذي يتوجب على الاشتراكيين دفعه قدما إلى أمام في كل الاتجاهات أذا كانوا لا يريدون التخلف عن الحياة ). لقد عملت الأنظمة البرجوازية ولازالت منذ قرون قديمة على استغلال وامتصاص دم الإنسان العامل محولة إياه إلى أداة محرومة من أبسط الحقوق الإنسانية كالاستغلال البشع والاحتقار والتغريب الذي لا حدود لها وقد أشار ماركس وانجلز إلى أنه ( تحت ظل الاشتراكية فقط يمكن التخلص من العلاقات التي يحتقر فيها الإنسان ويستعبد وتمتهن كرامته ويحرم من جميع مقومات الحياة الإنسانية.
أن المسألة الرئيسية في الفكر الماركسي الخلاق هي مسألة استيلاء الطبقة العاملة الحديثة وطليعتها الحزب الشيوعي على السلطة السياسية في الدولة كشرط ضروري لابد منه لتحويل المجتمع تحويلا اشتراكيا ومن هذه المسالة تتفرع جملة من مسائل أساسية عالجها لينين على أساس تعاليم ماركس وانجلز مؤسسي الشيوعية العلمية فطور لينين هذه التعاليم طبقا لمقتضيات عصر الامبريالية آخر مراحل الرأسمالية ففي عصر الامبريالية والانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية الحثيث اكتسبت الثورات الديمقراطية محتوى جديدا يستهدف حلولا جذرية لمشاكل الجماهير الكادحة من عمال وفلاحين ولم تستطع البورجوازية قيادة هذه الجماهير في الثورة ضد الإقطاع دون أن تحسب لمصالحهم الحساب كما حصل في الثورات البورجوازية الكلاسيكية. صحيح في البداية وضعت البورجوازية في برامجها الإصلاح الزراعي وإصلاحات ديمقراطية أخرى إلا أنها سرعان ما تخلت عنها كما حصل في الثورة البورجوازية الروسية في شباط 1917م ولجأت هذه الطبقة عندما تعرضت مصالحها للخطر وخوفا من المد الجماهيري الواسع إلى فلول الإقطاع والاتوقراطية المهزومة كما لجأت إلى الاستعمار العالمي لتحمي نفسها من تيار الثورة العاصف بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الطليعي لقد وجد لينين وهو يواجه مهام قيادة الثورة البورجوازية الديمقراطية والانتقال إلى الثورة الاشتراكية تراثا ماركسيا غنيا في جميع مجالاتها فكانت أعمال ماركس وانجلز هادية له في تفكيره والقاعدة التي ينطلق منها إلى قمم النظرية والتطبيق العلمي الخلاق وقد كشف لينين عن خطر أبعاد الطبقة العاملة وقيادتها الواعية عن قيادة الثورة والانتقال إلى الاشتراكية باعتبارها أكثر الطبقات ثورية ووعيا وأكثرها تنظيما وتماسكا وأصلبها في الكفاح ضد جميع أنواع الاستغلال الطبقي وبين لينين أن الفلاحين طبقة مبعثرة وغير متجانسة وقليلة الوعي مشتتة الأهداف لا يمكنها أن تنظم نفسها إلا بقيادة ومساعدة وتحالف الطبقة العاملة المنظمة الواعية ولذلك فأن طبقة الفلاحين لا تستطيع قيادة الطبقة العاملة لتحقيق الثورة البورجوازية الديمقراطية ومن ثم الانتقال إلى الاشتراكية.
أن التناقض والصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي يأتي من الطبيعة الاجتماعية للإنتاج والشكل الخاص بملكية وسائل الإنتاج وإعادة الإنتاج ويعتبر نضال الطبقة العاملة وموقفها المتناقض من نظام الإنتاج في نظام الإنتاج الاجتماعي وتنطلق الطبقة العاملة في النضال من هذه الطبيعة ونظام الإنتاج وتعتبر حفارة قبر الرأسمالية لأنها تمتلك القوة الاقتصادية والسياسية التي تستطيع بها مواجهة سلطة رأس المال.