وحدة الحركة الشيوعية ثانيا و أبدا

عديد نصار
2008 / 1 / 14 - 11:16     

رد على رد أحد الرفاق الشيوعيين بخصوص مقالتي السابقة: وحدة الحركة الشيوعية فوق كل اعتبار
سررت كثيرا بردك رغم اقتناعي التام بأنك لم تقرأ مقالتي حول وحدة الحركة الشيوعية قراءة متأنية، لذا كانت إجاباتك متسرعة بعيدة عن التحليل العلمي لما جاء في المقال... و لكنك بذلك فتحت الباب على مصراعيه لورشة نقاش فكري مهمة أرجو أن تكون منتجة. و هذا ما سرني.
غير أني لم أجد عبارة : " إن على الشيوعي الاستمرار في إنتاج الفكر" التي بدأت فيها مقالتي ، تتصدر هجومك الشامل على ما جاء فيها !!! فلا أعرف إن كان قصدك أن على الشيوعي أن يتوقف عن إنتاج الفكر أم ماذا؟؟
أما أنا فإنها قناعتي الراسخة أنه على الشيوعي الاستمرار في إنتاج الفكر ... و عندما يتوقف الشيوعي عن إنتاج الفكر فإنه يتوقف عن كونه شيوعيا !!! سيصبح حينها متدينا !!! بمعنى التحجر الفكري و العقائدي، و هذا لا يمت بشيء للإنسان الشيوعي. الماركسية منهج علمي. و استنادا إلى هذا المنهج و بناء على مرتكزاته سنبقى ينبوعا للفكر الذي يفسر الظواهر المادية الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و الذي يرشد الطبقات المنتجة إلى سبيل تحررها و التخلص من نير العبودية و الاستغلال و يلهم الشعوب المضطهدة في طريق التحرر و التخلص من الهيمنة و التهميش و التفتيت و الحروب الأهلية العبثية المدمرة.
أما بالنسبة للحركة الشيوعية العربية و العالمية ، فمن ينكرأن هناك أزمة و تشرذم يتسببان بعجز و انعدام فاعلية على المستويين الفكري و السياسي فإنه كمن يدفن رأسه في الرمال كي يتفادى رؤية الخطر! إن الصرخة التي أطلقتُ من أجل وحدة الحركة الشيوعية ليست نابعة من عدم . إنما جاءت ردا على هذا الواقع المزري وهذا التراجع الحاد في مستوى النقاش الفكري و السياسي لدى الشيوعيين المنقسمين حول أوضح القضايا كمثل احتلال العراق و الهيمنة الامبريالية ... فليكن هناك اسس علمية لحوار مجدٍ إن كنا صادقين في قناعاتنا الفكرية يرتكز على المنهج المادي الماركسي الذي يجب أن لا يختلف فيه اثنان.
و عندما نتفق على النظري ساعة ئذ تتوحد مواقفنا السياسية من القضايا بشكل شبه تلقائي، فالنظري يقود السياسي و ليس العكس. أما الذين أخرجواأنفسهم من مهمة النضال المضني للحركة الشيوعية أمثال من ذكرت َ فليسوا من اختصاصنا بل ألقوا بأنفسهم في خدمة ما يسمى النيو ليبرالية و آخر همهم و ربما لا يعنيهم بشيء إيجابي أي شكل من أشكال وحدة و تفعيل الحركة الشيوعية بل إن البعض منهم قد يعمل على إفشالها و إعاقتها.
الماركسية منهج عمل علمي و ليست أي شيء آخر. و نقد الفكر السياسي و الاقتصاد السياسي من أهم ركائز هذا المنهج . أما التجارب الثورية و المشروع اللينيني فقد ذهبت إلى غير رجعة . فما من تجربة أو مشروع يمكن له أن يتكرر على الإطلاق. فكما أن لينين لن يتكرر فإن تجربته لن تتكرر ايضا. علينا القطع مع هذه المرحلة استنادا إلى المنهج الماركسي الذي يقوم إلى جانب نقد الاقتصاد السياسي على دعامتين واثقتين: المادية الجدلية و المادية التاريخية.
فمن يريد انتاج مشروع شيوعي جديد قادر على الصعود و الصمود عليه أن يتبنى المنهج المادي الماركسي العلمي و يقيّم التجارب السابقة و يقطع معها ليؤسس لهكذا مشروع لا يقوم إلا من خلال التأسيس النظري السليم لحركة شيوعية واحدة متماسكة على المستوى العالمي تتولى مهمة النضال الحقيقي لتخلق الثورة الحقيقية للعالم. فالإتكاء على منظومة إشتراكية في سبيل الثورة العالمية لم يعد موجودا منذ خروتشوف الذي دعا إلى التعايش السلمي مع الامبريالية .
إن وحدة الحركة الشيوعية العالمية ليست حلما. إنها الباب الوحيد للثورة العالمية اليوم و في المرحلة الصاعدة. و سيكون العالم في خضم حروب أهلية و طائفية و إثنية و عرقية و مذهبية أدهى و أمر مما يجري اليوم في العراق إذا انهارت الامبريالية الأمريكية و لم يستطع الشيوعيون إنتاج حركتهم الشيوعية الواحدة في الفكر و العمل السياسي. هذا إذا لم ننته بحرب كونية ماحقة على يدي أسياد الهيمنة الراهنة. عدا عن الكوارث الطبيعية الموعودة على أيدي نفس الطبقة المهيمنة اياها و الناشئة عن التغيرات المناخية الخطيرة التي تهدد كوكبنا بفعل الجشع الرأسمالي في استهلاك الطاقة و الموارد الطبيعية.
و أخيرا ، هنا ، لا بد لي أن أكرر رجائي أن لا تلقي التهم جزافا بل أن تعمل على قراءة متأنية قبل أي رد . فليس ما يجمعني بمن ذكرت ممن أساؤوا إلى لعمل الشيوعي حتى قبل أن يظهروا للكثيرين على حقيقتهم!
إن مقالتي دعوة صادقة لوحدة الفكر و وحدة الموقف و التخلص من التشرذم ليعود للعمل الشيوعي ما كان له من ألق و ريادة و قدرة على الفعل من أجل التغيير الثوري الضروري و المطلوب.
أما أنا فعرضت مقالتي لتحريك أوسع ورشة نقاش في سبيل مصلحة من أعتقد أننا نحن كشيوعيين لا نكتسب أية شرعية دون أن نمثلهم أصدق تمثيل، أقصد الطبقات المنتجة و الشعوب المضطهدة.
شكراً !