دور ماو تسيتونغ في تطوير الماركسية - الفصل الرابع - الإشتراكية العلمية - 21


جريس الهامس
2007 / 12 / 1 - 11:24     

دور ماوتسيتونغ في تطوير الماركسية اللينينية – الفصل الرابع – الإشتراكية العلمية – 21

تتمة الإشتراكية العلمية والمسألة القومية وحركات التحرر الوطني في العالم :
------------------------- إنطلاقاً من التحليل العلمي لتكوين الأمم والقوميات
ومن الوقع العملي الذي ارتضته معظم شعوب الأرض , استبعد الدين وسائر العصبيات الإثنية من تكوين الأمم والقوميات ...
وكان للماركسية وتطبيقاتها الدور الأول في نبذ مزاعم العنصرية الشوفينية الدينية التي حملت لواءها الصهيونية العالمية كماحملتها
الإمبراطوريات القديمة من روما إلى فارس وبيزنطة والخلافة الإسلامية إلى الإمبرطورية العثملنية وغيرها ..
وأعلن روّاد الماركسية : بأن الصهيونية هي هي دين الرأسمالية فقط وليست عنصراً في تكوين الأمة والقومية , وهذا ينطبق على العنصرية الدينية الطائفية كلها تحت أي إسم كانت , سواء كان شعار—شعب الله المختار – أو خير أمة أخرجت للناس – أو أي شعار اَخر....
برز هذا الموقف العلمي في كتاب ماركس الشهير ( المسألة اليهودية ) الذي قال فيه : ( المال هو إله إسرائيل المطماع , ويعتقد اليهود أنه لاينبغي لأي إله غير إلههم أن يعيش , إن المال يخفض جميع اَلهة البشر ويجعلهم سلعاً . السفتجة هذا هو الإله الحقيقي لليهود .-)
كماقال : ( البورجوازي كاليهودي تماماً لايعيش في الحياة السياسية إلا على السفسطة والدجل .. أن التحرير الذي ينادي به اليهود هو
في معناه الأخير ليس سوى تحرير الإنسانية من اليهودية .. إن البورجوازي كاليهودي تماماً لايعيش إلا على السفسطة والدجل .) .. كان ذلك في القرن التاسع عشر ..
وفي الربع الأول من القرن العشرين وقفت الأحزاب اليهودية في روسيا وفي طليعتها – حزب البوند – ضد الثورة إلى جانب البورجوازية والإقطاع وطعنوا الثورة في الظهر , وهم الذين أطلقوا الرصاص المسموم على لينين , رافعين الشعار الصهيوني : بأن اليهود أمة واحدة , بطرحهم شعار – الإستقلال الذاتي الثقافي القومي لليهود في أوربا – ومحاولة تطبيقه العنصري في , الغيتوات , اليهودية في المدن والمناطق المختلفة في أوربا .... قبل حصولهم على وعد بلفور الإستعماري
ودعم الإستعمار البريطاني اللامحدود لهم لاغتصاب فلسطين فيما بعد ...
ووقف لينين بحزم ضد خيانتهم للطبقة العاملة وضد شعارهم العنصري الإنعزالي _ الإستقلال الذاتي الثقافي القومي = فيما يلي :
( إن تاريخ شعار الإستقلال الذاتي الثقافي القومي في روسيا يبيّن أن من رفعه وتبناه دون استثناء هي جميع الأحزاب اليهودية البورجوازية , وفقط اليهودية بما فيها حزب البوند , .. ولكن حتى أولئك الإشتراكيين الديمقراطيين الأوربيين الذين قبلوا هذا الشعار
أو دافعو عنه , يعترفون بالإستحالة الكاملة لتطبيقه على اليهود , إن اليهود في غالسيا وروسيا هم بالأحرى طبقة , ولايمكن أن يشكلوا أمة إنهم ليسوا أمة , ومحاولات تكوين اليهود كأمة , هي محاولات للحفاظ على الطائفة الطبقة – أي الفئة الإجتماعية أو الطبقة العنصرية المغلقة – إن شعار الإستقلال الذاتي الثقافي القومي الذي يطرحه اليهود اليوم , هو مقبول تماماً لدى جميع الرجعيين والبورجوازيين المعادين للثورة في بعض الأمم – لينين – المؤلفات الكاملة – تموز 1913 – الإستقلال الذاتي السياسي – ص36 و 258 )
كما قال في ما يتعلق بحق الأمم الحقيقية بتقرير مصيرها : ( لكي يكون المرء إشتراكياً ديمقراطياً , يجب ألا يهادن البورجوازية الديمقراطية المنافقة , بل أن يفضحها , فتروتسكي يقف مع تقرير المصير الذاتي بحرارة , لكن هذا يبقى عبارة فارغة خادعة لأنه
يرفض المطالبة بحرية انفصال الأمم التي يستعبدها ( الوطن ) الإشتراكي القومي المعين , ويلتزم الصمت حيال نفاق زعيم الأممية الثانية ( كاوتسكي ) والكاوتسكيين – المصدر السابق المجلد 22 – تمز 1916 ص 178 )
وعملت العنصرية الصهيونية بأسلوبها الباطني الرهيب وبدعم شبكات التجسس الغربية والحكام العرب الخونة الذين أقاموا دولة إسرائيل عام 1948 , في دعم مناطق النفوذ الأمبريالية والإحتكارات الرأسمالية الأمريكية في منطقتنا على وجه الخصوص ... كماحاولت سابقاً التاَمر على ثورة أكتوبر وحرفها عن مسارها الأممي تحت شعار -= الثورة الدائمة –التي قادها تروتسكي , كما لعب العنصريون الصهاينة بدور رئيسي في اغتيال الكاتب الثوري مكسيم غوركي , وفي اغتيال ستالين , إلى أن وصلوا إلى قمة الهرم في الحزب والدولة بعد وصول زعيم المحرفين الجدد , خروشوف , للسلطة حتى عهد خلفائه واَخرهم خونة الإشتراكية غورباتشوف , شفرندزة , يلسن , وزعيم المكتب السياسي الصهيوني – بانوماريوف – وغيرهم ..من أصحاب الملايين المسروقة من عرق جبين الشعب السوفياتي والشعوب الإشتراكية الأخرى الذين برزوا بعد سقوط الإتحاد السوفياتي على أشلاء الشعب الجائع , وكان معظمهم من الصهاينة الذين لم يهبطوا من المريخ , بل جاء معظمهم من رحم القيادات الخروشوفية التحريفية الخائنة ...؟
ومما تقدم نستطيع فهم خيانة المحرفين الجدد من خروشوف حتى السقوط الكبيرلحركات التحرر الوطني في العالم وطعن ثورات الشعوب في الخلف , وفي نفس الوقت دعم الأنظمة الديكتاتورية المعادية للشعوب وتسليحها وتحويل الدولة الإشتراكية الأولى إلى تاجرة
سلاح دون النظر لطبيعة المشتري والغاية من استعماله ....؟
وأجدني مضطراً لتقديم بعض الأمثلة عن خيانة المحرفين الجدد السافرة لحركات التحرر الوطني والأممية والأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم على سبيل المثال لا الحصر .....
رغم التأييد اللفظي لخروشوف وخلفاؤه لحركات التحرر الوطني , لكنهم حاولوا بشتى الوسائل حمل شعوب العالم الثالث على التخلي عن نضالاتها الثورية لأنهم كانوا يرتجفون هلعاً أمام العاصفة الثورية في العالم وطرحوا نظريتهم التالية : ( وحتى شرارة صغيرة بمقدورها أن تسبب حريقاً عالمياً – من تقرير خروشوف أمام مجلس السوفييت الأعلى في أوكتوبر 1959 ) واستمر يجأر : ( علينا أن
نعمل جاهدين لنطفئ الشرارات التي يمكن أن تشعل لهيب الحرب ... الحروب المحلية خطيرة جداً في عصرنا ) دون أن يميز بين الحروب العادلة وغير العادلة .. ولم يؤد هذا الموقف المعادي لحركات التحرر الوطني وثورات الشعوب المستعمرة والمضطهدة إلى التعايش مع المستعمرين وحسب . بل يدعو الأمم المضطَهدة إلى التخلي عن نضالها الثوري في سبيل تحررها الوطني ...
ومن هنا نرى وقوف خروشوف المخزي إلى جانب المستعمرين الفرنسيين ضد استقلال الجزائر وثورتها العادلة معتبراً القضية الجزائرية ( قضية داخلية فرنسية ) وصرح خروشوف لمراسل , الفيغارو , الفرنسية بتاريخ 19 اَذار 1958 ( مازلت أعتبر قبل كل شيْ أن الإتحاد السوفياتي لايتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .. إننا لانريد أن تصبح فرانسا ضعيفة إننا نريدها أن تصبح أعظم مما عليه ..) وقد رفض قادة الحزب الشيوعي الفرنسي لفترة طويلة الإعتراف بحق الجزائر بالإستقلال الوطني وتبعوا الرأسماليين
الإحتكاريين الفرنسيين صائحين دون خجل – الجزائر جزء لايتجزأ من فرنسا – من وثائق دورة المجلس الدستوري الفرنسي دورة
24 أيلول 1946 الملحق رقم 2 – وأعلن موريس توريز في مؤتمر الحزب العاشر عام 1945 : - -إن الجزائر يمكن أن تزود فرانسا بمليون رأس غنم وبكميات كبيرة من القمح سنوياً لتحل مشكلتنا في نقص اللحوم وتسد عجزنا في الحبوب - -
لقد سبق للينين أن د حض التعصب القومي لدى الأحزاب الشيوعية الأوربية بقوله: ( إن الأوربيين ينسون أن شعوب المستعمرات هم أيضاً أمم , ولكن السماح بهذا النسيان هو السماع بالتعصب القومي الإستعماري عينه .. – النظرية الإقتصادية الأمبريالية – مسخ الماركسية – مناظرة حول الحركة الشيوعية العالمية ص 269 )
أخذنا الجزائر كمثال لموقف المحرفين المخزي من حركات التحر الوطني في العالم ومثلها موقف المحرفين من قضية الكونغو الذي ذهب ضحيته – غيزنكا ولومومبا - وموقفهم التاّمري ضد ثورة ظفار في جنوب الجزيرة العربية وضغطهم على اليمن الجنوبي للتخلي عن دعم الثورة بعد تاَمرهم على الخط الثوري في اليمن الجنوبي الذي مثّله القائد سالم ربيع علي ( سالمين ) الذي كان يعيش بين صفوف الشعب وهو رئيس لأول جمهورية بعد التحرير وقصفه بالطيران السوفياتي في قصر الرئاسة .. لتسليم اليمن إلى القيادات العشائرية المتصارعة على السلطة لترتمي في النهاية في أحضان السعودية وتغتال ثورة اليمن الرائدة لمصلحة الديكتاتورية العسكرية وحكم العشائر في الشمال ... وغيرها الكثير في اَسيا وأمريكا اللا تينية وأفريقيا ,, إلى جانب دعم الأنظمة الديكتاتورية العسكرية وأنظمة الإستبداد في العالم الثالث المعادية لشعوبها والتي اغتصبت السلطة منها بحراب ودعم الأمبريالية الأمريكية ضمن لعبة – الوفاق الدولي والتعايش السلمي – الكاذبة بين الدولتين الكبيرتين وفي مقدمتها ديكتاتوريات الأسد وصدّام والقذّافي وبومدين وعبد الناصر ومانغستو في أثيوبيا وغيرها .. على أشلاء الشعوب و الأحزاب الشيوعية الوطنية والعمالية ( باستثناء أجراء التحريفية الذين قبلو ا دور الخدم في مطبخ الأنظمة الديكتاتورية - حزب بكداش – فيصل – وورثتهما وغيرهم في سورية و حزب محمد حرمل في تونس وغيرها نموذجاً ) و على أشلاء حركة التحرر الوطني العربية والعالمية .. التي حدد لينين بحزم موقف الإشتراكيين الديمقراطيين منها بقوله :
( إن النقطة الرئيسية في برنامج الإشتراكيين – الديمقراطيين هي مسألة التمييز بين الأمم المضطهٍِدة والأمم المضطَهَدة, والتي هي جوهر محاربة الإستعمار , هذه المسألة التي يتجنبها كذبأ أصحاب التعصب القومي والمرتد – كاوتسكي – البروليتاريا الثورية وحق الأمم في تقرير مصيها .- ) نتابع في الحلقة القادمة الموضوعين الهامين الرئيسين في السياسة الدولية : السلم والحرب , والتعايش السلمي بين خطين و موقفين متناقضين ...؟ يتبع
لاهاي - 30 / 11