االشيوعية بين..الحلقة 2


ثائر سالم
2007 / 11 / 27 - 10:55     

قد يكون غريبا او غير مفهوما ، للشيوعين قبل غيرهم ، الغرض او المغزى الذي يقف ورائه ، تناول هذا الموضوع ، مشككين في صواب ، التوقيت وضروراته ، واعتباره تحليقا في التجريد ، يحاول ان يخفي، بهروبه الى الامام، قصورا او عجزا في الرؤية عن ادراك مشاكل الحاضر وممكنات العمل فيه..
فقضية الشيوعية ، لا زالت خارج اجندة العصر...
وقبل ان تذهب ضنون البعض، نحو افترض قصد الاساءة، للمشروع ، او بالاخر افتراض قصد تقديم مرافعة دفاعية ، بدوافع عقائدية ـ واعتبارات ايمانية ..بالصورة التي انبثق فيها،المشروع،..كما تصورها ماركس بالذات، وظروف نشاتها التاريخية...التي تحولت في قراءة ما، فيما بعد، نصا، مقدسا وعقيدة غير معنية، بتغيرات الحياة، وتجدد الاشكال والصيغ، التي تتجلى بها حقائقها الاجتماعية...قراءة عقائدية ، تضعف او تقطع الطريق على ، اسس تقديم قراءة منفتحة على اي شكل، تستدعيه او توفره الحياة، شرط صيانة هدف العدالة الاجتماعية، بانهاء الشكل الراسمالي(الخاص عموما) للتملك...

الغوص في التفاصيل الثانوية للمشروع ، الاشكال والصيغ ، المهمام الفرعية ، المرتبطة بواقعها التاريخي حينها ،...وعلى حساب قضية المشروع الاساسية،..هي ليست فقط عديمة الفائدة، غير واقعية، يجعلها التاريخ الذي يفصلنا عنها، قضية يصعب الحكم فيها او التحقق منها، .. . فالبحث في التصورات حول الدين والدولة والعائلة ، يمكنها ان تخلق الانطباع بان مشروع الشيوعية، هو مشروع العداء للدين والاله ، وموسسة العائلة والدولة ،..يستهدف تحطيم قناعات الناس الدينية ، والمساس بقيم ومؤسسات العائلة والدولة ، ..وفي هذا اساءة جدية لمشروع التحرر في المشروع القائم، على منع ظروف الاستغلال والاضطهاد والتمييز بين البشر.
في هذه الرؤية مغالطتين:
الاولى : هي ان الشيوعية كأي مشروع فكري اجتماعي ، خصائصه الاولى، رهينة ظروفها التاريخية ، الاجتماعية والفكرية . ولكن تلك البصمات ليست ازلية، غيرمتجددة ،او متغيرة . الواقع المتحرك يفرض على الفكر او الرؤية ملاحقته ، وتحسين مديات واشكال التعبير عنه. الموضوعات ، والاحكام ، في قراءة تاريخية ، لاتفسر رؤيتها بتاريخها فحسب ، وانما يجب ان تكون مستعدة للاعتراف وقبول حتمية التجديد ، الذي يستبعد ما يشيخ ، ويبقي على الاساس ، الجوهري.. الخاصية الاساسية للمشروع او الفكرة.
والا تحولت الفكرة الى دين.
والثانية : ان الجانب العقائدي في الشيوعية ، يبقى محدودا بالقياس الى طابعها الجدلي ، فكرا او نظاما مفترضا . والحقيقة هذه خاصية يجب ، ان تحرص على مراعاتها والانتباه اليها ، كل المشاريع الفكرية
الاخرى ، فجميعها بحكم وجود مستوى عقائدي معين ، قابلة لان تلبس ثوب الدين ، وان تضعف قدرتها الاكتشافية التغييرية. ولهذا عليها دوما ان تحافظ على توازن صحيح في العلاقة بين المستوى العقائدي ، ودوره كبوصلة ، للفكر في غوصه واشتباكه مع معضلات الحاضر. حيوية الفكر نتاج عمق الصلة بالواقع ، والنجاح في التوازن مع المستوى المبدئي، العقائدي في المشروع.

فموضوعات كالدين والدولة والعائلة ، كانت احد ابرز موضوعات السجال الفكري الذي كان سائدا، في مجتمع الراسمالية ، التي ارادت ، تحطيم اي علاقة تتقدم على ، علاقات الاستغلال . فلم يكن من مصلحتها العائلة وروابطها ، مثلما لم يكن من مصلحته ارتباط الفلاح او القن بارضه ، ولا المؤمن بكنيسته او ربه ، لا نها جميعا يمكن ان تعيق تبعية العامل المطلقة لراس المال وارتباطه بعمله ، الذي لايمكنه بدونه الحصول على القيمة الفائضة.وهذا الموقف تسمعه اليوم، بشكل صريح في كل البلدان الراسمالية ، وبلدان الاشتراكية الديموقراطية" . يريدون شخصا مستعدا للتضحية بكل شيء او اعتبار من اجل العمل حتى لو كانت العائلة.
اما الحقيقة فان ماركس كان واضحا في تاكيده،.. ان اعدائه في الارض لا في السماء " هؤلاء الذين يسرقون عمل وقوت غيرهم . وتميز موقفه عن في نقده مادية فيورباخ وكتابه " نقد المسيحية ".

في الرأسمالية لا الشيوعية، جرى التعرض الى الاسلام ونبيه، وشنت ولا زالت الحروب عليه، تحت اسم هذا المقدس ، وباسم الرب احيانا كثيرة ( فالمؤمن بوش كلمه ربه، ودعاه للحرب المقدسة في العراق ) ، ولكن هذا الرب لم يكلم الزعيم الصيني ، او فيدل كاسترو، ولا حتى تشافيز بخوض حرب على الاسلام او العراق . وديموقراطية بوش ، ليس هؤلاء ، من اقام ابو غريب ، والسجون الطائرة ، والتعذيب في معتقلاته الديموقراطية ...في الراسمالية لا في الشيوعية ، تشاع تجارة شراء جسد المرأة ، ويسمح لصاحب تلك التجارة ، بعرضهن في اقفاص زجاجية في الشوارع .....


يتعلق الجزء الاكبر من، الاعتقاد بضرورة اثارة هذا الموضوع ، بالتطورات العالمية الموضوعية، التي تتسارع وتشتد عواقبها ، على الانسان وحياته عموما، وعلى الشعوب التي منعت ولازالت ، من التنمية ، ومن دخول عالم هذا العالم، خصوصا، الذي صاغه راس المال، على مقاساته ، ولم يترك فيه للاخر..
سوى حق العيش او الموت..مرضا.. جوعا ، فقرا.. العيش على.. اطراف الحضاره وهامش المدنيه.. ..عوزا وحرمانا،.. حتى من اولويات حياة ، لم تعد، منذ زمن، محط نقاش او صراع، في مجتمعاته، التي اقامها واردها لنفسه..متحضرة . متمتعة بفضاء الحرية..ونعمة الرفاهية والوفرة.. حد السفه والتبذير.

اما التحظر الذي اراده للانسان ..في الهامش ، الاطراف ، فلا بأس ان يكون الحصول فيه، على الكهرباء ، الماء ، الصرف الصحي، الضمان الاجتماعي ، التعليم ، قضية يمكن ان تنتظر قرنا آخر لحلها، " حتى يمكن لنفقات لعبة الغولف ، في مجتمعات الرفاهية التي اقامها له، ان تنخفض ولا تتجاوز نفقات التعليم ، في اغلب بلدان العالم الثالث مجتمعة... اذن هنا تكمن اقوى المبررات المنطقية للموضوع ..في خطورة تفاقم قبضة راس المال، وهيمنته على الاسواق، واحتكاره الثروة والقرار، الانتاج والعلم .. وفي عواقب اتساع الفجوة الاقصادية الاجتماعية، والتفاوت الذي يتعمق، بين حياة الانسان في المركز، وبين حياة الاغلبية الساحقة من سكان الارض( في الاطراف)...وفي التدخل الاوسع في تقرير مصائر الشعوب، وتعاظم فرص اعادة نظام الاستعمار للعالم..

الى اي مدى لازال هذا التقدير سليما؟.. وبأي معنى؟ ..ماهي القراءة او الاسس التي يستند اليها؟..
..هل من الصحيح ، وفقا لرؤية ماركس ذاته ، التزام القراءة ذاتها، بظروفها التاريخية التي نشات فيها بعد كل هذا التغيرات العالمية ؟... ماذا كان اثر، نظرية لينين حول الامبريالية والتغيرات التي طرأت على النظام الراسمالي ، على رؤية مستقبل وطريق هذا المجتمع؟...هل تمت مراجعات جدية ، خلال العقدين الماضين ، ولايسما بعد ، انهيار " البلدان الاستراكية " وتكون عالم القطبية الواحدة؟

يتبع