مستلزمات كفاحنا الوطني بين الامس واليوم 3-الكفاح الفكري


سعاد خيري
2007 / 11 / 21 - 12:04     

ركز الرفيق فهد على النضال الفكري باعتباره:"يسبق النضال السياسي والاقتصادي ويرافقهما في جميع مراحلها حتى النصر وحتى تثبيت الكيان الجديد وبناء المجتمع الحر..إذ لا حركة وطنية صحيحة بدون نظرية علمية وطنية ولا جهاد وطني صادق بدون عقيدة وطنية تلهب نفوس جماهير شعبنا" واشار الى تاثير التجارب التاريخية الوطنية والعالمية وتأثيرها على تطور وعي الشعب العراقي خلال عقود من الهيمنة الاستعمارية البريطانية رغم كل الجهود التي بذلتها الدوائر الاستعمارية لتضليل الجماهير واضعاف ثقتها بنفسها وبقدرتها على التحرر. ومن تلك المفاهيم التي تستغلها الادارة الامريكية اليوم وتروج لها جميع القوى المنضوية في العملية السياسية والطامحة للانضواء بها رغم مرور اكثر من نصف قرن عليها: "ان بريطانية (امريكا) دولة معظمة تملك اعظم اسطول حربي وجيوشا جرارة واسلحة فتاكة .. الخ وانها فتحت البلاد بالسيف. وبريطانيا دولة متمدنة (!!) وبريطانيا دولة غنية صناعية وتجارية . وبريطانيا دولة ديموقراطية يتصف حكمها بالعدل والانصاف(!!) و..الخ" ليستنتج المواطن " ان لبريطانيا (امريكا) حق طبيعي لحكم البلاد والتصرف بشوؤنها ولايمكن الوقوف ضد هذا الحق الا عندما يكون لنا اساطيل وجيوش واسلحة وثروة كالتي لبريطانيا.!!" تماما كما تروج الامبريالية الامريكية وادواتها من داعمي افكارها ومبرري احتلالها وكل جرائمها اليوم. وتطوير هذه الافكار الاندحارية باضافة : " لقد حررتنا امريكا من النظام الدكتاتوري وتحمي امننا من الارهاب والحروب الطائفية ولا يمكننا طلب سحب قواتها الا بعد اعادة بناء قواتنا العسكرية" متجاهلين ومسدلين الستار عن جريمة حل قوات الاحتلال للجيش العراقي وجريمة ابادة الالاف من المتطوعين في الشرطة والجيش، وعشرات الالاف من الملتحقين بمختلف الوسائل والاساليب، وعن فتحها الحدود لمختلف فرق الارهاب الدولي وانشاء وتدريب مختلف اشكال ارهاب وفرق الموت على يد قواتها وشركات امنها. وفاق اقطاب العملية السياسية الحالية اقطاب النظام الملكي الرجعي في تسابقهم على دعم الهيمنة البريطانية على العراق ومنحها القواعد العسكرية. حيث يتسابق اليوم كل من الطالباني والهاشمي والمالكي على طرح المبررات لبقاء قوات الاحتلال والاستعداد لمنحها القواعد العسكرية. فالطالباني يقدم اراضي كردستان وكأنها ملكا شخصيا له متجاهلا طموحات الشعب الكردي بالتحرر منه ومن الهيمنة الامريكية. ويتبرع الهاشمي بتأجير ارض العراق للامريكان لضمان هيمنتهم على العراق عشرات السنين لقاء مبالغ يتمتع بها هو وامثاله من بائعي الشعب والوطن. اما المالكي فهو على استعداد لبيع العراق ارضا وشعبا للامبريالية الامريكية لقاء بقائه على راس الحكومة وضمان توسع النفوذ الايراني في العراق. والزيباري يعرض استبدال تجديد طلب الحكومة العراقية تمديد بقاء القوات الامريكية في العراق سنويا بعقد اتفاق امني يضمن بقائها لعشرات السنين بدون حاجة للتجديد . وكما انخرطت في تلك الاساليب الدعائية المبررة للاحتلال ولكل جرائمه بحق شعبنا احزابا سياسية وقواعد اجتماعية ومنظمات جعلت من المصالح الطبقية والفئوية بل وحتى الشخصية فوق مصلحة الشعب والوطن والترويج لمفاهيم اندحارية تضعف قوة مقاومة شعبنا للاحتلال، بما في ذلك الترويج لسياسة قوات الاحتلال في انعاش قواعد اجتماعية بائدة مثل العشائر واحكام تبعية جماهيرها لقوات الاحتلال باساليب راسمالية من خلال تأجيرهم كمرتزقة لقوات الاحتلال، بحجة محاربة القاعدة. واطلاق اسم الصحوة على هذه الجرائم.
وإذ اشار فهد الى استفادة الاستعمار البريطاني الى ابعد الحدود من وسائل النشر والدعاية واغراقهم الاسواق بنشراتهم وشرائهم الصحف والكتاب واحتكارهم مواد الطباعة وتضيقهم الخناق على اصحاب الفكر الحر، فضلا عما يملكونه من وسائل الدعاية الاخرى كشركات الاخبار ومحطات الاذاعة ومكاتب الارشاد ومؤسسات ثقافية وجيش من المعلمين الاجانب والاذناب في المعاهد الثقافية الوطنية ، فان ذلك لا يشكل الاجزءا يسيرا مما تمتلكه وتطوره وسائل الاعلام الامريكية. وما احدثته الثورة العلمية التكنولوجية من ثورة جبارة في مجال الدعاية والاعلام وتأثيرها على التفكير والسايكولوجيا البشرية. فقد حققت الانتقال من التاثير السمعي والنظري للدعاية الى مجال الرؤية والمعايشة عبر الاف القنوات الفضائية والهيمنة الشاملة على جميع وسائل الاعلام وضخها وفق مخطط واحد واتجاه واحد . كما طورت وسائل نشأت مع نشوء وتطور الفكر الثوري والمنظمات الوطنية الثورية. وفي مقدمة ذلك انشاء المعاهد لمحاربة و تشويه الفكر الثوري وتشويه التجارب التاريخية الوطنية والعالمية من ثورات وانتفاضات وصرعات كانت المحرك لقاطرة البشرية وستبقى تحمل بنجاحاتها وانتكاساتها دروس وتجارب تسلح الشعوب وعموم البشرية في نضالها الاقسى ضد العدو الاقوى الذي تواجهه اليوم. واستحداث نظريات تفقد البشرية ثقتها بقدراتها على التحرر من جميع اشكال الاستغلال والاستعباد مثل نظرية نهاية التاريخ وحرف وجهة نضالها بنظريات مثل صراع الحضارات . او بعث الحياة بنظريات ومعتقدات كانت حصيلة تطور الفكر الانساني في عصرها و استطاعت الهيمنة على عقول البشر من خلال تسخيرها لمصلحة الطبقات السائدة. فالامبريالية الامريكية اليوم تخصص المليارات لتمويل المراكز والمعاهد الدينية في جميع انحاء العالم المسيحية واليهودية والاسلامية وغيرها مع التفنن في تشويهها بما يضمن تمايزها عن بعضها فضلا عن التمايز بين طوائفها لبث التفرقة بين البشر وشل وحدة كفاحهم ضدها باعتبارها عدوهم المشترك . كما تعمل بكل السبل لشق الحركة الوطنية وبعثرة جهودها واضعاف ثقة الجماهير بها.
وكما افلست تلك المفاهيم الاستعمارية من خلال نضال شعبنا الفكري ، ستفلس مثل هذه الوسائل والاساليب لتركيع شعبنا وتشويه وعيه الوطني من خلال نضالنا الفكري وربطه بالنضال السياسي والاقتصادي الذي سيكون مادة الموضوع المقبل