الاشتراكية كنظام اقتصادي اجتماعي 1 من 4


مصطفى العبد الله الكفري
2003 / 11 / 12 - 02:57     

 القسم الأول – معنى كلمة الاشتراكية .

القسم الثاني– الاشتراكيات ما قبل العلمية :

1-    الاشتراكية الطوباوية .

2-    الاشتراكية التعاونية .

3-    الاشتراكية الديمقراطية .

4-    الاشتراكية الشعبية .

القسم الثالث – الاشتراكية العلمية (النظام الاشتراكي) :

1-    السمات العامة المميزة للنظام الاشتراكي .

2-    آلية عمل النظام الاقتصادي في الدول الاشتراكية .

3-    القانون الاقتصادي للنظام الاشتراكي .

القسم الرابع - تراجع التجربة الاشتراكية والتحول إلى اقتصاد السوق.

القسم الأول - معنى كلمة اشتراكية

 

لا نعلم من هو أول من استعمل كلمة (الاشتراكية Socialism)، ولكن من المعروف أن هذه الكلمة ظهرت في نص مطبوع باللغة الإيطالية في عام 1803، بمعنى آخر لا صلة بينه وبين معنى الكلمة في وقتنا الحاضر. واستخدم روبرت أوين لفظة (اشتراكي Socialism) في (المجلة التعاونية) التي صدرت في عام 1827 لتعني مذهب أوين التعاوني الاشتراكي. واستعملت لفظة الاشتراكي والاشتراكية في بريطانيا وفرنسا تكراراً ثم انتقلت إلى ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية وبعدها انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية. وأصبحت كلمة الاشتراكية تعني السعي لبناء نظام اجتماعي  –اقتصادي جديد، يقوم على مفهوم اقتصادي واجتماعي لحقوق الإنسان. أي أن الأفكار الاشتراكية كانت في تلك المرحلة تهدف إلى إعادة بناء التنظيم الاجتماعي الاقتصادي([1]).

لقد صاغ أوين والرواد الأوائل للاشتراكية، كلمة اشتراكية من لفظة (اجتماعي Social)، لتقابل لفظة (فردي Individual)، هادفين من وراء ذلك إلى إبراز المسألة الاجتماعية ووضعها في مقدمة المسائل الملحة حول حقوق الإنسان محاولين بذلك مقاومة الإلحاح على دور الفرد كعنصر اجتماعي في العلاقات البشرية. وظهر في النصف الأول من القرن التاسع عشر في أوروبا عدد من الجماعات:

1) جماعة سان سيمون (السان سمونيين Saint Simonians) في فرنسا .

2) جماعة شارل فوريين (الفوريين Fourierists) في فرنسا .

3) جماعة روبرت أوين (الأوينيين Owenites)، إنكلترا .

- لقد عدت هذه الجماعات الثلاث أن المسألة الاجتماعية أهم المسائل شأناً على الإطلاق، وواجب الناس الأخيار يدفعهم للعمل على تعزيز السعادة والخير للجميع.

- كما نادوا بضرورة إلغاء التنافس والصراع التنافسي بين الإنسان والإنسان في سبيل أسباب العيش .

- وكانت هذه الجماعات لا تؤمن ولا تثق بالسياسة أو السياسيين . وترى أن من الضروري وضع مقاليد الشؤون الاجتماعية في المستقبل بأيدي المنتجين .

- كما نادوا بإلغاء المجتمعات القديمة القائمة على الفردية وضرورة استبدال الجماعية بها.

- وهاجموا التفاوت المفرط وغير المشروع في الملكية والدخل ، وطالبوا بتحديد الملكية.

وأُطلق على المجموعات أصحاب هذه المذاهب اسم (الاشتراكيين الطوباويين Utopian Socialists) الوصف الذي وصفهم به كارل ماركس في البيان الشيوعي. وكانت الاشتراكية الطوباوية تعني (تنظيماً جماعياً لشؤون الناس على أساس تعاوني، يهدف إلى سعادة الجميع ورفاهيتهم ويضع التوكيد لا على "السياسة" ولكن على الإنتاج وتوزيع الثروة وعلى تعزيز العوامل المشتركة Socializing في تربية المواطنين مدى الحياة على (أسس) تعاونية  –لا تنافسية - من السلوك والمواقف والمعتقدات الاجتماعية)([2]).

هذا ما يتعلق بكلمة أو لفظ الاشتراكية ، أما الأفكار فهي موجودة منذ القديم من حيث التأكيد على دور المجتمع بدلاً من التأكيد على دور الفرد، أو شجب أشكال التفاوت الاجتماعي، أو المطالبة بإلغاء استغلال الأغنياء للفقراء، أو ضرورة تربية المواطنين على الأخلاق الحميدة، أو ما يتعلق بالمناداة بأن لجميع الناس حقوقاً اقتصادية واجتماعية إلى جانب الحقوق المدنية والسياسية، والمساواة فيما بين الناس بالحقوق والواجبات. هذه الأفكار موجودة منذ القدم، ومنذ أن بدأ التفاوت والاستغلال في المجتمع .

لقد حدثت في أوروبا، قبل انتشار الأفكار الاشتراكية، تغيرات جذرية شملت الجوانب التالية:

1) في السياسة الاجتماعية ، وبخاصة بعد الثورة الفرنسية، التي وصلت إلى بقية الدول الأوروبية.

2) في الصناعة، بسبب الثورة الصناعية، واكتشاف قوة البخار ، واستخدام التقنيات العالية في الهندسة المدنية والميكانيكية.

3) في الزراعة، عندما بدأ استخدام طرق حديثة في الفلاحة ، واستخدام السلالات المحسنة في تربية الحيوانات .

إن هذه التغيرات ، بخاصة ما يتعلق منها بالاختراعات أو التحسينات، أو تطوير الزراعة، لم تحدث دفعة واحدة وإنما تمت بشكل تدريجي، انعكس إيجابياً على المحتوى الاجتماعي والتقدم السياسي والاقتصادي في مختلف أنحاء العالم.

 الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

جامعة دمشق – كلية الاقتصاد

[email protected]

--------------------------------------------------------------------------------

([1])- أ،ظر : ج.د.هـ. كول ، رواد الفكر الاشتراكي 1789-1850، ترجمة منير بعلبكي ، دار العلم للملايين، بيروت 1978، ص11-35 .

([2]) - المصدر السابق ، ص17 .