- مستلزمات كفاحنا الوطني - بين الامس واليوم


سعاد خيري
2007 / 11 / 12 - 12:26     

نشر الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد سلسلة من المؤلفات لقادته بعد الحرب العالمية الثانية تحت عنوان "رسائل التحرر" واكبت الانطلاقة التحررية لعموم البشرية بعد النصر على الفاشية بهدف تطوير الزخم الجماهيري على الصعيد الوطني والعالمي لضمان تحررها من جميع اشكال الاستغلال والاستعباد والحروب.
ويحتل كراس فهد " مستلزمات كفاحنا الوطني" موقع الصدارة بينها لانه وضع الاسس العلمية والعملية للتحرر من التبعية للاستعمار الحديث في تلك المرحلة من تطور الراسمالية، لجميع الشعوب المستعبدة ومنها شعبنا. وحدد بشكل علمي وواقعي عدوها الرئيس : الاستعمار..وبالاستناد الى كتاب لينين " الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية " ابدع في تحديد سمات الاستعمار الحديث ، التي تحتفظ الامبريالية المعاصرة بالكثير منها وطورتها وفقا لمتطلبات مرحلة العولمة الراسمالية. وهذا نصها كما جاء في "مؤلفات الرفيق فهد" وثائق الحزب الشيوعي العراقي ص215-229 :
1-" ان الاستعمار في قطر واحد لا يمثل مصالح دولة استعمارية واحدة بل المصالح الاستعمارية كافة وان تولت احيانا دولة واحدة رعاية تلك المصالح"
ويتجسد ذلك اليوم في ان الاحتلال الامريكي للعراق جاء ليس لمصلحة الامبريالية الامريكية فقط بل لمصلحة الامبريالية العالمية وادامة هيمنتها على العالم . وقد تجلى ذلك بوقوف معظم الدول الامبريالية الى جانبها بل ومساهمة بعضها في الحرب من اجل ضمان الاحتلال وادامته ولاسيما املا بالحصول على الفتات من هيمنتها على ثروات بلادنا.
2- "ان اسس الاستعمار اقتصادي لكنه يعتمد على القوة السياسية الغاشمة-عسكريا واداريا-لاستثمار موارد البلاد المستعمرة وجهود الشعب وسوق ابناءه الى الحروب دفاعا عن مصالحه .."
واصبح واضحا اليوم ان الهدف الرئيس من احتلال امريكا للعراق هو هيمنتها على ثرواتنا النفطية وتحويله الى منطلقا لفرض هيمنتها على اغنى منطقة في العالم بالنفط. ومن اجل ذلك نفذت جميع المخططات السياسية والعسكرية وجندت كل ادواتها السياسية والعسكرية والايديولوجية ونصبت الحكومات العميلة وجعلت من اقرار الحكومة لقانون النفط الذي يضمن هيمنة الشركات الاحتكارية الامريكية على ثرواتنا النفطية لعقود مقبلة شرطا لاستمرارها بالحكم. كما حولت العراق الى ساحة لتسوية خلافاتها مع دول المنطقة كما تجلى بوضوح بالتهديد التركي لاجتياح شمال العراق لمعاقبة حزب العمال الكردستاني التركي الذي اوصت القوات الامريكية القيادة الكردية بحمايته واستخدامه اداة لترويض تركيا. فضلا عن تحويلها بلدنا منذ الاحتلال الى ساحة لتصفيات الخلافات بينها وبين ايران. فايران تجد في اشغال القوات الامريكية في العراق خلاصها من التهديدات الامريكية او تاجيلها على الاقل . ولذلك فان المليشيات الايرانية واسلحتها وأإمتها مسؤولة عن اكثر من 50% من الاحداث الدموية في العراق، فضلا عن ان العراق بموقعه الجغرافي سيكون منطلقا وساحة لاي حرب تشنها الولايات المتحدة على ايران.
3-" ان الدول الاستعمارية قد اقتسمت فيما بينها الاسواق ثم المستعمرات وكل اعادة تقسيم تجر حتما الى حروب تدفع الشعوب المستعمرة وشعوب العالم انهارا من الدماء."
فرغم تبوء الامبريالية الامريكية مركز القطب الاكبر للامبريالية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية وانطلاقها للهيمنة على العالم بدون قيام حرب علنية بين الدول الامبريالية، فعشرات بل ومئات الحروب المحلية في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، اججتها الدول الامبريالية لحماية هيمنتها على مناطق نفوذها من بعضها. ومع ذلك فان قانون التطور غير المتناظر للمراكز الراسمالية بدأ مفعوله يبرز في تخلخل مواقع الامبريالية الامريكية بفضل قوانيها ومقاومة الشعوب لهيمنتها ولاسيما مقاومة شعبنا التي كبدت الامبريالية الامريكية خسائر فادحة وشغلتها عن توطيد هيمنتها في مناطق اخرى. هذا كما ان التطور العالمي لم يعد يسمح ببروز دولة واحدة كقطب امبريالي عالمي حتى وان كانت الصين بقدرتها الاقتصادية وسكانها الذين يشكلون خمس سكان العالم. ومع ذلك ستبقى الحرب احد ادوات العولمة الراسمالية للتخفيف من ازماتها وادامة هيمنتها على البشرية. وستبقى البشرية تتحمل تبعاتها وتسكب انهارا من الدماء حتى تتحرر من علاقات الانتاج الراسمالية.
4-ان الدول الاستعمارية منظمة في المتروبول (وطنها الخاص) ومنظمة في مستعمراتها ومجهزة باحدث وسائل القمع ومحمية بقواعدها الحربية وبجيوشها السريعة الانتقال وبموظفيها الاداريين الذين يشغلون المراكز الحساسة في القطر ويقود الدرك والشرطة المحلية التي يشرف عادة هؤلاء الاداريون عليها وبشركاتهم الاحتكارية ومصارفها التي تسيطر على الحياة الاقتصادية في القطر وبمؤسساتها ومكاتب دعايتها التي تعمل على تفريق صفوف الشعب بمفهوماتها الاستعمارية ورتلها الخامس الذي يعمل لتثبيت النفوذ الاستعماري في القطر"
فالاحتلال الامريكي يعتمد اليوم وبفضل التطورات العالمية على ادارة امركية تتعرض للهجمات الداخلية والخارجية بسبب سياستها العدوانية وجرائمها بحق الانسانية التي تقترفها في العراق وتعكس استفتاءات الرأي في امريكا وفي اوربا على نسب عالية ومتقاربة من ادانتها. كما تبرز الصراعات بين الحزبين الحاكمين على السلطة رغم توحد استراتيجيتهما في الهيمنة على العالم. ولذلك تعمل هذه الادارة بكل اجنحتها على احكام هيمنتها على العراق واقامة قواعدها العسكرية الدائمة فيه وتجهيزها باحدث الاسلحة واجهزة القمع وبموظفيها الادارين ومستشاريها الذين يشغلون المراكز الحساسة في البلد وهيمنتها على قوى الامن من شرطة وجيش وتشكيل ودعم مختلف اشكال فرق الارهاب والموت . وتوطيد هيمنة شركاتها ولاسيما النفطية على ثروات البلاد من خلال تشريع قانون النفط ومصارفها للسيطرة على الحياة الاقتصادية للبلد وعلى حياة كل فرد وجعل الثمن الوحيد للبقاء هو خدمة المحتل . وتتحكم بمصير الشعب من خلال مؤسساتها الاعلامية ومكاتب دعايتها التي تطور باستمرار وسائل وادوات تفريق صفوف الشعب وترويعه. وبرتلها الخامس من افراد واحزاب سياسية ومنظمات تحت مختلف الاسماء والواجهات تعمل على تضليل الشعب وتخدير يقظته وشل ارادته.
وبناء على هذه السمات وضع فهد مستلزمات كفاحنا الوطني التي لا تقل حيوية وراهنية عن تحليله لسمات الاستعمار الحديث وهي موضوع المادة التالية