طوبى لمن سار في هدى أكتوبر المجيد !


صادق البلادي
2007 / 11 / 9 - 12:40     

" ان تاريخ كل مجتمع الى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ الصراعات الطبقية ".

بهذه العبارات يبدأ الفصل ألأول من البيان الشيوعي الصادر عام 1848، وبعد أربعين عاما يدقق انجلس، رفيق ماركس ، هذه الصياغة بإضافة ملاحظة " وعلى ألأصح : التاريخ المكتوب " أي أن هناك مرحلة لم تشهد الصراع الطبقي ، هي مرحلة المشاعية البدائية ، والصراع الطبقي صار محرك التاريخ بانحلال المشاعية. وكانت هذه الملاحظة قد جاءت استناداعلى مكتشفات العلم الجديدة عن وجود مشاعية قبل تكون الطبقات ، وفي نفس الوقت دليلا على أن الماركسية ليست نصوصا جامدة ، كما صيرها فيما بعد سدنتها إذ تحولوا الى سادة ، بتغييبهم رقابة الناس.ان انجلس بملاحظته هذه كأنه يستبق قول أبي

حنيفة: "علمنا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ، فإن أتانا ما هو أحسن منه قبلناه."



ويوم كان المعسكرالإشتراكي قائما ، ولا يستطيع أحد تجاهل الفكر الماركسي الذي حمله وطوره خيرة المثقفين في الدنيا ،هذا الفكرالذي أصبح حتى موضة يتغنى به أو يتزيى كثيرون، ليس فقط شعراء كشوقي والزهاوي والرصافي، أو أحزاب وشخصيات قومانية أوعنصرية ، ليس البعث وحده مثالا لها، بل وحتى أحزاب رجعية تضم أقطاعيين في حزب تسمى بحزب الأمة الاشتراكي مثلا، وكذلك حتى رجال دين ، فقد قال الشيخ مصطفى السباعي ، مرشد الاخوان المسلمين في سوريا في الخمسينات " لنشرب الشراب الماركسي بكأس محمدية " ، وبعد ذلك نجد مفكرا إسلاميا كبيرا مثل الشهيد محمد باقر الصدر يحاول هذه المحاولة فيتحدث عن نشوء الاختلاف والتناقض بين القوي و الضعيف بعد انحلال المشاعية وانقسام المجتمع الى مستغلين ومستضعفين ولكن بتعبير يحاول استنباطه بتأويل آية " كان الناس أمة واحدة " تسودها المشاعية ولكن يحلوللشهيد الصدر أن يسميها بـ " مرحلة تسودها الفطرة "، استنادا الى تفسير للامام الباقر " أن الناس كانوا أمة واحدة على فطرة الله ." ومواصلة القبول بهذا المنطق حتى مداه تقود الى ادراك أن نشوءالصراع الطبقي ، بين المالكين و المحرومين ، بين المستغلين والمستضعفين، ظهر بعد انحلال مجتمع الفطرة ،وأن هذا السعي لا بد أن يحقق الاشتراكية بديلا للرأسمالية..ووصل الشهيد الصدر حـد تقرير أن الأسلام لا يقر الطريقة الرأسمالية في الانتاج، وهذا ما نسيته أحزاب الاسلاميين بعد أن وصلت الحكم ، رغم تمسكهم بترديد أن الشهيد الصدر مرشدهم ورائدهم.

وهكذا نجد أنه بنشوء الطبقات ، بعد انحلال المشاعية أو مرحلة الفطرة ، سمها ما شئت ، بدأ الصراع الطبقي . ومع نشوء الاستغلال والظلم أخذ يظهرأنبياء و مصلحون وحكماء يدعون الى العدل والحق ، واشاعة الأمل بالوصول الى المدن الفاضلة، والتأكيد على الوقوف الى جانب المظلومين و المستضعفين " ..نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ".

و منذ مئات السنين ظل الناس من المستضعفين يحلمون بالمدن الفاضلة ، بمدن طوبى ، المدن الطوباوية ، فحدثت ثورات وانتفاضات منذ قيام الدولة في بلاد النهرين ،الى ثورات القرامطة والزنجالى الثورة الفرنسية فكومونة باريس ، كلها أغرقت بالدماء وعاد المستغلون من جديد ، أو أخذت نخبة جديدة من المستغلين هراوة الاستغلال من سابقيهم ، قائلين لهم أنتم السابقون ونحن اللاحقون ، وسنبقى.

ولم تنقطع سلسلة بقاء فائض الإنتاج أو الفئ " دولة بين الأغنياء " فقط ، يتداولونه بينهم ، فيظل ، كما يقول المثل العراقي، يكد أبو كلاش وياكل أبو جزمة وان تغير، رغم تأكيد حتى القرآن منذ نزوله أن الفئ ينبغي ألا يبقى يتداوله الأغنياء، فلم تنقطع سلسلة تداول الإستغلال ، بتبدل طبقات المستغلين ، أو تبدل الفئات داخل نفس الطبقة حتى انتصرت ثورة أكتوبرالإشتراكية التي اهتدت بالفكر الماركسي ، بالمادية الديالية ( الدياليكتيكية) ، النهج الذي اعتبر مهمة الفلاسفة تغييرالعالم لا تفسيره فحسب وكان لينين قائد الثورة و قلبها النابض ، بعد أن صهر وصاغ الحزب البلشفي ، أداة تحقيق الثورة الإشتراكية ، بإنجازه ، الحزب ، وظيفته في نقل الوعي الثوري الى صفوف الكادحين ، فانتصرت الثورة في أضعف حلقات الراسمالية ، واهتدت بها شعوب وشعوب ، وبقائدها الذي

وصفه نهرو قائلا : "انه كرة من الثلج في داخلها جمرة متقدة" ، أو ماء فيه جذوة نار.

حتىبدأت الثورة تفقد اشعاعها تدريجيا حتى حل وقت أفول التجربة الأولى للبشرية في بناء الإشتراكية مع انهيار جدار برلين سلميا ، كان أفولها لأسباب عديدة ، أهمها عدم تحقق نضوج كافي لدى القاعدة والجماهيرللوقوف أمام نشوء بيروقراطية جديدة ، همها البقاء في مناصبها فوأدت الديمقراطية ، وأنسي الناس قول السيد المسيح : لا يقدرأحدكم أن يخدم سيدين : الرب والمال ، فلم يقولوا للأرباب الجدد : لا يستطيع أحدكم أن يخدم سيدين : المبدأ والمنصب.!! والمنصب ليس فقط ما كان رسميا فحسب ، بل كذلك المنصب الحزبي أو النقابي ، أو في المنظمات الأهلية ، منظمات المجتمع المدني اليوم.



فطوبى لماركس ألذي أوجد النظرية , وطوبى للينين ألذي أعد أداة التغيير: حزب البلاشفة فتحققت قولته : " أعطونا منظمة من الثوريين .. نقلب لكم روسيا من الجذور ". و التغيير لم يبق محصورا في روسيا موطن الاشتراكية الأول ، فقد كانت عشرة أيام هزت العالم ، وأيقظته من رقدته ، وصارت الثورة هدى ومنارا للشعوب ، وتحملت العبئ ألأعظم في القضاء على الفاشية ، وفي مساعدة شعوب العالم الثالث في تحررها من الاستعمار ، حتى خبا شعاعها بسيطرة الانتهازيين على الثوريين .

طوبى لمن يظل يحلم ويعمل من أجل مدينة فاضلة في القرن الحادي والعشرين ، فبدون

رؤيا مستقبلية ليس من الممكن تحقيق أي تغيير . قد لا نعثر على صورة مدينة واحدة تلهمنا جميعا وتجعلنا نغذ السير سوية ، مع تفرد كل منا في خطوته، غير أنه و بهدى فسيفساء مدن فاضلة متنوعة يمكن تصور عالم الغـد ، عالم نقول عنه : هكذا يمكن أن نعيش إذا شئنا . فإما عالم مختلف عن الرأسمالية أو الفناء !! إما السعي أو الردى !!

ومن لا يتدخل اليوم فيما يعنيه ، دفع غدا إلى ما لا يعنيه ولا يرضيه.





طــــوبـــى لـثــورة أكتوبر وبنائيها !!

وطــوبـى لكل من اهتدى بها ولو لبعض حين!!