في الذكرى ال 90 لثورة أكتوبر الاشتراكية

أحمد البوسطة
2007 / 11 / 8 - 12:13     

يصادف اليوم، السابع من نوفمبر / تشرين الثاني، الذكرى التسعين لثورة أكتوبر، التي يسميها السوفيت ‘’ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى’’ التي قادها فلاديمير ايليتش اوليانوف لينين 1917 بإطلاق قذيفة باتجاه القصر الشتوي المؤقت في سان بطرس بورغ لتبدأ أول ثورة اشتراكية في العالم، حيث استولى الحزب الاشتراكي الروسي على مقاليد السلطة، وبدأ بمصادرة أراضي الملاك وتوزيعها على الفلاحين وتأميم المصارف والمعامل، في حين واجهت الثورة حربا ضد الحرس القيصري المعروف بالحرس الأبيض وطلاب ضباط الجيش القيصري، وأكثر من 12 دولة أوروبية حاولت القضاء عليها، لكن الثورة ازدادت قوة وأسست أول دولة اشتراكية في العالم لبناء دولة على نهج الشيوعية، غير أن الاتحاد السوفيتي انهار قبل تحقيق الشيوعية.
هذه الثورة، التي يحتفل بها الشيوعيون في روسيا اليوم، وكذلك اليساريون في جميع أنحاء العالم إلى يومنا هذا رغم تراجع اليسار في كثير من بقاع العالم، لم تقم عن طريق مؤامرة، أو بتخطيط مخابرات دول أجنبية، بل كانت زلزالا اجتماعيا قلب موازين القوى آنذاك؛ فمؤيدوها يعتبرونها ‘’تطورا منطقياً لشعب عبر عن عدم الرضا للواقع الذي كان يعيش فيه، وإنها بلغت أشدها كثورة روسية اجتماعية، حيث استند قادتها الى الأفكار الثورية للاشتراكيين الديمقراطيين وتجلى فيها الوعي ببؤس وعوز الناس البسطاء، بينما المنتقدون ... يرونها ‘’نتاج مؤامرة، ليس إلا’’. مجموعة من الأساتذة والعلماء الروس في مقال منشور على موقع صحيفة ‘’المناضلة’’ المغربية، بمناسبة الذكرى الـ90 لثورة أكتوبر الاشتراكية رأت، إنه ‘’رغم ان ثورة اكتوبر لم تمارس العنف إلا بتضحيات قليلة عند اقتحام قصر ‘’بطرو غراد’’ مع إننا لسنا دعاة عنف، فلا ننس عند مراجعتنا للتاريخ ان الكثير من الثورات لم تخل من العنف ومثال ذلك الانقلاب البرجوازي في هولندا، انكلترا وفرنسا، والمعروف كذلك ان إنهاء العبودية في أمريكا الشمالية في القرن التاسع عشر انتهت بحرب أهلية دموية’’ . وأضافوا، في روسيا لم تكن هذه الظاهرة نتيجة دسائس بل هي أزمة الحكم وعدم قدرة النظام القيصري على حل المشكلات المتراكمة، فالعنف الثوري له شروطه، عندما تغض الطبقة الحاكمة النظر وتصاب بالعمى طمعا في المال والجاه وزيادة ثرواتها كي تحافظ على امتيازاتها وتغفل مصالح الشعب، فلا يوجد مخرج سوى أن تأخذ زمام الأمور بيدها، وهذا هو الدرس الأساسي لثورة روسيا العظمى، فهو لم يكن انقلابا اجتماعيا ربط نفسه بالعنف وأي شكل من أشكاله بل لبناء عالم جديد بشروط أفضل ولكل الناس وليست لطبقة عليا، وبهذا المعنى أثبتت هكذا ثورة أنها كانت قطار التاريخ الذي يريد الإسراع نحو التطور التاريخي’’.
ولكن لماذا فشل النموذج السوفييتي الذي خرج من رحم ثورة أكتوبر ومبادئها، ولماذا يدير بعض اليساريين اليوم ظهورهم للفكر الاشتراكي والأممي؟ على هذه الأسئلة يجيب الباحثون الروس، بأنهم يشددون على الاختلافات في وجهات النظر فيما يخص طبيعة النظام الاجتماعي، الذي شكل النظام السوفييتي، لكنهم يتفقون على اقل تقدير، على المهمات التي جلبتها ثورة اكتوبر من مبادئ حق الشعوب والأممية والعدالة والإنسانية، مشيرين إلى أن ‘’تقييد المبادرات الإبداعية للإنسان عن طريق النظام التوتاليتاري أدى الى تحجيم الإمكانيات لنمو الاقتصاد السوفييتي’’. .وتابعوا، ان العجز في السوق البضاعي والذي أصبحت صفة طبيعية، حيث إن الطبقة الكادحة لم تستطع اللحاق بمستوى الدول المتطورة، والعامل الثاني المهم تمثل في نقص السياسة الواقعية في دمقرطة الاقتصاد ومنها الانفتاح في مجال ثورة المعلومات والاتصالات التكنولوجية والذي أدى الى التغريب الذي خلقته السلطة البيروقراطية في صفوف الكادحين. فالمحاولة التي قامت بها البروسترويكا (إعادة البنا) للتغلب على هذا التغريب لم تنجح للتوصل الى النتائج الضرورية لحلها وبالنتيجة سقط الحزب وسقطت السلطة السوفيتية.