ستبقى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى تهدي البشرية وتعزز ثقتها بقدرتها على التحرر


سعاد خيري
2007 / 11 / 5 - 10:58     

فجر الشعب الروسي بقيادة الحزب البلشفي ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى بمواجهة الاستغلال الطبقي والانساني الذي كانت تفرضه القيصرية الروسية تنفيذا لمطامح الراسمالية الروسية الناهضة والاقطاعية المتنفذة على الصعيد الوطني، وزجه في حرب للمساهمة مع بعض اقطاب الراسمالية ضد اخرى لاعادة اقتسام العالم فيما بينها. وكان شعارها الاول السلام والارض للفلاحين الذين كانوا يشكلون 80% من الشعب الروسي ويعانون من اشد حالات الفقر والاستغلال. واستطاعت ببرامجها المتطورة التي صاغها لنين وفقا للنهج الماركسي ، ان تحظى بدعم واسناد الملايين من العمال والفلاحين وفجرت طاقاتهم . وتمكنت من دحر قوات 14 دولة هدفت لقتل الثورة واطفاء وهجها الذي اخذ ينير السبيل لجميع شعوب العالم . فقد كان المتقدم منها يعاني من الاستغلال الطبقي والتابعة تعاني من الهيمنة الاستعمارية البربرية . وحققت ثورة اكتوبر في فترة زمنية قياسية في تاريخ البشرية انجازات جبارة ليس على الصعيد الوطني فقط بل والعالمي لم تستطع كل وسائل وادوات الراسمالية محوها رغم مرور عقدين على انهيار هذه التجربة الانسانية. وسلحت البشرية من خلال مسيرتها وانجازاتها وحتى فشلها وانهيارها بتجارب غزيرة، تبذل اجهزة العولمة الراسمالية اقصى الطاقات لمحوها من ذاكرة البشرية بعد ان فشلت في تشويهها .
انطلقت ثورة اكتوبر لتحرير الشعب الروسي من الظلم والاستغلال الذي كانت تمارسه القيصرية الروسية بجميع اشكاله البدائية التي كانت سائدة في ذلك العصر ، في حين تواجه البشرية اليوم خطر الفناء. حيث توغل الامبريالية الامريكية وهي القطب الاكبر للعولمة الراسمالية بجرائمها بحق البشرية. ولم تترك وسيلة من وسائل تركيع الشعوب واذلالها عبر التاريخ دون استخدامها ضد العديد من شعوب العالم لفرض هيمنتها عليها وتقديمها مثلا لترهيب الشعوب الاخرى . وترصد المليارات لابتكار الوسائل والاساليب الايديولوجية والسايكولوجية لتشويه وعيها وتفريق صفوفها. واختراع مختلف اشكال الاسلحة الفتاكة بما فيها اسلحة الدمار الشامل العسكرية والبايولوجية والكيمياوية التي لا تعرف الحدود بين الدول وتشكل خطرا يهدد البشرية جمعاء، كاسلحة اليورانيوم المنضب والزئبق الازرق ومكروب الايدزو..الخ فضلا عن المخدرات . وفي ركضها وراء الهيمنة طورت وابتكرت انواع من الشركات الارهاب و الاتجار بالبشر وتخصيص الحروب . فلم يعد الارهاب منظمات صغيرة تؤجر نفسها بل شركات كبرى ترتبط بالحكومات واجهزتها الاستخبارية وشركات الامن الامريكية والبريطانية التي تجني المليارات من الحكومتين البريطانية والامريكية لمزاولة حروبها القذرة التي اخذت جيوشها تأنف منها . وتجند هذه الشركات مئات الالاف من الشباب العاطل عن العمل من جميع انحاء العالم وتدربهم على اقتراف افضع الجرائم وتزج بهم في الحروب الامبريالية لتطويع الشعوب . ويتجسد خطر هذه التجارة بان ارباحها تعتمد على استمرار وتصعيد الحروب فضلا عن تشويه انسانية مئات الالاف من الشبيبة وتحويلهم الى اخطر اسلحة دمار البشرية . فالبشرية اليوم تمر باخطر واحلك فترات تاريخها ولم يعد امامها من خيار سوى التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية او الفناء. وهذا الخيار لم يكن مطروحا لا امام الشعب الروسي ولا البشرية في عصر اكتوبر . فرغم بلوغ الراسمالية مرحلة الامبريالية وتأجيجها الحرب لاقتسام العالم الا انه ما زال بامكانها تطوير البشرية من خلال تطوير قوى الانتاج التي لم تكن انذاك قادرة على سد حاجات جميع البشر في تحقيق حياة انسانية حقيقية. أما اليوم وقد بلغت وسائل الانتاج مرحلة من التطور التي يمكنها تحقيق حلم البشرية من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته، انتهت المهمة التاريخية لوجود الراسمالية بل واصبح تطور قوى الانتاج يعمق من تناقضاتها ويشدد من ازماتها. فاخذت توجه معظم استثماراتها في كل تلك الوسائل غير المنتجة والادوات التي تضمن تصاعد ارباحها وادامة هيمنتها على البشرية دون ان تعبأ بمصير البشرية.
لم تأتي ثورة اكتوبر نتيجة التقاء صدف تاريخية كوجود قيادة عبقرية وظروف معينة وانما كنتيجة حتمية لتطور الظروف الموضوعية على الصعيد الوطني والعالمي، سهلت امكانية تحطيم اضعف حلقات الامبريالية فضلا عن تطور الوعي البشري وظهور الماركسية كارقى نظرية ونهج علمي لتوجيه نضال البشرية من اجل تحررها من جميع اشكال الاستغلال والاضطهاد ومهدت لظهور قيادات فذة كقيادة لينين. وحولت ثورة اكتوبر حلم البشرية بالتحرر من الاستغلال والاضطهاد، من حلم الى حقيقة، وان لفترة محدودة وعززت ثقة البشرية بقدرتها على مواجهة جبروت الراسمال وكل ادواته ووسائله. واليوم ايضا تتوفر كل الظروف الموضوعية لتحرير البشرية من علاقات الانتاج الراسمالية. فالراسمالية تمر باشد مراحلها تأزما بل واصبحت عائقا ليس لتقدم البشرية فقط وانما امام وجودها ويتطور الوعي الانساني وتتنامى الحركات المناهضة للراسمالية وتنطلق نضالات عالمية جبارة وتجارب فتية لكسر طوق الراسمالية ومع ذلك تبقى تجربة ودروس ثورة اكتوبر هدى للبشرية ومبعث للثقة بقدرتها على التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية وبنا العالم الانساني الحقيقي.