سعر التكلفة +الربح الوسطي في السوق الماركسي


جهاد علاونه
2007 / 9 / 19 - 12:13     

سعى الإنسان طويلا وهو يدب على هذه الأرض يأكل من الطبيعة وهو يلتقط الثمار إلتقاطا وهي المرحلة الأولى التي عرفت بإسم جمع القوت ولم يكن الإنسان منتجا للقوت أو للسلع وإنما كان متطفلا عليها تطفلا فضيعا ومن ثم عرف الإنسان مرحلة جديدة هي مرحلة الثورة الزراعية الأولى البدائية وبدأ معها ينتج الغذاء بطريقة بدائية .

ومن ثم أغرق الإنسان نفسه وهو يطور هذه المرحلة وبدأ بإستبدال سلع محل سلع :القمح بالشعير ويستبدل الشعير بالقمح والعسل باللبن واللبن بالعسل وهكذا خلط السلع بفائض الإنتاج وكان يستبدل فائض إنتاجه بفائض إنتاج جيرانه حتى غدت السلعة المطلوبة أكثر كقوة شرائية على الإطلاق .

وبعد هذه المرحلة إعتمد الإنسان على الذهب والفضة لتغطية باقي السلع وتحولت الحياة إلى حياة إقتصادية مادية أكثر , باع فيها الإنسان أولاده ونفسه لقاء الحصول على قوة غذاءه ولهذه الأسباب بدأنا نعرف عصر العبيد والأقنان.
وتطورة الحياة شيئا فشيئا حتى دخل الإنسان عصر العملة النقدية .

وفي عصر العملة النقدية ضاع كل شيء وضاعت مشاريع الأنبياء والرسل والملائكة وتقنينهم وتقعيدهم للأخلاق العامة لأن العملة النقدية لم تتوقف على شراء السلع فقط لا غير وإنما تجاوزت كل شيء حتى أنها باعت الضمائر وإشترتها وإشترت بالإنسان وباعت حتى الحياة والموت وكلما وضع المصلحون الإجتماعيون قانونا وفنا جديدا من فنون الحياة عادت العملة النقدية لكي تتدخل من جديد لتبيع وتشتري بالضمائر والنفوس .

وكانت العملة النقدية قد عملت على تفتيت الإقطاع بدخولها سوق الإقطاعيين حيث حلت نفسها محل العمل بالمرابعة وبالمخامسة وبالسخرة وبدأ العمل من جديد يعتمد على العملة النقدية .

وفي النقد الرسمي الذي إنتقدت به الماركسية المجتمع الرأسمالي أظهرت الماركسية :أن العمل كان يتم في بداية العملة النقدية على حساب البيع بضاعة بنقد ولكن تراكم العملة النقدية تحولت إلى رأس مال كبير ورأس المال تحول إلى قوة ضاغطة على الفلاح والعامل والمنتج .

وبدأ المجتمع الرأسمالي أو النظام الرأسمالي يبيع إنتاجه لا على أساس سعر التكلفة إضافة للربح الوسطي وإنما على أساس حاجة الناس له وإستغلال هذه الحاجة وعلى أساس قانون العرض والطلب المتناقض وغير المنطقي وعلى أساس قيمة البضاعة المتناقضة فقيمة البضاعة لا تحدد سعر تكلفتها وإن كانت في بعض الأحيان قد أتخمت صانعها ببيعها بأثمان عالية فإنها في أغلب الأحيان ظلمت المنتج يحيث لم تستطع أن تحصل على ربع سعر التكلفة .
إن القانون الرأسمالي قانون متناقظ جدا مع نفسه: العرض والطلب!... متناقض وهو يجعل اليوم كثيرا من المنتجين في حالة قلق دائم وكذلك قانون بيع البضاعة على أساس قيمتها ليس له ما يبرره إلا جهل المشرعين لهذه القانون .
فهل من المعقول أن يكون ثمن ئلاجه 20قدم أرخص من جهاز موبايل نوكيا أو موتورولا؟ حديث الصنع؟
هذه الأمور هي التي يجب تعديلها في المجتمع الرأسمالي .

ولهذه الأسباب يقتل الرأسمالي عدة رأسماليين من أجل أن يعيش رأسمالي نذل واحد ويتخم ويشبع بطن واحد على حساب مآت بل آلاف البطون الجائعة واليوم نجد شخصا واحدا يملك أكثر من ميزانية دولة كاملة وأحيانا نجد الرأسمالي النذل يعيش على حساب 5 خمسة دول أو أكثر من ذلك .

إن البضاعة يجب أن تباع وأن يحدد سعرها على أساس كلفة الإنتاج بما به المادة الخام وإستهلاك الآلة والأيدي العاملة مضاف إليها الربح الوسطي وبهذا يقف العمال في المصانع والمجتمع الماركسي على قدمين ثابتتين وعلى أرضية مجتمع صلبة .

أما العامل في المجتمع الرأسمالي فهو يقف على قدم واحدة وعلى أرض من الرمال المتحركة حيث يضيع الحابل بالنابل وكم من البضاعة التي كسدت في السوق بسبب قوانين العرض والطلب وبسبب تحديد سعرها على أساس قانون العرض والطلب .

وقانون العرض والطلب يتناقض مبدئيا مع البضاعة وسعر تكلفتها حيث يبدو أو يحصل الفلاح أحيانا على ثمن بضاعته أقل بكثير من سعر التكلفة وأحيانا أكثر 100 مرة من سعر التكلفة الأمر الذي يدفع بالمجتمع الرأسمالي بأن يجبر المواطن والتاجر والمستهلك والمتج يجبرهم فعلا على مزاولة لعبة القمار المحرمة في الشرائع السماوية .

ويقف المسلم أيضا الذي يحرم الربا والقمار يقف في السوق الرأسمالي على قدم واحدة وهو يلعب لعبة القمار إذ أنه المسلم في المجتمع الرأسمالي يبيع أرضه ومحصوله أحيانا من أجل أن يسترد 10% من تكاليف بضاعته الكاسدة .

وكنت في إحد الأيام أعمل بقرب بيارات ومزارع للبندورة في غور الأردن وقد شاهدت مزارعين باعوا أكثر من نصف محصولهم لقاء إسترداد 5% من سعر تكلفة البندورة وشاهدت رجلا إشترى سيارة نقل ممتلئة بالبندورة مقابل إجرة نقلها فقط لا غير أي بالمجان .

وهذه النذالة في قانون البيع والشراء الرأسمالي جعلت الرأسماليين يتقدمون أكثر من مرة على حساب المتعبين وخلقت البؤس في أكثر من نصف الكرة الأرضية والثراء في أقل من ربع أو 5% من الكرة الأرضية .
وإنه من العيب ومن المخجل أن ترى في المدن الرأسمالية القصور والفلل والعمارات الشاهقة مقابل آلاف وملايين المتعبين الذين لا يملكون سقفا ينامون تحته .

يجب أن تباع البضاعة على أساس سعر تكلفتها مضاف إليها الربح الوسطي وليس على أساس قيمتها .

أنظروا للسجون من الذي يسكنها هذا اليوم إن 90%من سجون المجتمعات الرأسمالية هم من التجار الذي أفلسوا حتى يربح تاجر واحد وبالتالي لم يستطيعوا تسديد ديونهم فألقتهم الرأسمالية لأرضية السجون لكي تأكلهم رطوبتها وتستد هي الشيكات المكسورة عليهم .