دور ماوتسيتونغ في تطوير الماركسية اللينينية - الفصل الثالث - الإقتصاد السياسي - 18


جريس الهامس
2007 / 9 / 15 - 12:36     

رأينا الدور الرئيسي لأفكار ماوتسي تونغ في تطوير مبادئ الإقتصاد السياسي عبر إخضاع النظرية العلمية للممارسة العملية الحية بين الجماهير ..
ولأول مرة في التاريخ يقضى نهائياً على العمل المكتبي الصرف , وتقتلع بذور البيروقراطية والفساد والبورجوازية الصغيرة الكامنة والمتربصة في التربة و منتظرة أية فرصة سانحة وأي تهاون في ممارسة سلطة الطبقة العاملة وأي مناخ تحريفي ملائم , لتنبت من جديد الطفيليات البورجوازية ,, وقد عملت الثورة الثقافية الكبرى التي قادها الرئيس ماو لتحقيق هذه الأهداف الرئيسة في بناء الإشتراكية , وقال يومها :
( بمساهمة الكوادر في العمل الإنتاجي الجماعي يحافظون على صلات وثيقة مع الكادحين . وهذا إجراء أساسي عظيم الأهمية في ظل النظام الإشتراكي
يساعد على التغلب على البيروقراطية والغرور الشخصي والفساد , ويسد الطريق أمام التحريفية والجمود العقائدي ... نحن الشيوعيين نعمل من أجل الثورة ولانسعى وراء المناصب ..)
كما صاغ أسس الخط الجماهيري الثوري في الميدان العسكري والبناء الإقتصادي وسلطة الطبقة العاملة , وعلاقة الفكر بالممارسة والعمل السياسي .
في الأولويات الأربع التالية :
1- عند المقارنة بين السلاح والإنسان ... الأولية للإنسان .
2- عند المقارنة بين العمل السياسي , والعمل في النواحي الأخرى ... الأولوية للعمل السياسي .
3- عند المقارنة بين العمل السياسي والعمل الأيديولوجي – الفكري - ... الأولوية للعمل الأيديولوجي ..
4- الأولوية للأفكار الحية النابعة من الممارسة الجماهيرية .. على الأفكار النظرية والأيديولوجية
وبعد دراسة التناقضات الرئيسية والثانوية في العالم المعاصر لخصها بأربعة تناقضات أساسية وشرح طريقة حلها والمفاضلة بينها وفقاّ لمصلحة الأمم والشعوب المضطهدة والطبقات المضطهدة والمستغلّة , وشرح التناقض الجذري بين الموقف الماركسي اللينيني الثوري والجذري . والموقف التحريفي
الإنتهازي من هذه التناقضات التالية :
1 – التناقض بين المعسكر الإشتراكي والمعسكر الرأسمالي .
2 – التناقض بين البروليتاريا والرأسمالية , وبين الفلاحين الفقراء والإقطاعيين في البلدان الرأسمالية والإقطاعية .
3- التناقض بين الأمم المضطًهدة والإستعمار
4 – التناقض بين البلدان الإستعمارية , والتناقض بين التجمعات الإحتكارية الرأسمالية ..
ورأى أن الموقف من هذه التناقضات الرئيسة وطرق حلها يسسر في إتجاهين متباعدين ومتعاكسين :
التناقض بين المعسكرين :
-------------------- اّ – الإتجاه الأول : يعتبر التناقض بين المعسكرين هو التناقض الأول والرئيسي قي العالم والتناقضات الأخرى ثانوية..وهذا ما نهجه الخط التحريفي القديم – برنشتاين وكاوتسكي وغيرهم والخط الجديد الذي قاده خروشوف وخلفاؤه ..ولذلك اعتبر التحريفيون حل هذا التناقض بين الدولتين الكبيرتين هو حل للتناقض الرئيسي في العالم ولوكان على حساب الشعوب والطبقات المسحوقة , وحركات التحرر الوطني في العالم ..أي على حساب التناقضين الثاني والثالث .....ولهذا نرى خروشوف وتابعه الحزب الشيوعي الفرنسي يقف بشكل مخز وسافر ضد الثورة الجزائرية ..كما سيأتي تفصيلاً في القسم الرابع – الإشتراكية العلمية -.

إن التناقض بين المعسكر الإشتراكي والمعسكر الإشتراكي تناقض بين نظامين إجتماعيين وطبقيين مختلفين جوهرياً إنه حاد جداً ولايحل بعقد صفقات ثنائية من خلف ظهر الشعوب وعلى أشلاء تحررها .. وليست التناقضات في العالم مجرد تناقض بين المعسكرين هذا ما تعلمنا إياه الأبجدية الماركسية اللينينية ..والمادية التاريخية .. وهذا ما أكده لينين في المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية بقوله : ( إن الحركة الثورية في البلدان المتقدمة تصبح أكذوبة محضة
إذا لم يتحد عمال أوربا وأمريكا في نضالهم ضد الرأسمال إتحاداً وثيقاً مع مئات ومئات الملايين من عبيد – المستعمرات – الذين يضطهدهم الرأسمال ..)
والأنكى من كل ذلك مافعله خروشوف وأتباعه ..حل التناقض مع المعسكر الأمبريالي الرأسمالي تحت شعارات التعايش السلمي حيناً والتضامن الدولي والأوربي والمباراة الإقتصادية وغيرها أحياناً أخرى.. على حساب حركات التحرر الوطني وثورات الشعوب والصراع الطبقي وسلطة الطبقة العاملة
وكانت النتيجة المعروفة من انهيار الإتحاد السوفياتي إلى هيمنة القطب الواحد ... ليعود نضال الشعوب من جديد بعد جبال وملايين من الخسائر البشرية والإقتصادية والحضارية سببتها الردة التحريفية في العالم ..
قال لينين عام 1913 ( إن مصدراً جديداً للعواصف الثورية الكبرى قد ظهر في اًسيا ..إننا نعيش اليوم في عصر العواصف هذا وانعكاساتها على أوربا
-- مصير النظرية الماركسية التاريخي -- )
كما أكد ستالين في كتاب – أسئلة وأجوبة ما يلي ( إن فقدان الثقة بالثورة العالمية وفقدان الثقة بنصرها , وموقف الريبة والتشكيك إزاء حركات التحرر في المستعمرات والبلدان التابعة , والعجز عن فهم المطلب الأول للأممية الذي يقضي , بأن إنتصار الإشتراكية في بلد واحد ليس نهاية في حد ذاته ,, بل هو وسيلة لتطوير وتأييد الثورة في البلدان الأخرى ..)

ب - الإتجاه الثاني : يعتبر التناقض بين المعسكرين هو تناقض بين نظامين مختلفين جذرياً . الإشتراكي والرأسمالي وهوبدون شك حاد جداً ..
لكن على الماركسيين اللينينيين ألا يعتبروا التناقضات في العالم تتكون ببساطة بين المعسكرين فقط .ولايمكن حل التناقضين الثاني والثالث الاَنفي الذكر ضمن حل التناقض الأول بين المعسكرين وهل يمكن تاريخياً وعلمياً حل التناقض الأول مادام في العالم نظام رأسمالي واحد ومعسكر إستعماري ....إن زعم المحرفين القدامى والجدد الحل : بالمباراة الإقتصادية , والمباراة السلمية مترافقة بسباق التسلح على حساب التنمية الإجتماعية وحياة الشعوب .. هو محض دجل وتضليل للشعوب والطبقات المضطهدة ..ومد في عمر النظام الرأسمالي الجشع ..وتخل سافر عن دعم حركات التحرر الوطني وثورات الشعوب المضطهدة ووحدة كفاحها وعن مبادئ الأممية البروليتارية ...
لقد تصور المحرفون إن التناقض بين المعسكرين ينهي التناقضات الأخرى أو يحلها .. كما زعموا اختفاء التناقض بين المعسكرين بصورة أوتوماتيكية
عبر المباراة السلمية والتعايش السلمي من جهة وسباق التسلح وغزو الفضاء على حساب معيشة الشعب والتنمية من جهة أخرى ... وأوصلهم هذا الوهم القاتل إلى الليبرالية المقنّعة والطوباوية البورجوزية المضللة التي تزعم حل التناقضات والصراع الطبقي داخل النظام الرأسمالي يمكن حله بدون ثورة وقيادة الطبقة العاملة ..,, ,ومن هنا جاء تحليل الرئيس ماو في رسالته إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بتاريخ 30 اَذار 1963 ,, ( إن مناطق اَسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تتجمع فيها مختلف أنواع التناقضات في العالم المعاصر , والإستعمار أضعف سيطرة في هذه المناطق .. وهي مراكز العواصف اللثورية العالمية التي تسدد الاَن الضربات المباشرة للإستعمار ...... وأطلق نداءه الشهير : ياعمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة إتحدوا )
وقاد هذا الوهم إلى شوفينية الدولة الكبرى والتضحية بمصالح حركات التحرر الوطني وبمستقبل نضال الأمم والشعوب المضطهدة المستَغلّة الثائرة ضد جلاّديها في العالم ..
كما قاد هذا الوهم حول الرأسمالية المسالمة والوديعة إلى خداع النفس والاَخرين وخيانة الماركسية اللينينية التي تؤكد إن الحروب الإستعمارية والإعتداء على الشعوب ونهبها هي نتيجة حتمية للنظام الرأسمالي – الإستعمار أعلى مراحل الرأسمالية – ولايمكن القضاء على الحروب إلا بالقضاء على النظام الرأسمالي . .. وهل حدث مثال واحد في العالم تخلت فيه الرأسمالية عن السلطة سلمياً للطبقة العاملة ممثلة الشعب الحقيقية . أو تخلت الأمبريالية الأمريكية عن عدوانها على الشعوب ونهبها بطيبة خاطر وبأغصان الزيتون وحمامات السلام إن هذ لم يحدث في التاريخ القديم والحديث وهذا ما أكده لينين فيما يلي :
( لايقضى على الحروب إلا بالقضاء على تقسيم البشرية إلى طبقات والقضاء على استغلال أمة للأمة وإنسان لإنسان عندها سيقضى حتماً على كل إمكانية للحرب -- الحرب والثورة – الكاملة رقم 24 )
( بعد أن تجرد الطبقة العاملة البورجوازية من سلاحها يصبح في مقدورها إلقاء جميع الأسلحة في كومة المهملات – المصدر السابق )
وجاء ماوتسيتونغ ليفصل أكثر بأسلوبه السهل الممتنع بقوله :
( إن الحرب التي ظهرت مع ظهور الملكيات الخاصة والطبقات في المجتمع البشري هي أعلى أشكال الصراع لحل التناقضات عندما تتطور إلى مرحلة
معينة بين الطبقات والأمم والدول والجماعات السياسية -- المسائل الستراتيجية في الحرب الثورية الصينية )
( إن الحروب التي وقعت في عصور التاريخ تنقسم إلى نوعين :
حروب عادلة . وحروب غير عادلة – فالحروب التقدمية كلها عادلة ... أما الحروب الإستعمارية التي تعوق التقدم فهي غير عادلة .. وعلينا نحن الشيوعيين أن نسهم في الحرب العادلة بنشاط وفعالية – الحرب الطويلة الأمد --)
( لايمكن تجنب الثورات والحروب الثورية في المجتمع الطبقي وبدونها يستحيل تحقيق أي قفزة في التطور الإجتماعي , والإطاحة بالطبقات الحاكمة المستبدة والرجعية ليظفر الشعب بالسلطة والحرية السياسية – في التناقض )
( نحن من دعاة القضاء على الحرب . ولانريد الحرب . إلا أنه لايمكن القضاء على الحرب إلا بواسطة الحرب .. وفي سبيل القضاء على البنادق الموجهة لصدور الشعب دوماً يجب علينا أن نحمل البنادق – قضايا الحرب الإستراتيجية -- )
( إن الحرب الثورية هي نوع من الترياق تدفع سموم العدو ,, وفي نفس الوقت تطهرنا /، الأقذار والأوساخ – الحرب الطويلة الأمد -- )
بهذا رسم الرئيس ماو الطريق الثوري الجديد في بلدان اَسيا وأفريقيا وأمريكا الاتينية منطقة العواصف الثورية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم ..
وأضحت أفكاره وقواعد الحرب الشعبية التي صاغها عبر مسيرة الثورة الصينية الطويلة نبراساً ومدرسة لثورات جميع الشعوب وملكاً لها وليس للثورة الصينية وحدها ... كما أضحت التجربة الإشتراكية الصينية رائدة ومرشدة لجميع الثوريين الصادقين في العالم رغم كل ماانتابها من انتكاسات بعد وفاته ...ووفاة رفاقه رواد الثورة الأوائل ومهندسيها ---

لقد كان الرئيس ماو قائداً شيوعياً فذاً لجميع الشعوب في عصرنا صريحاً نقي السريرة . صان الماركسية اللينينية وطورها عبر الممارسة العملية , حتى أضحت أطروحاته وأفكاره السلاح الذي لايقهر في عصر الأمبريالية الحديثة والنظام الأمريكي العالمي الجديد , لتحرير الشعوب والعين الساهرة التي ترعى الثورة في عالم اليوم وعلى الثوريين في كل مكان التعلم منها وتطويرها باستمرار وفق كل واقع موضوعي ملموس للأمم والشعوب ضمن الخط العام للثورة العالمية ...وكما قال المعلم لينين :
( إن الأمانة في السياسة هي نتاج القوة .. أما النفاق والإنتهازية فهو نتيجة الضعف – تعليقات جدلية -- ) . يتبع في الفصل الرابع الإشتراكية العلمية - ..