تفجر السليقة الثورية لشعبنا بعد نصف قرن من التحجيم يثير اعجاب البشرية وجنون اعدائها


سعاد خيري
2007 / 7 / 27 - 11:26     

فجر النصر الرائع الذي احرزه ابطال كرة القدم العراقية، السليقة الثورية للشعب العراقي ، رغم كل ما راكمته الامبريالية الامريكية بكل اسلحتها وادواتها من كوارث وتضحيات طالت الاحياء والتراث ، الكبار والصغار وحتى الاجنة ، طالت وسائل العيش والفكر ، التقاليد الثورية والانسانية والسايكولوجيا الاجتماعية. فاذهل هذا التفجر الجبار شعوب العالم وهم يشاهدون هذا الانطلاق الجماهيري الجبار لعشرات الالاف من العراقيين على اختلاف مكوناتهم معظمهم من الشبيبة التي نالت حصة الاسد من حملات الابادة والافساد ، عشرات الالاف ممن تعودت عدسات التلفزة، على الصعيد العالمي، ان تنقل صور اشلاء منهم او من جرحاهم ومقعديهم، عشرات الالاف ممن تعكس عدسات التلفزيون صور لملثميهم وهم ينفذون افضع جرائم القتل والارهاب، عشرات الالاف ممن تعكس شاشات التلفزة والصحف ما يعانوه من بطالة وبؤس، عشرات الالاف ممن يقفون الساعات الطوال في محطات توزيع البانزين والنفط والغاز ، عشرات الالاف ممن يسيرون في الشوارع وقد امتص الهم والقلق رحيق شبابهم. ويتساءل البعض هل حقا هذه شوارع بغداد التي فارقتها البهجة منذ نصف قرن ؟؟
هل هذه بغداد اليوم ام صور لبغداد في اوج انتصارات ثورة 14/تموز/1958 ؟؟ كيف يمكن لشعب ان يتحدى كل هذه الكوارث والالام والتعذيب والحرمان وينطلق بهذه البهجة العارمة التي لايمكن ان ينطلق بها شعب اخر مهما كانت حياته ممتعة ومهما كان نصره جبارا؟؟
من اين كل هذه الطاقات؟ وكيف تفجرت؟ وكيف سيتم توجيهها؟ انها حقيقة مدهشة وعصية على فهم من لا يعرف الشعب العراقي وتاريخه النضالي الجبار ، وهي في نفس الوقت مصدر ثقة الاجيال الواعية من الشعب العراقي واجياله الصاعدة . فهاهي الجماهير في لحظات تؤلف وتلحن الاشعار المعبرة ؟؟ وتلخص التجارب وتستنتج العبر من النصر؟؟ وتربط بين النصر في ملاعب الكرة والنصر على المحتلين؟؟ فطورت اهازيج الاعتزاز والفخر بالمنتخب العراقي الى الاعتزاز والفخر بالوطن والذود عن حريته " بالروح بالدم نفديك ياعراق . ومن الاستماتة في حماية المرمى الى الاستماتة في الذود عن بغداد " بالروح بالدم نفديج يابغداد، ومن تلاحم الفريق ووحدته، وحدة وتلاحم جماهير الشعب بغض النظر عن الانتماء القومي او الديني اوالطائفي: " اكراد، سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه" وغيرها الالاف من الشعارات والردات التي لايمكن لذاكرتي المتعبة وعيوني الدامعة وعواطفي المتفجرة، حصرها وتبينها من خلال شاشة التلفزيون.
ان هذه السليقة الثورية والوعي الوطني هو الينبوع الذي لا ينضب لمقاومة اعداء الشعب وفي مقدمتهم قوات الاحتلال عبر تاريخ شعبنا وفي يومنا هذا وفي المستقبل، والينبوع الذي لا ينضب لاعظم الانجازات التاريخية في جميع الميادين الحضارية العلمية والفنية والادبية والرياضية.
واذ بقيت وسائل الاعلام والعالم مبهورا امام هذه الصور الحية المذهلة لم تتوانى قوات الاحتلال في التعبير عن جنونها وهي ترى انهيار امالها في تركيع هذا الشعب ، وتشهد عقم كل وسائلها وادواتها في قتل سليقته الثورية، وتدرك عبث تقديم كل تضحياتها وخسائرها، فاغرقت العديد من ساحات الاحتفال الجماهيري بالدماء بتفجير المفخخات في وسطها موقعة اكبر عدد من القتلى والجرحى من المحتفلين الذين تعودوا على تحدي الحزن والالم بل وتحويله الى طاقات تجد التعبير عنها بمختلف الوسائل والاساليب في مقاومة العدو الرئيس واقوى اسلحته اليأس والرعب فضلا عن تفريق الصفوف. ولا شك فيما ستقوم به الادارة الامريكية من استنفار لكل طاقاتها وادواتها ومعاهدها العلمية لدراسة هذه التجربة الفريدة وكيفية مواجهتها والعمل على اخمادها وتشويهها قبل ان تصبح مثلا يقتدى وتجربة تدرس.
فالشعب العراقي الذي فقد قيادته السياسية التي لعبت دورها التاريخي عشرات السنين لايعدم ان يخلق قيادات سياسية من بين شبيبته، وارثة كل امجاده وتجاربه . انها تستطيع تفجير سليقته الثورية من خلال اجتراحها المأثر البطولية سواء في ميدان مقاومة الاحتلال وتكبيده الاف الضحايا، او مقاومة وسائله الارهابية والطائفية ومقاومة اسلحته من بطالة وتجويع وحرمان من وسائل العيش والطاقة، او في قتل طموح شبيبته والاستهانة بقدراتهم وكرامتهم في الملاعب الرياضية و الميادين العلمية . وفي خضم كل نضال جماهيري وانجاز تاريخي تبرز قيادات سياسية تبدع في توجيه وتطوير هذه الطاقات وفي تعزيز تلاحم روافدها ومجالات كفاحها في زخم عارم لمقاومة اعداء شعبنا وفي مقدمتهم قوات الاحتلال. فلكل مرحلة قادتها ولكل مرحلة ابطالها ولايمكن وقف عجلة التاريخ فهي تغذ السير رغم كل العقبات بل وتسحق العقبات الكأداء منها.
فالف تحية اكبار واعجاب لمنتخبنا الوطني ونصره التاريخي الذي يستمد اهميته ليس من تفوقه في الملعب على خصمه فقط بل وبما فجره هذا النصر من طاقات وما اثبته من حقائق تاريخية وفي مقدمتها حتمية انتصار شعبنا وحتمية مساهمته في تحرير البشرية.