مخاض نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل في الجماعات المحلية حالة واعدة ومسؤولية تاريخية


مصطفى البحري
2007 / 2 / 19 - 12:41     

ترافق تصاعد نضالية شغيلة الجماعات المحلية في السنوات الأخيرة بتصدع جهاز النقابة الوطنية لعمال الجماعات المنضوية في الك.د.ش ضمن حالة شملت نقابات عديدة بعد إقدام الاتحاد الاشتراكي على شق الكنفدرالية لما فشل في جرها كليا إلى ذيل الحكومة. تقلص من جراء هذا جهاز اللجنة الإدارية وبات عاجزا عن الاضطلاع بالمهام التي أسندها له النظام الداخلي للنقابة،ودخل حقبة جمود مديدة، ومن جهته كاد المكتب الوطني ينقرض، وعجز عن أداء دور قيادة فعلية، ولم ُيعرف عنه سوى قرارات استبدادية عاجزة اتخذها سعيا لوقف الدينامية الجارية في القاعدة.

--------------------------------------------------------------------------------


فقد أقدم سنة 2005 على إجراءين لا ديمقراطيين ودون أدنى اعتبار للمساطر التنظيمية، وهما حل المكتب الجهوي لجهة الشرق و تجميد عضوية كل من الكاتب الجهوي، نائب الكاتب الجهوي والأمين الجهوي، وهم أعضاء باللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للقطاع، مع تجريدهم من كل المسؤوليات النقابية بقطاع الجماعات المحلية 2005 . وهي قرارات رفضها المجلس الإقليمي للنقابة الوطنية للجماعات المحلية، وظلت حبرا على ورق.

كما جرى نسف اللجنة التحضيرية التي شكلها آخر مجلس وطني منعقد بالدار البيضاء في العام 2004 . كما سدت مجالس وطنية كنفدرالية آذانها إزاء أصوات من الاتحادات المحلية طرحت الوضع التنظيمي لنقابة الجماعات المحلية.

وتوصل المكتب التنفيذي بالتماس" التدخل الفوري لمعالجة هذه الوضعية التنظيمية الشاذة حفاظ على وحدة الصف الكنفدرالي بعقد المجلس الوطني للقطاع."

ورغم مناشدة قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالتدخل لإنقاذ نقابة الجماعات المحلية من التدمير الذي سيفضي إليه تسلط ما تبقى من القيادة، ورغم انصرام 10 سنوات على آخر مؤتمر وطني للنقابة، ما زال الوضع سيئا في الفوق. فقد صدر بلاغ باسم "المكتب الوطني" لنقابة الجماعات المحلية يوم 1 نوفمبر 2006 يتحدث عما سماه "اجتماع اللجنة الإدارية"، وجاء فيه:" ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية والملائمة للحفاظ على قوة تنظيمنا النقابي بالعمل على استئصال "عناصر" التشويش والمزايدات والممارسات المخلة بالضوابط النقابية".

هكذا بدل الإنصات إلى صوت القاعدة والتزام التعقل خدمة لمصلحة المنظمة النقابية والوفاء لنضال الشغيلة وتضحياتهم، ثمة إصرار أعمى على الاصطدام بإرادة الأغلبية ولو كلف الأمر العصف بمكاسب سنوات من الجهد.

لا تشبه الحركة الديمقراطية التي نشأت في نقابة البلديات العديد من العمليات التي سميت "تصحيحية" ولم تكن غايتها سوى السيطرة على الأجهزة في إطار تنافس قوى حزبية، بدون أي جوهر نضالي لا بل أصبح التسابق على الأجهزة بدافع اقتناص الامتيازات وفرص الارتقاء الاجتماعي. فالدينامية الجارية دفاع عن مطالب الشغيلة وما يقتضيه ذلك الدفاع من إعمال للديمقراطية. ويتجلى هذا في التمسك العميق بالانتماء إلى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و ;بالمشرق من إرثها النضالي. فرغم أن الدعوة إلى شق جديد لصفوف القاعدة النقابية التي وجهها ما يسمى بالمنظمة الديمقراطية للشغل جاءت في سياق تصاعد الاستياء في قاعدة نقابة كدش بالجماعات المحلية(عقد المؤتمر التأسيسي للمنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية يوم الأحد 3 دجنبر 2006 ) لم تلق تلك الدعوة غير الاستهجان لأن أصحابها معروفون بضلوعهم في كل ما اقترف من ممارسات بيروقراطية مثلت صفحة سوداء في تاريخ الكونفدرالية.

إن ما تشهد نقابة شغيلة الجماعات المحلية في كدش تحول ايجابي يعزز قوة هذه المركزية بعد النزيف الذي تعرضت له في السنوات الخمس الأخيرة. فالدينامية النضالية الجارية بنفسها الديمقراطي العميق عنصر بالغ الأهمية سيكون له تأثير عظيم في سيرورة تجديد الفعل النقابي المناضل بعد سنوات عديدة من مسايرة هجمات الدولة وأرباب العمل بأشكال من التأييد الصريح وانتظارية واستنكاف قاتلين.

وجلي أن التطور السليم لهذا التحول متوقف على سلوك القيادة العليا للكونفدرالية، وهنا يبرز الدور الحيوي لاجهزة القرار، وبمقدمتها المجلس الوطني الذي يتحمل مسؤولية جسيمة في تفادي العصف بحالة نضالية وتنظيمية واعدة. لذا يقتضي الظرف تحمل هذا الجهاز مسؤوليته كاملة بعقد اجتماع استثنائي يتدارك تأخر المكتب التنفيذي في معالجة مشكل نقابة الجماعات المحلية.

وجلي أننا جميعا بصفتنا مناضلين نقابيين، وبالأخص المنتمين إلى فصائل اليسار الجذري، نتحمل مسؤولية نصرة الحركة النضالية الديمقراطية المتنامية في قطاع الجماعات المحلية، وذلك باعتبار المشكل التنظيمي القائم في نقابة الجماعات المحلية مشكلا يعنى كل الكنفدراليين، والعمل بهذا المنطق في جميع هيئات المركزية. فبدون هذا الموقف ستظل كل انتقاداتنا للبيروقراطية كلام مناسبات بقصد التميز ظاهريا ليس إلا.

لقد سبق أن تغاضى المكتب التنفيذي عن حالة 500 عاملة وعامل بمعمل كوزارنو للتعليب باكادير الذين اصطدموا بالبيروقراطية المحلية فلجؤوا إلى المكتب التنفيذي فصدمهم، بان ناصر المستبدين وأبقى العمال خارج الكونفدرالية ( راجع المناضل-ة عدد11 ). كما دلت التجربة انه قد تجري التضحية بقطاع بكامله دفاعا عن جهاز فوقي موالي حزبيا. كما يحتمل أن يترك الشأن التنظيمي يتعفن على جري العادة المتبعة، بتغليب اعتبارات لا صلة لها بمصلحة الأجراء وتنظيمهم. وجلي أن الدرس الأساسي للنقابيين هنا هو اخذ كل الاحتمالات مأخذ جد ودراستها على أوسع نطاق مع القاعدة العمالية، وتوسيع محيط التنوير و مواصلة جهود البناء النقابي. وهذا كله في أفق اجتماع مجلس وطني استعدادا لعقد المؤتمر الوطني الرابع في أجل معقول وبما يهيئ نقابة عمال الجماعات المحلية، والكنفدرالية عامة ، للنهوض بمهام التصدي للتعديات المتصاعدة على الشغيلة.

إن الهجمة الجارية على أنظمة الوظيفة العمومية، وعلى صناديق التقاعد، وما يحضر للإجهاز على حق الإضراب، والتقويض المتواصل للخدمات الاجتماعية،وسياسة افقار الشغيلة، ونية مواصلة السياسة النيوليبرالية على طول الخط ، وما قد يترتب عن ذلك كله من أهوال، خطر جسيم يستدعي توطيد قدرات النضال العمالي القائمة. لذا فإن أي مفاقمة للمشكل التنظيمي بنقابة الجماعات المحلية، التي تمثل ثاني نقابات الكونفدرالية حجما، وأول نقابات القطاع، إنما يمهد الطريق لخطط العدو الطبقي، وهذا جريمة عظمى.